أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر الحيدر - صوّر من الحياة ( مشاهد قصيرة )














المزيد.....

صوّر من الحياة ( مشاهد قصيرة )


حيدر الحيدر

الحوار المتمدن-العدد: 5519 - 2017 / 5 / 13 - 01:27
المحور: الادب والفن
    


1 ـ يوم توقف المشهد :
بقايا أزقةٍ قديمةٍ خلدها الزمان , وابواب مختلفة ٍ لبيوتات متراكمة متزاحمةٍ مسيجة بطابوق
طيني فيها رائحة الماضي الجميل .ومن عطر ذلك الزمن يتراكض صبيان للالتحاق بحاضر
العصر، يلوحون ببالونات زاهية الألوان وهم يسحبون خيوطها باتجاه جوبة العيد بفرحٍ
ومرحٍ وهرج ٍ طفولي بهيج ،و.........
طائرة حربية تخترق الأجواء بصوت ٍ ارعن مخيف ، المشهد يتوقف عن الحركة .
........................
2ـ سخونة البرد :
حديقة حي من الاحياء في ذات مكانٍ وزمانٍ ما ، بعض مساطب خشبية خضراء اللون ،
ورجل عجوز في التسعين من عمره يجلس على بعد خطوات ٍ من امرأة عجوز بمثل عمره ،
وكل منهما يحمل وردة لا لون ولا راحة لها !
وعلى المسطبة المقابلة لهما شاب وشابة يدخلان في عناق ٍ طويــــــــــــــــــــل .
.........................
3ـ مطرناعم :
فصيل اعدام مزود ببنادق صيد البشر يصطف بإنتظامٍ غير معهود في واجهة عمود خشبي ،
عربة عسكرية تتوقف وجماعة من العسكر يقودون رجلاً مقيداً ، العمود الخشبي يعانق
ذراعي الرجل بسرعة مذهلة ،
الفصيل يتهيأ لتنفيذ ما أوكل اليه من أمر ، السماء تبرق في فجرٍ ربيعي بهي ،ينساب المطر
بغزارةٍ على وجه وشفتي الرجل وهو يتذوق رائحة المطر بابتسامة وداع ٍ أخير ،
ابهام جماعة الفصيل تلامس زناد البنادق ، الرصاصات تمطر صدر الرجل المقيد وهو يبتسم .
...........................
4ـ صاحب ذلك القبر :
مقبرة واسعة مترامية الأطراف لها بداية دون معرفة نهاياتها ، وثمة قبرٍ يلوح من بعيد الى
جانب شجرة مخضرة الغصون والأوراق ، أم منكوبة تجتاز المقبرة لتصل القبر المنفرد البعيد
وهي تحمل جرة ماء ، براعم الشجرة تفوح بعطر جنة ٍ فيحاء حالما تروى من ماء الجرة ،
الماء يغور في الأعماق بين الشجرة والقبر الوحيد الذي يتنفس بصاحبه .
لعلكم عرفتم من يكون صاحب هذا القير .
.............................
5ـ هلّا اخبرتموني :
رفوف مكتبة متهالكة في القِدِم ، تترنح بشكل غير مرتب ومرتبط بنظام ، تتشابك فيها
المجلدات والمخطوطات وغبار الاتربة ، وثمة فتحةٍ صغيرة في سطح تلك القاعة التي تخزن
المكتبة يلوح منها حزمة ضوء الشمس ، يجتاز شقوق جدران المكان رجل تجاوز الخمسين
من عمره مهفهف الهندام ، بنظارة طبية سميكة ، يدور منهمكاً متفحصاً ، وكلما تناول كتاباً
اغلقه واعاده لمكانه ليختار آخر من رفٍ قريب ، وهكذا يستمر في ارتباكٍ شديد ..
لعله يبحث عن شيء ما !
ربما تعرفون عم يبحث الرجل ؟ ..
هلّا اخبرتموني ؟
........................
6ـ نار :
صاحب خوذة يقرب الناظور من عينيه من على برج دبابة معتمة ٍ ، ليشاهد :
حقلاً واسع الأطراف تنتشر فيه ازهار ربيعية ، تداعبها نسائم هادئة ،
ومروج خضر تمتد بامتداد افق حالم بالأمان عند سفح تلةٍ من تلال يحيطها البهاء ..
وقرية وادعة تعانق الربيع في صباح في مبهج يوحي بجمالية الحياة ..
وفتاة بعمر الورد تحلب بقرة بيضاء كالثلج مع اول خيوط الفجر ،
وطفلة تقطف بعض الزهور الملونة وهي تفتح ذراعيها لنهارٍ جميل ..
صاحب الخوذة يزيح الناظور عن عينيه منزعجاً ً، يفتح فمه وتبرز انيابه الصفر،
وهو يشير الى القرية بإصبع ٍ راعش خبيث ، وبصرخ : نـــار
.........................
7ـ قبر الشهيد :
صباح العيد وطفلة ترافق أمها في دروب ضيقة لمقبرة متراكمة القبور ،
وعيناها تتابع شواهد حجرية، وشفتاها تتهجى بعض حروفها برهبةٍ وقدسية ،
فرضتها تربة ذلك المكان المهيب .
انها تبحث عن قبر ابيها . وأمها خلفها تسارع الخطى في بحث مستمر.
الطفلة تقف عتد اسم ابيها وتؤشر بعلامة النصر لشاهد القبر : ها هنا يرقد بابا ..
يتوقف الزمن بالأم لتعود الذكريات ....
انها تحمل طفلتها الرضيع عند باب البيت ،
وزوجها يطبع قبلة على جبينها ، وأخرى لابتسامة طفلة تودع باباها بلباسه العسكري ،
وهو يعلق حقيبة سفرٍ بعيد فوق كتفه .
يبتعد المقاتل وعيونها تتابع ذلك الزقاق الطويل... انه يبتعد ويبتعد ويبتعد ...
وتقترب من باب البيت سيارة عسكرية تحمل نعشاً موشحا بعلم الشهادة .
تعود الأم لمشهد المقبرة واذا بقبورها كأنها بنايات شامخة البنيان
..........................
8ـ متى يعود ؟
شمس الأصيل ، وسفينة احزان دقت أجراس الرحيل وغادرت الميناء ببطئ وتأني وتمهل ،
محملة بأطنان من حسرات وهموم وقلق وخوف مريب ....
تبتعد السفينة عن الأنظار شيئاً فشيئاً وهي تشق عباب بحر ٍ مهيب الى ساحل مجهول .
وفتى يتيم نحيف البنية استسلم لصمت اخرس عند حافتها المكشوفة ، وقد أطال السمع
بخشوع تام لصوت ارتطام الموج بجدارها الحديدي ، وهي تباعد الخطىوات الى بلد بعيد...
تتداخل سنوات الإنتظار ،وأمه جعلت المراسي بيتها وهي تترقب عند الساحل لعله يعود ..
وتسأل الربابنة العائدون كل صباح ومغيب : متى يعود ؟
.........................
9ـ زوارق تبتعد :
مجاميع من الأطفال تهرول بمرح طفولي بإتجاه ضفاف جدول ماء قريب ، وهم يحملون
زوارق ورقية بيضاء.. يزاحمون بعضهم لوضع زوارقهم في الماء الجاري عند تلك الضفاف
.. ينفخون بأفواهم لتشق طريقها بكل هدوء .. الجدول يندفع بالزوارق بعيدأ بعيداً ..
الأطفال يركضون مع مجرى الماء في محاولة لغرض اللحاق بها ، بيد انها تبتعد وتبتعد .
رجل عجوز يراقب الموقف عن بعد بعيون دامعة !

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



#حيدر_الحيدر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آه يا أنا
- مهداة الى صديقي الشاعر الراحل حسين السلطاني
- ذكريات
- وللجسور البغدادية حكاياتها
- سهرة مع توجعات نساء الارض
- التأثير المتبادل بين العرض والمتلقي
- ليلة عودة الربيع
- محنة الاسماء المتشابهة واختلاف المنجز
- مسرحية بيرجنت بين الرمزية والتعبيرية
- ثرثرة بدخان ساخن
- حضرة صاحب المعالي
- انا تعبان
- اليك عنّي وكفى
- تفسير وتأويل النص الدرامي
- 3 قصص قصيرة جداً ( من كوميديا الأحداث )
- حكاية الزهر وأحجار النرد ( قصة قصيرة جداً )
- فقرات من السيرة الذاتية لخليل شوقي
- بغداد الوفا
- الشاعر الغنائي المنسي ابراهيم احمد
- ممحاة الزرباطي طه


المزيد.....




- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر الحيدر - صوّر من الحياة ( مشاهد قصيرة )