أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعيد مضيه - بلفور تجريف همجي-4















المزيد.....

بلفور تجريف همجي-4


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 5490 - 2017 / 4 / 13 - 10:35
المحور: القضية الفلسطينية
    


مصدات تهاوت
بلفور تجريف همجي -4
رياح الكولنيالية لتي هبت على المنطقة على مشارف القرن الماضي اشبه بالصبوة حرقت البراعم المتفتحة وحالت دون التطور المستقل للأفكار التنويرية االمستيقظة على فجر لاحت تباشيره. من اوائل المنورين في فلسطين،روحي الخالدي أرقه، مثل بقية المنورين، الاستيطان اليهودي. كان محور تشاطه كنائب في مجلس المبعوثان، كما اجرى دراسة ميدانية استوفت شروط البحث الموضوعي والمنور: عنوان الدراسة «مقدمة في مسألة الزيونيزم »، وهي وثيقة تاريخية، انتهى الكاتب من خطوطها العامة في العام 1912م. جاءت الدراسة نتيجة معاينات ميدانية وثقافة سياسية عميقة. فقد استثمر كاتبها عضويته في مجلس المبعوثان وطاف بالمستوطنات. تجلت المنهجية العلمية الصارمة في بحث روحي الخالدي، وهو أول دراسة أكاديمية بالعربية عن الحركة الصهيونية: الأسباب والدوافع التي أدت إلى قيام الحركة الصهيونية في القرن العشرين، وفي علاقة اليهود الدينية بفلسطين، وعلاقتهم بالعرب والدول الإسلامية على مر العصور، وفي مداولات المؤتمرات الصهيونية وقراراتها، بدءاً بالمؤتمر الأول، وفي المؤسسات الصهيونية واليهودية في فلسطين. لم يتهرب من الحقائق ، شان من أعقبوه في مقاربة الاستيطان الصهيوني. استند إلى المعلومات المثبتة. أسسوا بنكاً باسم بنك الاستعمار اليهودي، لاستلام إعانات شهرية. وتناول مسألة مستعمرات اليهود وجمعياتهم وتدريباتهم العسكرية، ومحاكم وإدارة ذاتية. وذكر أيضا التحضيرات التي أعدها الصهاينة تمهيدا لإقامة الدولة، كما أتى على ذكر مدارسهم الراقية والأموال الطائلة التي يجمعونها كي ينفقوها على مشاريعهم الاستيطانية، وكلها موثقة. "وكلاء الإدارة العثمانية يبذرون ويسرقون، والمستعمرون يعيشون عيشة الترف والقصف". في مقابل الفلاح الفلسطيني المغتصب تقف، كما يشير الخالدي، "مزارع يهودية فيها آلات زراعية من الطراز الأوروبي الجديد ومدارس وأطباء وجمعيات صهيونية منظمة"...
كان ينوي تنقيحها والتدقيق في ارقامها ؛ لكن عاجله الموت عام 1913..
تطرق إلى الصحافة التي حظيت بأهمية كبيرة لدى مؤسسي الحركة الصهيونية.كانوا في صحفهم يستخدمون كتبة من غير اليهود ’لكي لا يسيء الناس الظن بهم، عند دفاعهم عن المصالح الصهيونية‘". خصّ الصحف الناطقة بالعربية: "استعملوا هذه الواسطة مع بعض الجرائد السورية كجريدة النصير الصادرة في بيروت وجريدة النفير في القدس وجريدة الأخبار في يافا وغيرها. فإذا نشرت مقالة في جريدة النصير مثلا نقلتها جريدة "جون ترك" في الحال. وأوهمت القارئ أن الدفاع (عن الصهيونية) جاء في صحيفة سورية معتبرة".
حُجِبت الدراسة عند جمعية صهيونية حتى العام 1997، فلم يستفد اللاحقون من خبرة باحث التقط مخاطر المشروع الصهيوني قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى وصدور (وعد بلفور) وافتضاح أمر اتفاقات (سايكس _ بيكو). حذر، من خلاصة اطلاعاته، اننا ذاهبون إلى كارثة إن استمر الحال على ما هو عليه؛ فقدان الوثيقة اضاع الفرصة على الباحثين اللاحقين كي يستلهموا منهجية علمية لباحث متمرس وموضوعي وغزير الثقافة.
مقابل هذا التوجه الموضوعي ، أهدرت الزعامات القومية الفلسطينية ، وكلهم زعماء عشائر تطفلوا على النشاط الوطني بغير دراية او وعي بحقيقة مخاطر الغزو الاستيطاني ودعامته الانتداب البريطاني، اهدرت تلك الزعامات عقدا كاملا من الزمن تلوذ برحاب المندوب السامي وتتغني بديمقراطية بريطانيا .. تلومها من منطلق أخلاقي منافق. حقا امتنع مثقف مثل خليل السكاكيني عن العمل في التعليم احتجاجا على تولي الصهيوني هربرت صمويل منصب المندوب السامي. واضرب في ثلاثينات القرن الماضي عن التعاون مع الإذاعة لدى سماع مذيع يهودي يقول بالعبرية هنا أرض إسرائيل. لم يعد السكاكيني لإلقاء كلماته بالإذاعة إلا بعد تلقي وعد من إدارة المندوب بعدم ذكر العبارة.
حدث نفور بين المثقفين، امثال خليل السكاكيني وخليل بيدس ونجيب نصار وإسعاف النشاشيبي وبندلي الجوزي واليساريين أمثال حمدي الحسيني والحزب الشيوعي، وبين الحركة القومية، التي هادنت الانتداب متوهمة استمالته للوقوف ضد الهجرة والاستيطان الصهيونيين. حتى لقد بلغ الإسفاف بالعناصر القومية أن راحوا يحذرون المندوب السامي من خطر الشيوعية الوافد حسب زعمهم مع الهجرة اليهودية. التباسات السياسة دشنت مرحلة من القطيعة بين السياسة والثقافة في النشاط الوطني الفلسطيني ، لم يجسره غير تشكل عصبة التحرر الوطني,
مع فرض الانتداب على فلسطين برزت المقاومة الفلسطينية على شكل مؤتمرات عقدتها الجمعيات المسيحية الإسلامية. تشكلت الجمعيات الإسلامية المسيحية في معظم مدن فلسطين بدعوة من شيخ الصحفيين الفلسطينيين، نجيب نصار، صاحب الكرمل التي كانت تصدر في حيفا. انتخبت الجمعيات في مؤتمراتها لجنة تنفيذية ظلت تواصل النشاط الوطني حتى عام 1934. اضطرت الزعامات التقليدية لمجاراة الضغط الشعبي. حدثت انتفاضة البراق عام 1929، وفي 15 نيسان1930 هاج الرأي العام بعد ان أحضرت سلطات الانتداب شاحنات لتهجير عرب وادي الحوارث من ديارهم على ساحل المتوسط وتسليمها الى المستوطنين. كان الشيخ عز الدين القسام يخطب في جامع الاستقلال بحيفا محذرا من مخاطر الهجرة اليهودية واستيطان اليهود بمختلف أرجاء البلاد. شرعت اللجنة التنفيذية تنظم المظاهرات في عدة مدن؛ في إحداها أصيب عام 1933 رئيس اللجنة التنفيذية، كاظم الحسيني ، وتوفي متأثرا بجراحه عام 1934.
أخذت تظهر حركات مثل الكف الأخضر، وحركة قادها أبو جلدة ( أحمد المحمود) وصديقه العرميط .في ظروف انتهازية القوى الرئيسة تكثر المبادرات الفردية المتناثرة كلإرهاصات نشاط ثوري. اعتقلا واعدما شنقا في 30 نيسان 1934بتهمة الشقاوة وقطع الطرق. وأفاد عن حقيقتهما مع انصارهما ، كمناضلين وطنيين، الكاتب اليساري نجاتي صدقي ، الذي التقى بهما في معتقل المسكوبية وتعرف على مواقفهما النضالية.
بانتهاء عمل اللجنة التنفيذية تشكلت في العام 1935، أحزاب أبرزها اثنان :
1-حزب الدفاع برئاسة راغب النشاشيبي.اطلق عليه الاسم حزب البلديات لأن معظم أعضاء لجنته المركزية رؤساء بلديات.لم يعلن موقفا من تأسيس وطن قومي بفلسطين؛ ولم يعلن عن موقف من الصهيونية.
2- وردا عليه تداعى ألف وخمسمائة من رؤساء العشائر والمثقفين للاجتماع بفندق الأوقاف بالقدس يوم 17 آذار 1935 وانتخبوا جمال الحسيني رئيسا للحزب العربي.عارض سياسات الانتداب والمشروع الصهيوني ، لكن اصابته عدوى العداء لليسار الفلسطيني.
تشكلت اللجنة العربية العليا شارك في قيادتها راغب النشاشيبي ويعقوب فراج. استقالا احتجاجا على هيمنة الحسيني على القيادة.
تحدى فخري النشاشيبي الثورة والحاج امين الحسيني وبعث رسالة إلى المندوب السامي يعلن موافقته على خطة بريطانيا بما في ذلك إنشاء وطن قومي يهودي بفلسطين وذلك بحجة تجنيب الشعب الفلسطيني المآسي. وبرعاية بريطانية شكل فخري كتائب السلام لمقاومة ثورة 1936-39 وشكل روابط القرى للتعاون مع الانتداب.
أتاح المستوى المتدني نسبيا لتكنولوجيا السلاح استعصاء الكفاح المسلح لسنوات على الجبال وفي الكهوف. الطرق المعبدة لم تصل الأرياف مما اضطر الدوريات العسكرية مطاردة الثوار فوق الخيول . لم تدخل الخدمة الحوامات تهبط فوق أي بقعة وتصلها خلال دقائق. ولم تدخل أجهزة تصنت وتجسس عالية التقنية، تخطف المقاوم لحظة تفكيره الانخراط في النشاط بدون خبرة متوارثة. وكانت ادوات القتل والتدمير محدودة القوة.
انتقل الشيخ عز الدين القسام من التحريض إلى العمل وأعلن الكفاح المسلح من أحراش يعبد يوم 20 تشرين ثاني / نوفمبر 1935، حيث استشهد في نفس اليوم فألهب استشهاده ارجاء فلسطين وانتفض الوجدان الجمعي يطلب السير على درب الشهيد. وفي 20نيسان1936 أعلن الإضراب العام في عموم فلسطين دام ستة أشهر كان بمثابة عصيان مدني وتطور إلى ثورة مسلحة قمعتها القوات البريطانية بالتعاون مع وحدات الهاغاناه الصهيونية.
في عرض قدمه الكاتب البريطاني، روبرت فيسك، لكتاب الصحفي الإيرلندي ديفيد كرونين، المقيم في بروكسل " ظل بلفور : قرن من الدعم البريطاني لإسرائيل" ، أشار إلى أن آرثور واتشوب،(لمندوب السامي البريطاني تسلم منصبه عام 1931) كتب في مذكراته " الموضوع الذي يشغل عقول الفلسطينيين اليوم هو... الرعب من زمن قادم يغلبون على امرهم ويكابدون بينما اليهود يهيمنون على كل مجالات الأرض والتجارة والحياة السياسية". كم كان مصيبا، يقول فيسك.
اعتبرت الحركة الشيوعية العالمية ممثلة في الأممية الثالثة، هبة البراق وثورة الثلاثينات رد فعل شعبي ضد الاستعمار البريطاني والمشروع الكولنيالي الصهيوني. طالبت الأممية الثالثة برحيل الاستعمار البريطاني وتشكيل دولة فلسطينية ديمقراطية لجميع سكانها.
تشكلت عصبة التحرر الوطني في فلسطين في كانون ثاني 1943 ، أثناء الحرب العالمية الثانية، واعلنت استرشادها بالفكر الماركسي. ان ربط القضية الوطنية بالفكر الماركسي ورؤيته الديالكتيكية يضوي درب النضال ويرشده، خاصة في ظروف معقدة للنضال الوطني التحرري الفلسطيني مع الغزو الاستيطاني الصهيوني. لم تدرك قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية التغيّرات العميقة التي راحت تتولد عن الحرب، والتي حوّلت المستوطنين اليهود في فلسطين إلى قوة سكانية وسياسية واقتصادية كبيرة، وخلقت أجواء من التعاطف الدولي الواسع معهم، لاسيما بعد المذابح الجماعية التي صار يتعرض لها يهود أوروبا على أيدي النازية. كما لم تتنبّه إلى خطورة التوجه الذي أُقرّ في مؤتمر الصهيونيين بفندق بالتيمور في الولايات المتحدة، في أيار 1942، لإقامة دولة يهودية في فلسطين تكون جزءاً عضوياً من " العالم الديمقراطي الجديد "، وهو التوجه الذي صادق عليه المجلس العام للمنظمة الصهيونية العالمية، في تشرين الثاني من العام نفسه، وكان إيذاناً ببدء وقوع الحركة الصهيونية تحت هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية.
حاولت العصبة رسم حدود واضحة بين الصهيونية، من جهة، والسكان اليهود في فلسطين. لدى قيامها، جابهت عصبة التحرر الوطني مشكلة وجود أكثر من 600000 يهودي على أرض فلسطين. كانت مسألة الوجود اليهودي في فلسطين ومستقبله من المسائل المركزية التي واجهها الفكر السياسي الفلسطيني في عهد الانتداب البريطاني. من جهة رفضت ادعاءات الصهيونيين بأنهم يعبّرون عن مصالح كل اليهود، وأكدت أن الصهيونية تتعارض مع مصالح اليهود أنفسهم. ومن جهة ثانية انتقدت مواقف القيادة القومية العربية التقليدية التي كانت تعلن دوماً أنها "لا يمكن أبداً ان تعيش بسلام مع السكان اليهود في فلسطين، وأن تؤمن لهم أي حق ديمقراطي من حقوقهم، أو الوصول إلى تفاهم معهم". حذرت العصبة من مخاطر هذه "السياسة غير العملية"، التي قد تقود إلى تقسيم فلسطين، "والتقسيم هو أخطر حل يجر البلاد إلى المصائب والاضطرابات الداخلية". هكذا كان التقدير السياسي الموضوعي في ذلك الظرف الملموس، وهو متغير بطبيعة الحال.
حددت العصبة موقع حركة تحرر فلسطين ضمن الجبهة العالمية لمكافحة النازية والعنصرية. في نشرة داخلية اصدرتها قيادة العصبة في 12 نيسان 1944 ذكرت أن القضية الفلسطينية "جزء من القضية العالمية، قضية القضاء على النظم العنصرية، قضية استقلال جميع الشعوب ضمن أوطانها.. جبهة مناهضة للنازية ، وتآخي الشعوب ومساواتها، قضية سلام عالمي دائم". إن نضال الشعب الفلسطيني من أجل حريته واستقلاله هو جزء من نضال الشعوب "ضد النازية والفاشستية ونظمها العنصرية"، وهو جزء من نضال "الشعوب السوفيتية، والشعوب الانجليزية والأمريكية والفرنسية واليوغوسلافية وغيرها من الشعوب، المناضلة للقضاء على أكبر خطر يهدد الحريات الوطنية". وأكدت، في هذا السياق، "أهمية العمل على توحيد القوى التقدمية في العالم ضد الفاشستية". اعتبر أحد قادتها ، وهو بولس فرح، أن الحركة الوطنية العربية في فلسطين هي " حركة تقدمية في مضمونها وجوهرها"، تستهدف "الوصول إلى أسباب الرقي الاجتماعي والثقافي والسياسي، لتمكّن الشعب العربي من السير مع قافلة البشرية الحرة"..
تعينت الديمقراطية ، في رؤية العصبة، بالملموس في مواقف مبدئية لو تضافرت ظروف انتهاجها لوفرت الكوارث والنكبات على الشعب الفلسطيني، ولاختصرت المتاهة التي انجرفت إليها القضية الفلسطينية. إنها مواقف مبدئية. دعت عصبة التحرر الوطني الأوساط الوطنية العربية إلى تأمين حقوق السكان اليهود الديمقراطية في فلسطين، والوصول إلى تفاهم معهم. انتقدت موقف القيادة القومية الرافض للتفاهم مع اليهود وحذرت ان الرفض يصب في طاحونة تقسيم فلسطين. رأت العصبة في إشاعة الديمقراطية في السياسة والاقتصاد الشرط الذي لا بدّ منه لضمان ممارسة الشعب الفلسطيني لحقه في تقرير المصير، وذلك "لأن الديمقراطية هي من الضرورات الأولية لكل حركة وطنية تطالب بالحرية"، ولأن السياسة الديمقراطية هي وحدها التي ستضمن الحفاظ على السلم في فلسطين... وفي الشرق العربي بأسره. ودعت العصبة حكومة الانتداب البريطاني في فلسطين إلى أن تسير على خطة ديمقراطية في تسيير دفة الحكم في فلسطين، بحيث "يشترك الشعب بجماهيره الواسعة في إدارة شؤونه"، وهو ما يعني بلغة الواقع "إجراء انتخابات ديمقراطية للمجالس البلدية وإجراء انتخابات ديمقراطية لمجلس تشريعي ومنح الشعب حريات واسعة في إدارة شؤونه وتحقيق آماله.
قدمت العصبة تجربة عملية كان بالإمكان البناء عليها لإنجاز التفاهم العربي اليهودي وتحقيق وحدة العمال العرب واليهود ضد الاستعمار البريطاني. إذ بفضل نفوذها الكبير داخل " مؤتمر العمال العرب"(شغل فؤاد نصار منصب الأمين العام)، أمكن تحقيق نجاحات هامة على هذا الصعيد، تجسدت في الإضرابات المطلبية الموحدة التي شارك فيها العمال العرب واليهود في دوائر ومؤسسات الحكومة في نيسان 1946 وفي المعسكرات البريطانية في أيار1946.
انبرت العصبة بجرأة ومسئولية وطنية عالية بالتصدي لنهج الإرهاب السياسي الفردي والقتل الفسيولوجي في العمل الوطني . وبتكليف من قيادة العصبة أعد فؤاد نصار كراسا صدر عن لجنة العمل الثقافي التابعة للعصبة تجلى في فكر عصبة التحرر الوطني الفلسطينية التقدير العالي للديمقراطية في النشاط السياسي المرتبط جدليا بالثقافة. ورد في التقرير أن المستعمر يشجع الإرهاب الفردي والقتل السياسي كي يتمكن "من تفريق صفوف الأمة أثناء خوضها معركة النضال الوطني في سبيل الحرية" . القتل السياسي "عدا عن أنه يشل النضال الوطني ويقضي على حرية الرأي ويبعد أقساماً كبيرة من الجماهير الشعبية عن الحركة الوطنية، فهو يترك آثاراً بعيدة الغور على حاضر النضال الوطني ومستقبله". وانتقد لجوء بعض أوساط داخل قيادة الحركة الوطنية إلى هذا الأسلوب كوسيلة " لمعالجة بعض القضايا الوطنية مثل بيوع الأراضي والسمسرة عليها، وفي مسألة مقاطعة البضائع اليهودية، وغير ذلك"، معتبراً بأن جميع هذه القضايا "لا يمكن معالجتها بمعزل عن قضية البلاد الرئيسية، وهي قضية الحرية والاستقلال"، وذلك لأن "هذه القضايا كلها متفرعة عن وجود الاستعمار في وطننا، وهو أصل الداء والبلاء، وهو الذي قاد البلاد إلى أزمات اقتصادية وسياسية... لا يمكن لفرد ان "يجيز لنفسه أن يحكم على الناس بالقتل أو بإتلاف أموالهم"، لأن ذلك هو من حق محاكم الشعب فقط، وأسلوب الإرهاب "لا يردع خارجاً عن غيه"، بل " يشيع الفوضى والفساد في الصفوف المتراصة، ويفتح ثغرات يتسرب منها المستعمر".
في نهايته أكد التقرير أن"طريق الكفاح الشعبي المنظم ضد الاستعمار وأعوانه في سبيل الحرية هو طريق طويل ولا شك ؛ وليس هناك من طريق أقصر منه وأسلم عاقبة".
تشكلت عام 1945 لجنة عربية عليا من الأحزاب والكتل المتعاونة مع الحاج امين. جرت اولى المحاولات التخريبية في فلسطين من قبل الجامعة العربية عام 1946 . حضر مبعوثها جميل مردم ، رئيس وزراء سوريا، إلى فلسطين ومارس الضغوط على الأحزاب الفلسطينية والزعامات التقليدية كي تبعدها عن العمل المشترك مع العصبة والمنظمات الجماهيرية المرتبطة بها. وشكل مردم الهيئة العربية العليا . انتقدت العصبة تدخل الجامعة العربية في شئون فلسطين، فدولها مرتبطة بالامبريالية البريطانية، السند الرئيس للصهيونية. كتب فؤاد نصار، أحد قادة العصبة، يقول: إن الجامعة العربية تنتزع زمام المبادرة من أيدي الشعوب العربية وتحد من نضالها ضد الامبريالية ، وتتدخل في الأمور الصغيرة والكبيرة ، متخذة مقررات " سرية " وعلنية لا تشفي غليل الشعب العربي الفلسطيني الظامئ للحرية.
تناقض موقف العصبة بصدد حل المسألة الفلسطينية مع موقف الحزب الشيوعي الفلسطيني (عضوية يهودية )؛ طالب الأخير بدولة فلسطينية لقوميتين، أي الإقرار بحق تقرير المصير للتجمع الكولنيالي اليهودي. ونقل الرفيق الباحث نعيم الأشهب عن مقابلة أجريت مع الشيوعي الراحل ، ماير فيلنر (4/9/1997)، أنه نقل لمؤتمر شيوعيي المستعمرات البريطانية في لندن مطلب الحزب الشيوعي الفلسطيني، ورفض الطلب لأن" الشيوعية لا تقر بحق تقرير المصير لتجمع كولنيالي أقيم على حساب شعب آخر".
لدى صدور قرار التقسيم وتفجر الصراع المسلح اتضح أن الصهيونية بقياد بن غوريون مصممة على التطهير العرقي وطرد الفلسطينيين من ديارهم؛ تشكل ظرف ملموس اقتضى موقف ملموس مغاير؛جدلية التفكير أوصلت إلى قناعة جديدة بأن الخيار لم يعد بين تقسيم ودولة موحدة ، بل بين تقسيم وتشريد. بات قبول التقسيم ، رغم علاته العديدة، أفضل البدائل المتوفرة في ذلك الوقت الحرج والمحفوف بمخاطر التشريد. فشلت العصبة امام المزاودات المتشنجة في التأثير على مجرى الأحداث وتحقق ما حذرت منه ـ طرد الجماهير الفلسطينية من الديار..



#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحويل فلسطين إلى دولة لليهود - بلفور تجريف همجي عبر مائة عام ...
- بلفور تجريف همجي عبر مائة عام -2
- بلفور تجريف همجي عبر مائة عام
- دور وطني بارز للمرأة الفلسطينية
- خمسون عاما في جحيم الأحكام العسكرية
- بديل الدولتيبن نظام أبارتهايد يتأرجح بين وهم الدولة الواحدة ...
- ترومب متمرد على الليبرالية الجديدة ام مواصل لأسوأ تقاليدها؟
- معالم تاريخ فلسطين القديم-4
- معالم تاريخ فلسطين القديم-3
- معالم تاريخ فلسطين القديم-2
- معالم تاريخ فلسطين القديم
- التربية تتصدر التحدي لثقافة الليبرالية الجديدة دفاعا عن العق ...
- ثقافة الليبرالية الجديدة تلقي أعباءً جساما على الثقافة الوطن ...
- مؤتمر فتح السابع والفرصة المضيعة
- فوز ترومب وصمت الميديا الأميركية
- ثقافة- الغرب تقوم بدور تدميري يشمل جميع القارات
- اكتوبر عظيم المجد
- التوراة في ثقافة البرجوازية
- بالقرون النووية يناطحون العدالة وحقوق الإنسان
- مقامرة الاستيطان تضوي عبثية المراهنة على المجتمع الدولي


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعيد مضيه - بلفور تجريف همجي-4