أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - حسين ديبان - الفلسطينيون والصنم عرفات















المزيد.....

الفلسطينيون والصنم عرفات


حسين ديبان

الحوار المتمدن-العدد: 5491 - 2017 / 4 / 14 - 19:47
المحور: القضية الفلسطينية
    


تفوق الفلسطيني على غيره من الشعوب في صناعة رمز ومن ثم تأليهه وتمجيده وعبادته في حين أنه لم يتلق من هذا الرمز غير الفشل والآلام وآلاف الشهداء وتقزيم وبهدلة وإهانة وتشويه واحدة من أكثر القضايا عدلاً في التاريخ الإنساني. قد يكون الرمز الراحل ياسر عرفات بحسابات الرياضيات البسيطة للخسائر الفلسطينية خلال خمسون عاما هو العدو رقم واحد للفلسطينيين وليس اسرائيل وسواها مثل الديكتاتور السوري حافظ الأسد وابنه بشار اللذين كان لهما حصة كبيرة من الدم الفلسطيني تفوقت بأضعاف على حصة الاسرائيلي ذلك أن السياسات الهوجاء والأخطاء الفادحة والخطايا الكبرى لهذا الرمز قد أدت الى خسائر بشرية ومادية ومعنوية أكثر بمرات من تلك التي تتحمل مسؤوليتها اسرائيل.

فالرمز عرفات هو من يتحمل المسؤولية الأولى عن عدم القبول الفلسطيني بالهزيمة (النكسة) وبالتالي الدخول سريعاً في تسوية مع الإسرائيليين لتطبيق القرارات الصادرة عن مجلس الأمن في حينه، ثم العودة بعد رحلة معاناة مريرة مدتها أربعين عاماً ثمنها آلاف الشهداء والجرحى والمعوقين للدخول في مفاوضات هدفها وسقفها الأعلى تطبيق تلك القرارات وهو ما أصبح حلماً بعيد المنال بعد أن إلتهم الإستيطان الاسرائيلي قسماً كبيراً من الأرض وبعد أن تغير بشكل كبير الموقف الدولي والمناخ الشعبي حول العالم وحتى تغير موقف كثير من الدول الاسلامية ودوّل ما يسمى بعدم بعدم الانحياز لصالح اسرائيل.

كرر عرفات تلك الجريمة حين رفض توقيع كامب ديفيد فلسطينية إسرائيلية عام 1999 ليرعى انتفاضة فلسطينية مسلحة عقب زيارة ارئيل شارون الى المسجد الأقصى. تلك الانتفاضة العسكرية التي لطالما حلمت بها اسرائيل حتى تتخلص من كل التزاماتها مع الفلسطينيين واتجاههم وامام المجتمع الدولي والإدارة الامريكية التي عادت وتبنت الموقف الاسرائيلي بالكامل بعد فضيحة رعاية الرمز لتهريب سفينة أسلحة تم توقيفها واعتقال المشرفين عليها وهم مساعدي الرمز عرفات ومازالوا في الإعتقال حتى اللحظة.

لم ينتج عن تلك الانتفاضة المسلحة إلا جيوشاً من القتلة والشبيحة والبلطجية الفلسطينيون من عصابات كتائب الأقصى والقسام وغيرها الذين قتلوا من الفلسطينيين تحت يافطة العمالة والتخوين أكثر بكثير مما قتلت اسرائيل في تلك الانتفاضة.. خمسة آلاف شهيد وخمسون ألف جريح جلهم من المعاقين وآلاف البيوت المهدمة وجداراً عنصرياً عازلاً وعودة إسرائيلية مباشرة للأماكن التي كانت اسرائيل قد انسحبت منها وتغول الاستيطان الاسرائيلي.. أكثر من ذلك كله كان الرمز عرفات نفسه ضحية لسياسة صناعة الرمز التي أجاد التماهي معها وعشقها حتى الموت ودفع دمه ثمناً لها، ولكن بالجانب الانجازي الحقوقي الفلسطيني العام لم تنجز السياسة إلا الويلات والدمار.

بين 1967 و1993 تاريخ توقيع اتفاق غزة اريحا صنع عرفات أوحالا في عدد من الدول العربية غاص بها جاراً معه شعبه في ذلك، فمن التجاوز على الأردنيين والأردن والتغطية على أفعال اجرامية وإرهابية وتقدم صفوفها في بعض الحالات مثل خطف الطائرات وتحويل وجهتها الى الأردن والعمل على مصادرة دور الدولة الأردنية لينتهي هذا الفصل في أيلول 1970 بهروب عرفات الذي فر متخفياً بعباءة الشيخ سعد العبدالله الصباح مخلفاً وراءه مقاتليه عرضة للقتل والطرد من الأردن لينقل الرمز عرفات ذات التجربة السوداء بعد ذلك الى لبنان فيصنع له ولشركاءه دولة داخل دولة لبنان متجاوزاً في ذلك على اللبنانيين رئاسة ومؤسسات وشعباً وجيشاً ليختتم الفصل اللبناني أيضا بطرده وعناصره وشركاءه من لبنان برضا وفرح لبناني غامر بعد أن كان اللبنانيين قد استقبلوه خير استقبال حين قدم الى لبنان.

عقب ذلك كان الفلسطينيين ورمزهم في المكان الخاطىء تماماً حين اختاروا الوقوف الى جانب الديكتاتور العراقي البائد صدام حسين ومساندته في غزوه لدولة الكويت وهو ما نتج عنه أكبر الكوارث بحق الفلسطينيين وقضيتهم التي لطالما نالت أغلب الدعم المادي من دول الخليج وخاصة دولة الكويت التي انطلق منها عرفات وأطلق شرارة ثورته وحركته.. كانت الخسارة الفلسطينية قاسية جداً عقب تحرير الكويت حيث طرد أغلب الفلسطينيين الذين كانوا يقيمون في الكويت وهم بمئات الآلاف كان يعاملهم الكويت حكومة وشعباً معاملة خاصة جداً ليتوقف بذلك دعم هؤلاء لقضيتهم ودعمهم لأهلهم في الضفة الغربية وقطاع غزة والأردن ويتحول هؤلاء أنفسهم الى عبىء مادي ومعنوي بعد أن أصبحوا مشردين من جديد.

لم تتوقف مطبات وخطايا الرمز عرفات حتى مماته ومع كل مطب وكل جريمة كان يرتكبها بحق شعبه وقضيته كان يزداد رصيده الشعبي وتترسخ رمزيته أكثر في متوالية مازوشية عصية على الاستيعاب والفهم.. فشل في إدارة المفاوضات مع اسرائيل فصفق له الفلسطينيين ووضع "رجل في البور ورجل في الفلاحة" كما يقولون فصفقوا له أكثر.. لم يكن رجل سلام حقيقي ولا رجل حرب حقيقي فرجل السلام كما نيلسون مانديلا عندما اختار الخيار السلمي كان خيارا نهائيا واستراتيجيا وليس تكتيكيا ومراوغاً أدى فيما أدى اليه الى نصر حقيقي لشعب جنوب افريقيا والى صناعة رمز حقيقي وأزلي على مستوى عالمي وتاريخي تقتدي بها الأجيال الحالية والقادمة في العالم بينما قضى عرفات منبوذاً تقريبا من بعض الأطراف العالمية.

يسجل لعرفات أيضا انه فشل فشلاً ذريعا أو ربما أنه لم يحاول الانتقال من منطق الثورة العصاباتي الى منطق الدولة المؤسساتي فنقل كل أوساخ الثورة وفسادها وشلليتها ومحسوبياتها الى الدولة العتيدة فغابت الدولة وظهرت مكانها ثورة عصابات ترتبط كل خيوطها بالزعيم الرمز.

ستظل ظاهرة الرمز ياسر عرفات أبو عمار في علاقته مع قضيته وشعبه وفي علاقة شعبه معه ستظل عصية على القراءة والإستيعاب حتى يقرر الفلسطينيين أنفسهم إعادة قراءة تاريخهم بعيدا عن سطوة الرمز وكذلك اعادة قراءة تاريخ هذه الرمز وأفعاله حين يمتلكون الجرأة الكافية لفك طلاسم صنمهم الأكبر الذي أودى بنفسه وبهم في مهاوي الردى حيث لا يحسدهم أحد على وضعهم ووضع قضيتهم الحالي.

إن إعادة القراءة الفلسطينية هذه وتفكيك طلاسم الصنم الرمز ليست مهمة فقط للإطلاع على الحقائق التي كان يعيشها ويراها الفلسطيني وينكرها في ذات الوقت، ولكنها مهمة جداً إذا ما كان الفلسطيني مهتم حقاً في تجاوز حاله الحالية الى حال أفضل واستعادة ألق قضية وعدالتها والعمل بعد ذلك على إنجاز حقوقه والوصول الى خاتمة سعيدة للمأساة الفلسطينية.

الى اللقاء



#حسين_ديبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النفاق في الاسلام
- داعش يثرب.. أم الدواعش كلهم
- نعم أنا طائفي ان كانت هذه هي الطائفية
- سوريا..متى ستلتحق الأقليات بقطار الثورة؟
- تحويل أوراق عصابة دمشق الى مفتينا الناتو
- جريمة قتل القذافي
- زوجات بن لادن..أمهات المؤمنين الجدد
- سوريا..لا حل إلا باسقاط النظام
- وحشية النظام السوري..لاتظلموا اسرائيل رجاءا
- سلام على ليل سوريا وصبحها
- وداعا عدلي أبادير...وداعا أيها الفرعوني الأصيل
- فلسطيني سوري..لكنه مسلم وهابي! شكرا محمد المنجد
- بيوت للبيع في الجنة!..
- دفاعا عن فيصل القاسم...
- دعم الارهاب في مملكة بني وهَاب
- فضائح اسلامية...من تايلند مع أطيب التحيات!!..
- مُحمَد مرتداً !!..
- الإجرام باق مادام الإظلام باق!!..
- نعم للاحتلال...ألف لا للإستقلال!!
- سوريا...قصة موت غير معلن


المزيد.....




- مقتل فلسطينية برصاص الجيش الإسرائيلي بعد مزاعم محاولتها طعن ...
- الدفاع المدني في غزة: العثور على أكثر من 300 جثة في مقبرة جم ...
- الأردن: إرادة ملكية بإجراء الانتخابات النيابية هذا العام
- التقرير السنوي لـ-لعفو الدولية-: نشهد شبه انهيار للقانون الد ...
- حملة -شريط جاورجيوس- تشمل 35 دولة هذا العام
- الصين ترسل دفعة من الرواد إلى محطتها المدارية
- ما الذي يفعله السفر جوا برئتيك؟
- بالفيديو .. اندلاع 4 توهجات شمسية في حدث نادر للغاية
- هيئات بحرية: حادث بحري جنوب غربي عدن
- وزارة الصحة في غزة تكشف عن حصيلة جديدة للقتلى والجرحى نتيجة ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - حسين ديبان - الفلسطينيون والصنم عرفات