أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - نزار جاف - ثقافة المتاجرة بالاوطان














المزيد.....

ثقافة المتاجرة بالاوطان


نزار جاف

الحوار المتمدن-العدد: 1442 - 2006 / 1 / 26 - 10:07
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


قد لا يعارضني أحد فيما إذا أجزمت بأن ثقافة "التحريض"على حب الوطن في دول المنطقة خاصة ودول العالم الثالث عامة، هي من أقوى التيارات الثقافية التي هيمنت"ولاتزال"على الشارعين الشعبي و الرسمي"على حد سواء"في تلک الدول. هذه الثقافة التي کانت و لاتزال و ستبقى غارقة الى أذنيها في مستنقع "التسييس السلطوي"، أستخدمت وتسخدم بأسوأ الصور و الاساليب لغايات تسير معظمها لغاية في نفس يعقوب! وقد حاولت دوما أن أتبين "الجذر التربيعي"الحقيقي للإستمرار في التعاطي بهذه الثقافة النبيلة و السامية في مظهرها الخارجي و المشبوهة و النتنة في محتواها الداخلي، ومع إنني قد طرحت في مقالات سابقة أسبابا عديدة کجذور أساسية لها، إلا إنني سرعان ماکنت أکتشف إن الامر أکبر و أوسع من حيث معناه الشمولي و إعتباراته المتباينة من تلک التي حددتها. وأنا أتابع إحدى المسلسلات المصرية التي کانت تتحدث عن فترة الإحتلال البريطاني لمصر، وجدت نفسي أصرخ من أعماقي وجدتها! وجدت الجذر التربيعي الحقيقي لهذه الثقافة التي تکبل الانظمة بسلاسلها العقائدية المحکة أيادي و أرجل شعوبها. هذه الأنظمة التي مازالت تتبرقع بعباءات الآباء و الاجداد ولو نضوت عنها هذه العباءات فسوف تکون عارية من کل شئ! إنها أنظمة توکأت و ماتزال تتوکأ على عصي و عکازات أسلافها الميامين، وکل حاکم جديد هو نسخة طبق الاصل لسلفه و هکذا حتى نجد أنفسنا أمام الحاکم الاول الذي هو الحاکم المستمر بکل مضامينه الى مابقي هکذا نظام سياسي يحکم المنطقة. وهنا لست أعيب على الثقافة التحريضية من حيث الأساس الذي نشأت و ترعرعت عليه، إذ أن من حق کل شعب أن يقاوم محتليه و أن يحرر أرضه، لکن مثل هکذا ثقافة لها مواسمها التأريخية المحددة بسقف زمني محدد، وبعدها لابد لها من أن تتخذ إشکالا و صيغا تعبيرية أرقى و أکثر تطورا من سابقاتها. لو نظرنا الى تأريخ معظم بلدان الغرب، لوجدنا أن ثقافة التحريض على حب الوطن قد إنتهى أمرها"بمحتواها التحريضي "، وحلت محلها ثقافة أخرى تجدها متجسدة في دفع عجلة البناء الإقتصادي ـ السياسي ـ الإجتماعي ـ الفکري، ووفق ذلک وجدنا تدافع النخب المثقفة من تلک الشعوب الى وهاد البحث عن أسباب تطوير مجتمعاتهم ودفع حرکتها الابداعية الى الامام فکانت قضايا من قبيل المزيد من توسيع فضاءات الحرية المتاحة و تمکين أناثهم من نيل المزيد من حقوقها التي کانت مسلوبة لأسباب شتى. لقد لفتت نظري الخطوة الذکية لإعلام الإسرائيلي بالسماح للقنوات الفضائية العربية بمقابلة السيد مروان البرغوثي في سجنه و شد إنتباهي أکثر تلک اللهجة الحادة التي کان يتناول بها السيد البرغوثي سياسة الدولة العبرية، هذا الامر بحد ذاته يعکس واقع أن هناک عقلية ذکية تعمل و تسعى من أجل هذه الدولة و مستقبل شعبها، ولکن ماذا عن دولنا؟ ماذا عن المعتقلون تحت مسميات مختلفة قد تکون العديد منها ملفقة من الاساس؟ هل هناک معشار هذه المبادرة الاسرائيليـة؟ شارل ديغول الذي کان يقارع الاحتلال النازي، هو غير شارل ديغول الذي کان يقود الجمهورية الفرنسية بعد سقوط النازية الهتلرية. کما إن مناحيم بيغن الذي کان يقود مجاميع الشتيرن و الهاغانا قبل نشوء دولة إسرائيل، هو غير مناحيم بيغن الذي تسلم جائزة نوبل للسلام مناصفة مع الرئيس السادات. وکثيرة هي الامثلة، لکن لو قارنا الامر مع ماجرى في بلداننا، لوجدنا صورة مغايرة بالکامل، إذ أن الحبيب بورقيبة أو محمد الخامس مثلا، لم يستطيعا تغيير شکل و محتوى الثقافة التحريضية التي حملوا لواءها لتحرير تونس و المغرب من براثن الإستعمار الفرنسي، وإنما ظلا يعتاشان على برکاتها و يدفعون شعبيهما للتزود بها فإن "خير زاد" هو حب الوطن"لا التقوى"! وکان من الطبيعي أن يسير کل حکام المنطقة"خصوصا الإنقلابيين العسکريين"على نفس هذا النهج، فکان ماکان و ماهو کائن بحکم بقاء و هيمنة تلک الثقافة على عقول أولئک الحکام، بل وحتى أن البعض من الذين يعدون أنفسهم کذخيرة إحتياطية لأوطانهم، مافتأوا يبثون الاناشيد الحماسية من قنواتهم الفضائية"التي يحاولون زورا و بهتانا سربلتها بدثار الديمقراطية و التقدم". لکن هکذا ثقافة باتت مع مرور الايام تسير نحو زوايا ضيقة و تجدها نظير تلک النبتة المصفرة الذابلة التي فسدت تربتها و شح ماءها، ومن هنا فإن معمر القذافي السبعينيات هو غير معمر القذافي الذي نراه في عصرنا الراهن محشورا في زاوية ميتة يلجمها أکثر من طرف وسبب! کما إن الرئيس بشار الذي إعتلى منصب الرئاسة بوعوده الإصلاحية الکثيرة قبل عدة سنين، هو غير الاسد الذي ترغب لجنة التحقيق الدولية الخاصة بإغتيال السيد الحريري بمقابلته! لقد إنتهت إيها السادة و الى غير رجعة فترة المتاجرة بثقافة التحريض على حب الاوطان وبدأ زمن ثقافة التحريض على مسائلة و محاسبة الحکام و إرکاعهم تحت أقدام شعوبهم. وهذا الذي يجري في المغرب اليوم، وذلک الذي جرى في لبنان و ما سيحدث في دمشق، کلها إيذان ببداية بزوغ شمس ثقافة جديدة لا تباع في سوق نخاسة الحاکم، إننا بحاجة لثقافة مقتدرة حقيقية و الى بنيان سياسي ـ إقتصادي يکفل حياة تستحق أن نطلق عليها هذه الکلمة، لقد شبعت الشعوب من هکذا ثقافة مزورة باتت متخشبة من کثرة الرداءة في إستغلالها، وهي بحاجة الى أشياء أخرى أهم، نظير الديمقراطية و الخبز و الامن!



#نزار_جاف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نعم أنثوية بعد ثلاثة عقود
- فاتن نور: إننا محاصرون بالجرأة
- ثلاث قصائد قصيرة من الشعر الفارسي
- أفاقون في أدوار النبلاء
- طوبى لشعب نجاد رئيسه
- الانثى و الخوف.. الشفافية و الإستلاب
- محمد باقر الصدر.. عبقرية نادرة في زمن الازمات*
- المرأة و صداقة الرجل.. النار و الهشيم
- فينوس فائق: الشعر مساحة أوسع من الخيال و عبث من طراز فريد
- الإصلاح و الخطاب السياسي و البطيخ الاسلامي
- أدعياء التمرد و العبث و الثقافة
- التيارات الرجعية و المتطرفة في طريقها للإنحلال و هي آيلة للس ...
- الانسان من فردوس السماء الى جحيم الالة
- هل هي حقا نهاية الانسان؟
- المرأة و الحب..الزهرة و الشذى
- المرأة و الازدواجية
- خطاب يقود الى الهاوية
- قراءة کوردية لمظفر النواب
- عبدالله بشيو..شاعر الحلم الکوردستاني
- الانثى...ملکة العدم المحاصرة


المزيد.....




- شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف ...
- احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا ...
- تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم ...
- الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا ...
- حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
- 3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز ...
- جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا ...
- الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم ...
- الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال ...
- مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - نزار جاف - ثقافة المتاجرة بالاوطان