أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - يوسف الصفار - المتنورون في القرن الثامن عشر ج /3















المزيد.....

المتنورون في القرن الثامن عشر ج /3


يوسف الصفار

الحوار المتمدن-العدد: 5486 - 2017 / 4 / 9 - 20:31
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


المتنورون في القرن الثامن عشر/ ج3
احد اصدقاء ( دي هولباخ ) الذي كان الزعيم المادي لتلك الفترة .. طبيب من اصول المانية سويسرية اسمه هلفشيوس . اثرى وعمره 23 سنة .. حين التقى فولتير عام 1738 اعجب بعقله وشهرته , فراوده حلم الكتابة والتأليف .. وليس من الغريب ان يتحول الطبيب الى فيلسوف حين اصبح ضيفا على منتسكيوا وبيفون , والتقى في صالونات باريس الادبية بديدروا ومارمونتيل وجريم وروسوا وغيرهم , فتحولت اتجاهاته وترك منصبه كملتزم عام للضرائب ولجأ الى ضيعته الاقطاعية وتفرغ لتأليف كتاب هز العالم .
ظل يعد الكتاب سبعة سنوات , ثم خرج بعنوان ( الذكاء ) عام 1758 , ومع صعوبات الترخيص وموقف الكنيسة منه والتهديد في السجن . أخذ الناس يتهافتون على الكتاب ..
اعتبرهلفشيوس كل الافكار مستمدة من الاحاسيس .. فالحالات العقلية : عبارة عن مجموعات من الاحاسيس يشعر بها الانسان آنياً او تنبعث من الماضي عن طريق الذاكرة او يمكن تصورها مستقبلا عن طريق الخيال , اما اتخاذ القرارات او اصدار الاحكام فيتبناها العقل ..وليس الذهن والنفس شيئاً واحداً . فالذهن تجميع للحالات العقلية ..والنفس هي القدرة على استقبال الاحاسيس , وكل هذا مرجعه الى المادة .. لانها نتاج لاعضاء الجسم المادية تبقى ما بقيت وتزول بانحلال الاعضاء وفنائها ..و كل الافكار تنبع من خبرات الافراد وتجاربهم اما التباين في الافكار بين الافراد او الامم , فيعتمد على البيئة لكل فرد او امة ..
( في اللحظة التي يخرج بها الطفل من بطن امه .. يدخل الى الحياة بدون افكار او انفعالات واحساسه الوحيد هو الجوع.. فاحاسيس الجشع والطمع والزهوا والكبرياء والرغبة في المجد والعظمة لا تكون معروفة لدى ولادة الانسان .. وانما تتأتى من الدرس والتعلم فهي بالتالي امور مكتسبة .. وحتى العبقرية نفسها نتاج البيئة , .. ان عدم المساواة في الفهم والذكاء سببها هو عدم ادراك الانسان على وجه الدقة نفس الاشياء , في نفس الموقف , او نفس التعليم مع الاخذ بنظر الاعتبار المصادفة والحظ ..)
ومن الغريب ان يأتيناهذا التحليل من احداصحاب الملايين لانه ينبع من وضع سياسي يتعارض مع المحافظين الذين يؤكدون دائما على الفوارق بتأثير الوراثة ..عكس دعاة الاصلاح الذين يؤكدون على فوارق البيئة في عدم المساواة بين الافراد ..
يطبق هلفيشيوس نظريته على كل الاجناس فيؤكد انه كان ممكن ان تصل كل الاجناس الى نموا متساوي فيما لو تهيأت لها فرص بيئية ملائمة , لذا يعتبر الغرور القومي او الاعتزاز بالجنس ليس له مايبرره ..ومن هذا المنطلق يؤكد على ضرورة التعليم وتدريب الذكاء , وبذلك نقضي على بذور الشر.. ثم يبين ضرورة اعادة بناء نظام التعليم و ينبغي ان نحرره من ربقة الكنيسة ويكون في تناول الجميع من الجنسين , ويؤكد على تدريس العلوم والتقنيات ..
( ان رغبة رجال الدين في كل العصور انصرفت الى القوة والنفوذ والثراء ..ان الكهنة هم تجار جملة في تعليم الرجاء والدعاء , والخوف من الجحيم , و كانوا يحسون ويدركون ان هذا البيع سيكون مؤكدا مربحا .. حينها تتوقف قوة الكاهن وسلطانه على الخرافات , وتصديق الناس له بكل حمق وغباء .. فليس لتعليمهم اي قيمة لديه .. ان اول هدف للكهنة في كل ديانة هو خنق حب الاستطلاع عند الناس .. والحيلولة دون فحص طروحات يكون سخفها ملموسا محسوسا الى حد لايمكن اخفاءه ..لقد ولد الإنسان جاهلا , ولكنه لم يولد مغفلاً ابله , ..لذا يتوجب على الكاهن استخدام كثير من الحيل والخداع والاساليب لاطفاء هذا النور الطبيعي في داخل كل فرد ..الى ان يكدس في ذهنه اخطاء فوق اخطاء.. وليس هناك ما يعجز الكاهن على تنفيذه بمساعدة الخرافة , وبهذا فهو يسلب الحكام والقضاة سلطانهم وسيادتهم والملوك شرعيتهم , ومن هذا المنطلق يتمكن الكاهن من اخضاع الناس والسيطرة عليهم , وغالبا ما تكون هذه السيطرة اكبر من سيطرة سيادة القوانين , فيبدا فساد المباديء والاخلاق نفسها ..)
لم يكن هلفشيوس ملحدا لكنه كان يمقت طغيان الاسفار المقدسة للإله .. الذي يعاقب البشر بالعذاب الدائم على اخطاء هينة .. كان يراوده الامل في ديانة عالمية تحت رقابة الدولة .. اساسياتها اخلاقيات طبيعية , متحررة من الثواب والعقاب بعد الموت , مؤثرا العقل على الوحي الالهي .. لان الرجل الامين يمتثل دائما لعقله .. وان الله هو منشىء العقل البشري وليس مؤلف كتاب بعينه ..فالوازع الديني غير ضروري للقانون الاخلاقي وانما التشريع اوالقانون وحده توقف رذائل الناس .. ان كل جريمة لايعاقب عليها القانون تقترف كل يوم .. فاي دليل أقوى من هذا على عقم الدين وعدم جدواه ؟؟..
الطبيعة البشرية من وجهة نظر هلفشيوس ليست مثالية وان الانسان ليس خيرا او شرا مطلقا ..انه مخلوق يحاول الحفاظ على ذاته في عالم يحاول كل كائن فيه ان يفتك بالاخر عاجلا ام اجلا .. ولفظتي الخير والشر ليست لهما معنى بمعزل عن المجتمع وكل فضيلة اجتماعية هي نتاج التعليم والتدريب الاجتماعي لغايات واغراض اجتماعية , فليس هناك حاسة اخلاقية فطرية كالتي نوه لها روسو فالخطأ والصواب يأتي عن طريق الخبرة التي يتعلمها الفرد من اسرته وحكومته وكنيسته وهي بالتالي قواعد سلوكية يفرضها الاقوياء ليضمنوا سيطرتهم ليستمروا في طغيانهم وظلمهم ..
لكن الاخلاق بمعناها الصحيح هي معرفة الوسائل التي يبتدعها اناس ليعيشوا معا جنبا الى جنب في اسعد حال ..وحينما تكون بيدهم السلطة ولا يعترضوا على هذا النهج فالاخلاق تنهض وتتقدم كلما اكتسب الناس معرفة جديدة .. وهلفشيوس يعتنق مذهب المتعة ويعتبرها الخير الاوحد والرئيسي في الحياة . فالسعادة هي هدف الحياة هنا على الارض والسعادة هي استمرار اللذة ودوامها وتكون حسية او فسيلوجية , اما نشاط الذهن واكتساب المعرفة فيعتبران اعظم اللذات .. وليست الفضيلة هي الامتثال لشرائع الله بل هي السلوك الذي يوفر السعادة لاكبر عدد من الناس ولكي تكون فاضلا يجب ان تجمع بين نبل النفس والعقل المستنير ..
في الاقتصاد فان هذا المليونير الخبير بشؤون المال يعارض تركيز الثروة : ( ان هذا الشقاء الذي يخيم على كل الناس والامم تقريبا , انما ينشأ من قصور قوانينهم والتوزيع البعيد كل البعد عن المساواة لثرواتهم , وفي معظم الممالك توجد طبقتان فقط من المواطنين .. واحدة في مسيس الحاجة الى الضروريات والأخرى تبذر تبذيراً .. واذا كان فساد السلطة ابرز ما يكون في عصور الترف والبذخ فما ذاك إلا لان ثروة الامة مركزة في ايدي قلة من الناس ..)
مع ما تقدم لاقى هلفشيوس انتقادات من فولتير فيما يخص دعاوي الوراثة فقد اعتبر فولتير ان الناس عند الولادة ليسوا متساويين في التفوق الذهني والخلقي الكامن .. ورأى ان العبقريات مولودة لامصنوعة .. مع هذا ان كتابين لرجل واحد نجد فيهما كل الافكار التي صنعت الثورة الفرنسية والتي تعتلج في صدور الامم , وتحركها اليوم . فلا عجب ان وضعت الفئات الفرنسية المتعلمة المثقفة في الربع الثالث من القرن الثامن عشر هلفشيوس في منزلة واحدة تقريبا مع فولتير وروسوا وديدرو ورحبت بكتابه الاول وهللت له مما يكاد لا يحضي به كاتب غيره في ذلك العصر ...



#يوسف_الصفار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المتنورون في القرن الثامن عشر /ج2
- المتنورون في القرن الثامن عشر / ج1
- يوم ماطر/ قصة قصيرة
- الفيلسوف والبقال قصة قصيرة
- تعددت الابواب والكاتب واحد
- الدولة والاحزاب
- فلسفة الاديان
- الرواية مهنة ام امتهان
- اعلان للصمت
- ترامب والخراف الضالة
- الجزر الهوائية /قصة قصيرة
- شيٌ من هذا القبيل / قصة قصيرة
- حية و درج / قصة قصيرة
- بانوراما الزمن بين النكسة والربيع العربي
- النزعة العقلية في القرون الوسطى
- ثلاثة في واحد / قصة قصيرة
- قرنان قبل انشتاين 2-2
- قرنان قبل انشتاين
- هوس النوستالجيا
- سبينوزا و مفهوم الديمقراطية


المزيد.....




- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - يوسف الصفار - المتنورون في القرن الثامن عشر ج /3