أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد جمول - الاستثمار في الجهل














المزيد.....

الاستثمار في الجهل


محمد جمول

الحوار المتمدن-العدد: 5526 - 2017 / 5 / 20 - 17:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الاستثمار في الجهل
محمد جمول
"إن الأمة إذا ضُربت عليها الذلة والمسكنة، وتوالت على ذلك القرون....تصير تلك الأمة سافلة الطباع... حتى أنها تصير كالبهائم، أو دون البهائم، لا تسأل عن الحرية ولا تلتمس العدالة"
عبد الرحمن الكواكبي
في أمة لاتنتج إلا اللغو، حين تغيب السياسة، يحضر الدين. وفي مثل هذه المجتمعات، يشكل الجهل أفضل بيئة لزراعة الأفكار الخاطئة والمضللة. والواقع أنه يشكل وعاء فارغا يستطيع أي طرف أن يضع فيه ما يشاء، بل وأفضل استثمار لرجال السياسة والدين الذين يريدون تأبيد سلطتهم. لذلك كان الحكام عبر التاريخ خير من نجح في ملء هذا الفراغ بالتحالف مع رجال الدين الذين كانوا يؤدون المهمة على أكمل وجه.
كان هذا التحالف ناجحا في تعميم الجهل ، بل وتقديسه في أحيان كثيرة. وهكذا كان مجرد الذهاب إلى الطبيب وتناول الدواء يعتبرا كفرا واعتراضا على إرادة الله. لكن هذا لا يحول دون انقلاب رجال الدين على الحاكم ، وتحول التحالف إلى عداء تستخدم فيه ذات النصوص الدينية، التي استخدمت في محاربة أعداء الحاكم، لمحاربة الحاكم ذاته. وبذلك يثبت رجال الدين أنهم الأقدر على استثمار سلاح الجهل إذ يصبح الحاكم ضحية هذا الانقلاب كما في حالة الرئيس المصري أنور السادات في ثمانينيات القرن الماضي بعدما استخدم التيارات الدينية في مصر لضرب جميمع القوى الساسية غير الدينية.
وفي حالات كثيرة يخرج زمام الأمور من يد الحاكم، وتعم الفوضى، ويسود تقديس القتل والتدمير كما هو الحال في كثير من بلدان منطقتنا، ويصبح "الموت في سبيل الله "بديلا عن "العيش في سبيل الله" سلاح رجال الدين الذين يضعونه بين أيدي الجهلة.
هذا التحالف، الذي حمل قدرا كبيرا من الطمأنينة لحكام المنطقة، تحول في لحظة مفاجئة إلى إعصار. فمن اطمأن إلى سهولة وسلامة الاستثمار في الجهل، وأيقن أنه يضمن له سهولة انقياد الجمهور كما يشاء لم يخطر بباله أن أي طرف آخر يستطيع أن يملأ هذا الفراغ بما يشاء ومتى شاء، وأن المؤسسة الدينية أكثر خبرة وبراعة في هذا المجال.
ولذلك نرى الآن، كما هو الحال في سوريا والعراق وليبيا ومصر واليمن وعلى كامل مساحة العالم الإسلامي تقريبا، أن الجميع يخوض معاركه على أساس ديني بعيدا عن أي مواقف وطنية جامعة، في حين أن الصراعات الدينية والمذهبية تعمل بالضرورة على زرع الفرقة والتباعد بين أبناء البلد الواحد. ولذلك كان طبيعيا أن ينحدر الصراع إلى اقتتال بين أتباع الفكر الواحد والجماعة الواحدة، لأن الجهل السائد يتيح لكل جهة - داخلية كانت أو خارجية –أن تملأ الفراغ وتمارس الاستثمار في الجهل السائد. والمهم في الأمر أن كلا من هذه الجماعات المتناحرة، على الرغم من كثرتها وتناقضاتها، تعتبر نفسها صاحبة الحق وحدها.
وهذا يتيح لكل شخص التلاعب بالعقول وتفسير النص الديني كما يشاء بشكل يجعل أكثر من مجموعة تتقاتل تحت شعار واحد، وتستخدم الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ذاتها بتفسيرات مختلفة ومتنانقضة حسب مصلحة من يتنطح لملء الفراغ الموجود في عقول هؤلاء الناس.
فلولا استفحال حالة الجهل هذه لكان بالإمكان وصول الناس في بلد مثل سوريا إلى حالة اصطفاف سياسية حول أهداف وطنية قابلة للنقاش والتعامل معها كمواقف وآراء تحتمل الخطأ والصواب من دون هذا العنف المقدس الذي لا يحتمل أي خلاف في الرأي. إلا أن غياب السياسة والأحزاب السياسية لم يترك مكانا إلا لرجال الدين والفكر الديني الذي لايهمه إعلاء شأن المواطن وإنما إعلان شأن كلمة الله التي لا يعلي شأنها الجهل والقتل. فمع الفكر الديني ليس هناك مكان للخطأ والصواب، وإنما للكفر والإيمان، وهذا يقود تلقائيا إلى تنفيذ "الحكم الإلهي" بقتل الكافر.
نحن الآن ندفع ثمن فترات طويلة من الجهل والتجهيل كانت جامعاتنا ومدارسنا ناجحة في تأصيله. ولذلك لانرى فرقا كبيرا بين خريجي الجامعات وغير المتعلمين في اندفاعهم إلى العنف والقتل وتفسير النصوص الدينية بالشكل الذي يبرر إلغاء الآخر ويبرر قتله.
لو أبقينا الخلاف سياسيا لكان من السهل إيجاد أرضية مشتركة تلتقي عليها فئات المجتمع بشكل يحل محل الانقسانات الطائفية الحادة التي أدت إلى تهجير البعض ورسم حدود جغرافية لم تكن موجودة من قبل. رحم الله عبد الرحمن الكواكبي الذي عرف الداء الذي تعاني منه أمتنا منذ زمن طويل .































#محمد_جمول (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السوريون أيتام على موائد اللئام
- - ثورة سورية- لخدمة أردوغان وتركيا بعد إسرائيل
- مجموعة مهزومين وهزائم لا تصنع انتصارا
- أضغاث ثقافة مع جلال صادق العظم وآخرين
- المعارضة السورية والإنجاز الجديد
- المعارضة السورية ولولو اللبنانية
- فيصل القاسم والثورة الأمريكية في سورية
- الكفر بالمعرفة
- المعارضة السورية وجنيف
- عبد الرزاق عيد هل يحل لنا لغز داعش بعد جبهة النصرة؟
- هل على السوريين رؤية ما ليس موجودا؟
- من سيتبع الآخر: أمريكا أم السعودية؟
- هل تعب ثوار الفضائيات السوريون؟
- اهربوا: المسلمون قادمون
- التاريخ يستعرض دروس معركة قادش في القصير
- من قادش إلى القصير -كلمة للتاريخ
- مجموعة أكاذيب لا تصنع ثورة
- هل أمريكا مفتونة بالديمقراطية إلى هذا الحد؟
- حين خسر السوريون عقولهم
- من يخلص الإسلام من الإسلاميين؟


المزيد.....




- بسبب متلازمة -نادرة-.. تبرئة رجل من تهمة -القيادة تحت تأثير ...
- تعويض لاعبات جمباز أمريكيات ضحايا اعتداء جنسي بقيمة 139 مليو ...
- 11 مرة خلال سنة واحدة.. فرنسا تعتذر عن كثرة استخدامها لـ-الف ...
- لازاريني يتوجه إلى روسيا للاجتماع مع ممثلي مجموعة -بريكس-
- -كجنون البقر-.. مخاوف من انتشار -زومبي الغزلان- إلى البشر
- هل تسبب اللقاحات أمراض المناعة الذاتية؟
- عقار رخيص وشائع الاستخدام قد يحمل سر مكافحة الشيخوخة
- أردوغان: نتنياهو هو هتلر العصر الحديث
- أنطونوف: واشنطن لم تعد تخفي هدفها الحقيقي من وراء فرض القيود ...
- عبد اللهيان: العقوبات ضدنا خطوة متسرعة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد جمول - الاستثمار في الجهل