أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آرام كربيت - الثورة حدث فاصل في التاريخ















المزيد.....

الثورة حدث فاصل في التاريخ


آرام كربيت

الحوار المتمدن-العدد: 5497 - 2017 / 4 / 20 - 16:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    






الثورات هي من الأحداث الفاصلة في التاريخ, تحاول أن ترتق جرحه العميق. إنها تزعزع التاريخ أو محاولة تغيير دمه أو خموله. هي جنين في احشاءه القديمة يريد أن يخرج إلى الضوء بولادة طبيعية أو عملية قيصرية وأحيانا كثيرة يخرج المولود ميتا لعدم اكتمال شروط الحياة فيه.
عمليا, الثورة فن ديناميكي من أجل ديمومة الحياة والارتقاء بها من رتابة الحياة, الواقع, وإيقاعه القديم, يجدله الناس في لا شعورهم الجمعي, لبناء منظومة حياتيه جديدة, وواقع جديد. من أجل قلب المفاهيم السائدة رأساً على عقب وقلع أو تكنيس قوى ماضوية أضحت عائقا أمام تطورات الحياة واستحقاقات الظروف الداخلية والخارجية في الدولة الواحدة والشعب الواحد.
تقوم الثورة عندما تنضج أو تكتمل الشروط الموضوعية والذاتية لأي مجتمع او واقع اقتصادي اجتماعي مغلق. أي أن الثورة هو انقلاب على الوجع الاجتماعي والإنساني المأزوم, تفريغ الاحتقان والضغط الذي مارسته القوى القديمة على المجتمع. يدفع المجموع إلى الخروج من السائد إلى الانقلاب عليه, كرفض للظلم والانقسام الاجتماعي العمودي والأفقي.
عملياً, تعيش الثورة في احشاء المجتمع, في بنيته الداخلية مدة طويلة من الزمن, كصدام صامت بين القديم والجديد, بين القوى القديمة التي أضحت عائقًا, ليلاً عاجزًا أمام الانفتاح على مسارات الحرية والضرورة, تدفعها القوى الاجتماعية الجديدة للخروج من الرحم القديم لإنتاج واقع اجتماعي اقتصادي سياسي جديد. إذاً, تقوم الثورة قبل قيامها الفعلي بزمن طويلة. تبقى قلقة, متوترة, لها مظاهر تشير إليها بشكل صامت من خلال الظلم الذي تمارسه القوى القديمة عبر ايديولوجيتها وسجونها واقتصادها وأزماتها المستمرة وعدم قدرتها على فتح مسار جديد, لبناء عالم جديد.
ربما تصطدم الثورة بنكوص أو تراجع أو هزيمة بيد أنه ترسي واقعا جديدا على الأرض لا يمكن للقوى القديمة أن تنساه أو تلغيه أو تسير وفق الشروط الاجتماعية السياسية القديمة مهما حاولت.
ليس بالضرورة ان تأخذ الثورة مسار الانفتاح أو لإرساء قيم جديدة. وربما تهزم على كل المستويات, بيد أنها ترسي مفاهيم جديدة وقيم جديدة وواقع اجتماعي جديد. إنه صدام انفجاري عنيف بين قوى اجتماعية قديمة تريد الإبقاء على مكانتها وتراتبيتها ومصالحها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وبين قوى جديدة تريد لها مكانة تحت الضوء. والتاريخ يعلمنا إنه يسير إلى الأمام مهما طال الزمن ولا عودة إلى الوراء أبداً.
في لا شعور الإنسان هاجس الانتماء إلى الحرية والعدالة وقيم المحبة والمساواة والإخاء, إلى البراءة والحق والأخلاق والقيم والطبيعة. ولا حرية خارج هذا الانتماء والنقاء الإنساني. لهذا تقوم الثورات من أجل أهداف نبيلة وغايات رفيعة تطرح أفكارا ومفاهيم تمس أسس حياتهم وحاجاتهم اليومية والوجودية, وتدور حول ما يمس قيم تحاول الإرتقاء بالبشر إلى فضاء جميل, ورفضا لكل أشكال القهر والظلم والعبودية والاستلاب.
ويدخل في هذا السياق العامل الذاتي, مساهمات الكتاب والمفكرين والفلاسفة كرافعة لهذا السمو الراقي التي تسعى لتحمل معها القوى المهمشة تاريخيا, كالبسطاء والفلاحين والعمال والطبقة الوسطى المكسورة, لرفعهم والأخذ بيدهم لتكوين عقل جمعي يسعى للعيش المشترك في ظل قيم إنسانية رفيعة. لهذا تشكل أفكارهم برنامج عمل ونبراس يضيء لهم الطريق. فالعامل الذاتي يلعب دورا محوريا في الولوج في بنية تكوين الإنسان وأخلاقياته وتقريبها من قانون الطبيعة وبراءتها. فهذه الرغبة الداخلية, البنية الحقيقة للبشر هو الحافز الحقيقي والضاغط من أجل التغيير وهو الشرط العملي والفعلي الذي يستقطب كتل اجتماعية كبيرة جدا متعطشة لتغيير الواقع الاجتماعي.
فالثورة هي مدخل للحرية بشكل من الأشكال, بحث عن الكينونة, في شكلها المكتمل. وفي قرارة أية ثورة في العالم وعبر التاريخ أما أن تكون أو لا تكون, وهي مرتبطة بالوجود الإنساني الواعي, لشرط وجوده وحضوره التاريخي. هكذا يعلمنا التاريخ والثورات.
إن الإيمان بمبادئ الحرية يفرض شرطا لا لبس فيه هو دعوة لرفض القهر والتسلط, والانتقال إلى عالم إنساني خلاق يحترم الإنسان ووجوده الواعي ويحترم الطبيعة وكائناتها, ويحترم الوجود واستمرارية الحياة. وتسعى أية ثورة إلى بناء منظومة أخلاقية تحترم الحياة وتقدس الطبيعة على عكس ما هو جاري في عالمنا المعاصر التي يدار من قبل نخب فاسدة, قذرة, تحتكر المال والسلطة وتقبض على أنفاس الناس وحياتهم وتحولهم إلى مجرد اجراء وعبيد داخل منظومتهم الأخلاقية القائمة على التسلط والسيطرة.
إن نظام التراتبية المالية والسلطة والنفوذ يسعون إلى بقاء منظومتهم الأخلاقية التي تسهر على أن تكون خارج مصالح الناس ورغباتهم وحيواتهم من خلال القبض على جهاز الدولة والتحكم بمؤسساتها وتحولاتها وتبدلاتها. بمعنى جرى بناء منظومة أخلاقية على مقاس المؤسسة التي تعمل على تحويل الإنسان إلى كائن مستلب, شيء أو خادم لشيء كالمكتب والآلة والمعمل التي تدار من قبل اصحاب رؤوس الأموال.
وما فعلته الحداثة عملياً, انها أخذت كل إنجازات الإنسان القديمة والجديدة ووضعته في خدمة نخبها المالية والنفوذ والسلطة وحولت الكائن الطبيعي إلى كائن ضعيف, مهزوم, مستلب ومغترب.
لهذا نقول, أن ما تفعله الحداثة هو محاولة الوصول إلى البدائل الغير طبيعية في الإنسان كالغرائز والميول الاصلية والفطرة الأولى, ليتم تحويله إلى كائن متوحش يعمل على تدمير مرتكزات وجوده وتخريب عالمه الداخلي والخارجي وتقاطعات الكون الزمان المكان واقتلاع كل ما هو طبيعي كالشجر والغابة وتصحير الأرض وتجفيف الأنهار وقتل بقية الكائنات الحية وتدمير براءة الطبيعة وتخريبها وتخريب العالم الداخلي الطبيعي الخير لنا كبشر.
إن انفصال الإنسان عن اصالته شكل لنفسه تكوين مزيف معبأ بالأمراض النفسية كالعصاب والقهر والوساس القهري والحب المليء بالرغبات للامتلاك والسيطرة وحب الانتقام.
لهذا نقول أن الثورة عمليا هي رغبة وجودية للوصول إلى الحرية والاندغام في مساراتها المتعددة والتخلص من التراتبية القائمة على العنف والتسلط.



#آرام_كربيت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رقص رقص رقص
- المظلومية والمجتمع الرعوي
- عوالم تركية لقيطة استانبول
- العولمة وإدارة الفوضى..!
- ألف شمس مشرقة
- آلموت فلاديمير بارتول
- الديمقراطية السياسية
- رواية قبلة يهوذا
- محنة اليسار
- قراءة في رواية سيرة الانتهاك
- الاغتراب في رواية
- النظام الدولي بعد الحرب الكبرى
- حكاية حنا يعقوب
- الحرب الأهلية في رواية ذهب مع الريح
- في مقر منظمة العفو الدولية
- خبايا العولمة
- جيلبريت سينويه وابن سينا
- عدت والعود ليس أحمدُ 4
- عدت والعود ليس أحمدُ 3
- عدت والعود ليس أحمدُ 2


المزيد.....




- لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م ...
- توقيف مساعد لنائب ألماني بالبرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصا ...
- برلين تحذر من مخاطر التجسس من قبل طلاب صينيين
- مجلس الوزراء الألماني يقر تعديل قانون الاستخبارات الخارجية
- أمريكا تنفي -ازدواجية المعايير- إزاء انتهاكات إسرائيلية مزعو ...
- وزير أوكراني يواجه تهمة الاحتيال في بلاده
- الصين ترفض الاتهامات الألمانية بالتجسس على البرلمان الأوروبي ...
- تحذيرات من استغلال المتحرشين للأطفال بتقنيات الذكاء الاصطناع ...
- -بلّغ محمد بن سلمان-.. الأمن السعودي يقبض على مقيم لمخالفته ...
- باتروشيف يلتقي رئيس جمهورية صرب البوسنة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آرام كربيت - الثورة حدث فاصل في التاريخ