أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شوقية عروق منصور - فطوم وعصر الحيص بيص














المزيد.....

فطوم وعصر الحيص بيص


شوقية عروق منصور

الحوار المتمدن-العدد: 5515 - 2017 / 5 / 9 - 01:03
المحور: الادب والفن
    


فطوم وعصر الحيص بيص
شوقية عروق منصور
حكاية امرأة سورية ، دمشقية ، كانت تقف بحزم وقوة ، حيث تدير فندقاً يحمل عنوان " صح النوم " ، الزمن مختلف ، لكن ما أصغر الدهشة ، الفرحة ، حين يكون الشر والمقلب هاجس " غوار " دريد لحام ، الذي يشعر أن غريمه " حسني البرزان " نهاد قلعي " قد استطاع الحصول على حبيبته " فطوم حيص بيص ".
لا أريد أن أغمس ذاكرتي في محبرة الماضي ، لكن وجه الفنانة السورية " نجاح حفيظ " أو فطوم حيص بيص ، التصق على جدران اعجابي ، حيث كانت النسخة الصادقة للمرأة العاشقة ، التي تحب ، تلف وتدور وتقدم للحبيب ابتسامتها وتقربها ، لكن الحبيب لا يشعر بها ، والأدهى كلما تقربت من الحبيب يأتي الغريم – غوار - ويضع العثرات كي يفشل التقرب بمساعدة صديقه أبو عنتر – ناجي جبر - ، ولا تهنأ الحبيبة فطوم بحبيبها حسني الذي يقع دائماً ضحية للخداع .
من شرفة النسيان ، أطل على صورة " نجاح حفيظ " تلك الصورة التي اقنعتني أن المرأة تستطيع أن تأمر فتطاع ، وأن تقوم على تشغيل الرجل وتستعبده ، وأن يكون لها الكيان والقرار ، والرفض والموافقة ، وفي ذات الوقت أن تكون القطة الناعمة ، الهادئة ، التي تقف أمام الرجل الحبيب عاجزة ، خادمة ، مطيعة .
" نجاح حفيظ " ماتت بهدوء كانت جنازتها متواضعة لم يتجاوز الذين ساروا في جنازتها أصابع اليدين ، يمكن لأن الموت في سوريا يحصد الأرواح بجنون ، ولم تعد الجنازات طقساً من طقوس الحزن المكلل بالسير واضفاء الهيبة المحاطة بالتكريم .
لكن كانت الفنانة نجاح حفيظ في سنوات السبعينات عبارة عن قطعة كريستال تشع نوراً ، من خلال انتظارها للحبيب – حسني البرزان – وتهيئة الأجواء لكي ينجز مقاله الصحفي الذي كان يردد طوال الحلقات – اذا اردنا ان نعرف ماذا في إيطاليا علينا أن نعرف ماذا في البرازيل – وحتى تلفت فطوم نظره كانت تسعى لأن يحصل على أفضل الخدمات ، لكن – غوار – دريد لحام كان يهدم ويدمر العلاقة بدهائه وخططه التي يقوم بها كي يكون الفشل هو النتيجة ليتزوجها هو .
مسلسل " صح النوم " الذي اخرجه المخرج السوري " خلدون المالح " تمدد على عرش الكوميديا النظيفة حتى أصبح من أشهر المسلسلات العربية ، التي تُقدم للمشاهد فناً بدون اسفاف وكلمات بذيئة ، وعبارات يخجل منها المشاهد ، لقد قدم المخرج مع الممثلين – أبو كلبشة ، وياسين بقوش ، وعمر حجو - مسلسلاً حصد في ذلك الزمن في السبعينات اهتمام المشاهدين ، حيث كانت تفرغ الشوارع من الناس ، الجميع ينتظر ماذا سيفعل غوار بحسني ؟ وما هو مصير " فطوم " الحبيبة التي لا تعرف الاستقرار والزواج من حبيبها ، وبين هدنة وهدنة يمنحها غوار لهما – فطوم وحسني - يشتعل الحب الذي يؤدي الى باب المأذون ، سرعان ما يعود غوار الى مقالبه التي تفسد وتبعد الحبيبين ، فدائماً في قصص الحب العالمية والعربية هناك من يعكر ويفسد العلاقات بين الحبيبين ويعمل على التفريق بينهما .
لم تكن " نجاح حفيظ " مجرد ممثلة تؤدي دورها بإتقان بقدر ما كانت تجسد أحلام ومشاعر امرأة ، خجلها الذي يرتسم على وجهها حين تقف أمام حسني البرزان وتلعثمها الذي يجعلها مترددة ، ثم شخصيتها الأخرى المرأة الحازمة ، القوية صاحبة المصلحة ، حين تقف أمام غوار وتأمره بالعمل .
في نهاية المسلسل ، حين أصاب " فطوم " اليأس من الحب قامت باختيار أضعف الرجال ، الخادم المطيع – ياسين بقوش – الذي يعمل في فندقها ، لأنها لم تعد تثق بالرجال ، وبقي غوار يغني – فطوم فطوم فطومة – تلك الأغنية التي كانت آنذاك اغنية الموسم ، يغنيها الجميع ، حيث يتوسل اليها ويقنعها أنها حياته لا يستطيع العيش بدونها ، لعلها ترجع اليه .
بصراحة أنا انتمي الى قبيلة ما أن تشم رائحة الذكريات حتى تتسلل الى مشاعري صور الذين عاشوا فترة في ايامي وكست وجوههم خيالي وعطلت عباراتهم زمني ، حين كنت اردد كلماتهم ، ومسلسل " صح النوم " كان تفاحة البراءة والضحكة النقية والدهشة ، كان أيضاً عالماً من وجوه الأحبة ، أفراد العائلة ، الأقارب ، الجيران ، الأصدقاء ، يتابعون المسلسل بنهم ، لا كلام ، فقط أصوات الضحكات .
أتأمل إيقاع الزمن ، كل شيء تبدد وذهب ، فقط ما زالت أصوات الضحكات ، وقرقعة قبقاب غوار وهو يركض بعد أن ينفذ مقلبه ، وفطوم حيص بيص ، تنظر الى حسني البرزان بطرف خفي ، تعكس نظرات المرأة العربية العاشقة التي لا تفصح عن مكنونات قلبها ، تتقرب اليه وتردد - حسونتي بدك شي - ، فينظر اليها الرجل حسني، ويقول بصوته الرجولي المتأفف والمتذمر الذي لا يشعر بحبها ، لأنه لم ينته من كتابة مقاله .. لا .. لا .
اسمع هدير الزمن .. رحلت فطوم ، وتركت لنا عصر الحيص بيص .



#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليلة مع الأسرى في زنازينهم
- مسمار صدىء في يوم الاستقلال
- بلفور يغتصب الفتاة اللبنانية
- الحب والمرأة الكاتبة في الزمن اليمني
- الأرض في جيب شلومو
- الفندق المعزول المحاط بالأسوار
- المرأة الفلسطينية لا تعرف الثامن من آذار
- المرأة التي تتكلم بالاشارة والمرأة التي تكتب بحبر بولها
- من مجنون فلسطين الى ترامب اللعين
- الطبخة ما زالت في الدست الاسرائيلي
- القرد في ليبيا وشقيقه هنا .. شكراً لإسرائيل
- ايها الرئيس رأسك تحت رحمتي
- الاقي زيك فين يا علي
- رسائل الحب في زمن الجفاف
- الثقافة لا تعرف ميري ريغيف
- الطفل خالد الشبطي يركب الطائرة مع ليلى خالد
- ما زالت ذاكرتي في حقيبتي
- الفن يزدهر في تربة السياسة
- صورة سيلفي مع ثور وكوز صبر
- نساء -داعش - بين فتنة السلاح والنكاح


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شوقية عروق منصور - فطوم وعصر الحيص بيص