أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - سليم نزال - اليوم الاخير فى بودابست














المزيد.....

اليوم الاخير فى بودابست


سليم نزال

الحوار المتمدن-العدد: 5489 - 2017 / 4 / 12 - 12:21
المحور: سيرة ذاتية
    


اليوم الاخير فى بودابست
سليم نزال
سرت فى اليوم الاخير لزيارتى الى بودابست اتامل الامكنة التى عرفتها .احب كثيرا مشاهدة المدن فى الليل لان المرء يرى اشياء لا يراها وقت ضجيج النهار.كما احب مشاهدة المدن فى الصباح الباكر لانها فرصة ان يرى المدينة و هى تستيقظ.يسمع اصوات الناس و هم فى بداية اليوم.
و حين اسير فى الامكنة كنت كانى اعيد اكتشاف الامكنة مرة جديدة.و انا اعتقد ان لللامكنة روح ما .و لا يستطيع المرء معرفه روح المكان الا بعد وقت .
جلست فى مقهى فى ساحة كيليتى كانى ارى المكان لاول مرة رغم انى قضيت فيه الكثير من الوقت.

الشابة التى فى المقهى و التى كنت اتحدث معها بين حين و اخر حين اكون هناك سالتنى متى ساعود الى بودابست .يا له من سؤال طريف سمعته مرات عدة فى حياتى.و الجواب الذى اقوله دوما من يدرى فلربما اعود و انا فى الكثير من الاحيان اعرف او اتوقع انى لن اعود .
احب هذه الساحة لانها كانت المكان الاول الذى عرفته فى بودابست.هناك التقيت بالصديق الفلسطينى (سمير) الذى كان لى خير معين فى هذه الرحلة.
عرفنى سمير على مقهى (لطفى) و هناك التقيت بعرب من سوريا و فلسطين و العراق.عرب شردتهم الحروب و الماسى التى لم يعد بالامكان عدها.و عدد لا باس نهم عمل فى التهريب خاصة تهريب السوريين من المجر الى النمسا ثم الى المانيا.من المحزن انه ما ان تقول كلمة سورى فى اوروبا الان حتى تصبح مرادفا لكلمة لاجىء.يا لعنات الزمن قلت فى نفسى.فقبل بضعة اعوام ان كتبت كلمة لاجىءعلى الغوغول ساتى كلمة فلسطينى مباشرة ام الان فصارت كلمة سورى لللاسف هى الكلمة الاكثر انتشارا لكلمة لاجىء.يا الهى يا ليت فلسطين كانت محررة لكى نستقبل السوريين كما استقبلونا فى وقت الشدة.و لكننا الان كلنا فى الهم سواء .

بعض من هؤلاء العرب كانت فرصة التهريب لديه المنفذ الوحيد لنحسين وضعه فى بلد مثل المجر لا يقدم اى شى.
احد هؤلاء المهربين اعترف لى انه عمل مهربا لعامين ووفرمبلغ 65 الف يورو و اعطاها لعربى اخر لكى يحفظها له كونه عمل غيرشرعى و لا يستطيع وضعه فى البنك فكان ان استولى (صديقه) على المبلغ و بعد مماطلة اعاد اليه مبلغ عشرة الاف يورو.
لكنه قال لى انه كان مهربا يراعى الناس و كثيرا ما ساعد فى تهريب اشخاص لا يملكون الثمن المطلوب لكنه راف لحالهم فساعدهم بلا مقابل او بمبلغ زهيد.
فى الفندق الذى زرته لالتقى بفنانة صديقة شاهدت فى صالة الفندق منظر اثار تفكيرى.مجموعتين من الشباب و الشابات احداهما امريكية و الاخرى يابانية .قلت فى نفسى كم هى غريبة هذه الحياة حقا.فلو ولد هؤلاء قبل سبعين عاما لكانوا الان فى جبهات القتال يقتلون بعضهم البعض.اما الان فهم يتحدثون و يمرحون.ماذا عنا نحن يا الهى.هل من المعقول لاولادنا ان يموتوا فقط لانه من دين معين او من طائفة معينة لا تعجب شخصا متعصبا .يا الهى !!!
و فكرت كم هو مهم تاريخ ولادة الانسان.ان كان محظوظا فانه يولد فى زمن سلم و ان كان لا فانه سيحمل بندقية لقتل احدا او يقتل او يهيم على وجهه كما يحصل الان مع اللاجئيين.
تذكرت قصيدة الشاعر ابريطانى الشاب ويلفرد اوين الذى قتل هو نفسه فى الحرب العالمية الاولى
ما جدوى تلك الاجراس لمن يساقون للموت كالانعام
لا جدوى من الكلمات الزائفه
لن تجدى الصوات و لا الاجراس
فكرت بتاريخ تلك البلاد البائسة.وقفت الى جانب المانيا و الدولة العثمانية فى الحرب العالمية الاول فتمت معاقبتها بعد خسارة الحرب .اعطى ثلث الى رومانيا و الاخر لصربيا .ثم انضموا مرة ثانية لللالمان فى الحرب الثانية على امل ان يستعيدوا بلادهم فكان ان خسروا الحرب مرة ثانية.
فكرت فى عائلة هابسبورغ الامبراطورية الذين لهم الفضل الاكبر فى كل هذه الابنية الفخمة.تساءلت ماذا حل بهذه العائلة التى شاء القدر ان ترسم ملامح اوروبا لقرون عدة.من يدرى قال لى صديق .لا تستغرب ان يكون احد احدهم يعمل صرافا او عاملا فى مزرعة!!!
فكرت فى انتفاضة بودابست عام 1956 التى قادها ايمرى.

كتب امرى ناجى يقول ان الشيوعية ليست امرا جامدا لا يتغير .كلامه و نظرته فى التجديد لم يعجب موسكوا فكان ان حكم عليه بالخيانه.
هرب الكثيرون من البلاد من ضمنهم صديق صحافى نرويجى جاء به والده عندما كان عمره عامين.
فكرت بقصيدة الشاعرالهنغارى فريغنس المقدمة التى فيها الكثير من الاسئلة الوجودية المثير للنامل.

.امضيت النهار و انا اودع من عرفته.ودع ت شابا الذى يدرس الادب الانكليزى فى الجامعة و يعمل فى غرفة الاستقبال.وودعت زميله الذى درس السياحة.و زميلتهم التى كانت اول من قابلتها حين جئت للفندق و شاءت الظروف انها كانت نوبتها الصباحية حين غادرت فى اليوم التالى.
ذهبت الى مقهى لطفى و جلست هناك استمع لاحاديث عرب المجر.القسم الاكبر من العرب جاء طلابا و بقى هناك ثم جاء اعداد اخرى فى اوقات لاحقة.سمعت عن العز الذى عرفوه ايام الشيوعيه عندما كانوا يعيشون كالملوك مقارنة مع المجريين.ودعتهم بتاثر و مضيت.مررت على مقه كنت اتردد عليه بين حين و اخر.كان هناك نادلة المقهى الجميلة التى ذكرتها فى قصيدتى الاخيرة .تتحدثنا قليلا بين حين و اخر.ودعتها و مضيت الى ساحة الاستوريا فى الداون تاون لاودع صديقى سمير.على الطريق فى داحل المترو ترى الغجر وهم يضعون فراشهم و يتامون هناك.و قصة الغجر فى شرقى اوروبا تحتاج لكتابة ثانية.

جلسنا اقل من ساعتين .ودعته و شكرته على الاهتمام و الرعاية طوال اقامتى .و مضيت ثانية نحو ساحة الكيتيلى.جلست هناك اشرب القهوة و اتامل الناس الساحة للمرة الاخيرة.تاملن البناء الفخم لمحطة القطار التى بنيت فى القرن الماضى .و فكرت فى التاريخ و مصائر الامم!
سرت فى الطريق و انا انظر لكل تلك الامكنة التى كنت اراها كل يوم.شعرت ببعض الحزن .فقد اعتدت على الاصوات و على روح المكان !
ثم مضيت نحو الفندق لاعد حقيبتى للسفر. فقد كان على ان استيقظ باكرا فى اليوم التالى.



#سليم_نزال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصورة المفزعة!
- تاملات فى السياسة
- عن الكتب و القراءة!
- جيش الامل!
- حول الابداع
- ضرورة الاشتغال على المفاهيم المكونة للعقل!
- كانت اياما!
- عن زمن الحطينى!
- فى زمن فيلم امريكى طويل
- 134 على وفاة كارل ماركس
- موسم حلق الدقون!
- اللون البرتقالى: من لون الاضواء الجميله الى لون القتل!
- لكن من يسمع!
- فى بحر الحياة
- فلسطين فى القلب
- لقد تغير العالم كثيرا و فكر التخلف الدينى اخر حشرجة القبائل ...
- انتهى العالم القديم و العالم فى اكثر المراحل خطورة فى التاري ...
- الثوابت الوطنية اولا!
- فى فلسطين . الافة الكبرى هى وضع الايديولوجيا قبل الوطن ؟
- كيف بدا الاضطراب يسود المنطقة العربية ؟


المزيد.....




- هل كان بحوزة الرجل الذي دخل إلى قنصلية إيران في فرنسا متفجرا ...
- إسرائيل تعلن دخول 276 شاحنة مساعدات إلى غزة الجمعة
- شاهد اللحظات الأولى بعد دخول رجل يحمل قنبلة الى قنصلية إيران ...
- قراصنة -أنونيموس- يعلنون اختراقهم قاعدة بيانات للجيش الإسرائ ...
- كيف أدّت حادثة طعن أسقف في كنيسة أشورية في سيدني إلى تصاعد ا ...
- هل يزعم الغرب أن الصين تنتج فائضا عن حاجتها بينما يشكو عماله ...
- الأزمة الإيرانية لا يجب أن تنسينا كارثة غزة – الغارديان
- مقتل 8 أشخاص وإصابة آخرين إثر هجوم صاروخي على منطقة دنيبرو ب ...
- مشاهد رائعة لثوران بركان في إيسلندا على خلفية ظاهرة الشفق ال ...
- روسيا تتوعد بالرد في حال مصادرة الغرب لأصولها المجمدة


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - سليم نزال - اليوم الاخير فى بودابست