أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان عبد الرزاق - الوطنية السورية: بين الحلم والواقع















المزيد.....

الوطنية السورية: بين الحلم والواقع


مروان عبد الرزاق
كاتب

(Marwan)


الحوار المتمدن-العدد: 1442 - 2006 / 1 / 26 - 07:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


-1-
كان مفهوم "الوطنية السورية ", خلال مرحلة التحرر من الاستعمار الفرنسي يعني ببساطه الاستقلال الوطني, والمحافظة على سوريا كما حددها التقسيم الاستعماري(سايكس- بيكو).
إلا أنه حتى يمكن مقاربة المفهوم في المرحلة الراهنة, من الضروري التوقف قليلاً عند إشكاليته التاريخية, والتي بدأت منذ عهد الاستقلال الأول (الخمسينات) , مرحلة إعادة بناء الوطن, وسد الفراغ الذي تركه الاستعمار وراءه, والتي ارتبطت:
أولا : بالانقسام المجتمعي و السياسي تجاه الأزمات الاجتماعية و الاقتصادية والسياسية و التي برزت إثر خروج المستعمر.
وثانياً : الأيديولوجيات المتعددة و المختلفة (القومية والشيوعية والاشتراكية والإسلامية والليبرالية ) التي شكلت المناخ السياسي آنذاك. وكانت كلها إنقلابية, تسعى كل منها إلى إلغاء الأخرى والسيطرة على البلاد منفردة. وهذا يفسر الانقلابات العسكرية التي شهدتها فترة الخمسينات, والتي لم تتخللها سوى فترة قصيرة من السلم الاهلي والسياسي.
فكان المفهوم عند الشيوعيين يتحدد بتحقيق الاشتراكية المرتبطة بالأممية التي يقودها الإتحاد السوفييتي. وعند الإسلاميين (الإخوان المسلمين) الذين رفضوا كل الايديولوجيات الاخرى واعتبروها غربية, إرتبط مفهوم الوطنية بقيام الدولة الاسلامية التي تشمل كل المسلمين.
وكان المفهوم أكثر تعقيداً عند أصحاب الأيديولوجية القومية العربية والتي فرزت اتجاهات عديدة : أنصار الوحدة العربية الاندماجية الشاملة, وأنصار مشروع "الهلال الخصيب", وأنصار مشروع "سوريا الكبرى". وان عملها على مشروعها القومي/والوطني استند إلى نزعة استبدادية تحاول إلى إلغاء الآخر لانتزاع المشروعية, وإلحاق الأقطار الأخرى بالقوة - وكان آخرها التدخل السوري في لبنان(1976), ومحاولة إلحاق الكويت بالعراق(1990) - وهذا أدى إلى صراعات عنيفة بين التيارات القومية والمنتشرة في الأقطار المجاورة (لبنان - الأردن – العراق- مصر). وكل هذه الصراعات كلها كانت تتم تحت مظلة /أو بالارتباط مع الصراعات الدولية في المنطقة (أوربا - أمريكا – الاتحاد السوفييتي ) والتي كانت سوريا إحدى ساحاتها الهامة .والتي ساهمت في المزيد من الانقسامات المجتمعية و السياسية الوطنية.
وثالثا: ارتبط مفهوم الوطنية بالموقف من إسرائيل, والموقف من الخارج وخاصة أمريكا و بريطانيا المساندتين لإسرائيل. والذي كان حاضراً كأحد المعايير الهامة في المسألة الوطنية السورية.
وإن عدم وجود الوحدة الوطنية, وعدم وجود تيار سياسي ديمقراطي قوي وقادر على قيادة العملية السياسية وإيجاد قاسم مشترك بين الإيديولوجيات المتناحرة, وتأسيس للمصالحة والوحدة الوطنية, وإقامة دولة ديمقراطية تمثل الجميع و تجيب على استحقاقات الوطن الاقتصادية والسياسية والاجتماعية, هو الذي منع السوريين من الاتفاق على مفهوم موحد للوطنية السورية. فكان الجميع يتبادلون الاتهامات بالخيانة الوطنية. وكذلك هو الذي أفسح المجال أمام حزب البعث وبالتحالف مع الضباط الناصريين للقيام بانقلاب /آذار 1963/ .
هذا الانقلاب, احدث تغييرا جذريا في البنى الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية و الثقافية, وأقام دولة رأسمالية دولتيه, يحرسها أجهزة أمنية أخطبوطية ابتلعت عبر اربع عقود الدولة والمجتمع. واحتكرت السلطة الأمنية كل شيء ,حتى أنفاس السوريين وحولتهم إلى رعايا. وحاولت الجمع بين الايديولوجيات الاشتراكية, والقومية, وحتى الاسلامية في سلة واحدة. وعملت على شق الاحزاب المعارضة لينضم جزء منها إلى "الجبهة الوطنية التقدمية" التي أنشئت كلاحقة لا حول لها ولا قوة. ونال الجزء الآخر الملاحقة والسجن والتعذيب حتى انعدمت الحياة السياسية, واصبح الاهتمام بالشأن الوطني العام جريمة قد تصل عقوبتها الى السجن عشرات السنين. واصبح بذلك المجتمع كله لا وطنيا من وجهة نظر السلطة!
والحدث الأبرز خلال العقود الاربعة الماضية كان الصراع الطائفي المسلح في الثمانينيات بين السلطة و الاخوان المسلمين, والذي أحدث شرخاً خطيراً في الوطنية السورية .ومنذ ذلك الوقت يعمل الحقن الطائفي على تعميق الهوة بين الطوائف, أي تعميق الانقسام المجتمعي, لكن هذه المرة على اساس طائفي و هنا الخطورة الجديدة على الوطنية السورية,
- 2-
بعد نصف قرن من الاستقلال, تعود الأسباب ذاتها للظهور, وتمنع تحقق الوطنية السورية. وهذا يمكن ملاحظته من خلال الأزمة السورية الراهنة والتي يمكن تكثيفها بمسألتين أساسيتين:
الأولى: تتعلق باستهداف أمريكا لسوريا. والأجندة الأمريكية لا تستهدف النظام فقط, إنما تستهدف سوريا كوطن ومواقف وطنية ضد امريكا التي تسعى لاعادة تكييف سوريا والمنطقة لصالحها من خلال تفجير مجتمعاتها وابراز مكوناتها ماقبل الوطنية, والتي تشكل ارضا خصبة للتواجد الامريكي المستمر في المنطقة وحماية اسرائيل التي مازالت تعتبر العدو الاكبر لسوريا والمنطقة كلها. ومن الطبيعي في حالة كهذه ان يقف كل المجتمع السوري وتعبيراته السياسية كافة ضد الاجندة الامريكية باعتبارها ضد مصالح المجتمع السوري ككل.
والثانية: تتعلق بانعدام الوحدة الوطنية في الداخل السوري. والمؤشرات على ذلك عديدة:
- استمرار العقلية السياسية الاستبدادية والغاء الآخر:
إن رحيل مؤسس الدولة الشمولية الأمنية دشن بداية تفككها.وان انهيار الأيديولوجيات وتجربة نصف قرن من الصراعات غير المجدية, والهزيمة أمام إسرائيل, أظهرت زيف الادعاء القومي, وزيف المعركة مع إسرائيل, والتصدي للامبريالية الأمريكية, وزيف البناء الداخلي القوي, فظهرت السلطة عارية أمام المجتمع و العالم (بمساهمة الإعلام العولمي الجديد), واظهر ضعفها تجاه مقاومة المخططات الأمريكية, وانفصالها عن المجتمع. وبدلا من أن تؤسس الرئاسة الجديدة(منذ عام/2000/) لمشروعية تجددها عبر العمل على مشروع وطني ديمقراطي يؤسس للوطنية السورية ويشارك فيه الجميع, استمرت السلطة في احتكارها للسياسة, وللوطنية التي تم اختزالها إلى العلاقة مع الخارج, واتهام المعارضة بالعمالة للخارج كوصفة جاهزة!
وفي محاولة يائسة لإكساء العظم العاري. تحاول السلطة استعادة الخطاب القومي, وابراز خصوصيتنا, وان لنا ديمقراطيتنا الخاصة, والعمل على حشد كل الجهود لمواجهة الخطر الخارجي, والعودة من جديد الى شعار " لا صوت يعلو فوق صوت المعركة " الذي يبعد الجميع عن المعركة! ويؤجل الاصلاح السياسي الى المابعد وبدون أي افق معروف.

أما المعارضة والتي خرجت من السجن حديثاً, فقد أضافت "الديمقراطية" إلى المسألة الوطنية, واعتبرتها المدخل الاساسي لإعادة الاعتبار للوطنية السورية. ولأنها تتمتع بنفس العقلية الانقلابية, وانطلاقا من ضعفها, فقد كانت دعوتها للاصلاح السياسي عبر دعوة السلطة لعقد مؤتمر وطني واقامة دولة ديمقراطية بديلة عن سلطة البعث الامنية, الا ان السلطة لم تعقد مؤتمرا كهذا وتقدم نفسها قربانا لرموز ثقافية تعتقد احيانا انهم غير قادرين على ادارة مدرسة ابتدائية. واحيانا تصفهم بالوطنية, واحيانا اخرى باللاوطنية ترتفع اصواتهم مع ارتفاع حدة الضغوط الخارجية! ومع تزايد حدة الضغوط الخارجية على سوريا جاء " إعلان دمشق " داعيا إلى التغيير الديمقراطي الجذري الفوري دون أن يعرف احد من الذي سيقوم بذلك؟ بحيث ظهر بتوقيته كانه اعلان موجه للخارج الذي اراد ان يقول له ان سوريا ليست " قوقعة سياسية فارغة ", ودون ان يتخذ موقفا من التهديدات الامريكية التي تمهد لاحتلال سوريا.!
هذا الموقف الملتبس من الضغوط الأمريكية الراهنة. جعل المعارضة تضع الديمقراطية كأنها بديلاً عن الوطنية وليست إحدى مكوناتها. وتقلصت " الديمقراطية ", إلى شعار يتم استخدامه في معركة غير متكافئة, معركة الصراع على السلطة ,بين السلطة الراهنة ,ورموز المعارضة كما ظهر ذلك في مبادرة رياض الترك و اعلان دمشق .

مما يجعلنا نقول أن التخلي عن الايديولوجيات السايقة لم يرافقه التخلي عن العقلية الانقلابية الملازمة لها. وهذا ينطبق على السلطة وبعض رموز المعارضة. وان استمرار العقلية الانقلابية الاستبدادية يشكل اول المخاطر الكبرى على مستقبل الوطنية السورية وامكانية تشكلها في المستقبل.
- المؤشر/ الخطر الثاني: يتمثل في الانقسام السياسي والمجتمعي بين العرب والاكراد. وهذه احدى نتائج العقلية العربية الاستبدادية. حيث لا يمكن الحديث عن وطنية سورية دون الإقرار بالحقوق القومية للأكراد السوريين(وليس العرب الأكراد كما يسميهم بعض مثقفي النظام). وللأقليات القومية الأخرى التي تعيش على الأرض السورية.
- المؤشر/ الخطر الثالث: يتمثل في تغييب المجتمع عن الشأن الوطني العام.فهل يمكن الحديث عن الوطنية والديمقراطية والمجتمع مسلوب الإرادة والحرية؟ إذ أن غياب المجتمع عن السلطة, والمعارضة الوطنية الديمقراطية,لا يمنع تحقق الوطنية والديمقراطية فقط, إنما يفسح المجال واسعا أمام الو لاءات الطائفية والعائلية التي تقوم بفعل تدميري للوطنية والديمقراطية. كما يعاني منها لبنان منذ نصف قرن, والعراق منذ الاحتلال الأمريكي.
إن نصف القرن الماضي علمنا أن المصلحة الوطنية لا تتحقق بدون أولا: وحدة وطنية داخلية راسخة, وليست وحدة " توافق طائفي" كما يرغب البعض في سوريا. إنما وحدة تقوم على التعددية السياسية الوطنية(اللا طائفية), والاعتراف بأهمية مشاركة الآخر, وتشمل أطياف ومكونات المجتمع كافة. وان تقيم هذه الوحدة ثانيا: دولة وطنية ديمقراطية, تحمي الحريات العامة لمواطنيها, وتعمل على استحقاقات الداخل الاقتصادية والاجتماعية, و ترسخ مبدأ المواطنة وليس مبدأ الرعية أو الملة أو المذهب أو العشيرة, أو المبدأ الأمني الذي يسيطر على السياسة. وان تكون قادرة ثالثا: على التصدي للمشاريع الأمريكية الاستعمارية العولمية الجديدة, وتحرير أراضينا المغتصبة.



#مروان_عبد_الرزاق (هاشتاغ)       Marwan#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تفكيك الاستبداد: بداية التغيير الوطني الديمقراطي في سوريا:
- سوريا: من سيكون المنقذ ؟
- سوريا: من سيكون المنقذ؟
- إعلان دمشق :هل يشكل خطوة الى الأمام؟
- بعض إشكاليات التحول الديمقراطي والإصلاح السياسي في البلدان ا ...
- (سورية على مفترق طرق (2&3
- سوريا على مفترق طرق (1 من 3)
- أزمة الفعل السياسي في المعارضة السورية
- سوريا: من التأسيس الشمولي.....إلى التحول الديمقراطي نحو يسار ...


المزيد.....




- نهشا المعدن بأنيابهما الحادة.. شاهد ما فعله كلبان طاردا قطة ...
- وسط موجة مقلقة من -كسر العظام-.. بورتوريكو تعلن وباء حمى الض ...
- بعد 62 عاما.. إقلاع آخر طائرة تحمل خطابات بريد محلي بألمانيا ...
- روديغر يدافع عن اتخاذه إجراء قانونيا ضد منتقدي منشوره
- للحد من الشذوذ.. معسكر أمريكي لتنمية -الرجولة- في 3 أيام! ف ...
- قرود البابون تكشف عن بلاد -بونت- المفقودة!
- مصر.. إقامة صلاة المغرب في كنيسة بالصعيد (فيديو)
- مصادر لـRT: الحكومة الفلسطينية ستؤدي اليمين الدستورية الأحد ...
- دراسة: العالم سيخسر -ثانية كبيسة- في غضون 5 سنوات بسبب دوران ...
- صورة مذهلة للثقب الأسود في قلب مجرتنا


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان عبد الرزاق - الوطنية السورية: بين الحلم والواقع