أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - آرام كربيت - آلموت فلاديمير بارتول














المزيد.....

آلموت فلاديمير بارتول


آرام كربيت

الحوار المتمدن-العدد: 5484 - 2017 / 4 / 7 - 16:02
المحور: الادب والفن
    


تسلط رواية آلموت الضوء على صناعة القائد التاريخي، الإيديولوجي الذي يمارس التعمية، والتورية على أتباعه عبر استلابهم، وتغييبهم عن الواقع، وأخذهم إلى الموت بفنية عالية، حيث يتميز، هذا المفهوم، بالباطنية، وإخضاع كل الرؤوس أمام جبروت رأس واحدة.
في الرواية نلاحظ، كيف يراقب القائد "حسن الصباح" من موقعه في قلعة آلموت عن كثب، الصراع السياسي داخل قصر السلطان، التحالفات، والتناقضات في الدوائر المقربة من صنع القرار. لقد حول تاج الملك، وزير السلطانة الشابة "توركان خاتون" مخبراً له، ودعم سعيها الحثيث لإيصال ابنها إلى ولاية العهد كبديل "لباركياروق" الابن الأكبر لزوجة السلطان الثانية، بدعم مباشر، وقوي من رجل آخر يتصف بالدهاء، وقد استخدام هذا الصراع الخفي بينهما لتأجيج وصول الأمر إلى حالة الصراع المسلح على العرش.
وتسلط الرواية الضوء أيضاً على حالة الخبث السياسي وتواطؤ رجل السياسة الذي يسوق ذاته عبر أساليب ماكرة تستخدم السياسة، ليحقق من خلالها مصالحه الفردية، واستخدام الدين، وخلاف المذاهب فيه، ويسخرها لخدمة أجندته، عبر خلط متعمد بين الواقع، والزيف لإنتاج حالة قابلة للتصديق يسوقها كواقع يقبل به.الجميع ويصدقونه دون احتجاج أو تذمر.
في الشرق المعبأ بالانتماءات الدينية، والخيال الجامح، يمكن لأي دجال أن يمرر، ويسوق في أدمغة الناس ما يريد وما يخدم أجندته السياسية، لقد سوّق هذا الرجل نفسه بمنتهى الخبث والذكاء، عبر توظيف البسطاء لخدمته، مقابل قناعة واهمة، وفي مكان معزول عن البشر، وحقنهم بفكر ايديولوجي مخطط له بشكل مسبق في هذه الجنة، الوهم، التي تعشش في ذاكرة الشرق منذ قديم الزمان، بحيوية ونشاط هائلين، يهيأ حسن الصباح الفدائيين، ويرسلهم إلى الموت. شباب صغار، يحولهم إلى أدوات منفصلين عن الواقع، يأخذ عقولهم وينشطها عبر الخيال، ويطير بهم إلى الموت، بعد تجربة حسية على الأرض بعد أن يروضهم، يعلمهم على حمل السيف والترس وكل أساليب القتال وفنونه، يعزلهم في قلعته البعيدة عن الحياة الطبيعية. ويشتري السبايا الصغار، ويتفق مع بعض عشيقاته على قيام كل واحدة بدور.
في أسفل قلعة آلموت. ينقل الفدائيين الضحايا، الذين يجري اختيارهم بدقة متناهية، عبر النهر في سفينة، يقودها عبيد خصيان، في عالم مملوء بالخصيان، مفرغين من الحيوية والحياة. يضع في فم كل شاب حبة حشيش، ليحوله إلى إنسان فاقد للوعي، ثم يقذفهم إلى أحضان الصبايا الصغيرات بعد أن حرمهم منهن فترة طويلة.
وسط الشموع والأشجار والموسيقا والغناء في هذه الجنة، يمارسون الجنس في الهواء الطلق، بشبق وشهوة غير معتادتين وقبل أن يستيقظون من هذه الغفوة الجميلة، اللذيذة، يعيدهم الخصيان إلى عالمهم الأول، إلى الثكنة.
إن استخدام مفهوم الجنة والحور العين، يعد فاكهة شهية، منتج عقلي من الزمن القديم، يعشش في خيال الشرق كله، وله أصداء محققة في الغرب والجنوب والشمال، يسحر الألباب ويتوه معه العقل، ويجنح مع الخيال، ويحط رحاله في أذهاننا كقدر لا فكاك منه. يحمله "حسن الصباح" من مرقده في التكوين الأول للإنسان وينسج حوله واقع، ويحوله إلى صوت وصورة. أليست النسوة جزءاً مهماً وحيوياً من الجنة، أجسادهن، فروجهن، أنوثتهن يسلب عقول الرجال في هذا العالم والاندفاع للبحث عنهن حتى في الخيال. لهذا يمكننا تحت سحرهن أن نصنع الخيال ونحوله إلى مكسب سياسي في مشاريعنا التي لا يحدها حدود، ينعش الشعر والأدب والفن، ويخفق القلب، وتضيع الحدود. يقول أحدهم للأسرى في محاولة تطويعهم: "إن سيدنا نبي عظيم، لن تلبث بلاد الإسلام كافة أن تنضوي تحت رايته". ويقول آخر عن الجنة المزعومة: "الصبايا غارقات في فوضى وسط الأرائك، بعضهن عاريات تماماً، والبعض الأخر شبه مغطيات بهدب ثوب، وسيقانهن الشهية أمام الناظر مثيرة للإعجاب، وهي مسترخية بدعة فوق الحرير المقصب. بينما كانت صدورهن ترتفع وتهبط بتناسق هادئ.
لقد استطاع "حسن الصباح" تصفية خصومه الواحد تلو الأخر، بيد هؤلاء الصغار، حتى الوزير نظام الملك، صديقه وخصمه عند السلطان السلجوق لعب دوراً مهماً في إضفاء صفة النبوة عليه.
عمل هذا القائد، حسن الصباح، على إسباغ هالة غامضة على نفسه، كما يفعل السحرة. وعمد إلى إخفاء ذاته الحقيقية عن العوام. لم يسمح لهم برؤيته أو محاولة الاقتراب من أفكاره. ووضع حاجزاً بينه وبين الرعية. وفصل النساء عن الرجال. ومنعهم من الزواج أو ممارسة الجنس. وضع الرجال في مكان، والنساء في مكان آخر. وفي محاولة تطويع الآخرين، يقول أحدهم: "بوحوا لهم أن نبياً عظيماً يقيم في آلموت". هكذا يفهم الدعاة في نشر مذهبهم الجديد، وتجنيد الناس وإدخالهم في حظيرة الفكر الايديولوجي الشمولي، السرية المطلقة، عبيد وعسكر وأتباع، تدريب وغموض، اللعب بعقول الناس ومسخهم لإنتاج عقيدة على مقاس إنسان مهووس في عشق ذاته المريضة. بيد أنه ذكي جداً، محنك، لا يتورع عن القيام بأقذر الأساليب للوصول إلى الهدف، محققاً مقولة، الغاية تبرر الوسيلة.
لقد استطاعت الرواية أن تقدم لنا حكاية نراها تتكرر اليوم، وهي تصف لنا قلعة سلجوقية مهجورة، حولها الداهية "حسن الصباح" إلى حامية له لتكوين مركز انطلاق مشروعه السياسي، عبر سلطة سياسية محدودة في موقع صغير في وسط إيران، لاستعادة تاريخ زال واندثر، وذلك لتعويم نفسه عبر استعادة ذلك التاريخ، لا شيء يقف أمامه، لا حيوات الناس، ولا بساطتهم أو غباءهم. لقد كان هذا الغباء والجهل هما السفينة التي يسوّق أفكاره ونشاطه عليها للوصول إلى هدفه ويحقق أحلامه المرضية وغايته الملوثة بدماء البشر.
استطاع حسن الصباح أن يحول نفسه إلى نبي بالإغراء، بالوهم والخداع، بالترغيب والترهيب، وإيهام الناس أنه على علاقة مع الله، ويستطيع أن يرسل الناس إلى الجنة ويعيدهم إلى الحياة.



#آرام_كربيت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية السياسية
- رواية قبلة يهوذا
- محنة اليسار
- قراءة في رواية سيرة الانتهاك
- الاغتراب في رواية
- النظام الدولي بعد الحرب الكبرى
- حكاية حنا يعقوب
- الحرب الأهلية في رواية ذهب مع الريح
- في مقر منظمة العفو الدولية
- خبايا العولمة
- جيلبريت سينويه وابن سينا
- عدت والعود ليس أحمدُ 4
- عدت والعود ليس أحمدُ 3
- عدت والعود ليس أحمدُ 2
- عدت والعود ليس أحمدُ
- السلطنة العثمانية والجنوح نحو الغرب
- الثورة والتواصل الاجتماعي
- الخروج من المأزق الوطني
- رسالة إلى صديقي
- الملك السويدي إيريك الرابع عشر


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - آرام كربيت - آلموت فلاديمير بارتول