أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الأسعد بنرحومة - أزمة الدّينار التونسي .. الأسباب والعلاج














المزيد.....

أزمة الدّينار التونسي .. الأسباب والعلاج


الأسعد بنرحومة

الحوار المتمدن-العدد: 5506 - 2017 / 4 / 29 - 04:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما صرّحت وزيرة المالية لمياء الزريبي في 17 أفريل 2017 بانخفاض الدّينار التّونسي في مقابل الدّولار واليورو تعرّضت الى انتقادات شديدة متهمين ايّاها بالتسبب بأزمة مالية واقتصادية في البلاد , وكأنّ الوضع في البلاد غير متأزّم قبل تصريح الوزيرة .
تعيش البلاد وضعا مأساويّا على جميع المستويات منذ ما يسمّى بالاستقلال حتى اليوم , فالبلاد تخضع خضوعا تامّا لدوائر الاستعمار المتحكّمة في كلّ شيء من الحكم والاقتصاد الى التعليم والثقافة والصناعة والفلاحة وكلّ شيء ..
أمّ على المستوى الاقتصادي فالبلد لا يملك ثرواته ولا صناعته ولا فلاحته , بل لا يملك السيادة على نقده وموازناته المالية , اذ جميعها تخضع لقرارات المؤسسات الاستعمارية الكبرى وفي مقدّمتها صندوق النقد والبنك الدوليين ...
وفي السنوات الأخيرة زادت املاءات صندوق النقد الدولي وشروطه المجحفة على البلاد والتي لا هدف منها الا تفقير البلاد وشعبها وافلاسها , ووضعها تحت تصرّف المستعمر الأجنبي باسم الاستثمار وتحت شعار اصلاح الاقتصاد ومن هذه الشروط رفع الدولة ومعها البنك المركزي اليد عن الدّينار وعدم دعمه أمام بقية العملات الأجنبية ليحافظ على بعض الثبات في سعر الصرف ..
هذه الشروط المجحفة والقاتلة وافقت عليها السلطة منذ سنة 2015 , ثمّ باشرت الحكومة في اتخاذ الخطوات التي تؤدّي سريعا الى انهيار الدّينار انهيارا تامّا وذلك من خلال مضاعفة التوريد العشوائي والفوضوي من اللحوم والثياب والمنتوجات الفلاحية وغيرها على حساب الانتاج المحلّي , وفي نفس الوقت فتحت باب الاقتراض على مصراعيه وهي قروض للاستهلاك وليس لانتاج الثروة مما أغرق البلاد في مديونية عالية وخطيرة تذهب بأكثر من 60%من الناتج الخام في البلاد لخدمة الدّين , طبعا هذه الاجراءات الحكومية أدّت الى تضاعف نسبة انخفاض الدّينار , ولكن الجديد في المسألة هو عدم تدخّل البنك المركزي للتخفيف من هذا الانخفاض كما كان يفعل في السابق وهو الشرط الرئيسي من بين املاءات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي .
فما يمرّ به الدينار التونسي اليوم من انهيار كبير ليس تخفيضا في قيمته كما يروّجون ,لأنّ التخفيض في المصطلح المالي هو قرار تتخذه الحكومة في اطار التخفيض التنافسي Dèvaluation compètitive امّا لدفع صادراتها أو الامساك بلجام وارداتها . ولا هو أيضا بانزلاق الدّينار , لأنّ الانزلاق أمر خارج عن السيطرة أفرزه العجز الكبير للميزان التيجاري وتدهور في حسابات رأس المال والحسابات المالية وهو أمر يؤدّي الى تآكل الاحتياط النقدي الأجنبي وبالتالي انخفاض العملة المحلية ..
فالحكومة لم تتخذ قرار التخفيض من ارادتها لذلك ليس هو تخفيضا للدينار , وكذلك ما حصل للدينار ليس أمر خرج عن السيطرة لأنّ ما حصل من عجز كبير للميزان التيجاري وتدهور في الحسابات المالية هو اجراء مقصود من الحكومة ومتعمّد للوصول الى هذه المرحلة , جاء تنفيذا أعمى من السلطة للمؤسسات الاستعمارية وخضوعا تامّا لها وهو أمر تقتضيه العمالة ويقتضيه دورهم فيها ولو على حساب شعوبهم وبلدانهم .
فالأزمة المالية الحالية هي جزء من الأزمة الاقتصادية برمّتها المتفرّعة عن النظام الاقتصادي الرأسمالي و التي هي فرع عن أزمة الحكم برمّته القائم على فكرة فصل الدّين عن الحياة وما يعنيه ذلك من اقصاء واستبعاد كامل للاسلام من الدولة والحكم والمجتمع وهو المشروع الذي قامت عليه خديعة الربيع العربي في مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي تقوده أميركا في بلادنا .
واميركا كما هي تستعمر الشعوب والدول بجيوشها , كذلك تستعمرهم بقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن , وكذلك أميركا تستعمر العالم بحفنة من الأوراق لا تساوي الا ثمن طباعتها وهي " الدّولار " فتستحوذ بها على ثروات العالم , اذ هي تبيع كومة وراء كومة من الأوراق تسمّى الدولار , وتنهب مقابلها ثروات العالم الى جانب تلاعبها بعملات الآخرين من خلال التحكّم بسعر الدولار .
فبعد أن درج العالم على اتخاذ الذّهب والفضّة عملة ونقدا حتّى سنة 1971م , جاء قرار الرئيس الأميركي نيكسون في 15جويلية 1971رسميّا ليلغي نظام " بريتون وودز " القاضي بتغطية الدولار بالذهب وربطه به بسعر ثابت , وبهذا القرار عمدت أميركا الى الغاء الذهب والفضة كمقياس نقدي وكقاعدة لسعر الدّولار , ومنذ ذلك التاريخ تتخذ الولايات المتحدة الأمريكية النقد وسيلة من وسائل الاستعمار , فتتلاعب بنقد العالم وفق مصالحها بخلق الاضطرابات النقدية والمشاكل الاقتصادية , وان كانت بعض الدول في أوروبا أو روسيا تستطيع أن تضمن لنفسها بعض الحماية بسبب قوّة انتاجها الصناعي والفلاحي والعسكري , فان الدول الأخرى ومنها الدول الكرتونية الهزيلة وليدة اتفاقيات سايكس بيكو تخضع للاستعمار خضوعا كاملا الى اليوم بسبب عمالة الحكام وغياب الوعي .
وأمام تغوّل الدولار وهيمنة أميركا والغرب علينا , فانّ الرجوع الى قاعدة الذهب والفضة هي وحدها القادرة على القضاء على هذه المشاكل النقدية وعلى هذا التضخّم الشديد , وهي وحدها القادرة على ايجاد استقرار نقدي وثابت لأسعار الصرف .



#الأسعد_بنرحومة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الربيع العربي منذ 2004 بعيون أمريكيّة
- بريطانيا ... من الامبراطوريّة العظمى الى الخادم الذليل والتّ ...
- العولمة وعولمة العلمانية
- أيّ علاقة بين منظمات المجتمع المدني والاستعمار الأميركي : مر ...
- - صدّام حسين - ودوره في ما آلت اليه أوضاع العراق اليوم :اخلا ...
- - العلمانيّة - جاهليّة العصر الحديث
- السير وراء أميركا تحت شعارها - الحرب على الارهاب - هو الارها ...
- من تونس : نادي رؤية الثقافي يصنع الحدث
- لماذا فشلت ثورة أكتوبر1917 الاشتراكية
- التعليم في تونس عنوان للفشل وطريق لليأس والانتكاس
- النّقابة تحمي فساد السّلطة وعمالة الحكّام تحت شعار -الدفاع ع ...
- يحدث في بلاد المسلمين في زمن حكم أشباه الرّجال
- الولايات المتّحدة الأمريكية لا تنجح في استعمارنا بقوّتها , و ...
- الاتحاد العام التّونسي للشغل ودوره في صياغة الرأي العام لقبو ...
- ليبيا : أحداث طرابلس وحكومة السراج خطوة نحو التقسيم تنفيذ لو ...
- المناطق الآمنة وخطّة تقسيم سوريا التي حذّرنا منها منذ 2011
- الجسد السّوري تُمزّقه عمالات سائبة : هل تتدخّل الأردن في جنو ...
- أوهام محاربة الفساد في تونس
- فشل الدّيمقراطية , أكثرمن ثلاثة قرون من الفشل المتواصل ...
- - فصل الدّين عن الحياة - دعوة استئصالية بامتياز


المزيد.....




- حاول اختطافه من والدته فجاءه الرد سريعًا من والد الطفل.. كام ...
- تصرف إنساني لرئيس الإمارات مع سيدة تونسية يثير تفاعلا (فيديو ...
- مياه الفلتر المنزلي ومياه الصنبور، أيهما أفضل؟
- عدد من أهالي القطاع يصطفون للحصول على الخبز من مخبز أعيد افت ...
- انتخابات الهند.. قلق العلمانيين والمسلمين من -دولة ثيوقراطية ...
- طبيبة أسنان يمنية زارعة بسمة على شفاه أطفال مهمشين
- صورة جديدة لـ-الأمير النائم- تثير تفاعلا
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 50 مسيرة أوكرانية فوق 8 مقاطعات
- مسؤول أمني عراقي: الهجوم على قاعدة كالسو تم بقصف صاروخي وليس ...
- واشنطن تتوصل إلى اتفاق مع نيامي لسحب قواتها من النيجر


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الأسعد بنرحومة - أزمة الدّينار التونسي .. الأسباب والعلاج