أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي مقلد - دماء على كرسي الخلافة 9















المزيد.....

دماء على كرسي الخلافة 9


علي مقلد

الحوار المتمدن-العدد: 5489 - 2017 / 4 / 12 - 16:19
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



ساحات القتال قلما تخلق ،أفكارا بعيدة عن إراقة الدماء ، وإن أوجدت الظروف شخصا ، ذا فطنة يحاول وقف نزيف الدماء ،غالبا ما يدفع هو روحه ثمنا لموقف كهذا ، مثلما حدث مع الحسن بن علي بن أبي طالب ، الذي أراد حقن دماء المسلمين بعد مقتل أبيه ، فأبرم صلحا مع معاوية بن أبي سفيان ، لكن لعنة كرسي الخلافة الملوث بالدماء ، تأبى أن تفارق المسلمين ، فتم دس السم له وقتله ليفتح بذلك أبوابا جديدة للشر ويفجر شلالات أخرى للدماء .
كنا توقفنا في المقال السابق عند نجاح خطة عبد الله بن ملجم في قتل علي بن أبي طالب ،وفشل بقية التنظيم في اغتيال معاوية وعمرو بن العاص ،واليوم نواصل مسيرة ما حدث وكيف تطورت الأمور ، وكيف طابت لمعاوية وعمرو ، وغدرت بعلي وولديه .. وهنا نعود للتاريخ ليحكي لنا ما حدث ،حيث يقول المؤرخون إنه لما دفن علي ، دعا الحسن بعد دفنه بابن ملجم القاتل ، فأتى به ، فأمر بضرب عنقه ، فقال القاتل : إن رأيت أن تأخذ علي العهود أن أرجع إليك حتى أضع يدي في يدك بعد أن أمضي إلى الشام فأنظر ما صنع صاحباي بمعاوية فإن كان قتله وإلا قتلته ثم أعود إليك ، تحكم في بحكمك ، فقال له الحسن : هيهات والله لا تشرب الماء البارد أو تلحق روحك بالنار ، ثم ضرب عنقه فاستوهبت أم الهيثم بنت الأسود النخعية "جيفته " منه فوهبها لها فأحرقتها بالنار .
هذا النص الوارد عند مؤرخي السنة والشيعة ، والذي يمر مرور الكرام يحمل في طياته جريمة أيضا ، ما زال تتكرر فصولها في كل جماعات الإسلام السياسي التي تطالب بكرسي الخلافة وهي التمييل بجثث خصومهم ، صحيح أن بن ملجم قاتل ، والتهمة ثابتة عليه ،وهو مقر ومفتخر بما فعل ، وصحيح أيضا أن الإسلام يعاقب القاتل المتعمد بالقتل ، لكن الحسن بن علي لم ينفذ الحد فقط ، بل زاد عليه حرق الجثة والتمثيل بها ، فهو يتصرف بعقلية آخذ الثأر ، وليس القاضي أو حتى ولي الدم ، وبذلك نحى جانبا ، أية أفكار أو معتقدات من شأنها أن تكل يده عن أن يششفي غليله من قاتل أبيه .

بالفعل تم حرق جثة بن ملجم كما تقول الروايات التاريخية ، واستقبل الحسن التاريخ ، فهو وريث الخلافة ، صحيح أن علي لم يوصي له بذلك لكنه أيضا لم ينه عن توليته ، ولعل تلك القصة توحي من طرف خفي أن قصة توريث الحكم كانت قد بدأت تتشكل في نفوس المسلمين ،وكل شخص يتمنى لو كان الملك في ذوويه ، لكن قد يقال أن الحسن لم يرث الملك بل تمت مبايعته من قبل أنصاره ، والرد على ذلك لن يخرج عن القول بأنه لو لم يكن ابن علي لما اختير للمنصب ، فربما كان هناك من يساويه في الفضل أو يفوقه في القيادة ، كذلك ورد أن الحسن بن علي قال عند تلقيه البيعة : والله لا ابايعكم إلاّ على ما أقول لكم من شروط ، قالوا: ما هي؟ قال: تسالمون من سالمت وتحاربون من حاربت، فلما سمعوا ذلك ارتابوا وأمسكوا أيديهم وقبض هو يده، فأتوا الحسين فقالوا له: أبسط يدك نبايعك على ما بايعنا عليه أباك وعلى حرب الضالين أهل الشام، - يقصدون معاوية ومن خلفه- فقال الحسين: معاذ الله أن أبايعكم ما كان الحسن حياً، فانصرفوا إلى الحسن فلم يجدوا بدّاً من بيعته على ما شرط عليهم، وهذه الروايات تؤكد أن المسلمين أنذاك الموالين لعلي ، كانوا أيضا قد تشربوا فكرة توريث الحكم ، لدرجة أنهم لما رفضوا في بادئ الأمر شروط الحسن ، ذهبوا لشقيقه ، وشقيقه رفض الحكم بسبب وجود أخيه الأكبر .
في الناحية الأخرى ، كان معاوية يستعد للقفز على كامل الخلافة سلما أو حربا ، وكان يتصرف بعقلية رجل الحرب ، ولا يعوقه في تنفيذ طلبه عائق ، حيث تقول كتب التاريخ : فلما بلغ بن أبي سفيان وفاة علي وبيعة الناس ابنه الحسن ، دسّ رجلا من حمير الى الكوفة ورجلا من بني القين إلى البصرة ليكتبا إليه بالأخبار ويفسد على الحسن سلطته، فعرف ذلك الحسن فأمر باستخراج الحميري من عند لحام بالكوفة، فأخرج وأمر بضرب عنقه، وكتب إلى البصرة باستخراج القيني من بني سليم فأخرج وضربت عنقه .
لكن حدث تطور في الأمر بعد ذلك ، حيث بدأت المراسلات والمكاتبات بين الحسن ومعاوية ، وفيها يريد الحسن ليوضح لمعاوية أحقيته بالحكم تارة ويهدده أخرى ويعاتبه ثالثة ، ويقلل من أحقيته بالمنصب مرة أخرى ، لكن معاوية المعروف بدهائه كان يتعنت ويغلظ في القول مرة ، ويراوغ مرات ، من هذه المراسلات ما قاله الحسن لمعاوية موبخا : فاليوم فليتعجب المتعجب من توثّبك يا معاوية على أمر لست من أهله لا بفضل في الدين معروف ولا أثر في الإسلام محمود، وأنت ابن حزب من الأحزاب وابن أعدى قريش لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لكتابه ... ثم يعرض عليه الصلح " دع التمادي في الباطل وادخل فيما دخل فيه الناس من بيعتي فانك تعلم اني أحقّ بهذا الأمر منك، وأحقن دماء المسلمين .. لكن معاوية يرد أيضا برسالة لا تقل توبيخا ولا تهديدا ، وكذلك تقلل من شأن الحسن في تولية السلطة فمعاوية يقول في رسالة يضيق المقام عن ذكرها كاملة : ... قد فهمت الذي دعوتني إليه من الصلح، والحال فيما بيني وبينك اليوم مثل الحال التي كنتم عليها ـ يقصد آل البيت ـ أنتم وأبو بكر بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام، فلو علمت أنك اضبط مني للرعية وأحوط على هذه الأمة وأحسن سياسة وأقوى على جمع الأموال وأكيد للعدو لأجبتك إلى ما دعوتني إليه ورأيتك لذلك أهلا، ولكن قد علمت أني أطول منك ولاية وأقدم منك بهذه الأمة تجربة وأكبر منك سناً، فأنت أحق أن تجيبني إلى هذه المنزلة التي سألتني، فادخل في طاعتي ولك الأمر من بعدي ولك ما في بيت مال العراق من مال بالغاً ما يبلغ تحمله إلى حيث أحببت، ولك خراج أي كور العراق شئت معونة لك على نفقتك يجبيها أمينك ويحملها إليك في كل سنة .
بعد مراسلات عديدة وشد وجذب ، كان معاوية أيضا أكثر حظا فقد غدر أصحاب الحسن به وانصرفوا بعض رجاله وولاته إلى معسكر معاوية ، رغبة فى الفرار من موت ظنوه محيق بهم إذا ظفر معاوية بالسلطة ، أو طمعا في مال بن أبي سفيان .... خلاصة القول تم الصلح بدون حرب على شروط تراضي عليها الطرفان وكادت تكون بادرة خير للم شمل الأمة ، لكن بريق السلطة أغرى بسفك مزيد من الدماء.
بالفعل تم الصلح بشكل مؤقت ، وعرف المسلمون لأول مرة بعد قتال دام عدة سنوات طعم الاستقرار ، ويذكر المؤرخون في هذا الشأن أن الحسن كتب صحيفة عليها شروطه مقابل الصلح، ويمكن تقسيم هذه الشروط إلى ثلاثة أقسام ، أولا الشروط المتعلقة بالحكم مثل:العمل بكتاب الله وسنة نبيه ، أن يكون الأمر من بعد معاوية للحسن ثم الحسين ، أن لا يقضي بشيء دون مشورته ، ثانيا الشروط الأمنية والاجتماعية والدينية:ألا يُشتم علي وهو يسمع، و ألا يذكره إلا بخير ، وأن لا يلاحق أحداً من أهل المدينة والحجاز والعراق مما كان في أيام أبيه،أن لا يناله بالإساءة ، ثالثا الشروط المالية:ألا يطالب أحداً مما أصاب أيام أبيه، أن يعطي معاوية للحسن خراج فارس، وكذلك إعطاؤه ما في بيت مال الكوفة ... وهنا نجد أنه وثيقة المصالحة ، ترتب مغانم ومكاسب أمراء الحرب وتقسيم الغنائم والسلطة ، بعيدا عن مشورة المسلمين ، سواء أنصار الحسن أو أنصار معاوية ... وفي المقال القادم نكمل قصة الحسن ومعاوية وكيف ، تم التخلص من الحسن لينفرد معاوية بالسلطة.



#علي_مقلد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دماء على كرسي الخلافة 8
- دماء على كرسي الخلافة 7
- دماء على كرسي الخلافة - 6-
- دماء على كرسي الخلافة -5-
- دماء على كرسي الخلافة 4
- دماء على كرسي الخلافة – 3
- دماء على كرسي الخلافة – 2
- دماء علي كرسي الخلافة - 1


المزيد.....




- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي مقلد - دماء على كرسي الخلافة 9