أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصام عبد الامير - معطف غوغول والعالم الامس واليوم والغد














المزيد.....

معطف غوغول والعالم الامس واليوم والغد


عصام عبد الامير

الحوار المتمدن-العدد: 5504 - 2017 / 4 / 27 - 09:49
المحور: الادب والفن
    


أن قصة المعطف للكاتب الروسي العظيم غوغول هي بحق رائعة من روائع الادب الروسي وأيقونة في الادب العالمي لم ولن تفقد معانيها ولا يخفت بريقها مهما طال الزمن هذا الزمن الذي كان ولايزال يؤكد القيمة والمعنى الحقيقي لهذه القصة وأن كانت بصور مختلفة
أن القضية الجوهرية التي تناولتها هذه القصة هي مسائل تتعلق بالبعد الحقيقي للوجود وطبيعة الحياة ومعانيها كيف يتحول الخاص الى عام والطارىء الى الضروري وكيف يعكس الجزئي طبيعة وصورة الحركة الكلية
في جدلية القديم والجديد (الحلم ,التغيير ,التجديد ) يناقش نيكولاي غوغول في قصة المعطف موضوعة كبيرة وخطيرة هي الجدوى من الحركة التاريخية الانسانية ومصير البشرية في ظل التحولات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الكبرى
كل شيء يتغير فيذهب القديم ويأتي الجديد هذا هو قانون الحياة بدأ من معطف أكاكي أكاكيفيتش بطل القصة الى الانظمة والافكاروالقوانين والطبيعة البشرية دون أي أمل في الخلاص وولادة الجديد المتمثل في الحياة الكريمة الامنة والعادلة والسلام الذي يوفرالفرص المتساوية لحياة البشر
أن القصة ببساطة تتحدث عن موظف متوسط العمر يعمل في دائرة بعنوان كاتب يستنسخ الكتب الرسمية فقير الحال وليس له أحد لا أقارب ولا أصدقاء, شخصية غريبة الاطوار بوحدانيته وأنعزاله عن الاخرين مما جعل منه مثار لسخرية زملائه من الموظفين كان لديه معطف يحتمي به من البرد القارس لمدينة سان بطرسبرغ هذا المعطف كان قديم ومهلهل لم يبقى جزء منه الا وتم ترقيعه وريافته عند الخياط وحينما ظهرفتق جديد في المعطف ذهب الى خياطه كالمعتاد لترقيع الفتق حسب العادة
عندها واجهه الخياط بالحقيقة المرة والتي لامناص منها بأن هذا المعطف أصبح في حكم المنتهي ولايمكن أصلاحه وأن عليه أن يستبدله بمعطف جديد
أن الطبيعة النفسية والسلوكية لبطل القصة من وجهة نظر تحليلية هي سايكولوجية أنطوائية نمطية تعيش تناقض حاد فهذه الشخصية من جهة لها موقف من الوضع العام والنظام بكل أشكاله ومن العلاقات الاجتماعية التي كانت سائدة حينها حيث الطبيعة الانعزالية والنمطية تعكس تمرده ورفضه للواقع ومن جهة أخرى فهو شخص أستسلامي خانع لا يقبل أي شكل من أشكال التغيير والتجدد حتى رفض حينما منحه مدير عمله فرصة تطوير عمله رفض ذلك بشكل قاطع متمسك بطبيعة عمله السابقة
أن الفقر والعوز كانا وسيلة تبريرية لعدم التفكير أو حتى المحاولة في تغيير معطفه الرث البالي والدليل كان حين شجعه الخياط على التفكير بشكل جدي على خياطة معطف جديد له بدل القديم أقتنع وبدأ يقتر في مصروفاته لادخار المال الكافي للمعطف الجديد وفعلا حصل ذلك وتم خياطة معطف جديد له وعلى الرغم من أن المعطف كان متواضعا ومن النوع القليل الكلفة لكن جعل أكاكيفيتش سعيدا شاعرا بالنشوة وبالدفء الذي كان محروما منه تزامن ذلك مع تجمع زملائه من الموظفين مهنئينه على معطفه الجديد وقيام مديره بتقديم الدعوة له وللجميع لحضور حفلة عيد ميلاده أعتذر أكاكيفيتش عن الحضور وكما هو متوقع ولكن نتيجة أصرار مديره أستسلم أكاكيفيتش وقبل الدعوة هنا نلاحظ الاقتران الزمني ما بين المعطف الجديد وبين قبوله الخروج من عزلته وحضوره لمناسبات أجتماعية غير مألوفة لديه
عند عودته من الحفلة وفي ظلامات الازقة اللعينة هاجمه لصوص قاموا بضربه وسرقة المعطف الجديد منه بعد أن أفاق من الصدمة بدأ بالصراخ والاستنجاد ولكن دون جدوى ذهب الى البيت محبطا منكسرا والالم والمرارة تحتز قلبه لقد ضاع كل شيء الحدث الطارىء الذي كان يخشاه دائما والتغيير الذي كان يبتعد عنه ويتحاشاه قد حصل رغم عنه لقد حلت الكارثة التي هزت حياته الرتيبة التي اعتاد عليها
أستنجد بالدولة, القانون, بالنظام المتهرأ أصلا كمعطفه القديم ولكن كانت الصدمة أكبر في خذلانه بل القاء اللوم عليه عندها أنهارأكاكيفيتش وخرت قواه أصبح ضعيفا مما أدى به الى المرض والرقود في الفراش حتى الموت عاش أكاكيفيتش ومات وكأن لم يكن
كم هو وجه التشابه ما بين عالمنا الرث والفوضى المدمرة السائدة فيه وعالم اكاكيفيتش الظالم والقاسي والغير عادل عالمنا اليوم الذي يتمتع بأرقى انواع التطورات في كافة الميادين العلمية والتكنلوجية وبأحدث الحياة العصرية والحياتية ولكن حينما يطلع المرء على الاحصائيات العالمية يصاب بالذهول والصدمة نفسها التي صعقت صاحبنا بطل قصة المعطف حيث تتحدث الاحصائيات العالمية عن نمو سكاني أنفجاري مخيف في هذا العالم وعن تلوث بيئي غير مسبوق وأنبعاثات الغازات السامة وتسمم الانهار والتصحر وفقدان الغابات والمساحات الخضراء وتفشي المخدرات والاتجار بالبشر ومعدلات الفقر وأعداد الذين يموتون بسبب المجاعة والامراض ومعدلات الجريمة والاغتصاب ونزعات العنف وأضطهاد الطفولة والمرأة وحجم الاموال التي تنفق على التسلح قياسا بأعداد المحرومين من خدمات الصحة والتعليم والسكن
حينما يقرأ أحد ما هذه الاحصائيات المرعبة يدرك جيدا أن عالمنا ليس بأفضل من عالم أكاكيفيتش حين أستبدل معطفه القديم بجديد أدى به الى نهايته المأساوية
صدق العظيم فيودور ديسوفسكي حين قال
(كلنا خرجنا من معطف غوغول )



#عصام_عبد_الامير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا تحاسبوا القادة الامنيين بل حاسبوا انفسكم
- روسيا هل آن الآوان للهجوم المضاد
- تضخم الذات وأزمة العقل الشرقي ج2
- تضخم الذات وأزمة العقل الشرقي
- محنة الشيعة وكلام خامنائي
- قرآة في شخصية رئيس الوزراء الجديد
- العراقييون ينتظرون المنقذ من السماء
- النموذج العراقي في الديمقراطية والكارثة
- متى نتعلم الحكمة
- أني أتعاطف مع أيهود أولمرت
- هل يستحق العراق قائد أفضل من المالكي ج3
- هل يستحق العراق قائد أفضل من المالكي ج2
- هل يستحق العراق قائد أفضل من المالكي ج1
- قصتي مع الأنتخابات العراقية
- نداء الى موقع الحوار المتمدن المحترم
- الديمقراطية تعني أن الأسبقية لمن في الساحة
- الأحساس المفقود
- الذاكرة والوعي الجمعي في العراق الجزء ألأول
- أسير عراقي والبحث عن الحرية الجزء الأخير
- أسير عراقي والبحث عن الحرية الجزء العشرين


المزيد.....




- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصام عبد الامير - معطف غوغول والعالم الامس واليوم والغد