أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - إيران والتجربة القومية














المزيد.....

إيران والتجربة القومية


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5494 - 2017 / 4 / 17 - 11:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



من أهم عوامل مكونات الدولة المعاصرة قدرتها على إبراز الهوية الجامعة لمجتمعها الخاص والتي تعبر من خلالها عن طبيعة وقيم وخصائص شعبها، حتى في الدول المعاصرة التي تنخرط بشكل طبيعي في عالم العولمة وما بعد العولمة فإنما هي تسير بهذه القاعدة في محاولة منها لتجديد مفهوم الهوية، وليس إنكارا أو تفريطا لها، أمريكا الدولة الأكثر بروزا في هويتها العولمية تسعى للحفاظ أيضا على طريقة العيش التي تتبعها وأساليب التعبير عنها، دون أن يعني ذلك أنها في سبيل التخلص من الهوية الأمريكية التقليدية، بل الرأي العلمي الأجتماعي يقول أن المجتمع الأمريكي من خلال العولمة يحاول منح العالم الخارجي خصائص الهوية الأمريكية وبالقوة.
هذه المقدمة البسيطة والتي تحتاج للكثير من الكلام والتنظير ستكون مقدمة للذين يدعون أن مفهوم الدولة المعاصرة والهوية الشخصانية لها لم يعد ذا أهمية في ظل سياسات الأنفتاح والدمج العالم في أطار كونية العالم الحديث، الكلام هذا يدل على تجاهل حقيقي لما في الواقع من حقائق، والدليل أن بريطانيا رائدة العولمة وصانعة الأحداث العالمية تراجعت عن خطوتها في أن تكون ذا هوية أوربية تتماهى مع قيم القارة، ولكن وجدت نفسها أخيرا بين خيار فقدان الخصيصة الإنكليزية أو الأندماج مع عالم متعدد الهويات، في الشأن الإيراني يظن الكثير إن إيران دولة ذات هوية دينية محددة ومبالغ في إظهارها للخارج كدولة ذات قيم أيديولوجية إسلامية تسعى لأن تكون نموذج للهوية الإسلامية لنطاق واسع من المسلمين وتحديدا الشيعة منهم.
الحقيقية التي يبرزها الكثير ممن ينظر في مجال الهوية الوطنية لإيران يرى أن نظرية ولاية الفقية التي أطلقها السيد الخميني في منتصف الستينات من القرن الماضي، وطبقها على المجتمع الإيراني نجحت بتحويل الهوية القومية الإيرانية بطعمها الفارسي إلى دولة غكر وأيديولوجيا تتميز بروحية القيادة الدينية التي تبني معطياتها من الدين الإسلامي، وبذلك يعد هذا التحول مثالا على أن بإمكان الدين والفكر الديني أن يصنع مشروع حياتي ينقل المجتمع من حال إلى حال، لو تأملنا الواقع الإيراني من قرب وملاحظة الصيرورة المزعومة نجد أن المجتمع الإيراني بطبيعته المحافظة على الهوية التأريخية له لا يمكنه أن يتحول خلال بضعة سنوات من هوية لأخرى.
هناك فاصل زمني حقيقي في التجربة الإيرانية يبدأ من عام 1979 ولغاية 1989 يتمثل بالخطاب التأريخي ومحاولة بناء سياسة وطنية وفرض نمط ديني على كافة نواحي الحياة متخذة من الدين والمذهب عنوان لها، فخاضت حرب الثمان سنوات بأعتبارها المبشرة بأنتصار المدرسة الدينية على المدرسة القومية التأريخية، وعززت هذا الخطاب بممارسات فكرية وطقسية راعت فيها أظهار الجانب الديني على أنه هو وجه الحياة الإيرانية الجديد، ولكن نتائج حرب الثمان سنوات أسقطت هذا المشروع وأسقطت معها مفهوم ولاية الفقية بأعتبارها مرتكز الهوية الإيرانية، وتحولت ولاية الفقية من مبدأ ديني حياتي شامل إلى مجرد لعنوان سياسي حاكم يقود من جديد الهوية التأريخية لإيران عبر المنطق الفارسي القديم المتمثل بتراث إيران وحلمها القديم بأن تكون مركز من مراكز الأستقطاب في المنطقة وصوت مسموع إقليميا ودوليا.
النهضة الإيرانية اليوم ليست نتاج ولاية الفقية ولم تكن أنجازا محسوبا لها، بقدر ما هي تفعيل للحلم القديم وتجديد لشروط الهوية القومتاريخية التي يشعر بها الإيراني بأعتزاز، ويقدمها حتى المنطق الديني، إيران اليوم دولة تنمو وفق مصالحها الأستراتيجية وصراعاتها لأجل تحقيق وجودها كدولة محورية تتزعم أتجاه ديني تزعم سياسي وليس روحي، هذا ما يفسر لنا قوة النهضة بعد هزيمة عام 1988 الأستراتيجية، نعم أستفادت إيران تماما من نتائج الهزيمة والإنكسار وحاولت ترميم البيت الداخلي مع المحافظة على الشعار الجامع، وهو شعار ولاية الفقية الذي يظن الكثير من الناس أنه من مكتشفات السيد الخميني، فولاية الفقية مبدأ إسلامي عام لا يمن لمسلم أن يدعه خارج إلتزامه بالدين، ولاية الفقية هي فكرة إسلامية متجذرة في العقل الديني مردها حكم ثابت، وهو وأطيعوا أولي الأمر منكم، بل أن ولاية الفقيه تجدها أشد تمسكا عند الضاد الفكري للشيعة، فالوهابية من الحنابلة تتبنى الشعار وبقوة، في حين أن فرق وطوائف إسلامية مثل الشيعة الزيدية لا يرون الولاية بهذا الحد إلا بشروطها الخاصة.
إيران اليوم بكل ما تطرحه من تجربة حضارية دولة قومية تأريخية هويتها الأولى هوية ثقافية عنصرية بمعنى أستنادها لعنصر الشعب، تؤمن بالدين مصدرا من مصادر الحياة ولكنها لا تعول عليه حقيقية في بناء مجتمعها الخاص المتجذر بأعتزازه بالتاريخ لكنه أيضا يجعل من هذا التأريخ صانع لأحلام المستقبل وبناء دولة حقيقية، دولة تعتمد على مشروعها التأريخي وبأساليب أكثر برغماتية وأشد فطنة وحكمة مما يتميز بها جوارها الإسلامي، لتتزعم بدورها جناحا هاما منه وتخوض صراعاته لأجل أن لا تتكرر تجربة ولاية الفقيه في صورتها الأولى حيث قدمت العقيدة بدل المصالح وعمدت وجودها بالدم بدل أت تسير في طريق أخر لتحقيق أهدافها ومطامحها بأمة إيرانية لا تموت.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة إلى أبي
- حوار مسروق ح2
- حوار مسروق ح1
- قراءة في ملامح القادم العراقي سياسيا
- النخبة الفكرية والأجتماعية وإشكالية الحركة في مجتمعات ما بعد ...
- سؤال ال (أي)
- عندما نتكلم عن علي في ذكرى ميلاده
- هل ينبغي أن نحاكم تأريخنا أم نحاكم العقل الديني؟.
- أسلمة الإرهاب أم ترهيب الإسلام.
- ألووووووووووو أيها العربي ... كيف تسمعني .... أجب
- العدوان الأمريكي على القواعد الجوية السورية وحقائق السياسة ا ...
- عالم علماني .... عالم أخلاقي
- هل لدينا عملية سياسية وهل لدينا سياسيون؟
- وكلاء الله أم متوكلين عنه؟
- الهوية ومفهوم التشكيل والتحديث
- في الذكرى الرابعة عشر ليوم التاسع من نيسان. رسالة إلى من لا ...
- في نقد التجربة الديمقراطية في العراق
- أفكار هادئة 2
- أفكار هادئة
- المهدوية بين الأنتظار والخلق الذاتي لها


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - إيران والتجربة القومية