أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي المدن - أزمة العقل التشريعي الإسلامي















المزيد.....

أزمة العقل التشريعي الإسلامي


علي المدن

الحوار المتمدن-العدد: 5520 - 2017 / 5 / 14 - 23:10
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


العقل التشريعي الإسلامي يواجه أزمة خانقة ومع ذلك لا يود الاعتراف بتلك الأزمة بنحو صريح!!!
كيف يكون ذلك؟!!
فكروا مثلا بالفوائد البنكية الربوية المحرمة التي تشكل داخل الاقتصاد الحديث عاملا مهما في جذب الإيداعات، أو لاحظوا مدى صعوبة القول بتعدد الزوجات في ظل الثقافة المنتشرة تحت عنوان حقوق المرأة، أو السماح بقراءة الكتب جميعا حتى ولو كانت كتب ضلال، أو الاعتراف بالتصنيفات الموجودة في المدونات الفقهية حول أحكام الجهاد (الدخول في الإسلام أو الجزية لأهل الكتاب أو القتل لغيرهم) وتعارضها مع الحرية الفكرية الشخصية، أو القول بتقسيم الميراث على أساس قاعدة (للذكر مثل حظ الأنثيين)، أو إعطاء حق الطلاق للرجل فقط، ومناقضة ذلك مع الفكرة الرائجة حول المساواة بين الجنسين ... إلى آخره.
كل هذه الأحكام (وغيرها الكثير جدا) هي جزء لا يتجزء من تراثنا القانوني / الفقهي، وعليها نصوص قطعية صريحة (قرانا أو سنة). كيف يعالجها المنشغلون بالفقه ممن هم على اتصال بواقعنا الاجتماعي المعاصر؟! يفعلون أحد أمرين: إما تجميد القول بتلك الأحكام وإرجاء تنفيذها إلى وقت غير معلوم، وإما يتم مخالفتها بنحو صريح بعد إعادة تأويلها لتتناسب مع الواقع الجديد. يفعلون ذلك دون معالجة تأسيسية تضع معايير واضحة للتمييز والفصل بين تلك الأحكام وغيرها!! وإنما يترك الأمر للواقع الاجتماعي نفسه، وبعد كل مرة يتم فيها نبذ حكم من الأحكام يقومون بضمه لإحدى القائمتين: التجميد أو التأويل.
من الواضح أن هذه المحاولات تعد معالجات مؤقتة للخروج من ضغط الواقع الجديد، وهي وفقا للمعايير الفقهية الموروثة منذ مئات السنين إما تمثل تعطيلا للشريعة، وإما إجتهادا مقابلا للنص، وكلتا المعالجتين أجمع المسلمون كافة على رفضهما وبطلانهما. وهذه بحد ذاتها مفارقة يحاول العقل التشريعي الإسلامي تغاضي النظر فيها.
إذن! فالعقل التشريعي الإسلامي لا يفعل أكثر من إزاحة المشكلة وإبعادها قليلا تفاديا للإحراج لا أكثر، وهو عاجز عن توليد أسس ومناهج جديدة قابلة للإنتاج التشريعي تستجيب لمشاكل مجتمعاتنا المعاصرة، بل إن المعالجتين السابقتين تعدان اعترافا ضمنيا من المنشغلين بالفقه بتاريخانية النص الديني التأسيسي، وأنه نص يعجز عن حفظ مصالح الناس المعاصرين ولا ينسجم مع تطلعاتهم واحتياجاتهم!!! ولكن العقل التشريعي الإسلامي يخشى الإقدام على التصريح بذلك، ويفضل البقاء متذبذبا، يقدم خطوة للأمام، وخطوة أخرى للخلف!!!
ولو أردنا أن نكون صريحين أكثر من ذلك لأمكننا القول إن الالتزام الحرفي بتطبيق تلك الأحكام لم يجرؤ عليه إلا بعض التنظيمات السلفية الجهادية كداعش!! فتلك التنظيمات أكثر توافقا مع نفسها من بقية الاتجاهات الإسلامية؛ لأنها منسجمة منطقيا مع أسسها الفكرية وما يتولد منها. أما التيارات الإسلامية الأخرى، فهي تعترف بتلك الأحكام من جهة، ولا يلتزم بها تطبيقيا من جهة أخرى. فلذا تقع تلك التيارات في المفارقة الفكرية أكثر حتى من داعش!!!
ما يستنتج من هذا الوضع أن الفقيه المسلم لم يكن صريحا مع نفسه ومع الآخرين، ولا يبحث عن الحل بنحو جدي!! هو يرفض عمليا النص الديني التأسيسي، ويعترف بعدم توافقه مع منطق العصر، ومع ذلك لا يقول صراحة بذلك، لا يقول إن الواقع نسخ تلك الأفكار، لأنه لو قال ذلك فإنه سيضحي بأعز ما يملك، وهو صلاحية تلك النصوص لكل زمان ومكان. وهذا أصعب شيء يمكن أن يقول به فَقِيه مسلم على وجه الأرض!!!
هذا الوضع يضع العقل التشريعي الإسلامي أمام مصيره، أمام مأزقه، أمام معضل "التاريخانية". ولذا فإن الحري بالمتحمسين للدفاع عن الشريعة الإسلامية ترك الجدالات العقيمة والحلول الترقيعية والانصراف بدلا من ذلك إلى العمق الحقيقي للمشكلة، حيث الأنسب هو تحويل التفكير بتلك القضايا الجزئية إلى "إشكالية" تشمل الفقه الإسلامي كله، وفِي نصوصه التأسيسية الأولى. ومضمون الأشكلة هنا هو دراسات المناخات الفكرية التي ولدت تلك التشريعات فيها، والكشف عما هو تاريخي في تلك النصوص ودلالاتها وأفقها.
إن (الوعي بالزمن) هو أحد تعاريف الحداثة، وهذا الوعي يُفسّر بأكثر من تفسير، ونتائجه تظهر في أكثر من مجال فكري، بخصوص الوعي بالدين زمنيا فإن هذا الوعي يعني: (1) تفسير نشأة ذلك الدين بأسباب وعوامل معاصر لظهوره، (2) وأن مسيرة هذا الدين والأحداث التي ترافقه تأتي نتيجة لعوامل وأسباب واقعية حسية وليس عبر مفهوم العناية الإلهية، (3) وأن تشريعات ذلك الدين والقيم التي يبشر بها تأتي تلبية لاحتياجات المخاطبين المباشرين له ولا تتخطى عصرهم إلا بدليل خاص يبرر هذا التخطي والتعميم.
قد يبدو للمؤمن أن القول بهذا المفهوم الحداثوي للدين معناه الإلحاد بالله وإفراغ الدين، أي دين، من مضمونه الإلهي المتعالي، ولكن الحقيقة، بالنسبة لمعتنقي هذا المفهوم، أن ذلك ليس نتيجة لازمة منطقيا للقول به!! إذ لا شيء يحول دون أن يجد المؤمن، وبحسب عصره الذي يعيش فيه، أسبابه الخاص التي تدعوه للإيمان بذاك الدين ذاته! وكل ما في الأمر أن هذا المؤمن المعاصر يؤسس برأيه هذا لعلاقة جديدة مع الله، سواء عبر الانتماء لأديان سابقة، أو عبر الإيمان بالله خارج تلك الأديان بمعناها الموروث. إن الفاصل الجوهري في القضية برمتها، قضيةُ حصر المؤمن نفسه بحاجة معينة وخاصة في تفسر نشوء الأديان ومسيرتها وقيمة تشريعاتها، يرتبطُ ارتباطا وثيقا بمقدار وفائه لعصره الذي يعيش فيه وشكل الحياة التي يود أن يعيشها، والتي يرى أنها الأكثر استجابة لاحتياجاته ومصالحه. الفاصل هو في تقدير هذا الإنسان لوعيه وعقله وتجربته.
لو عدنا إلى تجربة مفكر إسلامي كمحمد باقر الصدر مثلا فإننا نجد تعاطيه مع الدين كإيمان بالله مختلف عنه كتشريع وأحكام. في الأولى حاول تركيز محاججاته فلسفيا (فلسفتنا) ومنطقيا (الأسس المنطقية للاستقراء) ونفسيا واجتماعيا (محاضراته في التفسير الموضوعي حول السنن التاريخية)، وفِي الثانية حاول التركيز على المحاججة عبر أطروحته في "فقه النظرية" وجدارة ما أسماه ب"المذهب الإسلامي" في الاقتصاد. لقد كان الصدر يواجه في كل ذلك ما دعوته في دراسة سابقة ب"مأزق الحداثة"، إنه يحاول منح الإيمان بالدين مبرراته العقلانية وفقا لمنطق العصر الذي يعيش فيه. ولكن إذا كان حديث الصدر حول الدين كإيمان يمكن تفهّمه، فإن ما يدعو للبحث والدراسة هو حديثه عن الدين ك"تشريع إلهي" صالح لكل زمان ومكان، وملزم لجميع البشر أيّاً كانوا (ولقد كان الصدر على وعي بالتمييز بين هذين الجانبين كما يلاحظ ذلك في محاضرته السابعة من التفسير الموضوعي). فهل اكتفى الصدر بمصادراته تلك دون أن يبرهن عليها؟! هل كان كأؤلئك المنشغلين بالفقه مما أشرنا لهم أعلاه حين يقعون في المفارقة دون وعي بها، أو بوعي ولكن دون اكتراث للتفكير بها ومعالجتها؟؟ الواقع أن محمد باقر الصدر كان مختلفا في ذلك، وكانت له محاولته الخاصة، من بين محاولات إسلامية عديدة، حول دراسة تاريخانية الدين ونصوصه وتشريعاته.
لقد أدرك الصدر في بداية مشواره العلمي وهو يدرس المشكلة الاجتماعية للإنسان المعاصر في كتيب "المدرسة الإسلامية" أن السؤال الأساسي في هذا الصدد هو حول قدرة الإنسانية على تقديم الجواب بشأن "النظام الأصلح" الذي يسعدها في حياتها الاجتماعية، وما يتطلبه ذلك من شروط فكرية وروحية من جهة، ومن ضمانات من جهة أخرى، لإنجاح ذلك النظام. ولقد رأى الصدر أن ما هو أهم في ذلك النظام ليس تلبية حاجات الإنسان وإنما خلق التوازن بين حاجات الفرد والأمة، ثم جادل طويلا من أجل ربط التنظيم الاجتماعي الغربي بقيم الغرب وفلسفته عن الحياة وليس التجارب العلمية الطبيعية الموضوعية، بل إنه يُؤْمِن بأن هذه التجارب العلمية لا تصلح دائما أن تكون أساساً للتنظيم الإجتماعي، كما أنها لا تسمح باكتشاف ذلك التوازن بمعزل عن "ممارسة" المجتمع كله للنظام الاجتماعي واكتشاف ما فيه من مواطن الضعف والقوة.
في اعتقاد الصدر أن عاملي (الزمن والذاتية) هما أكبر الأخطار التي تواجه أي نظام اجتماعي ناجح. الزمن في التجربة الاجتماعية معناه العيش في ظل تشريع ما لأجيال متتالية حتى يتم اختبار نجاحه أو فشله، والذاتية تعني تحدي الإنسان لدوافعه الأنانية أو خضوعه لها، في سن هذا التشريع أو ذاك.
كيف يتجاوز العقل التشريعي الإسلامي كل ذلك برأي محمد باقر الصدر؟
يتجاوزه بخطوتين: الإيمان بالنص الديني الجامع لكل الخبرات اللازمة، وآلية بناء المذهب الإسلامي في المجالات الإنسانية كافة.
الخطوة الأولى أطلقها الصدر إطلاق المسلمات في الكتيب المشار إليه سابقا؛ إذ النص الصادر عن الله هو تجلٍ لعلمه المطلق، ولكنه في بحثه الموجز حول أصول الدين تحدث بتفصيل أكبر من تلك المصادرة الغارقة في التعميم والاختزال، وحاول تقديم إجابة تقوم على أساس تحليل تاريخي لمضمون النص الديني لينتهي إلى نتيجة مفادها أن هذا المضمون أكبر من البيئة التي ولد فيها، وأن هذه البيئة التاريخية للنص أفقر وأعجز من أيكون لديها القدرة على خلق هذا النص وتوليده، وهذا يعني "ربانية" هذا النص، أي تعاليه عن التاريخ وتجاوزه له واتصاله المباشر بالله. ومع أن التاريخ لا يفسر نشأة النص، فإنه، أي التاريخ، يتحكم في مسيرة الرسالة التي جاء هذا النص بها وذلك حين تتحول إلى أحداث ووقائع داخل معترك الحياة البشرية وملابساتها.
وأما الخطوة الثانية فقد أوضحها الصدر في الجزء الثاني من كتابه "اقتصادنا" بما لا حاجة لنا لشرحه هنا.
لقد قدمت هذا العرض المكثف لإحدى معالجة المفكرين الإسلاميين حول أزمة العقل التشريعي الإسلامي لكي أضع بين القارئ الملاحظات التالية:
1- إن الوضوح المنهجي في النظر للمشاكل التي تواجه العقل التشريعي الإسلامي لم يكن يوما، وحتى لحظتنا هذه، بنفس المستوى لدى المفكرين الإسلاميين، وما زال الكثير من هؤلاء يرفض الاعتراف بوجود مشكلة في هذا العقل، بل يجد جميع مسلماته الموروثة حول مفهوم الله والوحي والنبوة، وجميع آلياته القديمة الموظفة في إنتاج تشريعاته وأحكامه الفقهية، من الأمور الصحيحة التي لا تقبل النقاش والجدال.
2- التفكير في مشاكل العقل التشريعي لن يفضي إلى طائل ما لم تدرس تلك المشاكل على أساس التاريخانية. ومع الطيف من المفكرين الإسلاميين الذي ينتمي له محمد باقر الصدر وغيره نكون قد خطونا خطوتنا الأولى في اختبار صلاحيات ومؤهلات هذا العقل في الاستجابة لحاجاتنا وفقا للتحليل التاريخي. وهذه الخطوة وإن كانت ذات نتائج تقليدية في الغالب حتى الآن، إلا أنها تفسح المجال لباحثين لاحقين للتعمق في التحليل المذكور ومقاربة واقع التشريع الإسلامي بجرأة أكبر وإحساس بضرورة الصرامة الفكرية في تقييم علاقة هذه التشريعات بالتاريخ ومديونية تلك التشريعات وارتباطها به.
3- إن التفكير المعاصر بالنظم والقيم والتشريعات لا يتعاطى مع فكرة النظام الأصلح الذي يسعد الإنسان في ظله تعاطيا مطلقا في الزمان، ولجميع البشر في كل مكان. ليس الزمن هنا ممتدا إلى ما لا نهاية، ليس زمن الأبدية الثابتة، بل إنه الزمن المحدود، المقيد، المعبّر عنه بتوافق سياسي مصلحي مؤقت سرعان ما ينقض إذا ما ثبت فشله في تلبية أكبر عدد من المصالح ودرء أكبر عدد من المفاسد، وهذا هو المعنى العميق للسياسات الديمقراطية الحديثة. وعليه فإن نقد الصدر للتجربة الاجتماعية المنتجة للشريع في العقل الغربي بأنها تتطلب (زمنا) طويلا أكبر من عمر الإنسان العادي، هو تصور مبالغ فيه للزمن المطلوب، ولا يبعد أن يكون الصدر قال ذلك تحت تأثير مفهومه الديني الذي ينظر للحلال والحرام كمفهومين أبديين عابرين للتاريخ.
4- إن الليبرالية الاجتماعية أعطت لمفهوم الذاتية معنى أكثر أخلاقية من الفكرة القديمة عن الذاتية حيث تبدو وكأنها مجرد نزوة فردية تولد بدافع الجشع أو العدوانية. وإذا كان الحديث عن الذاتية يعني حديثا عن الموضوعية المعرفية فإن التصور السائد اليوم بالكاد يأخذ على محمل الجد فكرة التفكير بمنأى عن القبليات المعرفية في أي نوع من أنواع الإدراك البشري، ويعد هذا من طبيعة الإدراك وكيفية عمله معرفيا. وعليه يكون حديث الناقدين للعقل التشريعي الغربي على خلفية فكرة الذاتية، كما رأينا لدى الصدر، اختزالا للعملية التشريعة في العقل الغربي وكأنها عمل فردي وهذا لا يتناسب مع حقيقة واقع هذه العملية. على أن الصدر نفسه يصرح أن الذاتية تعد أكبر خطر تواجه عملية اكتشاف المذهب في العقل التشريعي الإسلامي في فهمه للنص، وهو محق في ذلك!! إذ لازال العقل التشريعي الإسلامي غير مكتمل في استيعابه الوعي التاريخي في تحليل النصوص القديمة.
5- إن إشارة الصدر إلى فكرة الممارسة التي تكشف مواطن القوة والضعف في التجربة الاجتماعية المنتجة للتشريعات لا يوجد ما يقابلها في تنظيره عن العقل التشريعي الإسلامي، وهذه ثغرة كبيرة يقفز عليها هذا العقل تضع جميع نتائجه محل مساءلة كبيرة في مقدار نجاعتها وصلاحيتها، وليس تشبث هذا العقل، كما يفعل جميع المفكرين الإسلاميين بمن فيهم الصدر، بمصادرة (المشرع الجامع للخبرات)، أي فكرة العلم الإلهي المطلق، بكافية في حل المشكلة، لأن هذه المصادر بحاجة إلى الاعتراف ضمنا بأن هذا المشرع يقصد فعلا في نصه اختزال جميع الخبرات، وفِي جميع المجالات التي يشملها العقل التشريعي الإسلامي، وهذا يفتقر إلى دليل إضافي يثبت أنه ذلك مقصود للمشرع وموضع عنايته حقا، وما البحث التاريخي إلا نقاش في هذه النقطة بالذات.

لنكتفي فعلا بهذا الإلماحات السريعة ولنعود إلى أصل علاقة التاريخانية بمعضلة العقل التشريعي الإسلامي. الشيء الإيجابي الأبرز في محاولة الصدر أنه، ولأول مرة، يتم الاعتراف من داخل المؤسسة الدينية التقليدية بضرورة التبرير التاريخي للمضمون الرسالة، ولا تتم المصادرة بـ"ربانية" النص الديني التأسيسي كمسلمة لاهوتية قائمة على مقدمات عقلية نظرية، فلسفية أو كلامية؛ الشيء الذي يفتح بدوره النقاش على مصراعيه في هذا الحقل الخطير من الثقافة الدينية الإسلامية ويضع أعز وأثمن قناعات العقل الإسلامي المقدسة ومسلماته اللامفكر فيها تحت مبضع المؤرخ الأكاديمي المحترف.
لقد قيل الكثير عن القطيعة المعرفية للحداثة مع الأزمنة السابقة حتى جعل منها هيجل إشكالية فلسفية، ومع ذلك فإن من يصف بحق تلك القطيعة ليس الفيلسوف المولع بالتنظير، إنما هو المؤرخ الفطن بالتفاصيل الجزئية العابرة. وفِي تقييم العقل التشريعي الإسلامي يجب النظر، بادئ ذي بدء، إلى مسلماته الموروثة وفقا لتلك التفاصيل الممللة الذكية فإنها وحدها القادرة على وضع هذا العقل أمام نفسه بدون إضافات ورتوش، وبالتالي إذابته في مجرى التاريخ الذي هو المسؤول الوحيد عن بعث الحياة وسلبها عن تلك التشريعات والقوانين.



#علي_المدن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرجعية الدينية والنقد السياسي
- المذهبية وتاريخ الكتاب الإسلامي
- المصالحة والتحديث
- النقد ونقص الحكمة
- مرتضى مطهري والموسوعات الفكرية ذات النزعة الإيرانية المركزية
- ما الذي يستفز الطائفي المخاتل؟
- مجتمعاتنا وتنمية المشاعر وتدريبها
- المرجعية الدينية المعاصرة ومفهوم العمل السياسي
- الاختلاف المنهجي بين المعارف التجريبية والمعارف الإنسانية
- الفلسفة وعلاقتها بالعلوم الأخرى
- التصوف ودوره في حياتنا المعاصرة
- الإرث الفكري للمعتزلة بين التسنن والتشيع
- الجديد القديم في السياسة العراقية وأزماتها
- العهدان الملكي والقاسمي والعقل السياسي الشيعي
- للمنددين بالمظاهرات
- ويلفرد مادلونگ ونقص الترجمة في حقل الدراسات الشيعية
- هل نحن ناضجون؟
- كيف ندافع بنحو صحيح عن التفلسف الخلَّاق ؟
- هل كان الصدر سياسيا فاشلا؟
- مهنة الفيلسوف


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي المدن - أزمة العقل التشريعي الإسلامي