أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طوني سماحة - على خطى يسوع-9- أسكت أيها البحر، إهدئي أيتها ا لريح














المزيد.....

على خطى يسوع-9- أسكت أيها البحر، إهدئي أيتها ا لريح


طوني سماحة

الحوار المتمدن-العدد: 5519 - 2017 / 5 / 13 - 20:31
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أطبق الليل على الجليل واليهودية. في أعلى الجبل يسوع يصلي وفي عمق البحر إثنا عشر تلميذ يصارعون الأمواج. الريح تضرب السفينة وهم يواجهون الريح. تقذفهم يمينا فيرتدون شمالا. ملأ الخوف قلبهم. لاحت لهم النهاية. تذكروا أحباءهم النائمين في دفء منازلهم وتمنوا لو يستطيعوا معانقتهم لمرة واحدة قبل ان يطبق الموت عليهم. لاح لهم في البعيد خيال يمشي على الماء. جمّد الخوف الدم في شرايينهم. أتراهم يهلوسون أم هو حقيقة. اقترب الخيال، رأوا فيه صورة يسوع. اعتراهم الشك والرعب. صرخوا. لكن صراخهم امتزج بصوت يسوع قائلا لهم "تشجعوا، لا تخافوا، أنا هو." سكنت مشاعرهم بعض الشيء، لكن بطرس صرخ قائلا "يا سيد، إن كنت أنت هو، فمرني أن آتي إليك على الماء". قال له يسوع "تعال". نزل بطرس من السفينة وخطى خطوة على الماء. نظر الى رجليه ثم الى سطح البحر. شاهد موجة عملاقة تتلاعب بالسفينة وكأنها لعبة صغير ترفعها ثم تخفضها كريشة فملأ الخوف قلبه. ابتدأت رجلاه بالغرق. خاف وصرخ "نجني يا رب". في الحال مد يسوع يده وأمسكه ثم قال له "يا قليل الايمان لماذا شككت"؟ أدخله يسوع السفينة، فسكنت الريح. عندها سجد له التلاميذ قائلين "بالحقيقة انت ابن الله".

هدأت العاصفة. جلس التلاميذ بسكون وهم يستذكرون لحظة لقائهم بالموت. كان البحر بالنسبة لهم مدرسة وكانت العاصفة أمثولة ودرسا. هناك تعلموا ان الحياة على سطح البحر ليست ما هي عليه على البر. ركوب البحر يتطلب مصارعة الموج ومواجهة الريح واحتمال الغرق والموت. أدركوا ان الحياة حتى على البر تشبه مصارعة الأمواج. فلكل واحد بحره وريحه وموجه. ومع كل ريح وموجة هناك خوف وقلق وسفينة قد تنقلب في أي لحظة على رأس بحارها وراكبيها. هناك أدركوا ان الرحلة التي ظنوا انها قد تحمل إليهم خيرا وسمكا كثيرا وطعاما وفيرا لعائلاتهم قد تكون بالحقيقة تلك التي تيتم أطفالهم وترمل زوجاتهم وتنتهي بهم طعاما لسمك البحر أو عظاما في قاعه. هناك أدركوا ان ليس عليهم ركوب البحر لمواجهة الرياح، بل وهم على اليابسة قد تكون الأرض تحتهم بحرا، بحرا من الجوع والمرض والموت والانفصال عن الأحبة والظلم والخيانة والغدر والكراهية.

على سطح البحر أدرك التلاميذ أنهم لا يستطيعوا ان يأتمنوا أنفسهم للحياة، وأنهم مهما كانوا مفتولي السواعد والزنود، أو مهما كانت سفينتهم متينة الصنع، إلا أن الريح لا يقف بوجهها زند وساعد مفتول او سفينة، أعملاقة كانت أم صغيرة. هناك أدركوا ان الريح لا يمكن ان تقف ما لم توقفها اليد التي خلقتها وأن السفينة لا يمكن ان تكون آمنة ما لم تحملها اليد العملاقة الخفية فوق سطح المياه.

خرج التلاميذ من السفينة خلافا لما دخلوها عليه. عندما دخلوا السفينة كانوا يرون أنفسهم بحارة ماهرين، يواجهون الريح والامواج ويعودون منتصرين. لكنهم عندما خرجوا منها أدركوا أنهم قد يكونون في أي وقت لقمة سائغة للموت والفشل ما لم تقف الى جانبهم يد تقول للريح "اسكت" فيسكت و"صه" فيهدأ.

إنها يد يسوع، إنها يد الله التي تحول العاصفة الى ريح هادئة وتقلب المعايير فتجعل من الخسارة ربحا وتخرج من الموت حياة.



#طوني_سماحة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سارق الحساء
- شحاذ سجائر
- على خطى يسوع-8- إنه سبت آخر
- على خطى يسوع-7- هل يصير الحجر خبزا؟
- على خطى يسوع-6- نؤمن أن لا إله إلا السبت
- عذرا أيها الحب
- على خطى يسوع-5- الابرص
- على خطى يسوع-4- أبانا الذي في السماوات
- في التربية والتعليم-1- مقدمة
- على خطى يسوع-3- من هو يسوع؟
- وكما كان في الميلاد الأول كذلك يكون في الميلاد الثاني
- على خطى يسوع 2- موعظة على الجبل
- على خطى يسوع 1- في البدء كان الكلمة
- إنها الحياة-12- شكر في عيد الشكر
- إنها الحياة-11- لا، لا ترحل يا والدي
- إنها الحياة-10- كل عام وانت بخير يا صغيري
- العهد القديم والعهد الجديد-20- الخاتمة
- عهد قديم وعهد جديد-19- لا يكن لك آلهة غيري
- لا لزواج القاصرات
- أترانا شعبا أصيب بالانفصام الثقافي والديني؟


المزيد.....




- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طوني سماحة - على خطى يسوع-9- أسكت أيها البحر، إهدئي أيتها ا لريح