أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - 72 المرأة في القرآن 5/8















المزيد.....

72 المرأة في القرآن 5/8


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 5491 - 2017 / 4 / 14 - 12:45
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


72

هذه هي الحلقة الثانية والسبعون من مختارات من مقالات كتبي في نقد الدين، حيث نكون مع المقالات المختارة من الكتاب الثالث «مع القرآن في حوارات متسائلة»، حيث تكون ثمان حلقات تتناول حقيقة موقف القرآن من المرأة، هذه خامستها.
نصوص تبعية المرأة للرجل
كثير من النصوص القرآنية تذكر المرأة، وبعيدا عن القيمة والتفاضل، بصورة تكون فيها تابعة للرجل، وليست كشخصية مستقلة، ولعلها تكاد تكون لم تذكر أصلا على نحو الاستقلال. وهنا نورد أمثلة على ذلك:
«وَقُلنا يا آدَمُ اسكُن أَنتَ وَزَوجُكَ الجنَّةَ، وَكُلا مِنها رَغَداً حَيثُ شِئتُما، وَلا تَقرَبا هذه الشَّجَرَةَ فَتَكونا مِنَ الظّالِمينَ.» (35)
بينما كان بالإمكان أن يكون الخطاب بهذا النص: (وَقُلنا يا آدَمُ ويا حَوّاءُ [أو: وَقُلنا لآدَمَ وَحَوّاءَ] اسكُنَا الجنَّةَ وَكُلا مِنها رَغَداً حَيثُ شِئتُما وَلاَ تَقرَبا هذه الشَّجَرَةَ فَتَكونا مِنَ الظّالِمينَ).
«أُحِلَّ لَكُم لَيلَةَ الصّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسَائِكُم، هُنَّ لِباسٌ لَّكُم وَأَنتُم لِباسٌ لَّهُنَّ، عَلِمَ اللهُ أَنَّكُم كُنتُم تَختانونَ أَنفُسَكُم فَتابَ عَلَيكُم وَعَفا عَنكُم، فَالآنَ باشِروهُنَّ.» (2 البقرة 187)
«وَلا تَنكِحُوا المُشرِكاتِ حَتَّى يُؤمِنَّ، وَلأَمَةٌ مُّؤمِنَةٌ خَيرٌ مِّن مُّشرِكَةٍ وَلَو أَعجَبَتكُم، وَلا تُنكِحُوا المُشِرِكينَ حَتَّى يُؤمِنوا، وَلَعَبدٌ مُّؤمِنٌ خَيرٌ مِّن مُّشرِكٍ وَّلَو أَعجَبَكُم، أُولـاـئِكَ يَدعونَ إِلَى النّارِ وَاللهُ يَدعو إِلَى الجنَّةِ وَالمَغفِرَةِ بِإِذنِهِ، وَيُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنّاسِ لَعَلَّهُم يَتَذَكَّرونَ. وَيَسأَلونَكَ عَنِ المَحيضِ قُل هُوَ أَذًى فَاعتَزِلُوا النِّساءَ فِي المَحيضِ وَلا تَقرَبوهُنَّ حَتّى يَطهُرنَ، فَإِذا تَطَهَّرنَ فَأتوهُنَّ مِن حَيثُ أَمَرَكُمُ اللهُ، إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوّابينَ وَيُحِبُّ المُتَطَهِّرينَ. نِسَاؤُكُم حَرثٌ لَّكُم فَأتوا حَرثَكُم أَنَّى شِئتُم، وَقَدِّموا لأَنفُسِكُم وَاتَّقُوا اللهَ وَاعلَموا أَنَّكُم مُّلاَقوهُ، وَبَشِّرِ المُؤمِنينَ.» (2 البقرة 221 - 223)
لو كان الذي ألف القرآن يؤمن بالمرأة كشخصية مستقلة، وليست تابعة للرجل، بل تقف معه على قدم المساواة والتكافؤ، لصاغ النص أعلاه على النحو الآتي: (وَلا يَنكِحِ المُؤمِنونَ المُشرِكاتِ حَتَّى يُؤمِنَّ، وَلأَمَةٌ مُّؤمِنَةٌ خَيرٌ مِّن مُّشرِكَةٍ وَلَو أَعجَبَتكُم، وَلا تُنكِحِ المُؤمِناتُ المُشِرِكينَ أَنفُسَهُنَّ حَتَّى يُؤمِنوا، وَلَعَبدٌ مُّؤمِنٌ خَيرٌ مِّن مُّشرِكٍ وَّلَو أَعجَبَكُنَّ). ثم فيما يتعلق الأمر بالمحيض، فكان من الممكن أن تخاطَب النساء بقول: (وَيَسأَلونَكَ عَنِ المَحيضِ قُل هُوَ أَذًى، فَلا تَدَعِ النّساءُ بُعولَتَهُنَّ يَقرَبونَهُنَّ فِي المَحيضِ حَتّى يَطهُرنَ، فَإِذا تَطَهَّرنَ فَليَأتُنَّهُم وَليأتوهُنَّ مِن حَيثُ أَمَرَهُمُ اللهُ، إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوّابينَ وَيُحِبُّ المُتَطَهِّرينَ). أو (فَيا أَيَّتُهَا المُؤمِناتُ لا يَقرَبُنَّكُنَّ بُعولَتُكُنَّ فِي المَحيضِ حَتّى تَطهُرنَ، فَإِذا تَطَهَّرتُنَّ فَأتُنَّهُم أَو فَليَأتُنَّكُم مِن حَيثُ أَمَرَهُمُ اللهُ، إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوّابينَ وَيُحِبُّ المُتَطَهِّرينَ). أو أن تكون البداية (وَيَسأَلنَكَ عَن المَحيضِ فَقُل لَّهُنَّ ...). لكن النصوص القرآنية واضحة في عدّ المرأة تابعة للرجل، وليست مستقلة، متساوية ومتكافئة وإياه. وكذلك كان سيصوغ الآية حول الممارسة الجنسية في شهر رمضان على النحو الآتي: (أُحِلَّ لِلرِّجالِ مِنكُم لَيلَةَ الصّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسَائِهِم [أو: أَزواجِهِم]، وأُحِلَّ لِلنِّساءِ مِنكُم لَيلَةَ الصّيامِ الرَّفَثُ إِلى رِجالِهِنَّ [أو: أَزواجِهِنَّ]، هُنَّ لِباسٌ لَّهُم وَهُم لِباسٌ لَّهُنَّ ...)، فيكون الخطاب متكافئا.
«وَيا آدَمُ اسكُن أَنتَ وَزَوجُكَ الجنَّةَ فَكُلا مِن حَيثُ شِئتُما، وَلا تَقرَبا هذه الشَّجَرَةَ فَتَكونا مِنَ الظّالِمينَ. (7 الأعراف 19)
لِمَ لَم يكن النص: (وَيا آدَمُ وَحَوّاءُ اسكُنَا الجنَّةَ فَكُلا مِن حَيثُ شِئتُما وَلا تَقرَبا هذه الشَّجَرَةَ ...)
«يا بَني آدَمَ لاَ يَفتِنَنَّكُمُ الشَّيطانُ كَما أَخرَجَ أَبَوَيكُم مِّنَ الجنَّةِ يَنزِعُ عَنهُما لِباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوءاتِهِما، إِنَّهُ يَراكُم هُوَ وَقَبيلُهُ مِن حَيثُ لاَ تَرَونَهُم، إِنّا جَعَلنَا الشَّياطينَ أَولِياءَ لِلَّذينَ لاَ يُؤمِنونَ.» (7 الأعراف 27)
ولِمَ لَم يكن هذا النص هكذا: (يا بَني آدَمَ وَحَوّاءَ لاَ يَفتِنَنَّكُمُ الشَّيطانُ كَما أَخرَجَ أَبَوَيكُم مِّنَ الجنَّةِ ...)، أو ربما: (يا بَني آدَمَ وَيا بَناتِ حَوّاءَ...) أو لعله (يا بَني آدَمَ وَحَوّاءَ وَبَناتِهِما ...). ثم ولتكرار ذكر (آدم وزوجه) في القرآن، والتي لم تذكر بالاسم، لو كانت قد ذكرت باسمها، ثم قُدِّم تارة آدم على حواء، وقُدِّمت تارة أخرى هي عليه، لتأكدنا أن القرآن حقيقة لا يميز بين الذكر والأنثى، إلا بالتقوى، والاستقامة، والصلاح، والإحسان، والبر، والإنسانية. وهكذا لو جاء القرآن مرة بذكر (المؤمنات) قبل (المؤمنين)، كأن يقول: (وَالمُؤمِناتُ وَالمُؤمِنونَ بَعضُهُم أَولِياءُ بَعضٍ)، لسنَّ سُنة جديدة، كما سنَّ سُننا أخرى لم تكن موجودة قبله، وذلك بأن ليس من البديهي تقديم الذكور على الإناث، بل يمكن أن يُقدَمّوا عليهنَّ تارةً، ويُقدَّمنَ عليهم أخرى، تأكيدا وترسيخا لمبدأ المساواة.
«هُوَ الَّذي خَلَقَكُم مِّن نَّفسٍ وّاحِدَةٍ، وَّجَعَلَ مِنها زَوجَها لِيَسكُنَ إِلَيها، فَلَمّا تَغَشّاها حَمَلَت حَملًا خَفيفًا فَمَرَّت بِهِ، فَلَمّا أَثقَلَت دَّعَوَا اللهَ رَبَّهُما لَئِن آتَيتَنا صالحاً لَّنَكونَنَّ مِنَ الشّاكِرينَ.» (7 الأعراف 189)
لماذا لم يكن الدعاء «لَئِن آتَيتَنا صالحا أَو صالحةً ...». ثم لكون قصة الخلق في الأديان الإبراهيمية تفترض أن الإنسان الأول الذي خلقه الله هو آدم (الإنسان الذكر)، ومن ثم خلق منه حواء، ولكون كما كررنا مصطلح الزوج حسب عربية القرآن، وهي عربية عصر ظهور الإسلام، يعني غالبا (الزوجة) حسب العربية المعاصرة، فتعني الآية هنا على الأرجح إن الله خلق آدم الذكر، ثم خلق تبعا له من نفسه أنثاه حواء. ثم قول «فَلَمّا تَغَشّاها ...»، يدل بشكل واضح إن المقصود بـ (النفس الواحدة) هنا، والتي خلق الله منها سائر الناس، هو الرجل، ثم خلق من هذه (النفس الواحدة)، أي من الرجل، زوجها، أي زوجته، فلما «تَغَشّاها»، أي ضاجعها، «حَمَلَت» منه؛ كل هذا يؤكد أصالة الذكورة فيما يتعلق الأمر بخلق الله للإنسان، وهذا ما يؤكده أيضا النصان التاليان أدناه:
«خَلَقَكُم مِّن نَّفسٍ وّاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنها زَوجَها ...» (39 الزمر 6)
«وَمِن آياتِهِ أَن خَلَقَ لَكُم مِّن أَنفُسِكُم أَزواجًا لِّتَسكُنوا إِلَيها وَجَعَلَ بَينَكُم مَّوَدَّةً وَّرَحمَةً، إِنَّ في ذالِكَ لَآياتٍ لِّقَومٍ يَّتَفَكَّرونَ.» (30 الروم 21)
لكن من أجل توخي الموضوعية والإنصاف أقول، لا يبعد أن يكون فهمي هو الصحيح يوم كنت داعية إسلاميا، وأمارس تقديم المحاضرات الدينية، التي لم تخلُ من ثمة تفسير للقرآن، بطريقة التفسير الاستيحائي، الذي وجدت أحد كبار المفسرين (محمد حسين فضل الله) يعتمده في تفسيره (من وحي القرآن)، ألا هو إن خطاب «خَلَقَ لَكُم مِّن أَنفُسِكُم» موجه هنا إلى الناس ذكورا وإناثا، وأن الله خلق لنا من أنفسنا، من ذكورنا وإناثنا، «أَزواجًا» من الإناث لذكورنا، ومن الذكور «أَزواجًا» لإناثنا، ليسكن الزوج إلى زوجته (أو زوجه بلغة القرآن)، وتسكن الزوجة إلى زوجها (أو بعلها بلغة العرب آنذاك)، وجعل بينهما «مَوَدَّةً وَّرَحمَةً». لكن الأرجح في تفسير هذه الآية وغيرها، هو إن مصطلح (الزوج) يعني الزوجة، وجمعها (الأزواج)، يعني الزوجات. نعم لو كان هذا النص وحده الذي نستدل به على تبعية المرأة للرجل في أدب القرآن، لقلنا أنه دليل ضعيف، لأنه لا يرقى إلى ما فوق الاحتمال والظن، ولكننا قد اطلّعنا على كل هذا الكمّ من الآيات والنصوص القرآنية، التي تفضل الرجل على المرأة، وتمنحه من الصلاحيات، ما لم تمنحه لها، وتجعله هو الأصل، والمرأة تابعة ملحقة به.

نصوص مخاطبة المرأة من خلال الرجل
نجد في القرآن عندما يتحدث الله القرآني عن الناس ذكورا وإناثا، أو يتحدث عن الذكور أي الرجال فقط، نراه تارة يتحدث عنهم بالضمير الثالث، وتارة يخاطبهم مباشرة بالضمير الثاني، ولكن من الصعب أن أفهم - إذا كان القرآن يمثل خطاب الله - لماذا يوجه الله خطابه إلى النساء، من أوامر، ونواهيَ، ومواعظ، أو إخبار عن أحوالهن، عبر الرجال، باستثناء مرة واحدة خاطب بها نساء النبي، حيث اختصهن بذلك دون سائر النساء، ولمرة واحدة فقط وفقط. بينما نجد القرآن مليئا ومكتضا بالخطاب الموجه بالضمير الثاني إلى الرجال بـ (يا أيها المؤمنون)، أو (يا أيها الذين آمنوا)، أو (يا أيها الناس)، أو (يا بني آدم)، أو (يا بني إسرائيل)، أو (يا أيها أهل الكتاب)، ثم يوصل من خلالهم إلى النساء ما يريده ربهن منهن. هذا يذكرني بطريقة مخاطبة المتدينين للنساء، حيث إنهم لا ينظرون إلى وجه المرأة، بل يُنكسون عيونهم إلى أسفل، أو يشحّون بوجوههم جانبا، ويجعلون نظراتهم تتوجه إلى وجهة أخرى، وهكذا تفعل المتدينة عندما تخاطب الرجل، ثم يبالغ الكثير من الرجال المتدينين، من الشيعة بشكل خاص، إلى درجة أنهم يتحرجون من استخدام ضمير المخاطب المؤنث (أنتِ)، بل يستخدمون الضمير المذكر جمعا (أنتم)، وكأن حتى ضمير التأنيث عورة، وهكذا عندما يتحدث متدين عن زوجته، لا يقول لصديقه (زوجتي كلمتني على الهاتف) مثلا، بل يقول (الأهل كلموني)، فيُذكّر ويَجمَع، لأن الضمير (هِيَ) الذي يعني (زوجتي) يُعَدّ ربما عورة. فهل من المعقول إن الله باعتباره (ذكرا) - تعالى علوا كبيرا عن ذلك -، ولهذا السبب، هو الآخر - جلّ عن ذلك - لا يخاطب النساء، اللاتي هو الذي خلقهن بشكل مباشر، بل عبر الرجال، بل يجعلهن يتحجبن، عندما يقفن مصليات بين يديه. والآن مع عدد من النصوص التي تخاطب النساء عبر الرجال، وليس بشكل مباشر.
«وَقُلنا يا آدَمُ اسكُن أَنتَ وَزَوجُكَ الجنَّةَ وَكُلا مِنها رَغَدًا حَيثُ شِئتُما وَلا تَقرَبا هذه الشَّجَرَةَ فَتَكونا مِنَ الظّالِمينَ.» (2 البقرة 35)
بينما المساواة تتطلب أن يكون النص كالآتي: (وَقُلنا يا آدَمُ وَحَوّاءُ اسكُنَا الجنَّةَ وَكُلا مِنها رَغَدًا حَيثُ شِئتُما وَلا تَقرَبا هذه الشَّجَرَةَ فَتَكونا مِنَ الظّالِمينَ).
«أُحِلَّ لَكُم لَيلَةَ الصّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسَائِكُم؛ هُنَّ لِباسٌ لَّكُم وَأَنتُم لِباسٌ لَّهُنَّ، عَلِمَ اللهُ أَنَّكُم كُنتُم تَختانونَ أَنفُسَكُم فَتابَ عَلَيكُم وَعَفا عَنكُم فَالآنَ باشِروهُنَّ.» (2 البقرة 187)
بينما تتطلب المساواة أن يكون النص كالآتي: (أُحِلَّ لِلرِّجالِ مِنكُم لَيلَةَ الصّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسَائِهِم [أو أَزواجِهِم]، وَلِلنِّساءِ الرَّفَثُ إِلى رِجالِهِنَّ [أو بُعولَتِهِنَّ أو أَزواجِهِنَّ]، هُنَّ لِباسٌ لَّهُم وَهُم لِباسٌ لَّهُنَّ، عَلِمَ اللهُ أَنَّكُم كُنتُم تَختانونَ أَنفُسَكُم فَتابَ عَلَيكُم وَعَفا عَنكُم، فالآنَ لِيُباشِرِ الرِّجالُ أَزواجَهُم وَالنِّساءُ بُعولَتَهُنَّ.)
«وَلا تَنكِحُوا المُشرِكاتِ حَتَّى يُؤمِنَّ، وَلأَمَةٌ مُّؤمِنَةٌ خَيرٌ مِّن مُّشرِكَةٍ وَّلَو أَعجَبَتكُم، وَلا تُنكِحُوا المُشِرِكينَ حَتّى يُؤمِنوا، وَلَعَبدٌ مُّؤمِنٌ خَيرٌ مِّن مُّشرِكٍ وَّلَو أَعجَبَكُم ...» (2 البقرة 221)
في البداية علينا توضيح بعض المفردات: «لا تَنكِحُوا المُشرِكاتِ حَتَّى يُؤمِنَّ» يعني (أيها الرجال المسلمون لا تتزوجوا النساء المشركات ما لم يُسلِمنَ)، و«لاَ تُنكِحُوا المُشِرِكينَ حَتّى يُؤمِنوا» يعني (أيها الرجال المسلمون لا تزوجوا بناتكم أو أخواتكم أو غيرهن من النساء المسلمات للرجال المشركين ما لم يُسلِموا). فالنكاح الذي يعني بالأصل الجماع، أي العملية الجنسية، استُخدِم بمعنى الزواج، اختزالا للعلاقة الزوجية بالعملية الجنسية، فيما كان عرب ما قبل الإسلام يستخدمونه حسب الظاهر، فاستعاره الإسلام دون ابتكار مصطلح جديد، ليعطي للزواج معنى أوسع من كونه مجرد نكاح وجماع وجنس، مع أهميته، كما فعل في الكثير من الأمور، كابتكاره لتحية خاصة بعبارة (السلام عليكم)، وجوابه (عليكم السلام)، مع الإضافات المعروفة. وليس هذا ما يهمنا هنا، بل ذكرته عَرَضا، إنما الذي أردت قوله إن الفعل الثلاثي للجذر (ن.ك.ح) أي (نَكَحَ، يَنكَحُ، نِكاحاً) يعني فيما يعني (تَزَوَّجَ، يَتَزَوَّجُ، زِواجاً)، والفعل الرباعي (أَنكَحَ، يُنكِحُ، إنكاحاً) يعني بنفس الاستخدام (زوّج، يُزوِّجُ، تزويجا). فالرجال الذين الذين يريدون هم أن يتزوجوا يُخاطَبون من الله القرآني خطاباً مباشراً فيما يتعلق الأمر بهم أنفسهم، ثم يُخاطَبون ثانية فيما يتعلق الأمر بالنساء اللاتي يُزّوَّجنَ (لا اللاتي يتزوجن)، فإرادتهن ليست بأيديهن، بل بأيدي أولياء أمورهن من الرجال، ثم هنَّ لا يُخاطَبنَ من قبل ربهن الله خطابا مباشرا، بل إن الله القرآني كأنه يستنكف من مخاطبة النساء، كما تفرضه العقلية القبلية، أو هل أقول (يستحرم) أو كما يُعبَّر (يستشكل شرعا)، كما تفرضه العقلية التدينية، أن يوجه خطابه إلى النساء بشكل مباشر، تعالى الله علوا كبيرا، وتسامى سموا بالغا، وتنزه تنزها متناهيا.
«وَيَسأَلونَكَ عَنِ المَحيضِ قُل هُوَ أَذًى فاعتَزِلُوا النِّساءَ فِي المَحيضِ وَلاَ تَقرَبوهُنَّ حَتّى يَطهُرنَ، فَإِذا تَطَهَّرنَ فَأتوهُنَّ مِن حَيثُ أَمَرَكُمُ اللهُ، إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوّابينَ وَيُحِبُّ المُتَطَهِّرينَ.» (2 البقرة 222)
وهنا أيضا لا تخاطَب النساء خطابا مباشرا في أن يتجنبن الممارسة الجنسية مع أزواجهن أثناء الحيض، أو ألا يدعن أزواجهن يقربونهن جنسيا، إلا ما استثني فيه الإدخال.
«نِسَاؤُكُم حَرثٌ لَّكُم فَأتوا حَرثَكُم أَنّى شِئتُم، وَقَدِّموا لأَنفُسِكُم وَاتَّقُوا اللهَ وَاعلَموا أَنَّكُم مُّلاَقوهُ وَبَشِّرِ المُؤمِنينَ.» (2 البقرة 223)
تحدث القرآن عن ماهية المرأة بالنسبة للرجل، على سبيل المثال هنا كونها حرثا، فهي مزرعته، وبقطع النظر عن الرأي في هذا التوصيف، ولم يتحدث القرآن عن ماهية الرجل بالنسبة للمرأة، إلا كونه قوّاما عليها، وكونه قد فضله الله عليها، أو كونه ذا درجة عليها، وما عدا ذلك الوصف الجميل بماهية كل منهما للآخر في كونها لباسا له، وكونه لباسا لها، ولكن حتى في هذا التوصيف كان الخطاب موجها للرجل «هُنَّ لِباسٌ لَّكُم وَأَنتُم لِباسٌ لَّهُنَّ».
«وَالَّذينَ يُتَوَفَّونَ مِنكُم وَيَذَرونَ أَزواجًا يَّتَرَبَّصنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَربَعَةَ أَشهُرٍ وَّعَشرًا، فَإِذا بَلَغنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَيكُم فيما فَعَلنَ في أَنفُسِهِنَّ بِالمَعروفِ، وَاللهُ بِما تَعمَلونَ خَبيرٌ.» (2 البقرة 234)
وهنا أيضا، حيث القضية تتعلق بالنساء بدرجة أساسية، عندما يتأرملن بوفاة أزواجهن أو بعولتهن حسب عربية القرآن. لِمَ لَم يكن النص مثلا: (وَاللّاتي يُتَوَفّى بُعولَتُهُنَّ يَّتَرَبَّصنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَربَعَةَ أَشهُرٍ وَّعَشرًا، فَإِذا بَلَغنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَيهِنَّ فيما فَعَلنَ في أَنفُسِهِنَّ بِالمَعروفِ ...)؟ أو ربما (يا أَيَّتُهِا اللّاتي آمَنَّ مَن يُتَوَفّى مِنكُنَّ بُعولَتُهُنَّ يَّتَرَبَّصنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَربَعَةَ أَشهُرٍ وَّعَشرًا، فَإِذا بَلَغنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَيهِنَّ فيما فَعَلنَ في أَنفُسِهِنَّ بِالمَعروفِ ...)؟ خاصة وإن الأزواج من الرجال سيكونون متوفَّين، فلا معنى لأن يخاطبوا بحكم، معنية به زوجاتهم، وليسوا هم الذين يكونون قد انتقلوا إلى عالم الآخرة، مما يجعلهم غير قادرين على إلزام أرملاتهم بهذا الحكم.

وإلى الحلقة السادسة، ثم الحلقتان التاليتان، من بحث المرأة في القرآن.



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 71 المرأة في القرآن 4/8
- 70 المرأة في القرآن 3/8
- 69 المرأة في القرآن 2/8
- 68 المرأة في القرآن 1/8
- 67 القتال في القرآن 6/6
- 66 القتال في القرآن 5/6
- 65 القتال في القرآن 4/6
- 64 القتال في القرآن 3/6
- 63 القتال في القرآن 2/6
- 62 القتال في القرآن 1/6
- 61 «الذين آمنوا» و«الذين كفروا» في القرآن 5/5
- 60 «الذين آمنوا» و«الذين كفروا» في القرآن 4/5
- 59 «الذين آمنوا» و«الذين كفروا» في القرآن 3/5
- 58 «الذين آمنوا» و«الذين كفروا» في القرآن 2/5
- 57 «الذين آمنوا» و«الذين كفروا» في القرآن 1/5
- 56 كأني بالقرآن يتحدث عني وانتصار الفنان على الراهب
- 55 تنقيح سورة الفاتحة دليل على بشريتها
- 54 المحكم والمتشابه كدليل على بشرية القرآن
- 53 قراءات أخرى لنصوص القرآن
- 52 آدم وحواء وتحدي القرآن


المزيد.....




- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - 72 المرأة في القرآن 5/8