|
طوابير العرب العائدة لبيت الطاعة الامريكي
تميم منصور
الحوار المتمدن-العدد: 5514 - 2017 / 5 / 8 - 19:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هناك من يحاول أن يسقط المقولة التي رددها الكثيرون ، بأن قوة لبنان في ضعفه على السلطة الفلسطينية القائمة في رام الله ، وأول من استخدم هذه العبارة المثيرة للجدل ، هو الاعلام المعادي لمواقف لبنان الوطنية ، محاولاً إيجاد المبررات للتدخل في شؤون هذا البلد ، لمنع الاستقرار فيه . اليوم سارع الاعلام الإسرائيلي الى تناول هذه المقولة ، لإثارة الغبار وتعكير الرؤيا التي نتجت عن زيارة رئيس السلطة الوطنية محمود عباس لواشنطن ، وكل من تابع التعليقات على هذه الزيارة من قبل أكثر من وسيلة إعلامية واحدة ، إسرائيلية وفلسطينية ، يستنتج ان كلا الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ، يستكثرون مثل هذه الزيارة على شخص محمود عباس وعلى كونه يمثل الشعب الفلسطيني المغلوب على أمره . اذا سلمنا بصحة مقولة أن قوة لبنان بضعفه ، فإن هذه المقولة لم تعد تنطبق على لبنان ، ولا تنطبق على السلطة الفلسطينية بالمعنى الذي كانت تنطبق فيه في يوم من الأيام على لبنان ، أما لماذا لم تعد تنطبق على لبنان اليوم ، لأنه يوجد فرق كبير بين لبنان قبل وجود المقاومة على أرضه من أبنائه ، وبين لبنان مع وجود قوة ردع شعبية قادرة عسكرياً ، اثبتت جدارتها في المعارك التي خاضتها ضد الاحتلال الإسرائيلي ، وانتصرت على هذا الاحتلال وأجبرته على الهروب من أمام ضرباتها المميتة قبل سنة الفين ، وفي سنة 2006 . بفضل هذه القوة الرادعة ، أصبح للبنان هيبته ووزنه السياسي والعسكري أكثر من السلطة الفلسطينية عسكرياً وسياسياً ، وجود المقاومة في لبنان ،حال دون تحويله الى لقمة سائغة بشكل دائم من قبل القوى التي كانت دائماً تتربص به ، وتوجه اشرعته السياسية كما تريد ، خاصة زمن الحكومات التي ترأستها قوى 14 آذار ، وآخرها الحكومة الحالية ، ان التلاحم بين الجيش اللبناني وبين المقاومة ، حمى لبنان من هجمات القوى التكفيرية ، لكن أعداء لبنان ينكرون ذلك . من المؤسف الاعتراف بأن جانب القوة لدى السلطة الوطنية ومنظمة التحرير لا يمكن مقارنته مع جانب القوة لدى المقاومة اللبنانية ، كما أن جانب الضعف لدى سلطة رام الله يتراجع كل يوم أكثر مقارنة مع أي حالة ضعف في المنطقة ، خاصة لبنان ، والسبب ان السلطة في رام الله لا تخطط لاعداد قوة عسكرية مقاتلة ، كما كان الأمر قبل اتفاق أوسلو . قبل الاتفاق المذكور كانت قوة منظمة التحرير الفلسطينية تفوق في عددها ومهماتها وقدراتها ، ليس لبنان وحده ، بل العديد من الدول العربية ، لكن اتفاق أوسلو ، قضى على هذه القوة ، قبل تحرير فلسطين ، مع أن عدد قوات الأمن الوطني الفلسطيني الحالية تتجاوز السبعين الف عنصر ، لكن مهماتها وقدراتها محدودة ، لإسباب يطول شرحها . السلطة الفلسطينية أيضاً لا تملك أي قوة ضغط سياسية قادرة على ردع الاحتلال ، واذا وجدت مثل هذه القوة ، فإن السلطة لا تستثمرها لمقاومة الاحتلال ، مثل اللجوء الى المؤسسات الدولية ، أو السماح بثورة شعبية ، والسبب أن السلطة فقدت حرية اختيار جميع قراراتها ، وقد أصبحت هذه القرارات رهينة لمزاج الدول المانحة ورهينة بمزاج وعقلية الجامعة العربية . وحبيسة امراء السلطة أنفسهم قوة السلطة الوحيدة التي تعترف بها أمريكا و حلفاؤها ، هي بقاء هذه السلطة قائمة ، لأن وجودها ولو شكلياً ، يبقى الضمانة الوحيدة للحديث عن قيام دولة فلسطينية ، مع أن هذا الحديث لا يحدد هوية وحدود هذه الدولة ، كما أنه لا يشير الى انه فترة زمنية لقيامها . اذا القوة الوحيدة المتوفرة بأيدي هذه السلطة ، بالنسبة للسلطة ذاتها ، وبالنسبة للشعب الفلسطيني هي استمرارية وجود هذا الهيكل كي يوفر على الاحتلال الكثير من واجباته التي يقرها القانون الدولي ، هناك من يعتبر هذا الوضع احتلال بالوكالة ، كما حاولت أن تفعل فرنسا في الجزائر . أما القوة الكامنة المتوفرة لدى سلطة رام الله من وجهة نظر أمريكا ومحورها هو ان بقاء هذه السلطة هو صمام الأمان لاستمرار الهدوء والاستقرار في ظل الاحتلال وممارساته ، لأن الاستقرار يعني بالنسبة لامريكا إرضاء إسرائيل ويعني بالنسبة لإسرائيل استمرار الاستيطان . الغريب ان السلطة ورئيسها ورجالها في رام الله يعتبرون الكثير من تحركاتهم اعمالاً وطنية ، ينفردون بها الى درجة التفاخر ، آخر هذه التحركات ، استقبال عباس في واشنطن ، وقد ركزت الفضائيات التابعة للسلطة على ان هذه الزيارة ، سابقة تاريخية ، وان عباس كان من بين أول عشرة زعماء طالهم شرف اللقاء مع الرئيس الأمريكي ترامب – خلال اللقاء ركز الرئيس الأمريكي ترامب على التنسيق الأمني مع إسرائيل فقط ، واعتبر ترامب هذا التنسيق حالة ضرورية لا بد منها ، مع العلم ان ثلاثة من بين هؤلاء العشرة الذين سبقوا عباس من القادة العرب ، جميعهم من دول الطابور الخامس الذين يدورون في المجال المغناطيسي الأمريكي ، وهم الرئيس المصري السيسي ، وملك الأردن عبد الله الثاني وولي عهد مملكة الاجلاف الغلاظ السعودية . انهم لا يدركون انه منذ ان تولى ترامب الرئاسة في أمريكا ، تم اعداد برنامج لاستقبال أكبر عدد من القادة والزعماء العرب ، لأن هذه الزيارة تعني بالنسبة لامريكا وحلفائها ، تجديد البيعة والولاء لسياسة الولايات المتحدة ، وتعني ان هذه الأنظمة لا تزال متواجدة في بيت الطاعة وانها تقف في الخط الامامي للدفاع عن مصالح أمريكا المعادي لمحور المقاومة . ان بريق الزيارة التي قام بها محمود عباس الى واشنطن – في الزمن المرافق لإضراب الاسرى - جعل الفلسطينيون يلهون عن النتائج الملموسة ومردود هذه الزيارة على الصعيد العملي هذا هو الأهم . ان قوة الفلسطينيين ليس بضعفهم ، قوتهم مرتبطة بقوة صمودهم ، وقوة تلاحمهم ، قوتهم بمصداقية مطالبهم وتضحياتهم من اجل بلوغ أهدافهم بنيل الحرية والاستقلال ، قوتهم لا يستمدونها من واشنطن او من جامعة الخزي العربي ، أو أي مؤتمر اسلامي ، قوتهم تكمن بطول وعرض وفوق وتحت وامام وخلف استعدادهم للتضحية والنضال والعودة الى حراك انتفاضة لكنس الاحتلال .
#تميم_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أسرى الحرية بين النصر والشهادة
-
تهليل القرعة التي تتباهى بشعر اردوغان
-
وهل يضر النيل يوماً اذا بال التكفيريون فيه - أنه لا ينجس
-
مرة أخرى - أيمن عودة في الميزان
-
تبرئة مبارك المسمار الأخير في نعش الثورة المصرية
-
البادي أظلم
-
الخطوة الأولى في طريق العودة وحدة الصف
-
هنا دمشق من القاهرة
-
الوجه امريكا والعجيزة اسرائيل
-
ريفلين وقفزة القط الشرير
-
بلدية البيض في القدس
-
بالأمية والغيبيات تُحكم الشعوب والبلدان
-
وحدها الشعوب العربية قادرة على الزام امريكا بالتغيير
-
وماذا بعد الاستقالات ؟؟؟
-
الاعلام الإسرائيلي يُسقط نتنياهو بحفرة الشبهات
-
حُلم عثمنة تركيا تبدد تحت وقع الإرهاب الاردوغاني
-
الأصابع المرفوعة في السجلات المختومة بالقبلة الامريكية
-
جدل عقيم وحمى الاتهامات
-
الربيع العربي أدخل اسرائيل العصر الذهبي
-
صفق أنت فلسطيني
المزيد.....
-
تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو
...
-
ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض
...
-
المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
-
هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
-
ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
-
5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
-
واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
-
الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
-
ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع
...
-
هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|