أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سمير عادل - العلمانية والانتهازية السياسية















المزيد.....

العلمانية والانتهازية السياسية


سمير عادل

الحوار المتمدن-العدد: 5513 - 2017 / 5 / 7 - 21:17
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


سمير عادل
العلمانية ليست أكثر من فصل الدين عن الدولة والتربية والتعليم. والعلمانية لم تكن تعني ولا تعني الالحاد. الا ان رجال الدين والقوى السياسية التي ذخيرتها الدين، الترياق الذي توزعه الطبقة البرجوازية المتمثلة بتلك القوى على الفقراء والمحرومين، دأبت طوال حياتها في الصاق الالحاد بالعلمانية كي لا تتجرد من ترياقها في تخدير محرومي المجتمع. فعندما تردد الجماهير في ساحة التحرير "باسم الدين باكونا الحرامية، من دخل بيها ابو العمامة صار البوكة للهامة"، ذعرت الاحزاب والقوى الاسلامية الحاكمة والمعارضة، شيعيها وسنيها، داعشها وقاعدتها.
من هنا ندخل الى خطاب نوري المالكي في المؤتمر العشائري الذي انعقد قبل ايام في محافظة بابل، الذي هاجم فيه الاحزاب العلمانية مستدلا بتجربة البعث المريرة واستبداده طوال ثلاثة عقود ونصف. ويبدو ان المالكي قد اصيب بمرض الزهايمر، فقد نسى ان نظام البعث سقط في العراق قبل ثلاثة عشر عاما، وما فعلتها احزاب الاسلام السياسي الحاكم طوال هذه السنوات بيضت وجه البعث "العلماني" وهي الان حليفة البعث السوري "العلماني". ان المالكي واقرانه عندما يتهجمون على العلمانية والعلمانيين لتغليب كفة الاحزاب الاسلامية وصلاحيتها للحكم وهذه ليست المرة الاولى، يحاولون تفريخ المحتوى الطبقي لتلك الاحزاب "العلمانية".
دعنا نحدث مقاربة تاريخية سريعة بين السلوك السياسي لحزب البعث العراقي وحزب الدعوة وحلفائه من الائتلاف الشيعي، كي نبين بشكل قاطع ان المحتوى الطبقي لكلا الحزبين "العلماني" البعثي والاسلامي الدعوة متطابق بشكل كلي. فالبعث العراقي ومن اجل فرض الهيمنة القومية العروبية على المنطقة، تورط في حرب مع منافسته الجمهورية الاسلامية، مدة ثمان سنوات وذهب ضحيتها اكثر من مليون انسان من الجانب العراقي، في حين ورط حزب الدعوة بقيادة المالكي، العراق في حرب اهلية طائفية من اجل حسم سلطة التيار الاسلامي الشيعي، وسلم ثلث مساحة العراق الى عصابات داعش ورهن مصير ساكنيها وما زالت الحرب مستعرة، وقد تجاوز عدد النازحين حاجز ٤ ملايين ونصف ما عدا الاف المؤلفة من القتلى وتدمير كامل البنى التحتية. اما على الصعيد الاقتصادي فنظام البعث بقيادة صدام حسين فرغ ميزانية العراق خلال حربي الخليج الاولى والثانية، وطرد الاف النساء من العمل بحجة منافسة الرجل وتحت يافطة قانون فائض عن العمل، اما حزب الدعوة بقيادة المالكي ترك صندوق العراق خاوي، والافلاس يجتاح كامل المؤسسات الحكومية وعصابات داعش تتكالب على ابواب بغداد، بينما اكمل خلفه العبادي شد الاحزمة على البطون عبر فرض سياسة التقشف. وعلى صعيد الحريات فالى جانب المعتقلات والسجون السرية والعلنية، الرضوانية والامن العامة ونقرة السلمان والشعبة الخامسة.. ابتدع قطع اذان الهاربين من الخدمة العسكرية، في حين في عهد حزب الدعوة استحدث سجون جديدة مثل مطار مثنى وبوكا وفي المنطقة الخضراء، واطلقت ايادي المليشيات للخطف والقتل على الهوية وثقب العيون بالدريل ورمي الجثث في نهر دجلة. وعلى الصعيد الاجتماعي، فأذ كان نظام البعث في عام 1994 اعاد احياء قانون العشائر وسن قرار مجلس قيادة الثورة 111 الذي يجيز قتل امرأة من قبل ذويها لمجرد الشك بها غسلا للعار، فأن في عهد حزب الدعوة لم يحي العشائر فحسب، بل اصبحت تصدر الفتاوى مثل رجال الدين في هدر دم المتظاهرين الذين خرجوا عن طاعة الولاء لسلطة الاحزاب الاسلامية الشيعية، على غرار دولة الخلافة الاسلامية التي تسمى بداعش، وبات المالكي نفسه يوزع مسدسات نوع كلوك على شيوخ العشائر والهبات والهدايا، واصبح قتل مئات النساء يوميا دفاع عن الشرف هي السمة البارزة لحكم سلطة الاسلام السياسي في مدن العراق. واذا اشتهر نظام حزب البعث في تشييد القصور الرئاسية الفارهة والمساجد والجوامع من عرق العمال والمحرومين في العراق، ومن سرقة ثروات المجتمع ايام كانت رحى الحصار الاقتصادي تطحن العراقيين جوعا، فأن نظام الاسلام السياسي الشيعي اشتهر بتفريغ جيوب جماهير العراق بكافة شرائحه في عز النهار كارها خلسة الليل عبر الفساد الاداري والسياسي والمالي، مشيد نفس القصور في عمان وبيروت واسطنبول والمدن اوربية. وعلى صعيد الانتهازية السياسية، فأن صدام حسين غير ماركة البعث "العلمانية" الى ماركة اسلامية، بعد ان فشلت صواريخ الحسين والعباس في حرب الخليج الثانية في ضرب اسرائيل وانقاذ المشروع القومي العروبي، فاطلق الحملة الايمانية في 1996 لتحميق المجتمع وتحريف انظار ظلمهم واستبدادهم وافقارهم للجماهير والتي مهدت لظهور عصابات داعش، في حين حاول المالكي وفي منتصف ولايته الاولى وبعد صولة الفرسان بعامين من تغيير عباءته الاسلامية الى عباءة "مدنية وعلمانية"، لكنه سرعان ما تراجع عندما وجد الاستثمار السياسي في الدين والطائفية تدر ارباح اكثر من الاستثمار في العلمانية والمدنية.
ما تبين من هذه المقاربة، ان حزب الدعوة الاسلامي وحزب البعث هما اجنحة مختلفة داخل الطبقة البرجوازية، وان العلمانية ليست لها اية علاقة باستبداد الاحزاب السياسية. وبالنسبة للأحزاب البرجوازية فأن الانتهازية هي سياسة يومية حقيرة تمارسها من اجل الحفاظ على سلطة استثمار العامل وابقاء حكمها. وعلى سبيل المثال لا الحصر عندما وجدت البرجوازية الصاعدة في بداية القرن العشرين في تركيا بأن الاسلام عائق امام تطور الدولة القومية التركية واللحاق بالغرب، فقد نفت الاسلام عن الدولة والتربية والتعليم، وأسقطت الخلافة الاسلامية العثمانية واستبدلت بدولة علمانية. وفي عهد حزب العدالة والتنمية الاسلامي الذي ينتمي اليه اردوغان، وجدت البرجوازية، ان تركيا يمكن ان تسترجع مكانتها الاقليمية والعالمية عبر قيادة العالم الموصوف بالإسلامي والعربي، وهذا يأتي عن طريق احياء الاسلام في الدولة التركية وليس عبر الدولة العلمانية التي فشلت في ايجاد موقع لها في العالم الغربي. ولكن كما كانت دولة اتاتورك القومية استبدادية وقمعية وقادت ثلاثة انقلابات عسكرية في اعوام 1960، و1971، و1980، فأن حزب اردوغان أبدع بانتهاكات حقوق الانسان وتصفية المعارضين السياسيين.
ان المالكي بهجومه على الاحزاب العلمانية، يحاول عبثا اصلاح ما لا يمكن اصلاحه، ويفشي بالسر، وهو الرد على شعار الجماهير الذي تحول الى نشيد شعبي "باسم الدين باكونا الحرامية، من دخل بيها ابو العمامة وصل البوك للهامة".



#سمير_عادل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاول من ايار والطبقة العاملة في العراق
- الكارثة المحدقة بالنازحين
- الحرية والديمقراطية في عراق ما بعد الاحتلال
- اما البربرية او التصدي لها!
- كركوك في مهب الترهات القومية
- الموصل تتحرر من سكانها
- الداعشية الشيعية
- الاحتجاجات العمالية والنضال الاقتصادي والطريق الاخر
- في يوم المرأة العالمي.. تشويه تأريخي وتحريف سياسي متعمد
- العمال والطائفية
- المليشيات والفوضى الخلاقة
- الترهات الدينية والهوية الأيديولوجية
- الكابوي القومي والهيمنة بالبلطجة
- -الديمقراطية- بين نازية ترامب وفاشية الاحزاب الاسلامية في ال ...
- -المصالحة المجتمعية- وسياسة التضليل
- الدين في العراق ونموذج الفاتيكان
- العمال والاسلام الحاكم
- اطلاق سراح افراح شوقي يطرح اسئلة كثيرة على حكومة العبادي
- المافيا تحكم العراق
- حلب وافول عالم القطب الواحد والمضي في التقسيم الطائفي للعراق


المزيد.....




- مبنى قديم تجمّد بالزمن خلال ترميمه يكشف عن تقنية البناء الرو ...
- خبير يشرح كيف حدثت كارثة جسر بالتيمور بجهاز محاكاة من داخل س ...
- بيان من الخارجية السعودية ردا على تدابير محكمة العدل الدولية ...
- شاهد: الاحتفال بخميس العهد بموكب -الفيلق الإسباني- في ملقة ...
- فيديو: مقتل شخص على الأقل في أول قصف روسي لخاركيف منذ 2022
- شريحة بلاكويل الإلكترونية -ثورة- في الذكاء الاصطناعي
- بايدن يرد على سخرية ترامب بفيديو
- بعد أكثر من 10 سنوات من الغياب.. -سباق المقاهي- يعود إلى بار ...
- بافل دوروف يعلن حظر -تلغرام- آلاف الحسابات الداعية للإرهاب و ...
- مصر.. أنباء عن تعيين نائب أو أكثر للسيسي بعد أداء اليمين الد ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سمير عادل - العلمانية والانتهازية السياسية