أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اسلام عصمت - عن البسيكولوجي - دفاعا عن الميتافيزيقا















المزيد.....

عن البسيكولوجي - دفاعا عن الميتافيزيقا


اسلام عصمت

الحوار المتمدن-العدد: 5494 - 2017 / 4 / 17 - 16:31
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


’’لقد قلت للجميع أنني سوف أخرج من هناك بعد بضعة أيام، لم أكن أتصور أبدا أنني سأبقى في المصح لقرابة الشهرين
، وقد كان الحل الأمثل للخروج من هناك هو أن أتقبل كلام الأطباء واعترف بصحته.
لقد قالو إنني مجنون..! وكنت أقول نعم أنا مجنون، لكني أصبحت أفضل!‘‘
ـــ ديفيد روزنهان | عالم نفس أمريكي

عند قراءتك لبعض المقالات او الابحاث المتعلقة بمجال البسيكولوجي ( علم النفس ) وبشكل خاص تلك المتعلقة بالامراض النفسية، ستلاحظ ان الامر طيلة الوقت هو "تأويل" من خلال دراسة او بحث. هذا التأويل بطبيعة الحال ينتهي بالامر الى تفسير غير محسوم ويحمل الكثير من الثغرات التي تجعله موضع مراجعة ونقد فيما بعد من قبل المختصين. قد يتطرق الامر الى الاستعانة ببعض التحليلات الكيميائية الا انها لا تكون محور التفسير طول الوقت. كما أنك ستلحظ ايضا ان الامر دائما هو محاولة ايجاد تفسير، فقط ليكون هناك تفسيراً، فقد لملء فراغ، ان الهدف الأساسي ليس محاولة ايجاد تفسير حقيقي، ولكنه محاولة ايجاد تفسير، اي تفسير.
تبدأ البسيكولوجي من الواقع، من خلال التجربة الشخصية، بهدف الوصول لشيء واحد فقط: تأويل حالة معينة وايجاد تفسير لها، بشرط أن ينحصر هذا التفسير في نطاق العالم الواقعي المادي، أي لا يتجاوز التصور الانساني.

في تجربة قام بها عالم النفس الأمريكي ”ديفيد روزنهان“ بخصوص الامراض العقلية والنفسية… حيث كان واحدا من المشككين في كفاءة الأطباء في تشخيص الأمراض العقلية بشكل صحيح، كما كان يعتقد أن هناك نسبة كبيرة من العقلاء في المصحات العقلية ومن الممكن أن تفوق نسبة المجانين فيها. حيث قام هو وعدد من الاشخاص بادعاء اصابتهم بهلاوس واعراض مرض ودخلوا على اثر ذلك الى مصحات عقلية، ثم طلبوا من الاطباء بعد مرور ايام الخروج لأنهم صاروا اصحاء لكن الاطباء رفضوا ذلك واصروا على انهم يدعون الشفاء للهروب، وأرغموهم على البقاء في المصحات وتعاطي الأدوية الموصوفة لاعراض الشيزوفرينيا..!! ولو كانت تجربة روزنهان تتصل أكثر بتشخيص الامراض وليس بتحليلها، الا انها تتصل ايضا بعلم النفس بوجه عام.. انها تجربة عنت شيئاً واحداً..المرض العقلي لا يمكن تشخيصه بدقة.

تشعب علم النفس كسائر العلوم من شيء رئيس وهو الفلسفة، وبصفته ضمن المعرفة العلمية، وهذه سمة من سمات العلوم، فقد انقلب على الفلسفة فيما بعد. فالامر ليس كما يتحدث هربت سبنسر عن المعرفة العلمية والمعرفة الفلسفية فيقول أن المعرفة العلمية جزئية نسبية، بينما المعرفة الفلسفية فهي أكمل وأشمل، وان المعرفة العلمية بصفتها جزئية تسعى الى شرح وتكميل المعرفة الفلسفية. بل اننا نجد عند تأويل حالة او اعراض نفسية، يهدف علم النفس الى شرح وايجاد تفسير خصائصها داخل نطاق العالم الواقعي التصوري فقط، بينما هو لا يستطيع في الوقت نفسه أن يتجاوز تأويل حالة نفسية ما الى العلة او الماهية من وجودها في هذا الشخص دون غيره، فمثلا شخص مصاب بالبارانويا سوف يقول علم النفس انه بسبب خلل وراثي في الهرمونات ولكن اذا تساءلت لماذا يكون هذا الشخص تحديداً دون غيره يصاب بهذا الخلل الوراثي فلن تجد سوى الصمت، هل لأن السؤال لا موضع له من الاعراب؟ او لأنه غير منطقي؟ - لا ولكن لأن علم النفس لا يستطيع اجابته، فالسؤال فلسفي بحت اما علم النفس فهو محض نتوء في الفلسفة، إلا أنه يحاول التطاول على صميم الفلسفة، وهو الميتافيزيقا.
فالامر ليس كما يسهب هربت سبنسر، أنه علم من العلوم التي تنزع الى اعادة تركيب الواقع عن طريق التصورات العقلية وهو سعيه نحو الوحدة الكلية، وهذا طبقا للمنهج الامبيريقي او التجريبي في الميتافيزيقا، بل يقوم – علم النفس – باحتكار حقيقة الامر كله داخل حيز التصور الانساني فقط، أي داخل الفهم الضيق والنسبي، وهذا ما يترتب عليه ظهور الثغرات واحيانا التناقضات في بعض الامور داخل هذا العلم. فنجد أن علماء النفس يختلفون على نظريات معينة، وذلك أن علم النفس هو فقط محاول للتطاول على الاستبطان والروحانية والعالم الداخلي الشاسع للنفس، ويؤول الامر الى عدم وجود تفسير محدد بشكل نهائي، وانما هي اراء وتأويلات تختلف من شخص الى اخر تبعا لكل تصور شخصي. انه فقط محاولة للتقليل من شأن الذات. للهبوط بها الى منزلة التصور.

بالاضافة الى الثغرات التي يقابلها الاختصاصيون بكثرة في تفسير ومراجعة الحالات او الامراض النفسية، لدينا عدد كبير من الحالات التي تتجاوز تصور الانسان الشخصي وطبيعة الواقع بشكل مباشر وصارخ والتي تندرج تحت علم باراسيكولوجي والتي تتصل ببعض التفسيرات النفسية والعقلية بشكل يتعارض مع تفسيرات علم النفس. فضلا عن أن هناك من الامراض التي لم يستطع علم النفس نفسه ايجاد تفسيرات كاملة لها.

وهناك امر اخر يجدر الاشارة اليه. يرتبط لفظ مرض بخلل او اعاقة لشخص يمنعه عن ممارسة سلوكه بشكل طبيعي او تطويره، في حين أن بعض ما يطلق عليه علم النفس "مرض" يكون سبباً رئيساً لبعض الاشخاص في ابداعهم وتجاوزهم للقدرات العادية، مثل فان جوخ الذي كان مصاباً باكتئاب الثنائي القطب، او اينشتاين الذي كان مصاباً بالتوحد، او جون ناتش الذي كان مصاباً بالشيزوفرينيا والامثلة عديدة.. اذن فمثل هذه الحالات يمكن توضيح عوامل تتسبب بشكل ما في حدوثها، ولكن هل يمكن تسميتها مرض نفسي؟

لا بد أن نضع في الحسبان التفرقة بين العلوم التجريدية والعلوم الطبيعية، لأن العلوم التجريدية مثل علم النفس هي علوم تحتمل التأويل والمراجعات والنقد، وليست مثل علم الفيزياء او الكيمياء الذي يعتمد على قوانين رئيسة ثابتة ومحددة لا تحمل ثغرات. وبرغم اشتراك كل منهما في المنهج العلمي الا أن علم النفس هو علم يعتمد على الدراسة والبحث والتأويل بالاساس عندما يتكلم عن الامراض النفسية، اما التجارب فتتصل اكثر ببعض الظواهر مثل الانتباه والتذكر والادراك، او ببعض السلوكيات البشرية، لكن بالنسبة للامراض النفسية فالتحليل والبحث هو اساس التفسير، أي أنه علم يخضع أساسا للوعي، الوعي الذي يحاول الاحاطة به فيما بعد!!

الخلاصة، النقطة الاولى، كل تفسيرات علم النفس هي تفسيرات تقريبية، تعتمد أغلبها على تأويلات متشابهة، ويكون ذلك سبباً في الالتباس أثناء تشخيص بعض الحالات مثل الشيزوفرينيا واضطراب الحالات الانفصامية، او الاكتئاب الحاد والاكتئاب ثنائي القطب. النقطة الثانية، تفسيرات علم النفس للامراض النفسية والعقلية التي تعتمد على تفكيك الذات لفهمها وكذلك تفكيك الوعي للاحاطة به، تعتمد على الدراسات والابحاث، أي أنها تنطلق بالاساس من الوعي ومن الذات. وذلك نوع من التناقض.
النقطة الثالثة، تمتليء تفسيرات علم النفس الخاصة بالامراض النفسية والعقلية بالثغرات، ما يجعل المتخصصين يقومون بتعديل الاراء حولها، او الاختلاف. فقدرة علم النفس على الاحاطة بحالة معينة وتفسيره قاصرة للغاية، انها فقط تكتفي بملاحظة الاعراض والسلوكيات ثم تنطلق الى التأويل.
النقطة الرابعة، عند تناول علم النفس لحالة نفسية ما يحاول تطويق كل العوامل والاسباب داخل دائرة الواقع والتصور فقط.هذا الامر مفهوم عندما يكون الموضوع هو العالم الخارجي، وليس الذات، لأن الذات، كما يقول شوبنهور، تُدرِك ولا تُدرَك.

هذه الامور تحيلنا الى سؤال، هل يستحق علم النفس الاهتمام؟ بالطبع علم النفس يستحق الاهتمام، فهو يساعدنا على فهم "كيف ولماذا تسير الامور بداخلنا او حولنا" لكن الامر المرفوض هو رد كل شيء الى التصور الانساني فقط وخاصة عندما لا يكون هناك احاطة بالامر بصورة كاملة ويكون الاعتماد فقط على البحث والتحليل، ذلك لأن علم النفس كعلم بشري هو خاضع لحدود معينة وتصورات انسانية نسبية ومتغيرة، وبالتالي لا يمكن احتكار الامر داخل هذه التصورات. فمسألة تقويض الميتافيزيقا تثير الضحك، عندما يقبل احدهم على فعل ذلك ورد كل شيء بشكل مطلق وطيلة الوقت الى الواقع والى حيز التصور الانساني فقط، فهو يعبث داخل ملعب ضيق جدا. انه ببساطة، يزدري الذات والوعي، لأنه يعتقد أن بامكانه الاحاطة بهما. انه يتبع نيتشه في مشروعه للانسان المتفوق..متمثلا سذاجته وبراءته.



#اسلام_عصمت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- شاهد: دروس خاصة للتلاميذ الأمريكيين تحضيراً لاستقبال كسوف ال ...
- خان يونس تحت نيران القوات الإسرائيلية مجددا
- انطلاق شفق قطبي مبهر بسبب أقوى عاصفة شمسية تضرب الأرض منذ 20 ...
- صحيفة تكشف سبب قطع العلاقة بين توم كروز وعارضة أزياء روسية
- الصين.. تطوير بطارية قابلة للزرع يعاد شحنها بواسطة الجسم
- بيع هاتف آيفون من الجيل الأول بأكثر من 130 ألف دولار!
- وزير خارجية الهند: سنواصل التشجيع على إيجاد حل سلمي للصراع ف ...
- الهند.. قرار قضائي جديد بحق أحد كبار زعماء المعارضة على خلفي ...
- ملك شعب الماوري يطلب من نيوزيلندا منح الحيتان نفس حقوق البشر ...
- بالأسماء والصور.. ولي العهد السعودي يستقبل 13 أميرا على مناط ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اسلام عصمت - عن البسيكولوجي - دفاعا عن الميتافيزيقا