|
لماذا إبراهيم دون الآخرين .
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 5513 - 2017 / 5 / 6 - 02:34
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منذ زمن طويل ، استوقفني التصنيف الذي حظى به ابو الأنبياء ، النبي إبراهيم عليه السلام ، وهي مرتبة ، تفرد بها بين الأنبياء والرُسُل ، بل ، البشرية جمعاء ، وحسب علماء البيولوجيين ، هناك ثمانون مليار إنسان وطأة اقدامهم على هذه الأرض ، ثم رحلوا ، فالخليل ، يعني الصديق ، وهكذا ، ارتبط المعنى ، بالوفاء ، وهنا ، في حقيقة الأمر ، استدعاني الامتياز ، التفكير ، لماذا إبراهيم نال هذه المكانة ، دون الآخرون ، وجدت لأنه مفكر ، وقد يكون هو الأول دون منازع ، الذي تأمل بعبادات البشرية وسايكالوجياتهم ، ومن ثم ، بدأ يبحث عن الحقيقة ، فأمضى ليالي في التفكير والتأمل ، تارة في الشمس وأخرى بالقمر ، وضرب تجربة للبشرية ، تحولت إلى درس ، في كيفية إعادة استخدام العقل المتوقف أو المتجمد ، عندما كاد للأصنام ، واحال التهمة والفعل لكبيرهم ، وقال اسألوهم ، إن كانوا ينطقون ، وبالتالي ، جعلته ينال موقعين ، واحد عند الخالق ، بدرجة الخليل ، أي الصديق ، وأخرى ، بين الأنبياء ، لهذا ، صاحب هذا الكون ، وجد في تفكير إبراهيم ، ما يليق من جعله خليله ، مما أدى هذا الفعل ، دخول إبراهيم محاججة مع من ادعى الربوبية ، النمرود بن كنعان ، الدكتاتور الأول ، الذي تحول مع الزمن إلى إله ، بالطبع ، هي الأولى من نوعها ، وأيضاً ، للنمرود أسبقية مسجلة في التاريخ البشري ، عندما صنع تاج ووضعه على رأسه ، وفي تلك المناظرة الشهيرة ، التى بيّن فيها إبراهيم ، أن هناك مشرق ومغرب ، وأن الشمس تأتي من المشرق وليس المغرب ، بالطبع ، أدت الحقيقة والمعرفة ، ببهوت لمن ادعى الآلوهية ، وعندما عجز عن محاججة ابراهيم ، قرر رميه في النار . لنكتشف لاحقاً ، بعد ذلك ، أن سلالة النمرود من المستبدين ، ابتكروا احتيال جديد ، استبدلوا حرق الكتب بالأشخاص .
تماماً ، الإنسان يصنع عكس ذلك ، وهذا الصنع لا يقتصر على الحاكم ، بل يشمل أيضاً ، الشركات والمؤسسات ، بل ، أغلب مناحي الحياة ، فالحاكم ، عندما يرغب ، إختيار صديق أو مستشار ، يبحث عن معدومي التفكير ، قحط ، كالخادم والسلطان ، في قصة الباذنجان الشهيرة ، كأن هناك كره متوارث بين المفكر والحاكم ، وتصبح حقبة الحاكم ، أقرب إلى تجارب مخبرية ، كل ما يخرج من تجربة أو اختيار فاشل ، حتى يقع بأخر ، طبعاً السبب ، الإستشارة والنصيحة الخاطئتين ، وقد تكون بالفعل ، الحياة بأكملها فتنة ، لكن الحكم ، أشدها ، وفي أروقة الحاكم ، هناك جيش من السماسرة والمدلسين والموُهبين في قلب الحقائق ، وايضاً ، مهرة في تزوير السيرالذاتية وتضليل الواقع وخبراء في إعطاء استشارات كاذبة ، لهذا ، الحاكم الماهر، يستطيع صنع إلتفاف من وراء هؤلاء جميعاً ، لكي لا يقتل ، لأن ، مواجهة هؤلاء علناً ، تسبب في اغتياله ، ومن ثم ، يبدأ في البحث عن صديق وفي ، لا يوجد في حساباته تحسين معيشي أو مطالب سلطاوية أو اقتصادية ، بل همه ، تحويل مشروع النهوض من رؤية إلى واقع ، تجتمع فيه ، أكثر الخصال ، الحكمة والشجاعة والعدالة وقادر على مشاهدة المشهد بشكل بانورامي وايضاً ، العزلة ، من أجل الابتعاد عن المحاباة ، كالقاضي ، التى من بديهيات سلوكه ، عدم الانزلاق أو الغوص في اهتمامات الإنسان العادي ، فعلى سبيل المثال ، اذا شاهدت قاضي يجلس في مقهى ، أعلم أنه فاشل .
الحكمة من هذه الصداقة ، الوفاء ، وطالما الحاكم حوصر بجيش من اتباع الديناصورات ، فهو بحاجة إليها ، أكثر من حاجة الوفي لها ، لأنها ستُبنى ، دون أي منافع تفسدها ، وهنا المرء ، إذا عاد إلى التاريخ ، يجد الحضارات التى تأسست في الماضي ، كان للقائد على الدوام شريك بدرجة مفكر ، فالاسكندر المقدوني ، أخذ ديوجين ناصح له ، وكان يردد ، لو لم أكن الاسكندر لوددت أن أكون ديوجين ، فالمحصلة ، كان الإسكندر يختفى وراء مصباح ديوجين ، من أجل البحث عن رجل فاضل ، يستعين به على إدارة حكمه ، فمن تحلى بالفضيلة ، كانت المعرفة طريقه ، فالحياة ، تسعة أشعارها حظ والباقي حكمة ، لكن المرء ، يجهل طرق السعادة ، لهذا ، الأغلبية تخفق في الوصول إليها ، أما الحصول على الحكمة ، تحتاج إلى فم يتحمل مرارتها .
في الأغلب ، يخفق الحاكم في اختياراته ، لأنه ، يعتمد على قَلْبَه ، أما الإنسان العاقل ، الذي يعلم أنه غير مخلد أو معصوم ، مع مرور الوقت ، يتكون يقين لديه ، أن التبصر في قلوب الآخرين ، مستحيل ، والمراهنة على عقول من حوله ، هذا لا يعني ، سوى اللجوء إلى المعلومة لا المعرفة ، التى تجعله رهينة التجارب الفاشلة ، وهنا تظهر ضرورة الصديق الوفي في حياة الحاكم ، لأن الحاكم في النهاية ، من الجنس البشري ، سيعيش عمر واحد ، لا توجد له فرصة أخرى ، الخلاصة ، توفير الوقت عامل أساسي في النهوض وبناء الدول .
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مروان صباح / ابو محمود الصباح ، صلاح خلف ، محمود درويش ، ابو
...
-
الهتيف والسحيج والعريف
-
حذف الأصل لصالح الصدى .
-
هي والمرآة
-
مراجعة سياسات الاخوان المسلمين في مصر
-
بين الأدنى والأعظم ، حروب يقودها الإنسان ضد الحقيقة والمعرفة
-
التعليم والغذاء
-
إدارة ترامب منذ اللحظة الأولى تكشف عن كسلها الذهني .
-
أشباه مانديلا وجيفارا
-
الشيخ كشك وعادل إمام
-
مقارنة بين مغنيات الماضي والحاضر
-
الصحفي والطوبرجي والمقاتل
-
أسباب تراجع الهيمنة الأمريكية على العالم
-
القرن الأفريقي ، الصومال نموذج مبكّر ودائم التجدد .
-
الدولتين بين الاحتمال والمستحيل ، مخرجات مؤتمر فتح من السادس
...
-
مائة عام من الفشل والافشال ، جغرافيا مسموح استباحتها .
-
استبدال قطرة النفط بحبة الذرة ، انتقال من مرحلة الاستخراج وا
...
-
فرز محور الشر ، بين نوايا الأمريكية الحسنة والنوايا السيئة.
-
لبنان على حاله ، رئيس الجمهورية والحكومة ، خيبة اللبنانيين و
...
-
أمة المال والاقتصاد ، نقص في البشر وفائض في المال
المزيد.....
-
فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
-
الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
-
طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
-
آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات
...
-
RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
-
نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
-
البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا
...
-
إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد
...
-
تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس
...
-
مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|