أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أوري أفنيري - واه حسرتاه، يتيم أنا















المزيد.....

واه حسرتاه، يتيم أنا


أوري أفنيري

الحوار المتمدن-العدد: 1441 - 2006 / 1 / 25 - 09:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كان ذلك يوم ملوّن في بلعين، أعلام حزبية بكل الألوان رفرفت في الرياح الشديدة، لافتات انتخابية ورسوم جدارية ملونة زينت الجدران. كانت هذه أكبر مظاهرة جرت منذ وقت طويل. في هذه المرة اندمج الاحتجاج ضد الجدار بالدعاية الانتخابية الفلسطينية.

مشيت مبتهجا في شمس فصل الشتاء الدافئة، يحيط بي مئات من الشباب الإسرائيليين والفلسطينيين يحملون الأعلام المرفوعة. تقلدت باعتزاز شعار "كتلة السلام"، المكوّن من علمي إسرائيل وفلسطين، أحدهما إلى جانب الآخر. اقتربنا من صفّ الجنود المسلحين الذي انتظرنا قبل الجدار، وأدركت فجأة أني محاط بالأعلام الخضراء لحركة حماس.

الإسرائيليون العاديون كانوا سيستغربون. ماذا، المخربون القتلة يسيرون في صفّ واحد مع نشطاء سلام إسرائيليين؟ إسرائيليون يسيرون، يتحدثون ويتسامرون مع مَن مِن شأنهم أن ينتحروا في مدنهم؟ أنحن معهم؟ أهم معنا؟ هذا غير ممكن!

إلا أن هذا كان أمرا طبيعيا للغاية. كل الأحزاب الفلسطينية شاركت في المظاهرة، ومعها نشطاء السلام الإسرائيليين والدوليين. هربنا معا من غيوم الغاز المدمع، اجتزنا معا صفوف الجنود، دُفعنا معا، ضُربنا معا. اندمجت أعلام حركة حماس الخضراء وأعلام حركة فتح الصفراء وأعلام الجبهة الديمقراطية الحمراء وأعلام إسرائيل الزرقاء والبيضاء على لافتاتنا بتجانس، تماما مثل الأشخاص الذين رفعوها.

في النهاية أوجدنا نوعا من جوقة الاحتجاج. وقفنا كتفا إلى كتف، إسرائيليون وفلسطينيون، على امتداد السياج الحديدي الذي يعزل مسار الجدار، وقرعنا الإيقاع عليه بالحجارة. كان ذلك بمثابة طام-طام أفريقي يمكن سماعه عن بعد. من المؤكد أن المستوطنين الحريديين في موديعين-عيليت، التي أقيمت على أراضي بلعين، قد استغربوا هذا الأمر.

مشاركة كل الأحزاب الفلسطينية كانت بحد ذاتها ظاهرة هامة. لا شك في أن الانتخابات الفلسطينية، التي من المزمع أن تجرى يوم الأربعاء، قد أسهمت في ذلك. كان من الغريب بعض الشيء أن نرى تلك الوجوه على اللافتات على امتداد الطريق وإلى جانبنا في المسيرة.

إلى أن هذا يبيّن كم أصبح الجدار هاما بالنسبة إلى الجمهور الفلسطيني.

قبل سنوات، عندما بدأت عملية بناء الجدار، قمنا بزيارة لياسر عرفات لكي نقترح عليه نضالا مشتركا ضد الجدار. بدا لي أن أقوالي عن المخاطر الكامنة من وراء بناء الجدار بدت له جديدة تماما. المؤسسة الفلسطينية لم تكن تدرك حتى ذلك الحين أهميته. أما اليوم فقد أصبح الجدار يتصدر قمة جدول الأعمال الفلسطيني.

كانت هذا الأسبوع، عشية الانتخابات التي من شأن حماس أن يحرز فيها إنجازات باهرة، أهمية كبيرة لصورة يظهر فيها نشطاء حماس يسيرون كتفا إلى كتف مع نشطاء سلام إسرائيليين – لأن حماس ستدخل في البرلمان الفلسطيني لتوّها وربما أيضا في الحكومة الفلسطينية.



كوندوليسا رايس أبدت تحفظا شديدا من الانتخابات، بسبب مشاركة "الإرهابيين". وقد شكلت بذلك صدى لزميلتها الجديدة، تسيبي ليفنيه، التي أعلنت أن "الانتخابات ليست ديمقراطية" بسبب مشاركة حماس.

ما نشأ هنا هي ذريعة جديدة لرفض حكومتنا الدخول في مفاوضات مع الزعامة الفلسطينية المنتخبة. الذرائع تتغير كل الوقت، ولكن الهدف يبقى نفسه.

في البداية كان الادعاء الإسرائيلي هو أن إسرائيل لن تتفاوض قبل أن يقوم الرئيس الفلسطيني الجديد، أبو مازن، بتفكيك "بنى الإرهاب التحتية". وبالفعل فقد التزم، في إطار "خارطة الطريق" بفعل ذلك، ولكن شارون أيضا التزم بنفس الوقت بتفكيك البؤر الاستيطانية والمستوطنات المئة التي أقيمت قبل وصوله إلى السلطة في عام 2001. شارون تجاهل ذلك تماما.

بعد ذلك جاء الادعاء بأن السلطة الفلسطينية غارقة في الفساد. كيف يمكن التفاوض مع الفساد؟

يأتي الآن الادعاء أنه من غير المتوقع أن تتفاوض إسرائيل مع زعامة فلسطينية تشتمل على حماس، وهي منظمة نفذت عمليات انتحارية في إسرائيل وأنها ما زالت لا تعترف، من الناحية الرسمية على الأقل، بوجود إسرائيل.

الذرائع كثيرة، ويمكن خلق المزيد منها، وفق الحاجة. (هذا يذكرني بصديقي المرحوم ناتان يلين-مور، وهو من كان زعيم "ليحي" ومن ثم داعية سلام: "ليت الله يبعث لي الكثير من الإغراءات بقدر الذرائع التي أستسلم لها").

وجود حماس في الحكومة الفلسطينية القادمة ليس سببا لرفض التفاوض. بل على العكس، إنه سبب جيد للبدء بالمفاوضات أخيرا. لأن معنى ذلك هو أننا سنتفاوض مع الطيف السياسي الفلسطيني كله (فيما عدا الجهاد الإسلامي وهو حركة صغيرة). إذا انضمت حماس للحكومة التي ستقام على أساس برنامج السلام الذي اقترحه أبو مازن، فمن الواضح أنها أصبحت جاهزة للمفاوضات، مع السلاح أو بدونه، على أساس الهدنة.

من المؤكد أن أصحاب الذاكرة القوية يتذكرون أنه قبل 30 سنة، حين بدأت اتصالاتي السرية مع زعامة منظمة التحرير الفلسطينية، كنت الشخص الوحيد في إسرائيل تقريبا، الذي يقترح التفاوض مع المنظمة، التي تم تعريفها رسميا في حينه "منظمة إرهابية". لقد احتاجت حكومة إسرائيل إلى حوالي 20 سنة للوصول إلى النقطة ذاتها. ها نحن نبدأ الآن من نفس النقطة.

لماذا ترفض المنظمات الفلسطينية نزع سلاحها؟ لا يجدر بنا أن نوهم أنفسنا: بالنسبة لمعظم الفلسطينيين، يعتبر هذا السلاح ذخيرة استراتيجية. في حال لم تثمر المفاوضات مع إسرائيل، فعلى الأرجح أن النزاع المسلح سيتجدد. هذا ليس توجّه غير اعتيادي (انظر أيرلندا).



حتى وإن أراد أبو مازن نزع سلاح حماس، فهو لم يكن قادرا على ذلك. مكانته الضعيفة ومكانة حركة فتح الضعيفة، حوّلت الأمر إلى مستحيل.

هذا الضعف الذي يتجسد في "الفوضى"، سببه بالأساس أريئيل شارون. جهوده الماكرة في تقويد مركز أبي مازن قد أثمرت.

لقد نبّهت من ذلك مرات عديدة: يعتقد شارون بأن ارتفاع شأن أبي مازن كان بمثابة خطر محدث. لقد قدم بوش الزعيم الفلسطيني الجديد كمثال لنجاحه في خلق ديمقراطية وسلام في الشرق الأوسط. هذا الأمر شكل خطورة على العلاقات الحصرية بين الولايات المتحدة وإسرائيل وكان من شأنه أن يسبب ضغطا أمريكيا على إسرائيل.

لمنع ذلك، امتنع شارون عن تقديم أصغر التنازلات لأبي مازن مثل إطلاق سراح الأسرى (على سبيل المثال: مروان البرغوثي)، تغيير مسار الجدار، تجميد المستوطنات وتنسيق الانسحاب من غزة مع أبي مازن. لقد نجحت هذه العملية وقد تضررت مكانة أبي مازن بشكل كبير.



يستغل الآن ورثة شارون هذا الضعف كذريعة لعدم التفاوض مع الحكومة الفلسطينية القادمة على السلام. هذا يذكرنا بالفتى الذي قتل والديه وطلب الرحمة من القضاة: "ارحموني، يتيم أنا!"



#أوري_أفنيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا لهم من أصدقاء...
- من يحتاج إلى جمل؟
- عازف الناي من هملين
- ابنة المارد
- لعنة الآلهة
- بيرتس ليس بيرس
- أبو مازن والبط الأعرج
- إلى أين عادت سميرة؟
- سلام بدل سلامي
- المنازلون
- إجماع جديد
- مسمار جحا
- من قتل عرفات؟
- بضربة قاضية أم بنحيب
- المستوطنون الغاليون
- هذا هو اليوم
- مسيرة القمصان البرتقالية
- ثلاثة في سرير واحد
- نهاية عهد بوغي
- طريق مرصوفة بالنوايا السيئة


المزيد.....




- جريمة غامضة والشرطة تبحث عن الجناة.. العثور على سيارة محترقة ...
- صواريخ إيران تتحدى.. قوة جيش إسرائيل تهتز
- الدنمارك تعلن إغلاق سفارتها في العراق
- وكالة الطاقة الذرية تعرب عن قلقها من احتمال استهداف إسرائيل ...
- معلومات سرية وحساسة.. مواقع إسرائيلية رسمية تتعرض للقرصنة
- الفيضانات في تنزانيا تخلف 58 قتيلا وسط تحذيرات من استمرار هط ...
- بطائرة مسيرة.. الجيش الإسرائيلي يزعم اغتيال قيادي في حزب ال ...
- هجمات جديدة متبادلة بين إسرائيل وحزب الله ومقتل قيادي في الح ...
- مؤتمر باريس .. بصيص أمل في دوامة الأزمة السودانية؟
- إعلام: السعودية والإمارات رفضتا فتح مجالهما الجوي للطيران ال ...


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أوري أفنيري - واه حسرتاه، يتيم أنا