أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - يوسف الصفار - فولتير والدين /ج 3














المزيد.....

فولتير والدين /ج 3


يوسف الصفار

الحوار المتمدن-العدد: 5499 - 2017 / 4 / 22 - 20:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


فولتير والدين / ج3
كان تصور فولتير عن السيد المسيح متذبذباً , فمن ورع الطفولة , انتقل وهو شاب الى عدم التوقير الى حد قبول قصة مريم مع الجندي الروماني .. .. لكنه انتقل بنظرته للمسيح من وصفه له بالمتعصب الاحمق الى الاعجاب به وبتعاليمه الخلقية , وأكد ان خلاصنا مستمد من هذه المباديء الاخلاقية لا نتيجة ايماننا بان المسيح هو الله ..
في كتابه ( الملحد والحكيم ) , سخر كثيراً من التثليث ..حينما سأل الملحد الحكيم ( هل تؤمن بأن للمسيح طبيعة واحدة وشخصاً واحداً وإرادة واحدة , او ان له طبيعتين وشخصيتين وارادتين , ام ان له ارادة واحدة وطبيعة واحدة وشخصيتين , او ارادتين وشخصيتين , وطبيعة واحدة ..؟؟ لكن الحكيم يأمره ان ينسى هذه الالغاز ويكون مسيحياً طيباً..
يشير فولتير الى ان المسيح بخلاف القديس بولس وبقية المسيحيين , ظل مخلصاً لليهودية , رغم نقده للفريسيين فهو كان يؤدي الشعائر اليهودية , ويتردد على المعبد اليهودي .. ثم يستخلص فولتير بان يسوع المسيح يقينياً ليس هو الذي اسس الديانة المسيحية ..لذا دعا الى ديانة جديده قوامها الاخلاق الفاضلة .لان الناس العاديين لايمكن لهم ان يفهموا الحياة ويبتعدوا عن مقومات الجريمة بدون دين ..
عام 1766 وهوفي سن الثانية والسبعين سال فولتير نفسه في (( الفيلسوف الجاهل )) ..( هل من الضروري ان اعرف ..؟؟ فانا لا استطيع ان اجرد نفسي من الرغبة في التعلم والمعرفة ..وحب الاستطلاع عندي لا يمكن اشباعه , لكن الانسان الجهول لا يرى هذا ولا يفكر هكذا ..)
ويبدوا لنا فولتير يحسد اولئك الذين لايفكرون , لانهم آمنوا ويراودهم الامل دائما .. ومع هذا رجع الى رأي سقراط , وهو ان الحياة بدون تفكير غير جديرة بالانسان , وعبر عن تردده هذا في كتاب ( تاريخ برهمي طيب ) ..
اتفق لي ان التقيت في رحلاتي ببرهمي عجوز و وكان ذا علم واسع وثراء عريض ويتميز بعقل راجح .. وقال لي هذا الرجل يوما : وددت لو اني لم اولد قط .. فسألته : لم يقول هذا ؟.. فقال لي : لاني كنت ادرس طيلة السنوات الاربعين تلك , ووجدت اني ضيعت من عمري الشيء الكثير والوقت الطويل .وبالنتيجة توصلت الى كوني لااعرف شيء رغم اني اعلم الاخرين .. فانا موجود في الزمن دون ان اعرف ما الزمن .. . انا مجرد موضوع موجود بين عالمين لا نهائيين , ومع هذا ليس لدي اي فكرة عن الخلود والابدية ..وانا مكون من مادة لكن لايمكنني ان اقنع نفسي بهذا الذي ينتج الفكر .. ولا ادري لماذا انا موجود مع العلم انا منكب كل يوم على حل اللغز, لكني لااستطيع ان اقول شيئاً مرضيا ..اتكلم كثيرا وعندما انتهي من كلامي اظل متحيراً مرتبكا وشاعراً بالخجل مما قلته ..يقول فولتير شعرت بالهم والحزن بحالة هذا الرجل ولكن في نفس اليوم التقيت بعجوز وكان معها حديث وسألتها : هل شعرت يوما بعدم السعادة (لانها لاتعرف كيف صنعت نفسها ).. في طبيعة الحال لم تفهم سؤالي لانها لم تفكر ولو برهة قصيرة في حياتها وفي مثل هذه التساؤلات التي عذبت البرهمي الطيب لكنها كانت تؤمن من اعماق قلبها بتحول إلهها (فنشو) وترى نفسها اسعد النساء شرط ان يتاح لها الحصول على شيء من الماء المقدس من نهر الكنج لتغتسل به .. واثارتني سعادة هذه المخلوقة المسكينة .. فعدت الى فيلسوفي ( البرهمي ) وبادرته بقولي : الا تخجل من بؤسك وتعاستك , على حين انه على بعد 50 ياردة منك يوجد مخلوق آلي لا يفكر في شيء ويعيش هانئاً راضياً . فرد عليّ بقوله : انت على حق لقد قلت في نفسي ألف مرة إني ساكون سعيداً لو اني كنت جاهلاً مثل جيراني العجائز .. مع هذا فتلك سعادة لاارغب فيها..
كان اثر رد البرهمي في نفسي أعظم من اي شيء مضى , وخلصت الى اننا على الرغم من اننا قد نضفي على السعادة قيمة عظيمة , فلا زلنا نقدر للعقل قيمة أعظم .. لكن بعد تامل ناضج ... لاازال أرى ان هناك قدراً كبيراً من الجنون في إيثار العقل على السعادة ..!!
بدا فولتير مترددا وهوفي سن السبعين مضطربا مشوش الذهن .. لكنه بدا يوطن النفس على قبول فكرة ان الدين , اي دين امر مرغوب به بصفة عامة .. وتقبل فكرة ان تكون هنالك عبادة عامة يجتمعون بها اربعة مرات كل عام وفي معبد كبير . تصدح فيه الموسيقى . يقدمون الشكر لله على كل نعمه, فليس هناك غير شمس واحدة وإله واحد فلماذا لاتكون لنا ديانة واحدة ؟؟ حتى يكون بني البشر كلهم اخوة .. ان الشمس كما يقولون مهدت لنا نصف الطريق الى الله ..
وفي ساعات التجلي كان التائب العجوز يريد زيادة التجمعات الدينية لتكون مرة كل شهر بل حتى كل اسبوع , ويكون هنالك صلوات وعبادات ودروس في الاخلاق ..لكن بدون قرابين او ذبائح ولا توسلات ولتكن المواعظ قصيرة . اما التماثيل والصور فتكون لتخليد ابطال الانسانية لا ذكرى القديسين المشكوك في امرهم ..
في العقد الاخير من عمره أخذ الرجال الذي حفزهم ذات يوم وشجعهم على الحملة ضد الرجز وباعتبارهم اخوة اخذ هؤلاء ينظرون اليه كفيلسوف تائه وقائد ضائع , ورغم ان الملحدين في باريس قد زاد عددهم واعتزازهم بانفسهم اداروا له ضهورهم واعتبروه ربوبي متعصب .. فبدا الشيخ الواهن وبعد ان تخلى عنه الجانبان , يفقد ثقته بامكان الفوز وخشى من ان دينه الجديد ( دين الله والتسامح ) لن يأتي .. انه ارتاب في وهن الفلسفة وانعدام جاذبية الفكر وفتنته العقل , واعترف ان اي فيلسوف سوف لن يؤثر في عادات الناس حتى ضمن الشارع الذي يسكنه .. واسلم الجماهير الى الخرافة او الاساطير وراوده امل ان يؤثر من خلال اربعين حكيما في الطبقة الوسطى ..لكن هذا الامل ايضا خذله وبدا له انه يذوي حين آذنت شمس حياته في المغيب ولكن ظل لديه حلم تنوير الشباب شيئا فشيا , فربما يعود اليه ايمانه بالانسان وامله فيه ..



#يوسف_الصفار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فولتير والدين /ج2
- فولتير والدين /ج 1
- المتنورون في القرن الثامن عشر /ج4
- لنوقف هذا المد الفاشي
- المتنورون في القرن الثامن عشر ج /3
- المتنورون في القرن الثامن عشر /ج2
- المتنورون في القرن الثامن عشر / ج1
- يوم ماطر/ قصة قصيرة
- الفيلسوف والبقال قصة قصيرة
- تعددت الابواب والكاتب واحد
- الدولة والاحزاب
- فلسفة الاديان
- الرواية مهنة ام امتهان
- اعلان للصمت
- ترامب والخراف الضالة
- الجزر الهوائية /قصة قصيرة
- شيٌ من هذا القبيل / قصة قصيرة
- حية و درج / قصة قصيرة
- بانوراما الزمن بين النكسة والربيع العربي
- النزعة العقلية في القرون الوسطى


المزيد.....




- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - يوسف الصفار - فولتير والدين /ج 3