أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - يوسف شوقي مجدي - قراءة فلسفية للحظات المسيح الاخيرة














المزيد.....

قراءة فلسفية للحظات المسيح الاخيرة


يوسف شوقي مجدي

الحوار المتمدن-العدد: 5491 - 2017 / 4 / 14 - 13:33
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



"نفسي حزينة حتي الموت".. هكذا تحدث المسيح الي تلاميذه قبل الموت بساعات ، و لن نلتفت الان الي البحوث التاريخية العلمية الاكثر عددا التي كتبت عن المسيح ، و التي انهت تقريبا الخلاف علي تاريخية يسوع " historicity of jesus "باعلان وجود شخصية تاريخية حقيقية عاشت في ذلك الزمان تسمي يسوع ، و سنهتم بالجانب النفسي و اعادة رؤية النظر الي حياه المسيح و اعادة تخيل لشخصية ابن الانسان من وجهة نظرنا او وجهة نظر اخرين قد سبق و اقتنعنا بها، و يعتبر ما سنقوم به تشويها للقصة الحقيقية اي كانت ، و التشويه هنا ليس بمعني اضافة اشياء سيئة للقصة ، ولكن هو تشويها بناء ، فما سنزيله من الصورة القديمة ، سنضع مكانه ما يخلق صورة جديدة.
لنعود الي تلك المقولة التي اسلفنا ذكرها ، فنري المسيح الذي قال" تعالوا اليّ يا متعبين و ثاقلي الاحمال و انا اريحكم " ، يصف حالته الي تلاميذه و كأنه يشتكي لهم ، و هاهو الرجل الذي ظن الناس علي مر العصور انه وُلِد من اجل الاخر و له ايضا ، لكننا نري انه في تلك اللحظة يرتد الي ذاته و يتكلم مبتدئا بكلمة " نفسي" و كان المسيح يصلي في ذلك الوقت العصيب حتي لا يجربه الشيطان في لحظة من اشد لحظات ضعفه و تقهقره ، فتلك المرة لن تكون كتلك التي جُرِب فيها علي الجبل عندما كان صائما ، ففي المرة الاولي كان التحدي جسديا و كان التحدي سهلا للغاية بالنسبة له ، و لكن المرة الثانية ، كان الامر نفسيا ، و نحن نعلم مدي تحكم المسيح في جسده ، فعندما كان علي الجبل ، كانت نفسه ملؤها التحدي و الانتصار فانصاع الجسد و لا نقصد هنا بكلمة "انصاع" مقصد انفصال النفس عن الجسد ، و لكن بمعني ان جسد و نفس المسيح كانا متحدين او بمعني اخر لم يكن هناك جسدا او نفس ، و لنعد لحالة المسيح قبل الصلب ، كانت نفسه حزينة لدرجة الموت ، اي كما اثرت روحه المعنوية علي جسده في تجربة الجبل ، هكذا ايضا في جثماني ، حيث تاثر الجسد تاثرا شديدا حتي قارب علي الموت و كانت الدموع تنزل من عينيه كانها قطرات دم ، و كل هذا يدل علي الاتحاد الوثيق بين النفس و الجسد ، و كان التحدي الاخير و الاصعب ، و هو الصليب و لست بالطبع اقصد الالم الجسدي الذي كان الاهون بين جميع تلك الالام التي قاساها ، و بالطبع لا اقصد ما يعرف بالالم الكفاري المزعوم لمغفرة الخطايا .. و لكن ما يعرف بالازمة الوجودية اللحظية ، التي انهالت علي المسيح في اخر لحضاته ، ان الالم الاخير كان بصورة اغواء اي ان الشيطان قد شكل في خيال المسيح علي الصليب صورة الحياة الهانئة الهادئة لرجل في السبعين من عمره ، يلعب من حوله احفاده ، و هو يجلس بينهم يتذكر ايام ريعان شبابه ، و هذا الفرض نري انه منطقي ان يحدث لرجل عاش حياة مثل حياة يسوع ، ولكن قبل ان يحدث الإغواء الأخير ، بالطبع تحدي الوجود ابن الانسان ، فساله ، هل كل ما قمت به من اعمال له معنى ؟! ، هل لكل ذلك اهمية كي يصل بك الحال إلى الجلجثة ؟!.
عاش المسيح حياة ملؤها الهدف والمعنى ، و لكنه قرب النهاية ، صرخ قائلا "الهي الهي لماذا تركتني " ، فالاله الذي كان يرافقه دائما و الذي يرمز الي وجود المعني و الهدف في حياته يتركه في اشد لحظات حياته الما ، و هي لحظاته الاخيرة ، و كأنه يتعجب من ان المعني لم يظهر في الوقت الامثل لظهوره في تلك اللحظات العصيبة ، و لكن اتضح ان الامر لم يكن غريبا ، فكل ذلك كان يمثل التجربة الاخيرة.
ما هو هدف المسيح ؟.. بالتأكيد يتبادر ذلك السؤال الي اذهاننا الان ، و كل ما سبق كان تقديما لذلك السؤال ، و سنجد الاجابة عند هيجل ، لعلك تفاجئت ، فذلك الفيلسوف صاحب السمعة السيئة بسبب كلامه المعقد ، هل نجد عنده اجابة لهذا السؤال؟!
اذا نظرنا لفلسفة هيجل عن "الاخر"او الوعي الذاتي ، سنري انه يقول (و لكن بالطبع باسلوبه المعقد ) انه لكي يعي الانسان نفسه يجب ان يجد شيئا مميزا عنها و هو الاخر ، و عن طريق ذلك "يكتمل" وعي الانسان و وعي الاخر ، و هكذا ايضا تسلك "الفكرة الكلية " عند هيجل ، بما انها تمثل الوعي الكلي لكل الافراد الموجودين ، فلكي تكتمل الفكرة الكلية يجب ان تتجسد في العالم فيتحقق كمال العالم ، و كمال الفكرة ، هكذا ايضا فعل المسيح ، عاش في العالم و مر بكل تحدياته الجسدية و النفسية و الوجودية، و في التحدي الاخير ادرك المسيح مقصد ومغزي التحدي و حينها صرخ قائلا "قد اكمل " ، اي قد انتهت مهمته و تحقق كماله ، و ها هو العالم يسير بخطي بطيئة الي نفس الهدف ، احيانا يسرع و احيانا يتعثر.



#يوسف_شوقي_مجدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين النقد و الانتقاد
- نيتشة و النازية..لنكتشف الحقيقة!
- الاساطير و حقيقة الزمن
- فلسفة الصليب الاجتماعي
- البحث عن بابل الزانية!
- دموع العذراء
- الانتحار..لماذا؟!
- علم الاجتماع المعاصر :نظرية التحديث و نظرية التبعية
- نظرية كانط لتحقيق السلام..2
- نظرية كانط لتحقيق السلام..1
- المعاناة.. المفيدة و الضارة
- الغشاشون العظماء!
- المنهج العلمى و التجربة الدينية بين التشابه و الاختلاف
- القيامة قامت يا عبدوو!
- النضوج فى مواجهة فكرة خطة الله
- الابداع فى مواجهة الاحساس بالذنب
- نشوء فكرة الالهة(4)..نظرة شاملة
- نشوء فكرة الالهة(3)..اطروحة د.سيد القمنى
- نشوء الالهة(2)..نقد الاستنتاج الفرويدى
- نشوء فكرة الالهة(1)..الاستنتاج الفرويدى


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - يوسف شوقي مجدي - قراءة فلسفية للحظات المسيح الاخيرة