أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - احسان طالب - الماهية عند أرسط: المقولات العشر ، القياس















المزيد.....


الماهية عند أرسط: المقولات العشر ، القياس


احسان طالب

الحوار المتمدن-العدد: 5496 - 2017 / 4 / 19 - 16:47
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الماهية عند أرسط: المقولات العشر ، القياس
الماهية عند أرسطو:
لماذا المعلم الأول أرسطو ؟ لأنه الجامع لما قبله ولأنه المقرب من ابن رشد، رافعة النهضة المعرفية في القرون الوسطى ومؤسس التوافق بين الشريعة والحكمة. ونحن بأمس الحاجة لإزالة الالتباس وامتلاك القدرة على اعطاء العقل ما يلزمه من مكانة مع الحفاظ على القيم العليا الإنسانية كأوليات للثيولوجيا عموما وبالأخص الإسلامية.
هل الماهية وجود أم اعتبار أم معنى ؟
البحث النظري أو التأمل يدور حول وفي المعنى ، حول بدلالة علاقات وارتباطات وتشعبات المعنى ، “وفي” خوض واستبصار داخل العيان وداخل الحدوس بما هي تَمَثُل للأشياء أو الموجودات ، وبمفهومنا الكلي للوجود تعتبر الماهية شيء من الوجود كالحب مثلا ، فالموجودات ليست العيانيات أو المحسوسات فقط بل للحدوس العقلية وما شابهها وجود أيضا ، للعقل الكلي وجود كما للخير الكلي. الماهية شيء موجود لكنها ليست الشيء ذاته وإلا لا مفهوم للبحث عنها ، هي جوهر ودلالة وحال، حضورها يعني شيئاً ما لا غيره، مفهوم اعتباري موجود خارج الموضوع، محمول ، وقد تكون هي القضية أو الموضوع، فعندما نقول أسامة وعمرو ناطقان ، والإنسان ناطق نعني تلقائيا بأن أسامة وعمرو، إنسان، لا يمكن استخراج أو فصل الماهية بعمل جراحي، ولا تتغير كذلك بذات العمل ، فلو أجرينا عملية زرع قلب صناعي أو طبيعي لأسامة لن تتغير ماهيته ، وقد نذهب أبعد من ذلك ، بموت عمرو وزيد تذهب الماهية البيولوجية وتظل الماهية الإنسانية ، ربما نحن نضيف تعقيدا جديا على مركب أصلا لكنها في الواقع الإمكانية المفتوحة والمنفتحة على خلق مزيد من الأسئلة واستحضار المعنى لقلب الواقع. أحد مشاكل الفلسفة هي التعريفات والحدود ، وهي بذات السياق أحد خصائصها التي توسمها بالديمومة ، بما يشعرنا بالأريحية التامة من استحضار أرسطو واجراء تطبيقات شديدة الرهونة والعصرنة .
الماهية وجود حقيقي واعتباري ومعنى ، مفهوم مقولة، وموضوع وحامل وهي غير الجوهر وغير الهيولى ، إجابة على سؤال الما هو ، فهل هي مُثل أفلاطون ؟
شروعنا بالموضوع انطلاقا من ” الاورغانون ” آلة المنطق عند أرسطو وصولا إلى قصدنا ، حيث لابد من تأسيس جملة أو حزمة محدودة من ” المقولات ” التعريفات لأنها بغاية البساطة أساس العلم وبدونها نستمر بالدوران حول ولا نصل أبدا ل “في ” ألة المنطق قسمت نظرياته إلى ستة أقسام:
1 ـ نظرية الحدود ” المقولات ” وهي الحدود الفاصلة والتعريفات بما هي أسس البناء فلا نظرية ولا يقين مالم نعرف ما نتكلم عنه ، فتمييز استعمالات الكلمة الواحدة مهمة للمقولات ، وتعد عناوين رئيسة في النظرية ويمكننا دعوة الماهية بالمقولة. ” الشكل والمضمون مقولة ، الشكل هو الجانب الظاهري من الشيء ، والمضمون هو الجانب الداخلي والماهوي منه ، لكنهما يتحدان في هوية واحدة لأن الظاهر يتحد مع الماهية في هوية واحدة فما يظهر هو الماهية، الشيء مقولة وهو يتكون من عاملين هما الانعكاس في الذات والانعكاس في الآخر ، أي كما هو في ذاته من حيث علاقته بالأشياء الأخرى، الظاهر مقولة ، وهو الثاني من دائرة الماهية ، والظاهر هو التناقض بين الانعكاس في الذات والانعكاس في الآخر” (7)
2 ـ نظرية القضايا ” في التأويل ” وكل قضية تتألف من موضوع ومحمول.
3 ـ نظرية القياس ” التحليلات الأولية ا ـ أصل الأقيسة
ب ـ طرائق تركيب الأقيسة
ج ـ رد جميع الاستدلالات إلى القياسِ
4 ـ نظرية البرهان ” التحليلات الثانوية : القياس ذي المقدمات الضرورية.
5 ـ نظرية الاستدلال الجدل ” المواضيع ” الذي لا تعدو مقدماته أن تكون ظنونا مقبولة بالإجمال، لا يجيب الجدل عن سؤال ما هوـ الماهية ، لكنه يقدم مقترحات، الفكرة من الجدل ممارسة النقاش للوصول لمحددات ” تعريفات ” هذا من جملة ما يفعله الجدل يطرح مواضيع ومسائل ، يتيح للفكر مضامير ومضامين للبحث والدراسة والاستبصار.
6 ـ نظرية الاستدلال الخطابي ” الخطابة ” الخطاب الإضماري الذي يتم خلاله اختيار مقدمات تقنع السامع.
من أجل تنظيم تلك النظريات وضع أرسطو فكرة الأطر المنطقية وتتضمن : ا ـ تقسيم الحدود وتصنيفها
ب ـ تعين الأجناس الأولية
ج ـ علاقات الحامل بالمحمول
القضية : تتألف من موضوع و حامل ، وهي عبارة شرطية قوام كل مسألة التساؤل عما إذا كان محمول بعينه يعود ، أو لا يعود إلى كل أو جزء موضوع بعينه ، واهتمام القضية هو: هل يفصح المحمول عن ماهية الموضوع أو يبين عن كيفية من كيفياته ، هل يُبِين عن كيفية تعود إليه وجوبا أم عرضا واتفاقا فقط.
الموضوع : “أي موضوع أمام الفكر” السؤال “ما هو ؟” تلك العبارة موضوع ، ما هو الإنسان ، لكل قضية موضوع :مثال الإنسان والعدل ، قضية محمولاتها : ا ـ العدل، ب ـ الإنسان ، علاقة الماهيات هو الموضوع.
المحمول : تصنف المحمولات إلى كليات خمس 1 ـ الجنس و لدى أرسطو هو الكلية الأشمل : ماهية جزئية
2 ـ الفصل : يميز كليات متفرعة من الأشمل : ماهية جزئية
3 ـ النوع : وهو مجموع الجنس والفصل : ماهية شاملة
4 ـ الخاصة : تابع لازم لماهية الموضوع
5 ـ العرض : لا يعود بالضرورة للموضوع
الأقسام الثلاث الأولى حسب أفلاطون هي لبيان ماهية الموضوع أو هويته ، الرابع والخامس أضافهما أرسطو ولا يدخلان في ماهية الموضوع ولا يجيبان عن سؤال ” ما هو “
تطبيق ( الإنسان حيوان ناطق ) قضية ؛ حواملها : الحيوان هو الكلية الأشمل ” جنس “
: ناطق هو كلية متفرعة من الكلية الأشمل ” فصل “
:الإنسان من مجموع الجنس والفصل يكون ” النوع ” ماهية الموضوع
موضوعها : ما هو الإنسان .
الإنسان حيوان ناطق عبارة شائعة جدا في المباحث الفلسفة ، والاعتراض عليها ليس في الشكل ، فتطبيقاتها الشكلية لا إشكالية فيها ، بل في اقتران النطق بالإنسان ، فمثلا الببغاء ناطق ، بعض الكلاب تستطيع بالتدريب نطق يشابه نطق الإنسان ، لذا يبدو من الأنسب استبدال ” الناطق ” بالمتكلم ” فتغدو العبارة : الإنسان حيوان متكلم ، وبذلك تكون الخاصة دلالة حصرية على الجنس داخل النوع ، فالكلام يشتمل على “وعي ما ” لمتكلم ما . لكننا سنستمر في استخدام العبارات الشائعة المشابهة منعا للبس .
مازلنا نتفيأ ظلال الاورغانون، يطرح أرسطو في منطقه ثلاث مشاكل:
1 ـ مشكلة قلب القضايا ، أو التقابل ، إذا تناقضت قضيتان لا يمكن أن تكون كلتاهما صحيحتين ، المتناقضان ينفي أحدهما الآخر ، أما الحدان الاضافيان فيستلزم أحدهما الآخر. . كل إنسان عادل ، نقيضها، كل إنسان غير عادل، أو ظالم ، وقد تكون كلتاهما خاطئتين.
2 ـ مشكلة المقولات : ” التحديدات ، التعريفات ” إذ لا يكفي معرفة المحمول أن يكون جنسا أو فصل أو نوع ، خاصة ، عرض.
3ـ مشكلة الأضداد : الجيد والسيء ، المريض والسليم ، “تباعد الحدود إلى أقصى حد ممكن هو تعريف الأضداد الذي ينتهي إليه أرسطو”
تطبيق مشكلة قلب القضايا : هل كل لذة خير ؟ فإذا كان الجواب نعم فهل كل خير لذة ؟
تطبيق : مشكلة المقولات :
المقولا ت العشر هي المعاني المختلفة التي يمكن أن تتخذها الحدود ، والحدود تتضمن : الموضوعات + المحمولات.
1 ـ الجوهر : إنسان ، حصان ، كيان ذو كينونية ، وجود موصوف، جسم يشمل أكثر من موضوع ( سنتطرق لمفهوم الجسم في فقرات قادمة ) أي الجسم لا يحتاج لوجوده للموضوع ، فهو موجود بذاته ، في حين أن الموضوع لا يتحقق إلا في الجسم ، فاللون الأصفر مثلا لا يتحقق إلا في ” جسم ” وليكن مربع ، “لون” كي يتحقق وجوده عيانيا يحتاج لاطار ـ جسم ـ فالجسم ماهية واللون عرض . والجوهر الجسماني له أبعاد ثلاثة إضافة للبعد الرابع ، الزمن ، والجسم ماهية وصورة ، و كل ما له صفه الاستقلال بذاته مثل العناصر كالماء والهواء والنار جوهر هو الأصل، وما عداه من المقولات التسع أعراض له، و المعرَّف الكائن في شيء آخر هو شيء مشتق لا يسمى جوهر أي لا يعرف بالجوهر ، لأن مرجعيته لذاته لا لشيء سواها، فالشفع الذي يعرف بأنه يقبل القسمة يستتبع العدد ” والفطوسة التي تعني إنحاء في الأنف تستتبع الأنف ، والماهية لا تعود إلى هذه الأشياء، إلا ثانويا لا أوليا على نحو ما تعود للجواهر. لنعود إلى تمثال البرونز عند أفلاطون ، فالمادة ـ الهيولى ـ قابلة للانحلال في شتى الأشكال والصور، إلى ما لا نهاية لكنها تبقى موجودة كجوهر ، غير متعين الماهية إذ ينبغي ” أن نميز بين الأجزاء الهيولانية للموجود وبين أجزاء صورته أو ماهيته : ومن ذلك أن الأجزاء الهيولانية لدائرة ما ، هي القطع التي يمكن تقسيم هذه الدائرة إليها ، وأن أجزاءها الصورية هي النوع ( الشكل المسطح) والفصل اللذان يحددانها. والحال أن الدائرة لا تتولد من تراص صفوفها الهيولانية ، بل إنها سابقة على هذه الأجزاء بالذات ، وذلك ما دام مفهوم نصف الدائرة يستلزم مفهوم الدائرة ؛ كذلك فإن الزاوية الحادة الجزء الهيولاني من الزاوية القائمة. لاحقة منطقيا على الزاوية القائمة لأن تعريفها أنها الزاوية الأصغر من الزاوية القائمة . كذلك فإن اليد لاحقة لا سابقة على ماهية الجسم الحي ، نظرا إلى أنه يستحيل عليها الوجود كيد بمعزل عن هذا الجسم .ولا ريب في أننا لا نستطيع أن نميز في وضوح على الدوام الأجزاء الماهوية من الأجزاء الهيولانية، فمن الصعب مثلا أن نتخيل أن اللحم والعظم لا يدخلان في ماهية الإنسان ” (8)
2 ـ الزمان : الدلالة المباشرة للكلمة هي المقولة ، سؤال “المتى” ، ببعده الماضي والحاضر والمستقبل ومر معنا فكرة امتداد الزمن ووجود الزمن منفصل عن بقية العوارض .
3 ـ المكان ، الظرف والمفعول فيه ، موضع الشيء أو سؤال “الأين”
4 ـ الكيفية ، النعوت الوصفية ، الأبيض مثلا يفيد اللون ويفيد وصف لجوهر ما ، وقد يأتي جوابا لسؤال “كيف” ، أو لبيان هيئة ،نظيف بالمعنى المباشر يقابله وسخ ، بالتداعي نظيف اليد ، نظيف الفكر، كيف تجد الأجواء ، باردة ، ملبدة بالخلافات ، مشحونة بالغضب ماذا عن الإرادة ؛ صلبة ، راسخة ، كيفيات متعددة المعاني والدلالات حيث الكيف مبدأ من مقولات العقل الأساسية.
5 ـ الإضافة ، ضعف نصف ، علاقة بين جسمين أو موضوعين أو عارضين ، جنس ونوع ، فلا تقرير للأول إلا بوجود الآخر ، الأبوة والبنوة ، لا وجود لأحداهما بدون الآخر ، وقد تعبر عن علاقة بين عرضين متضادين ، الكريم والبخيل. لاحظ الفرق الموصوف والمضاف بين الأبوة كمضاف أصيل والكرم كمضاف لاحق.
6 ـ الوضع جالس ، راقد هيئه تتخذ للجسم، نسبة لحالة ما يكون فيها مستجيبا لظرف ما ، مثل: القيام، والقعود،
7 ـ الملك ، المسلح يحمل سلاحا ، ناعل ، مرتدي النعل ، وهو عرض مرتبط بوصف ذو علاقة بإضافة صفة لجوهر ، عمرو معمم ، أي يضع عمامة ، زيد بالرسمي ، أي يرتدي زيا رسميا.
8 ـ الفعل، يقطع يحرق فاعل للأثر
9 ـ الانفعال ، مقطوع أو محروق ، متأثر بالفعل
10 ـ الكم :: Quantity
هو العرض الذى يقبل لذاته: المساواة والتفاوت والتجزؤ ويخرج بذلك: النقطة الواحدة، أي الشيء الواحد الذى لا تعدد فيه، فهذه المقولة تخضع للقسمة، وللقياس فيما له حجم ومقدار كقولنا: هذه خمسة كتب. وينقسم الكم إلى قسمين:
متصل: وهو الذى يكون بين أجزائه حد مشترك، كالحال في الزمن بين الماضي والمستقبل
منفصل: وهو الذى لا يكون بين أجزائه حد مشترك كالعدد، مثل الأربعة إذا قسمت بين اثنين واثنين
وهناك ما يسمى “كمية القضية”: والمقصود بها استغراق الموضوع في المحمول، وينتج عن ذلك تقسيم القضايا إلى ثلاث أقسام:
القضية الكلية: وهى التي يقع الحكم فيها على جميع أفراد الموضوع، مثل: كل إنسان فان
القضية الجزئية: وهى التي يقع الحكم فيها على بعض أفراد الموضوع مثل: بعض الإنسان كريم
القضية المخصوصة: وهى التي يكون الموضوع فيها واحدا بالعدد، مثل: سقراط عادل (9)
يستفيد تقسيم المقولات من اللغة ولا يعتمد عليها اعتمادا مطلقا ، تشكل المقولات العشر في مُجمَلها محمول القضية من ناحية منطقية ، باعتبار الجوهر فقط هو الموضوع ، والتسع الأخرى الباقية أعرض وتشكل محمولا ت القضايا
.
تطبيق للمقولات العشر :
1 ـ ما هو الدواء الجيد ؟ الذي يأتي بالصحة : الفعل
2 ـ ما هو الإنسان الجيد ؟ العامل، صفة، القائم في حضرة القائمين : وضع
3 ـ ما هو الوقت المناسب ؟ عند الفرصة الجيدة : زمان
4 ـ ما هو الطعام المناسب؟ الكافي للشبع : الكم ، الذي لا يزيد عن الحاجة : إضافة
تطبيق مشكلة تقابل القضايا :
قضية : (الإنسان والعدل )
كل إنسان عادل . ما من إنسان عادل
متناقضان وأحدهما ينفي الآخر ولا يصح أن تكونا صحيحتين معا ، وقد تكون كلتاهما غير صحيحة، هذه القضية لها محمولان الإنسان والعدل ، الموضوع هو العدل ومحمول، الإنسان ، القضية هي ؛ علاقة موضوع العدل بالإنسان وموقف الإنسان من قضية العدل.
ومن أجل مفهوم أوضح للتقابل لا بد من تحديد أزواج المحمولات التي تستدعي واحدها الأخرى أو يستبعده. بمعنى العادل يقابله الظالم ، القوي يقابله الضعيف ، هنا نتحدث كصفات ونعوت ، ويمكن أن نتحدث عن الإضافة كقوي وضعيف. أو عن الوضع ، مستقر مضطرب وهكذا عن المقولات العشر.
هناك بين الحدود أربعة ضروب من التقابل : 1 ـ الإضافة : الضعف ، النصف
2 ـ الضدية : الجيد والسيء
3 ـ الملك وعدم : البصير والأعمى
4 ـ التناقض : المريض وغير المريض ، العالم والجاهل ، الحكمة والتهور .
و لابد من تعيين ماهية الجنس الذي تؤخذ منه الأضداد : مثلا ، أبيض أصفر ، لونْ أم إنسانْ ، وتختلف طبيعة الجنس باختلاف الموضوع، فالأبيض والأسود في جنس اللون ، الشفع والوتر في جنس الأعداد ، فالعدد إما شفع أو وتر ، لكن غير الأبيض ليس بالضرورة أصفر. يمكننا ملاحظة تداخل أصناف أو ضروب التقابل، وما ذلك إلا لطبيعة الرؤيا وزاوية أو منحى التبصر أو العلم ، فالتناقض ” مركب الهوية والاختلاف وهو تضاد يصل إلى قمته فيصبح تناقضا” فنحن أمام تضاد أمسى تناقضا ، والإضافة للموصوف أو للجسم أو للجوهر تتحول بالنمط والعادة إلى ملك.
لا شك بأن هناك ضرورة للتأسيس النظري الفلسفي وإلا فنحن كمن يقف في منتصف السلم ولا يدري إلى ” أين ” يسير صعودا أم هبوطا ، هل هو وصل لما يريد فينزل أم أنه ما زال في الطريق فيصعد ويستكمل. تمسك بالميزان ولا تعرف لما يستخدم ، وتشاهد الأوزان ولا تفهم علة وجودها ، القياس يوضح المعاني وتقابلها ويحدد علاقة الأشياء ببعضها البعض ونتائج العلاقة والارتباط.
القياس :
هو النهج الذي يكشف للفكر عن ارتباط محمول بموضوع حينما يكون الارتباط معروفا مباشرة ، وهو أيضا مقالة مؤلفة من مقولات، أو قضايا إذا وضعت لزم عنها بذاتها وبالضرورة مقولة أخرى، ومادة القياس ، إسناد صفة إلى جنس عن طريق بيان أنها عائدة إلى الأنواع المتضمنة في هذا الجنس ، الارتباط بين صفة وجنس مثال : انعدام المرارة لدى حيوان من الحيوانات هو علامة على طول العمر الدلفين والجمل. القياس تحميل قضية أو مقالة مبرهنة على أخرى غير ذلك ، والقياس يكون كاملا عندما تكون القضية الأولى مبرهنة وتنطبق على القضية الثانية ، أي تصبح القضية المقاسة مبرهنة ، يكون ناقصا عندما تحتاج القضية المبرهنة إلى إضافات لتكون الأخيرة مبرهنة ، إذن نحن أمام مقدمة ونتيجة ، ويستخدم القياس مقدمتين كبرى وصغرى وبينهما الأوسط .
تطبيق القياس : الحيوان فان: مقدمة أولى كبرى ، الإنسان حيوان، مقدمة ثانية صغرى ، نتيجة : الإنسان فان
الموضوع : الإنسان ، وهو نوع ، وهو عرض وحامل
المحمول : الفاني ، وهو صفة ـ فصل
محمول ثاني : الحيوان ، وهو جنس ، وهو إما خالد وإما فان
لدينا هنا تراتب هرمي : إنسان ، مقدمة صغرى ، نوع
: فان أو خالد ، مقدمة وسطى ، صفة
: حيوان ، مقدمة كبرى ، جنس
فإذا كان رأس الهرم ، الإنسان ، متضمن في الحيوان والصفة وكانت تلك المقدمات بحاجة لبرهان فالقياس ضعيف أو ناقص ، أما إذا كانت المقدمات لا تحتاج لبرهان فالقياس كامل، في مثالنا السابق يستغرق الصغير والأوسط في الكبير ، أي كل الحيوان فان ، وكل الإنسان فاني ، فنحن أمام قياس كلي، وقياس موجب ، إثبات. إما في حال عدم استغراق الأوسط في الأصغر أو الأكبر كلية بل جزئيا فنحن أمام قياس جزئي، وبحال جاءت نتيجة القياس سلبية ، يكون الأصغر منفي في الأكبر و الأوسط ، كذلك الأوسط منفي في الأكبر في مثالنا ، الأوسط ، وهو صفة الفناء هي الأعم من الجنس والنوع، وهنا ندرك أهمية الحد الأوسط بين الحدود الثلاثة للقياس،
الجسم المركب يتكون من أكثر من عنصر ، الماء يتكون من عنصرين ، إذن الماء جسم مركب.
لدينا هنا مقدمة كبرى بديهية ، ومقدمة صغرى بديهية ترتب عليها نتيجة منطقية لا تحتاج لبرهان
الجسم المركب : موضوع
العناصر : كيفية ، وهي أجسام ” أيضا” بسيطة ، وهي محمول أول
الماء : جنس من نوع ، وهو حامل ثان
نحن هنا أمام علاقة مفاهيم ، فالجسم المركب مفهوم ، العناصر البسيطة والمركبة مفاهيم ، الماء عنصر مركب، حقيقة وجوهر.
قياس كامل فالمقدمات بديهية والنتيجة مبرهنة ومطابقة.
يغدو الشكل الهرمي للقياس : على رأسه : الماء
الأوسط : العناصر : مقدمة صغرى
الأكبر : الأجسام : مقدمة كبرى
نلاحظ استغراق الأوسط في الأصغر والأكبر، والأكبر يشمل الأوسط والأصغر ، إذن قضية قياس كلية، موجبة لازمة .
نتائج القياس في الواقع ثلاثة : 1 ـ احتمالية :احتمال الإيجاب والسلب، أي احتمال للممكن والضروري و اللازم، واحتمال للخطأ والصواب. أي الجدل تقدم مقترحات لمقدمات ونتائج ، تحتاج لبرهان.
2 ـ ممكنة : إمكان حمل المحمول على الموضوع
3 ـ لازمة : ضرورة اتصاف الموضوع بالصفة التي هي المحمول
ونتائج القياس مترتبة على مقدماته ، فالمقدمات الممكنة تأتي بنتائج ممكنة ، أما المطلقة فتأتي بنتائج مطلقة، أما المقدمات القابلة للصواب والخطأ فهي احتمالية كما نتائجها. وعلاقة المقدمات بنتائجها تحتمل استخدام قلب القضايا أو عكس البرهان ، ومشكلة القياس الأولية ، هي البرهان على صحة المقدمات. القضايا مقولات ومواضيع يقترح الجدل أسئلة وأجوبة ويقدم القياس آلية لمعرفة النتائج الصحيحة والأولية وكلما كانت الاحتمالات أكبر وأشمل وكلية كنا أقرب إلى البداهات التي تشير لجنس الموجود في محمولات التي تدل على الماهية .(10)
” القياس مركب فكرة وحكم، فكرة لأنه يعبر عن هوية بسيطة عن طريق الحد الأوسط ، وحكم لأنه يوضح في صورة حدود ، وهو الأساس في كل فكرة صحيحة ، وتنقسم الفكرة إلى ثلاثة أقسام فردية وجزئية وكلية ، كذلك الحكم بأبسط تقسيماته : 1ـ صحيح أو يقيني 2 ـ وفاسد ـ خاطئ ـ 3 ـ محتمل أو افتراضي ، الصورة الأساسية للقياس ، طرفين يربط بينهما حد أوسط ، ويتحول الحكم لقياس جديد، عندما يكون يقينيا ، وفي اليقيني نجد عندنا فردا يربط نفسه بالكلي عن طريق خاصة جزئية ، وهنا يصبح الجزئي وسيلة أو واسطة بين الفردي والكلي. شجرة ديكارت فكرة شاملة لرؤيته للفلسفة : جذورها الميتافيزيقا أو ما بعد الطبيعة ، وجذعها هو علم الطبيعة أو الفيزياء ، وفروعها الطب والميكانيكا والأخلاق . الفينومينولوجيا فكرة شاملة : وهي المنهج الفلسفي الأصيل عند هوسرل ، المنطق فكرة شاملة ، بالأخص عند أرسطو حيث هو أساس التفكير في كل شيء ، القياس فكرة إذن هي مركب ، والكلي ما هو غير متعين ، كالجوهر والماهية ، ويتضمن كلا من الجزئي والفردي، ، والجزئي هو المختلف أو الصفة المعينة ، أي بوصفه كلي وفردي ويفهم الفردي على أنه موضوع ـ بالمعنى المنطقي ـ يشمل الجنس والنوع في داخل ذاته وله وجود جوهري ، تلك هي لحظات الفكر ترتبط ارتباطا وثيقا مع تميزها وهذا ما يضفي عليها صفة الموضوعية والعينية ،لأنها تتكون من عناصر ثلاثة وموضوعية لضرورتها وشمولها. كل شيء يبدأ بالفكرة ولها أسبقية فموضوعاتها متوسطة ضمنها ، وأسبقيتها ليست تحديدا زمنيا ، فالفكر هو الكل الذي تتحد فيه الأشياء الجزئية ” **
المعادلة الكيميائية هي فكرة شاملة قياسية ، ونتائجها ـ أي أحكامها ـ أقيسة جديدة :هي عبارة عن تمثيل للتفاعل الكيميائي بواسطة مجموعة من الرموز والصيغ الكيميائية التي تعبر عن المواد الداخلة في التفاعل والخارجة منه والإلكترونات التي تكتسب أو تفقد من ذرات العناصر المتفاعلة. ونتائج التفاعل انعكاس أو تمثل للظهور الأول للمادة قبل التفاعل ، تشترط قوانين التفاعل الموزون : قانون مصونية المادة ـ يجب أن يكون مجموع الكتل الذرية للمواد المتفاعلة والناتجة متماثلا ، وقانون حفظ الشحنة الكهربائية ـ مجموع الشحنات الكهربائية الظاهرة على المواد المتفاعلة مساويا لمجموع الشحنات الكهربائية الظاهرة على المواد الناتجة ، وهي أشبه بقوانين المنطق ، كونها عقلية وبديهية ، القياس الكيميائي قياس كامل ، يقوم على قوانين منطقية ، قد يكون مستغربا دعوتها بما وراء المادة ، ميتافيزيقية ، فوجودها وآثارها واقعية ، لكنها ليست مادة بمفهوم التعيين للمادة ، ولا يمكن إنكارها أو إنكار وجودها ، ها نحن أمام قياس مختلف على شجرة ديكارت ، فقط للنظر برهة على الجانب الأخلاقي للمسألة : التفاعل الكيميائي أو الذري حقيقة علمية مجردة بصفتها واقعة تستفيد من كشف الإنسان لقواعد خلط وتمثل المواد وانعكاساتها مع بعضها البعض وفي المادة الواحدة بل في جزئية المادة ذاتها ، تلك التفاعلات سلبية بمعنى ، أن آثارها أو نتائج تطبيقها قابلة للصرف باتجاهات متعاكسة ، خير وشر ، وعي الكشف العلمي وفهمه يحتاج لعقل وهذا طبيعي جدا ، و استعمال الكشف وتوظيفه يحتاج لعقل أيضا ، الفرق في الحالتين هو التعقل ، أي المنطق ، بمعنى القدرة على استعمال القياس الصحيح ، لنضرب مثالا : 6 آب 1945 قامت إحدى الطائرات الأمريكية بإلقاء قنبلة ذرية على مدينة هيروشيما اليابانية فدمرت 90% من مباني المدينة وقتلت على الفور ثمانين ألف إنسان وأصيب تسعون ألف إنسان إصابات مباشرة وخلفت عاهات دائمة مدى الحياة . العقل الحر ـ الخيّر ـ يرفض ذلك العمل ويراه عملا جنونيا ويصفه بالجرم الموصوف ، في حين أن العقل أو الإنسان ـ أو مجموعة الناس الذي قام بالفعل ـ إلقاء القنبلة الذرية على مدينة مأهولة ـ هو عقل مكبل أي خارج الوظيفة الطبيعية له وهي التعقل ، بعبارة أخرى هي حالة قياسية لعمل عقل خارج حدود أو منطقة المنطق ، وكل نشاط عقلي خارج تلك المنطقة هو منفلت من التعقل ولو جاء من أذكى العقول على مر التاريخ ، إنه المنطق قارئي العزيز



#احسان_طالب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كتابة الأبحاث والرسائل الجامعية والدراسات نصائح وأفكار
- ممارسة الفلسفة -التفلسف- غيّر نمط حياتك
- تفكيك أصولية التكفير
- ترانيم ذات صوفية
- ما هي متطلبات المرأة بناء الحب الحقيقي
- استراتيجيات ومهارات فن الحوار والتفاوض الفعال الجزء الثالث
- تأملات فلسفية في الأنطولوجيا والحقيقة والإنسان
- الإحراق فتوى تخالف النص وتحرق المجتمع معالجة فقهية أصولية
- اكتشاف عالم عماد شيحا الأسطوري إبحار عبر أمواج رواية بقايا م ...
- العام المطلق والعام المخصص مسألة أصولية
- هل سيهزم داعش بالضرورة تاريخانية الإرهاب ونسبية الحقيقة
- المقاصد كلية أوجزئية:العلة والحكمة والسبب والشرط
- فقه المقاصد أسرار الشاطبي
- المقاصدية والمصلحة المرسلة وسد الذرائع رؤية جديدة للمفاهيم 1 ...
- الأفلاطونية المحدثة نظرية الفيض الأقانيم الثلاثة
- الفيلسوف أفلوطين الشيخ اليوناني وفلسفة الفيض 3 من 4
- ابن رشد العقل المنفعل 2 من 4
- فلسفة الدين العقل الفعال 1 من 4
- في الإشراق الصوفي فلسفة وحدة الوجود
- في مسائل المعتزلة ، القانون الكلي ،الدلائل العقلية والأصول ا ...


المزيد.....




- -إسرائيل تنتهك قوانينا.. وإدارة بايدن لديها حسابات-.. مسؤولة ...
- الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته في محيط مستشفى الشفاء بغزة لل ...
- موسكو تدمر عددا من الدبابات الأوكرانية وكييف تؤكد صدّ عشرات ...
- مفتي روسيا يمنح وسام الاستحقاق لفتى أنقذ 100 شخص أثناء هجوم ...
- مصر.. السفيرة الأمريكية تثير حفيظة مصريين في الصعيد
- بايدن يسمي دولا عربية -مستعدة للاعتراف بإسرائيل-
- مسؤول تركي يكشف موعد لقاء أردوغان وبايدن
- الجيش الاسرائيلي ينشر فيديو استهدافه -قائد وحدة الصواريخ- في ...
- مشاهد خراب ودمار بمسجد سعد بن أبي وقاص بمخيم جباليا جراء قصف ...
- قتيل بغارة إسرائيلية على جنوب لبنان والمقاومة تقصف شبعا


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - احسان طالب - الماهية عند أرسط: المقولات العشر ، القياس