أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عباس علي العلي - اليسار العربي بين النقد التأريخي والتمسك بالشعاراتية














المزيد.....

اليسار العربي بين النقد التأريخي والتمسك بالشعاراتية


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5497 - 2017 / 4 / 20 - 01:06
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


اليسار العربي بين النقد التأريخي والتمسك بالشعاراتية


كثيرا من اليساريين العرب وخصوصا من بقي محافظا ووفيا للمبادئ التي تعلمها في بداياته الفكرية متمسكا بحتمية أنتصار اليسار في صراعه الوجودي مع كل قوى اليمين واليمين المتطرف، ومؤمنا أيضا أن خيارات الحتمية التأريخية تشير حسب قراءاته العامة والشخصية أن الصراع محسوما سلفا لليسار مهما قويت شوكة الأعداء، الأماني في الموضوع جميلة واليسار العربي خاصة أكثر القوى السياسية في العالم تحمل أجمل الأماني في عالم تسوده قيم الديمقراطية والحرية والبناء الأشتراكي وحقوق المرأة والخ من الشعارات البراقة التي يعشقها رومانسيوا السياسة، فالواقع كما يجب أن يطرح كسؤال وجودي ممكنا أن يكون مستوعبا لهذه الأحلام والأمال العريضة في الوقت الذي نشهد كل يوم نكوصا إلى الوراء وتخلفا عن مسيرة أمتدت لقرن مع اليسار وما طرحه من تصورا ورؤى يمكنها أن تعالج واقعا مزريا يعيشه العرب وينخرطون فيه إنخراط.
كيساري أتكلم وبمرارة أن حصادنا المر مع مجتمعاتنا ومع عقل عربي لم يحسم لليوم إرادته وإنحيازه لوجوده أشعر أننا فقدنا الكثير من القوة والديناميكية السياسية اللازمة لمواصلة النضال، مع تجربة أنتكست مرات ومرات في الوضع الواقعي في المجتمع العربي، فمنذ أكثر من ستة عقود وخاصة بعد هزيمة حزيران سنة سبعة وستين وما جرت من إرتدادات على تجربة اليسار العربي، بأخطاء مشتركة لا نبرئ اليساريين العرب من جزء من المسئولية التأريخية خاصة وأن النكسة كانت ثقيلة بالقدر الذي لم يتحمله مجتمع ما زال فتيا في تجربته اليسارية، لا ننفي أخطائنا ولكن ليس بالقدر الذي صورته وضخمتها أفكار وأعلام ومناهج أصولية رجعية ومتخلفة على أنها خلاصة لما يمكن أن يجلبه اليسار لمجتمع تخلى عن تقليديته الأجتماعية وأبتعادها بخطوة عن مرجعيته الدينية، هذه الهجمة المرتدة بقوة تزعمها تيار ديني مقاوم أنشيء خصيصا ليكون الحارس الأمين على مصالح قوى أقتصادية وسياسية كانت ترى في اليسار ومن يقف خلفه من قوى صديقة خارجية وداخلية، على أنه الخطر الحقيقي على مصالحها ووجودها في المنطقة.
ولا يعني هذا أبدا أننا لا نعي ما يدور ولكن مشكلتنا أننا لم نراجع بجدية وبمنهج نقدي كل التجربة وكل المخاض الذي أدى إلى بروز قوى اليمين على الساحة العربية وبقوة، ونعزي ذلك في كل مرة إلى نظرية المؤامرة ونظرية جدلية الصراع الحتمي ونحن نفقد مواقعنا موقعا تلو موقع، متناسين أن التجربة التأريخية التي هي رافد مهم في فهم الواقع العربي وإشكاليته الفكرية والسياسية، لم تؤشر عبر واقعها نجاحا لليسار حتى في صورته الدينية التي نعتز به برموزه ودوره التأريخي، فالمجتمع العربي مجتمع محافظ ومتدين ومؤمن بالماضي أكثر من إحساسه بالمستقبل مهيمن عليه الهاجس الروحي، لذا حتى من يقسم دور الدين في تأريخنا ومن خلال إسقاط المفاهيم الفكرية عليه ويصور الصراع الجدلي فيه على أنه صراع بين يسار ديني متحرر ينتصر للشعوب والإنسان كقيمة ويمين ديني مغلف بهيمنة السلطة الكهنويتة وقداسة المعبد.
أعتقد أن من لا يدرك أن الدين عموما بحسب تكوينه الفكري في مجتمع بني على أساس الطاعة والولاء والخضوع والمتابعة ليس فيه يسار حقيقي يعتمد إرادة الشعوب وخياراتها المصيرية، بل هو صراع بين يمين إصلاحي ضعيف وبين يمين متطرف ومغالي في طروحاته العصبية والعنصرية، إلا في بعض الأصوات التي أنفردت بإنسانيتها المحضة لا بدافع الدين وواقعية التجربة الخاصة في مجتمع قبلي متحفظ ينحاز لقيمه الخاصة ولو تضادت وتعارضت مع قيم الدين ذاته، فشكلت هذه الأصوات أنعطافة فكرية في الواقع السياسي وفرضت معادلات خاصة لكنها لم تستثمر ولم تستمر بإيقاعها المؤسس، ما لبث أن حولها الكهنوت اللاحق في نفس الدائرة إلى يمين خرافي ودائرة من التجهيل والتقديس للرمز وشخصنت القضية بإطار ديني محض، ونسيت أصل القضية التي برز من أجلها هذا الصوت الإنساني المتفرد، فزايدت على خصومها في يمينيتها المتطرفة وأزهقت التجربة وقتلت حتى أبطالها الأوائل.
الخطوة الثانية التي هدت من قوة اليسار العربي وأجهضت حتى شعاراته هي تجريده من القدرة على توجيه الخطاب الشعبي وإعادة صياغة مفاهيمه في ضوء النكسة الكبرى، هنا نجحت كل القوى المعادية بالزحف بقوة على منافذ الصوت اليساري إعلاميا وفكريا وأستحوذت على مواقعه التي كانت تلعب دورا مهما في التوعية والتحشيد، فتحولت الكثير من الصحف ووسائل الأعلام وبعض الكتاب والشخصيات الفكرية المؤثرة بالتحول إلى جبهة الأعتدال كما يزعمون بأموال وأمتيازات شخصية ضخمة، سرعان من أنكشفت هذه الحملة ومن ورائها مال سياسي مسخر لحرب طويلة الأمد وتسقيطية لكل ما هو تحرري وتقدمي، وتسلقت أقلام وصحف صفحراء مواقع التأثير في ظل تراجع وتقهقر فكري بقى في موقع الدفاع المتأخر عن التجربة وتبرير الخطأ، هذا سهل للصوت المعادي المزيد من حصد المكاسب وتقديم البديل الأصولي بشقيه الديني والفكري اليميني كخيار وحيد للأنقاذ.
كل هذا وما زال اليساريون في الواجهة ولم يتخلوا عن الكثير من قيمهم وشعاراتهم وهذا جيد في نظري الشخصي، ولكن المطلوب اليوم التحرك أكثر للأمام ومحاولة فهم الواقع على أنه واقع يجب مواجهة أستحقاقاته بشجاعة فكرية، فلا يكفي أن نبقى أوفياء للمبادئ دون أن تدفعنا هذه القيم إلى أمام وإلى البحث عن الأختلالات واعلل الفشل ونتائج التجربة بروح النقد الذاتي، عندما أكتب ناقدا ظاهرة أو حالة أجتماعية أو سياسية فكرية فأني أمارس دوري كباحث أجتماعي وليس بالضرورة أني مستعد هذه الجهة أو تلك، فلا الواقع الديني اليوم واقع فاضل بكل معنى الكلمة ولا الواقع السياسي والفكري نزيهة لدرجة المعصومية، هذه حياتنا وفيها الكثير من الخيبة والأحباط والفشل والأنحراف، ولا بد لنا كمثقفين وذوي أختصاص أن نمارس نقدا علميا منهجيا لنصحح أو نكشف أسباب الأنحراف والتقصير تجاه أنفسنا أولا وأساسا لنبقى على قيد الوجود.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة من فوق الذكرى
- العراق المدني وخيارات التغيير
- إيران والتجربة القومية
- رسالة إلى أبي
- حوار مسروق ح2
- حوار مسروق ح1
- قراءة في ملامح القادم العراقي سياسيا
- النخبة الفكرية والأجتماعية وإشكالية الحركة في مجتمعات ما بعد ...
- سؤال ال (أي)
- عندما نتكلم عن علي في ذكرى ميلاده
- هل ينبغي أن نحاكم تأريخنا أم نحاكم العقل الديني؟.
- أسلمة الإرهاب أم ترهيب الإسلام.
- ألووووووووووو أيها العربي ... كيف تسمعني .... أجب
- العدوان الأمريكي على القواعد الجوية السورية وحقائق السياسة ا ...
- عالم علماني .... عالم أخلاقي
- هل لدينا عملية سياسية وهل لدينا سياسيون؟
- وكلاء الله أم متوكلين عنه؟
- الهوية ومفهوم التشكيل والتحديث
- في الذكرى الرابعة عشر ليوم التاسع من نيسان. رسالة إلى من لا ...
- في نقد التجربة الديمقراطية في العراق


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة
- فريدريك إنجلس . باحثا وثوريا / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عباس علي العلي - اليسار العربي بين النقد التأريخي والتمسك بالشعاراتية