أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عبد الحسين شعبان - ما بعد مؤتمر الأستانة: قراءة في البعدين الإقليمي والدولي للأزمة السورية















المزيد.....



ما بعد مؤتمر الأستانة: قراءة في البعدين الإقليمي والدولي للأزمة السورية


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 5484 - 2017 / 4 / 7 - 12:14
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


ما بعد مؤتمر الأستانة:
قراءة في البعدين الإقليمي والدولي للأزمة السورية
عبد الحسين شعبان
أكاديمي ومفكّر عربي
ظلّت الأزمة السورية متأرجحة بين العواصم الدولية والإقليمية، انعكاساً لما يجري على الأرض، وكان من مخرجات ما بعد حلب أن يحدث نوعاً من التقارب الإقليمي والدولي، لعقد مؤتمر تحضره الأطراف السورية يبحث في حيثيات الأزمة ابتداءً من ترسيخ الهدنة ومروراً بوقف إطلاق النار وصولاً للحل السياسي المنشود.
لم يتصوّر أحد قبل انعقاد المؤتمر أن العاصمة الكازاخستانية المعروفة باسم "الأستانة" والتي كان اسمها سابقاً "آلما أتا" ستكون محطّة لحوار بين السوريين أولاً وهم الذين رفضوا الجلوس إلى جانب بعضهم البعض على طاولة مفاوضات لتسوية سلميّة للنزاع المندلع منذ 15 آذار (مارس) العام 2011 والذي اتخذ طابعاً عسكرياً وعنفياً بعد بضعة أسابيع، واستمرّ منذ ذلك اليوم ولحد الآن، خصوصاً بتبادل اتهامات مستمر، فالمعارضة حاولت "أبلسة" الحكومة، وسعت لشلّ مؤسسات الدولة، ومن جهة ثانية نظرت الحكومة إلى المعارضة باعتبارها جزءًا من مؤامرة دولية تستهدف سوريا، وبين هذا وذاك استمرّ القتال وتعطّلت التنمية، وانحسرت سيطرة الدولة على العديد من المناطق التي خرجت عن سلطتها، وعمَّ الدمار بمختلف أشكاله في جميع أنحاء سوريا.
ودفع الشعب السوري الثمن باهظاً، ليس فقط بآلة الإرهاب والعنف وانعدام الأمن والأمان والحياة الطبيعية فحسب، بل من خلال عمليات نزوح ولجوء شملت أكثر من 8 مليون سوري ، إضافة إلى تخريب مدن بكاملها، وتحطيم بُنيتها التحتية، وتعريض بيئتها وأراضيها للتصحّر، وتعثر الزراعة والصناعة كليّاً أو جزئياً، كما سادت الفوضى العديد من المناطق، وهيمنت الجماعات الإرهابية على نحو ثلث الأراضي السورية، وأصبحت الرّقة عاصمة لـ"داعش"، الذي فرض على المناطق التي تحت هيمنته نمط حياة أقرب إلى التوحّش، تعود إلى القرون الوسطى، وفي تعارض كامل مع روح العصر والمدنية والتحضّر.
موسكو وأنقرة وطهران
جمعت محطّة الأستانة للحوار إضافة إلى السوريين (الحكومة والمعارضة المسلّحة) ثلاث جهات دولية، هم الروس والأتراك والإيرانيون، وهم قوى فاعلة في الملف السوري، وكان يمكن ضمّ السعودية وقطر، وبالطبع الولايات المتحدة إلى حوار الأستانة، لكي تكتمل أطراف الحوار الأساسية، لكن ذلك لم يحدث لأسباب تعود إلى حساسيات الجهات المشاركة وأدوارها في الصراع، فدول الخليج التي دعمت الجماعات المسلّحة وقوى المعارضة وموّلتها، لم يكن في أجندتها وارداً أن يتم الحوار، لذلك اعتبرت أن الأمر لا يعنيها، وشكّكت في أن يصل الحوار إلى نتيجة ملموسة، خصوصاً وأنها كانت قد رفعت أعلى الشعارات رنيناً، بانحيازها ضدّ الحكومة السورية، مراهنة على المعارضة والقوى المسلّحة، إضافة إلى ذلك أن الذين برزوا في هذا الحوار هم المعارضون المسلّحون على الأرض، وليس الجماعات السياسية "الخارجية"!.
أما إيران فقد رفضت حضور السعودية، كما لم ترغب بحضور الأمريكان، في حين كان الروس يميلون إلى حضور السعودية وجميع الأطراف الدولية ذات التأثير في الملف السوري، بهدف استكمال النّصاب - كما يُقال - خصوصاً لجهة العلاقة بحضور الأمريكان الذين ظلّوا متردّدين في الحضور. وبغض النظر عن كون الأطراف الدولية الغائبة منحازة كلّياً إلى جانب المعارضة والجماعات المسلّحة، وأن غيابها بلا أدنى شك سيؤثر على الاتفاق الشامل للحلّ، لكن ثمة استدراكات، فواشنطن أعلنت أنها تقف ضدّ الإرهاب وتسعى للقضاء على "داعش"، ولم تعد تطرح مسألة رحيل الرئيس الأسد عن السلطة، الأمر شجّع بعض أطراف المعارضة السياسية على المشاركة في لقاء موسكو التكميلي بعد أن كانت تشكّك بجدوى مؤتمر الأستانة، ناهيك عن قوته الإلزامية، وقد كانت مبادرة موسكو استدراكية أيضاً بهدف سدّ النقص في مؤتمر الأستانة والتعويض عنه بلقاء المعارضة وزير خارجيتها سيـرغي لافروف في موسكو بعد مؤتمر الأستانة .
لقد كان اختيار الأستانة مكاناً لانعقاد المؤتمر ما يبرّره، فهي مقرّبة جداً من موسكو، مثلما هي في الوقت نفسه مصدر ثقة بالنسبة لواشنطن، الأمر الذي أضفى على المؤتمر أهمية خاصة، لا سيّما وأن كازاخستان ترغب في لعب دور الوسيط، وقد ساهمت في التقارب بين موسكو وأنقرة، وهي إحدى الجمهوريات السوفييتية المنفصلة عن الاتحاد السوفييتي بعد انحلاله، وذلك حين قرّرت الاستقلال في كانون الأول (ديسمبر) في العام 1991، بعد أن كانت منذ العام 1917 "جمهورية سوفيتيية".
دبلوماسية ما بعد حلب و"المناطق الآمنة"
لقد فتحت استعادة الحكومة السورية سيطرتها على حلب، وإخراج المسلّحين وهزيمة الإرهابيين، الباب أمام حركة دبلوماسية سريعة وكثيفة بشأن الحلّ السياسي، خصوصاً وأن الحل العسكري أو الأمني لم يكن بإمكانه إنهاء الصراع في سوريا، فلم تتمكّن الدولة حتى الآن من القضاء على المجموعات الإرهابية والمسلّحة، أو إنهاء المعارضة، فضلاً عن الدعم الإقليمي والدولي، والتسليح والتجهيز والتمويل.
كما لم تتمكّن المجموعات الإرهابية والمسلّحة ومن ضمنها المعارضة، من الإطاحة بنظام الحكم، حتى وإن أضعفوا الدولة، لكن تماسك الجيش ووجود نواة صلبة ملتفّة حوله، حال دون الانهيار، وذلك بمساعدة إقليمية - دولية، منها الدعم اللوجستي الذي قدّمه حزب الله اللبناني، إضافة إلى الدعم الإيراني المتعدّد الوجوه عسكرياً وأمنياً وسياسياً واقتصادياً، يضاف إلى ذلك الدعم الروسي العسكري، وخصوصاً من خلال الضربات الجويّة التي كانت مؤثّرة جداً في إلحاق هزيمة بالقوى الإرهابية التكفيرية، الأمر الذي غيّر من موازين القوى بين الفرقاء المتنازعين في الأزمة السورية.
لكن القوى الإرهابية والمسلّحة وبقية قوى المعارضة لم تفلظ أنفاسها، وإنْ انحسر دورها وتمزّقت وحدتها، إلاّ أنها ما تزال عنصر مشاغلة وتهديد وورقة بيد القوى الدولية التي تبحث عن موطىء قدم لها في سوريا، بعد أن فشلت في الإطاحة بالدولة، فعلى الأقل قد تجد فرصة في "مناطق آمنة" Safety Zone أو Safety Area واختراقات محدودة، لكي تبقى بؤرة توترات مستديمة ومستمرة ومصدر إزعاج مستقبلي .
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد اقترح بعد مؤتمر الأستانة، إقامة "مناطق آمنة" لإيواء النازحين واللاّجئين، وتقديم المساعدات الضرورية لهم، وأبدى وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف استعداد موسكو مناقشة الفكرة شريطة التنسيق مع دمشق وموافقتها، وجاء ردّ الفعل السوري سريعاً على لسان وزير الخارجية وليد المعلم، الذي حذّر من تداعيات خطيرة قد يسفر عنها تحقيق هذه الفكرة دون التنسيق مع الحكومة السورية، لأنه سيؤدي إلى المساس بالسيادة الوطنية. وكانت دمشق قد رحّبت بنتائج مؤتمر الأستانة، واعتبرت وقف إطلاق النار خطوة تمهيدية للحوار السوري - السوري .
ويعيد مفهوم المناطق الآمنة إلى الأذهان القرار الذي اتخذ بشأن الملاذ الآمن في شمال العراق، لا سيّما بعد صدور قرار مجلس الأمن رقم 688 في 5 نيسان (أبريل) 1991، الذي أدان القمع الذي يتعرّض له المدنيون العراقيون في أجزاء كثيرة من العراق، والذي شمل مؤخراً المناطق السكانية الكردية، وتُهدّد نتائجه السلم والأمن الدوليين في المنطقة ، وهو مسألة ترفضها الحكومة السورية بشدّة، لأنها تدرك أن وجود مثل هذه المناطق ودون الاتفاق معها يعني ثلم جزء من سيادتها، وهو الأمر الذي ارتبط بفرض الحصار على العراق، الذي استمر أكثر من 12 عاماً، وكان ذلك تمهيداً لغزوه.
وعلى الرغم من الغموض والإبهام فيما يتعلّق بإقامة المناطق الآمنة في سوريا وجوارها، فإن الرئيس ترامب زادها غموضاً والتباساً خلال مهاتفته الملك سلمان بن عبد العزيز "ملك المملكة العربية السعودية"، لا سيّما حين عوّم المسألة وعمّمها بشموله دول الجوار الإقليمي. وإذا كان الأمر يتعلّق بالنازحين واللاجئين السوريين، فمن باب أولى التنسيق والتعاون مع دمشق التي تشترط موافقتها على أي منطقة آمنة لأغراض إنسانية. أما إذا كان الأمر يمتد إلى جوار سوريا (عمان وبيروت وأنقرة) حيث الكثافة الكبيرة للاجئين السوريين، فيقتضي موافقة حكومات هذه البلدان.
وبالعودة إلى سوريا كيف سيتمّ اختيار المناطق الآمنة؟ ومن سيديرها؟ وكيف ستتكفّل الجهات الدولية تقديم المساعدة لها؟ وهل ستكون الدول الضامنة لمؤتمر الأستانة الدور الأساسي فيها؟ وكيف سيتم التنسيق مع الأمم المتحدة والهيئات الإنسانية الأخرى؟ هذه وغيرها أسئلة تحتاج إلى تفاهمات مسبقة، تتم مع دمشق، خصوصاً وأن هناك رؤى مختلفة ومتعارضة إزاء موضوع إدارة المناطق، فـ"وحدات الحماية الكردية" تعمل بالتعاون مع قوات التحالف الدولي "الأمريكي" باسم "قوات سوريا الديمقراطية" وهناك مناطق تابعة للجيش التركي في وسط منطقة جرابلس، حيث يوجد فيها الآن، مثلما هناك مناطق تحت سيطرة الجماعات الإرهابية، مثل "جبهة فتح الشام"، و"داعش" وغيرها، مثل إدلب والرّقة، فكيف سيتم التعامل معها؟
لقد اضطرّت القوى المعارضة، إضافة إلى الجماعات المسلّحة - دون أن نُدخل في حسابنا الجماعات الإرهابية والتكفيرية، سواء "داعش" أو "جبهة فتح الشام" أو أخواتها - إلى القبول بالجلوس إلى طاولة المفاوضات، والأمر يتعلّق أولاً باختلال موازين القوى على الأرض، ولا سيّما بعد خروجها من حلب، بل إنها كانت في حالة تراجع وتقهقر مستمرين، وثانياً أصبح واضحاً وبعد نحو 6 سنوات أن القوى الدولية الإقليمية تهمّها مصالحها، وأنها غير معنية باستمرار الحرب الأهلية حتى لو تم تدمير كامل سوريا، فذلك إحدى أهدافها، وسيكون المستفيد الأول منها "إسرائيل" والصهيونية، وثالثاً أن الضغوط التي تعرّضت لها من جانب تركيا أجبرتها على قبول الحوار مع الحكومة السورية، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وربما ساعد ذلك في دفع العملية السياسية.
وقد يكون للداخل التركي انعكاساً إيجابياً على الأزمة السورية، "فربّ ضارّة نافعة" - كما يُقال - خصوصاً بعد تعرّض النظام التركي لهزّة عميقة إثر محاولة الانقلاب الفاشلة في تموز (يوليو) العام الماضي 2016 ، والتي لا تزال تداعياتها مستمرّة حتى الآن، وتواجه سياسة تركيا الإقليمية تحدّيات عديدة، إضافة إلى ردود فعل داخلية وخارجية، فالانقلاب ترك ندوباً وآثاراً على الدولة التركية، بل وصورة تركيا التي تم رسمها على نحو إيجابي في السنوات الخمسة عشر الماضية، باعتبارها تمثل نموذجاً "للإسلام المعتدل" و"الدولة المدنية" والحداثية، وهو الأمر الذي أصبحت الشكوك بشأنه تكبر، ليس في الغرب فحسب، بل في دول الإقليم، بسبب تدخلاتها من جهة، وفي الداخل التركي أيضاً حيث يتخذ الصراع طابعاً عنفياً.
وكانت مفاوضات الأستانة (كانون الثاني/ يناير/ 2017)، قد شملت قضيتين أساسيتين تم الاتفاق عليهما وهما:
- تثبيت الهدنة
- وقف إطلاق النار في جميع أنحاء سوريا.
أما المرحلـة الثانية من المفاوضات فستـبدأ في شباط (فبرايـر) 2017، حيث سيتم عقد جولة جديدة في إطار الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سلمي، استمراراً لجنيف 1 و2 و3 .
وإذا كانت نتائج مؤتمر الأستانة الأولية خطوة بالاتجاه الصحيح، فهل سيكون التوصل إلى خريطة طريق ممكناً بعدها، ولا سيّما بغياب واشنطن أم أن الدور الروسي، إضافة إلى الدور الإقليمي، ولا سيّما التركي والإيراني كفيل بذلك؟ وحتى لو لم تكن تركيا ممثلة للأطراف الغائبة، فإن مثل هذا الاتفاق سيكون عاملاً مهماً في الحملة المناهضة للإرهاب وكما قال الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب: إن مكافحة الإرهاب هي من أولوياته، بالتناغم مع الدور الذي تلعبه واشنطن في العراق ضدّ "داعش"، حيث تقود قوات التحالف الدولي لتحرير الموصل، بالتعاون مع القوات العراقية.
مشاريع الدستور
ثمّة أسئلة ضرورية لبحث حيثيات الأزمة السورية ومنها: هل يحظى مؤتمر الأستانة بالإجماع، بعد أن غابت عنه المعارضة السياسية؟ أم أنه "بروفة" أولية تبعها لقاء لافروف بالمعارضة السورية؟ ولعلّ مثل هذا اللقاء التكميلي مهم لجهة عقد مؤتمر جنيف القادم. وكانت روسيا قد دعت على لسان لافروف: التحلي بالصبر لدى تشجيع المعارضة السورية على المشاركة في مفاوضات السلام، وكان هو ووزير خارجية إيران محمد جواد ظريف قد دعيا إلى الاستفادة من تجربة الأستانة لتفعيل عملية السلام.
وقد برّرت بعض القوى السياسية المعارضة غيابها عن لقاء لافروف بالصفة الشخصية للدعوة (قائمة الرياض - الهيئة العليا للمفاوضات)، وقال فريق آخر: "قائمة موسكو"، و"قائمة القاهرة" و"قائمة الداخل"، وممثّل عن الكرد وآخرين، أن المعارضة ستشكّل فِرقاً لصياغة الدستور السوري الجديد والمقترح، وذلك على هامش لقائهم بوزير الخارجية الروسي، ويأتي مثل هذا التوجّه بعد أن أعدت وزارة الخارجية الروسية مسوّدة مشروع لدستور جديد، أساسه توسيع صلاحيات البرلمان على حساب صلاحيات الرئيس ومنع تدخّل الجيش في المجال السياسي، وتأكيد سمو القانون الدولي في النظام القانوني السوري.
وكان لافروف قد دعا المعارضة إلى المشاركة النشيطة في ترتيب عملية تفاوضية مستدامة من أجل تسوية الأزمة السورية في جنيف، بالتعاون مع المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، علماً بأن هناك مسوّدة كردية لمشروع دستور سوري أعدّها حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني وسلّمها لوزير الخارجية الروسي، وذلك بتوسيع صلاحيات الأقاليم اللاّمركزية، علماً بأن المسودّة الروسية ترفع اسم "العربية" من الجمهورية العربية السورية، وترفع صفة دين الدولة "الإسلام"، وهو النص الذي تتضمنه جميع دساتير البلدان العربية تقريباً، وتسمح الصيغة المقترحة بإمكانية تغيير الحدود بواسطة الاستفتاء واعتبار اللغتين العربية والكردية متساويتين في مناطق الحكم الذاتي الثقافي الكردي.
وبرّرت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا اقتراح مشروع دستور على الأطراف السورية، بقولها: "إن موسكو لا تحاول فرض أفكار ما على أحد، إنما يكمن الهدف من مبادرتها في تحفيز النقاش بين السوريين" .
والسؤال الآن: ماذا بعد الأستانة؟ وماذا بعد لقاء موسكو مع المعارضة السورية؟ هل سيكون بالإمكان توفير أرضية صالحة وخصبة لمؤتمر جنيف برعاية الأمم المتحدة؟ والجواب هو ما عبّر عنه الروس من رغبة يمكن الاستدلال عليها من استضافتهم المعارضة السورية، وكان الهدف واضحاً هو استكمال مؤتمر الأستانة تمهيداً لعقد مؤتمر جنيف.
ميزان القوى الجديد
إن التطوّرات الجديدة والتبدّل في موازين القوى قد يسهم في تغيير أو تعديل توجهات بعض أجندات المعارضة، لا سيّما إذا حصل نوع من التفاهم الروسي - الأمريكي، بعد التوافق الروسي - التركي، على الرغم من وجود بعض المنغصّات الدولية الأخرى، وذلك غير دول الخليج وتردّد الولايات المتحدة، ونعني به تحفّظات فرنسا وألمانيا التي لم يحظ مؤتمر الأستانة برضاهما، كما كان دور الأمم المتحدة فيه محدوداً، ولعلّ من أسباب نقد بعض القوى للمؤتمر، أنه انعقد في رحاب مدينة محسوبة على موسكو التي لها دور مؤثّر في قراراتها.
وإذا كان ثمّة أسباب داخلية دفعت تركيا إلى المشاركة الفاعلة في مؤتمر الأستانة، فإن هناك أسباباً أخرى منها مشاكل المهجرين واللاجئين السوريين وعدم إيفاء أوروبا بوعودها والتزاماتها، وهو ما كانت تركيا تريد به ابتزاز أوروبا، فضلاً عن محاولتها محاصرة حزب العمال الكردستاني PKK، الذي لا زال وجوده يؤرقها، فهي حتى الآن لا تعترف بحقوق الكرد القومية، وتتخذ موقفاً استعلائياً وشوفينياً من القضية الكردية ومن قضايا المجاميع الثقافية الأخرى، يضاف إلى ذلك أن حزب العمال الكردستاني لا يقتصر نفوذه السياسي والعسكري داخل تركيا، بل إنه يتمدّد داخل الأراضي السورية، ولا سيّما في عفرين والقامشلي، وكذلك داخل الأراضي العراقية في جبل قنديل.
وقد تمكّن مؤخراً من فرض سيطرته على قضاء سنجار، الأمر الذي حاولت تركيا أن تضغط فيه على إقليم كردستان وعلى حكومة بغداد، بل أعطت تعهداً بانسحاب قواتها من العراق، بعد أن كانت تتمنّع عن مثل هذا الالتزام وتتذرّع بأن أولوياتها محاربة القوى الإرهابية التي تشنّ عليها حملات من داخل الأراضي العراقية، وبالمقابل فقد تعهّدت إربيل وبغداد بمواجهة حزب العمال الكردستاني وإبعاده عن سنجار، حتى وإنْ لم يتمكنا، لا سيّما وأن المعركة مع "داعش" لم تحسم، ولا يمكن الدخول في معركتين في آن واحد.
وبغض النظر عن اختلاف التقييمات بخصوص مؤتمر الأستانة، فإنه نجح حتى الآن في تثبيت وقف إطلاق النار، وهذه خطوة لصالح الحكومة السورية التي سيكون بمقدورها إعادة الانتشار وإعادة السيطرة الإدارية على مناطق البلاد التي أفلتت من قبضتها خلال السنوات الخمس ونيّف الماضية من الحرب، وقد يقلّص من قدرة المعارضة والجماعات المسلحة التي أصبحت الممرّات أمامها مغلقة، ويمكن استهدافها فرادى، علماً بأن هدف الإيرانيين والروس هو الشروع بالتفاوض الطويل الأمد، خصوصاً بتقوية مواقع الجيش السوري.
وإذا كان ثمة اختلافات في الرؤية بين الإيرانيين والروس، فإن إيران التي ساهمت منذ البداية في دعم الحكومة السورية، لا تريد تجيير ذلك لمصلحة الروس، كما أن الروس الذين كان لهم دور حاسم في ضرب مواقع الإرهاب والجماعات المسلّحة، ولا سيّما في معارك حلب، لا يريدون الخروج من المشهد دون وضع بصمتهم الواضحة عليه، ويعتبرون سوريا حليفة لهم بدءًا من الحكومة، مثلما هي بعض أطراف المعارضة التي يستميلونها، ولذلك يطمحون في إجراء تقارب بينهما لتتمكّن روسيا أن تلعب دور مستقبلي في سوريا وعند أي تغيير محتمل أيضاً.
أما تركيا، فإن وضعها الخاص سيتوضّح لاحقاً، لا سيّما في جنيف، فيما إذا كانت قد قرّرت التخلّص من عبء علاقتها بالجماعات المسلحة والمعارضة، بل يمكن أن تذهب أبعد من ذلك، حيث يمكنها التطبيع مع الحكومة السورية بعد أن اختل ميزان القوى لصالح استمرار النظام برئاسة بشار الأسد.
واللاّفت في مفاوضات الأستانة أن الذي مثل المعارضة المسلّحة، هم ممن لهم فعل على الأرض، وليسوا من معارضة الخارج، في حين أن اللقاءات السابقة ضمّت مجاميع سياسية معارضة، لكنها لا تملك رصيداً قوياً على الأرض، وخصوصاً في الجانب العسكري.
بيان الأستانة
وكان البيان الختامي لمؤتمر الأستانة قد حدّد الوجهة العامة التي يمكن أن ترضي الحكومة والمعارضة، وذلك بتأكيده على :
1 - الالتزام بسيادة واستقلال ووحدة أراضي الجمهورية العربية السورية (أي إبعاد فكرة التقسيم التي يتم التلويح بها) من جانب القوى الخارجية وبعض الجماعات المسلحة والمعارضة أحياناً.
2 - إن سوريا دولة متعدّدة الأعراق والأديان وغير طائفية وديمقراطية (وهذه أطروحات جديدة كانت المعارضة تدعو إليها، ووافقت عليها الحكومة السورية).
3 - تأكيد محاربة "داعش" وجبهة "فتح الشام"، باعتبارهما تنظيمين إرهابيين وهو اشتراط للحكومة السورية مدعوماً من إيران وروسيا، وتفريقهما عن بقية المنظمات المسلّحة، أي إجراء فرز بين الجماعات والقوى المناهضة للحكومة السورية، وهو بقدر ما يأتي لصالح الحكومة السورية، فإنه يتطابق مع طموح الشعب السوري والقوى الإقليمية والدولية في التخلص من الإرهاب، فضلاً عن انسجامه مع طموح بعض المعارضات المسلّحة التي تريد تمييز نفسها عن الجماعات الإرهابية والتكفيرية.
4 - التأكيد على قرار مجلس الأمن 2336، الذي صدر في 31 كانون الأول (ديسمبر) 2016، حيث كان وزراء خارجية كل من تركيا وإيران وروسيا قد أصدروا بياناً مشتركاً في موسكو في 20/12/2016 أكّدوا فيه على "إطلاق محادثات بين حكومة الجمهورية العربية السورية ومجموعات المعارضة المسلّحة في الأستانة...".
5 - تأكيد الأطراف المشاركة على الحل السياسي، باعتباره الحل الوحيد من خلال عملية سياسية مبنية على تطبيق قرار مجلس الأمن 2254 بالكامل ، واستبعاد الحل العسكري على نحو صريح وواضح، وهو وإنْ كان إقرار بواقع أليم جاء بعد نحو 6 سنوات، لكنه يمثل روح القرارات الدولية والقوى الحليفة للحكومة السورية، لا سيّما بعد أن أحرزت نجاحات عسكرية على الأرض.
6 - تثبيت وتقوية نظام وقف إطلاق النار من خلال ترتيبات متفق عليها، وبدعم من قرار مجلس الأمن 2336 لعام 2016، بما يساهم في تقليص العنف والحد من الانتهاكات وبناء الثقة وتأمين وصول سريع وسلس ودون معوّقات للمساعدات الإنسانية تماشياً مع قرار مجلس الأمن 2165 لعام 2014 وتأمين الحماية وحريّة التنقّل للمدنيين في سوريا .
وأعتقد أن ذلك لو حصل وتم الالتزام به سيفتح الباب أمام عودة الحياة الطبيعية وسيضغط على جميع الأطراف من أجل إنجاز تسوية من شأنها إعادة هيبة الدولة وإخضاع الجميع لسلطانها مع إجراء التغييرات المطلوبة للانتقال الديمقراطي.
وإذا كان الوفدان السوريان قد تباحثا من خلال غرفتين منفصلتين وعبر وسيط، حيث كان دي ميستورا وممثلين من الوفد الروسي والتركي، فإن المباحثات القادمة ربما ستشهد حواراً تمهيدياً مباشراً أو شبه مباشر، ولكن أكثر قرباً وتواصلاً وقد تتبدّل بعض المواقع.
وصدر البيان عن الدول الثلاث الضامنة ، الذي أكّد في إحدى فقراته على هدف محاربة الإرهاب (داعش والنصرة)، وهو أمر سيكون ملزماً لهذه الدول بالطبع.
مصارعة على الطريقة الرومانية
أوجدت محطة الأستانة إطاراً جديداً للمفاوضات، وهي مختلفة عن مفاوضات جنيف، وإن كانت لا تتعارض معها، لكنها خطوة متقدمة عليها، وخصوصاً بتأكيد فشل الحل العسكري والتركيز على الحل السياسي، باعتباره الحل الوحيد لتسوية الأزمة، لا سيّما وأن جميع الأطراف أنهكتها الحرب التي استمرّت، وكأنها مصارعة على الطريقة الرومانية التي قد توصل أحد الطرفين المتصارعين إلى الموت، في حين أن الطرف الآخر قد يبلغ به الإعياء والإنهاك حد العجز الذي هو أقرب إلى النهاية، وقد كان لتغيير الموقف التركي أثر بالغ في تحقيق الهدنة بين الحكومة والمعارضة.
وسيكون موضوع الدستور السوري واحداً من القضايا المعروضة للنقاش، فيما إذا نجحت الأطراف في إرساء دعائم وقف إطلاق النار والشروع بالاتفاق حول مستقبل العملية السياسية والتغيير المنشود طبقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي. وإذا كان هدف التوصل إلى حلّ سياسي، قد أجمع عليه المتفاوضون، فإن ذلك لن يتحقّق دون خطوات عملية لوقف إطلاق النار، وهذا يمكن أن يتم إذا ما شعرت الأطراف جميعها أن مرحلة انتقالية بعيدة المدى تنتظر سوريا، وأنها يمكن أن تتبلور وفقاً لصيغة اتفاقية ورضائية مكفولة دولياً.
لقد لعب الدعم الروسي دوراً كبيراً في تغيير موازين القوى لصالح الحكومة السورية، كما كان للتقارب التركي - الروسي مؤخراً، أثراً إيجابياً في تقريب وجهات النظر، سواء بالتحضير لمؤتمر الأستانة أو لإقناع المعارضة المسلّحة بالحضور والمشاركة، وقد عكس لقاء موسكو للدول الضامنة ذلك بالدعوة إلى ضرورة عقد مفاوضات سياسية بين الأطراف السورية - السورية، أي بعد نجاح وقف إطلاق النار وتحقق شروط الهدنة والالتزام بها، وبهذا المعنى فإن الأطراف الثلاثة استبعدت الحل العسكري كليّاً وهو تطوّر جديد في الأزمة السورية، خصوصاً إذا ما تم الالتزام به.
الأزمة استثنائية والحلّ الاستثنائي
كان حضور الحكومة والمعارضين السوريين إلى الأستانة يعني فيما يعنيه الخروج من معطف جنيف الذي حاولت القوى الدولية إلباسه للسوريين (حكومة ومعارضة) برعاية الأمم المتحدة، وفي الوقت نفسه فإن هذا الخروج ليس إلى فراغ، بل إلى رعاية روسية أساسية وإن كانت ليست معارضة لاتفاقات جنيف، لكنها أكثر واقعية وقدرة على التنفيذ من خلال التوافق الدولي - الإقليمي (روسيا - تركيا).
ربّما كانت القراءة الأولى لمؤتمر الأستانة باعتباره تحدّياً روسياً للمجتمع الدولي، لكن دخول تركيا وتأثيرها على المعارضة، أعطاه أهمية استثنائية، ولا يمكن إنجاح أي حلّ في سوريا إلاّ إذا كان استثنائياً، فالأزمة استثنائية وتتطلّب حلاًّ استثنائياً، وأعتقد أن وضع مسودة تنفيذ القرار 2254 الصادر في 18 كانون الأول (ديسمبر) 2015 عن مجلس الأمن الدولي ستكون الخطوة الأساسية لنجاح أي اتفاق لاحق، وقد نصّ هذا القرار على "أن الشعب السوري هو من يقرّر مستقبل البلاد"، ودعا إلى "تشكيل حكومة انتقالية، وإجراء انتخابات برعاية أممية، كما طالب بوقف الهجمات ضدّ المدنيين بشكل فوري، وقد تمّ التصويت عليه بالإجماع (15 دولة عضو في مجلس الأمن).
الجديد في الأزمة السورية الراهنة هو الضمانة الروسية التي تمكّنت من حل بعض العُقد أمام مؤتمر جنيف في شباط (فبراير) 2017، يضاف إلى ذلك فصل المعارضة المسلّحة عن الجماعات الإرهابية مثل "داعش" و"حركة أحرار الشام الإسلامية" و"جيش الإسلام" و"الجيش الحرّ" وغيرها، وهذه خطوة مهمّة.
ولكن تبقى هناك عقبات جدّية ما بعد الأستانة أهمها: تحديد المشاركين باسم المعارضة ويطمح الروس أن تشارك جميع القوى الفاعلة، خصوصاً وأن بعضها قد غاب عن الحضور، وتمثيل الأكراد الذين لديهم حضور في المناطق الشمالية ويديرونها ذاتياً، وكيف سيكون الأمر في المستقبل، أي العلاقة بين المركز والأقاليم أو الأطراف، خصوصاً وأن مطالب عديدة أخذت تتبلور في أوساطهم تدعو إلى الفيدرالية أو الحكم الذاتي أو اللاّمركزية، وكلّها تبدي اعتراضاً على فكرة الدولة المركزية البسيطة، التي عرفتها سوريا منذ استقلالها، وأخذت تروج بدلاً عنها فكرة الدولة اللامركزية والمركّبة، فهل نحن بصدد نظام لا مركزي؟ وأين حدود صلاحيات المركز والأقاليم؟ وهل هي إدارية أم قومية؟ وحسب المصطلح المستخدم "الثقافية"؟ ووفق أي الاعتبارات سيتم تحديدها؟ وعلى أي النسب السكانية سيتم تقريرها؟ وهذه أسئلة تحتاج إلى أبحاث مستفيضة وتراضٍ وتوافق استثنائي وتاريخي في الوقت نفسه، وقد تكون المفاوضات فيها مضنية.
ولعلّ هذه الإشكالات الاستثنائية تحتاج إلى حلول استثنائية وتنازلات متبادلة من جميع الأطراف، كما أن الأطراف الكردية غير متفقة مع بعضها البعض، علماً بأن موسكو تريد مشاركة حزب الاتحاد الديمقراطي وشخصيات قريبة من النظام وأخرى محسوبة على محور القاهرة، في حين ترى أنقرة ضرورة مخاطبة الهيئة العليا للمفاوضات وهي ترفض دعوة الأكراد، الأمر الذي يحتاج إلى مرونة من جهة، مثلما يحتاج إلى وضوح وأفق لكي لا تُخلق بؤراً جديدة للتوتر والصراع أو تُبقي عليها، بحيث تنفجر في أي وقت.
وإذا كان الموقف التركي قد تغيّر تماماً، وانتقل من حالة الرفض لأي مفاوضات لا تحدّد مصير الرئيس الأسد، إلى مفاوضات قد لا تتطرّق إلى ذلك مراعية مصالحها السياسية والاقتصادية وأوضاعها الداخلية، فإن للنجاحات التي أحرزها الجيش السوري وتراجع القوى المسلحة في مناطق عديدة، وخصوصاً في منطقة الباب وحلب دور كبير في ذلك، ناهيك عن فتور علاقات تركيا مع الناتو وضيق صدرها من الولايات المتحدة التي اتهمتها ولو لم تسمّيها بالاسم، بالتحريض على الانقلاب الفاشل ودعم فتح الله غولن، وقد يكون لتولي الرئيس دونالد ترامب أثر كبير في مجريات الأحداث في سوريا بغض النظر عن مواقفه الأخرى، والأمر قد يكون له صلة بالعلاقة الروسية - الأمريكية.
ولعلّ أهم نتائج مؤتمر الأستانة على الصعيد الدولي والإقليمي هو إنشاء إطار ضامن وأوكل له مهمّة أساسية معلنة بوضع آليات لمراقبة وقف إطلاق النار، وذلك بعد أن تمكّن اللاّعب الروسي، الإمساك بالملف السوري، خصوصاً بعد قرار إدارة أوباما، التراجع إلى الخلف لانشغالها بملفات داخلية وإبداء تركيا استعدادها لجلب المعارضة المسلحة للأستانة مع تخلّيها عن فكرة تنحية الرئيس الأسد.
هكذا أصبحت موسكو هي الضامنة، وليست طرفاً في الصراع كما كان المعارضون المسلحون يتهمونها، بل أدانوها بارتكاب مجازر عديدة في المناطق التي تحت سيطرتهم، وهذا يعني أنها أصبحت مقبولة كطرف حيادي يرعى مؤتمراً لتثبيت وقف إطلاق النار، ثم سيضمن مراقبة ذلك. وسيكون لها وفقاً لهذا التقدير دور مستقبلي قد يصبح كبيراً أكثر مما هو عليه للوصول إلى تسوية شاملة، فيما إذا سارت الأمور حسب ما هو معلن ومقرر.
خريطة الطريق الروسية
وحسب ما ترشّح، فإن لدى الروس أربع حلقات أساسية لحل الأزمة السورية، وقد تلتقي معها كلياً أو جزئياً إيران وتركيا، وخصوصاً بعد نتائج مؤتمر الأستانة، ولحين تبلور رؤية أمريكية جديدة في عهد ترامب، فإن هذه الخطة ستأخذ مجراها إلى التطبيق ويعتمد نجاحها على دفع اللاّعب الأمريكي بوقت لاحق للتعاطي مع المشروع الروسي.
الحلقة الأولى للخطة الروسية، تقوم على إرساء وقف إطلاق النار بشكل حقيقي في المناطق المتنازع عليها بين الحكومة السورية والجماعات المسلّحة.
أما الحلقة الثانية، وقد بدأت خطواتها الأولى بشن حرب تشارك فيها الأطراف المختلفة للقضاء على جبهة فتح الشام "جبهة النصرة سابقاً" وكان من مؤشرات ذلك صراع الجماعات المسلحة مع جبهة فتح الشام في إدلب التي ترافقت مع العمليات الجوية التي ينفذها التحالف الدولي وموسكو من خلال استهداف مقرّاتها واجتماعات قيادييها، ليس هذا فحسب، بل إن هذه الحلقة قد تتوسّع لتشمل محاربة "داعش".
وتقضي الحلقة الثالثة بإقرار دستور جديد لسوريا وقد تمّت الإشارة إلى مشاريع الدساتير المقترحة والمشاريع التي ستعكف على تقديمها قوى المعارضة، وكانت المسوّدة الروسية قد استندت على الدستور السوري الذي تم تعديله العام 2012، وهناك قلق لدى العديد من النخب السورية الحاكمة وغير الحاكمة في أن يكون هذا الدستور صيغة مماثلة أو مقاربة لدستور بول بريمر بخصوص العراق للمرحلة الانتقالية 2004 والذي تم صياغة الدستور الدائم على أساسه لعام 2005، وهو الذي كرّس نظام المحاصصة الطائفية - الإثنية، لكن الروس يؤكّدون أن ذلك يتم بوحي من الأرضية الدستورية السورية نفسها وبأيدٍ سورية، مع ملاحظات حول شكل نظام الحكم وصيغة اللاّمركزية المطروحة فيه .
وتعتبر الحلقة الرابعة من أهم حلقات الخطة الروسية، وذلك برفع أي فيتو عن أي من المرشحين للرئاسة، ولكن كل ذلك مرهون بنجاح عملية إحلال السلام، وتعاون الأطراف الإقليمية مع موسكو، لا سيّما تركيا وإيران، وبالطبع فإن صيغة البيان الختامي فجّرت خلافات جديدة بين الجماعات المسلّحة والمعارضة، لا سيّما بشأن الدور الإيراني الضامن.
في الختام يمكن القول إن مؤتمرات السلام التي انعقدت لحلّ الأزمة السورية في السنوات الثلاث الماضية، جميعها بما فيها مؤتمر الأستانة، ساهمت في كسر الحاجز النفسي وتطبيع العلاقات بين القوى المعارضة والحكومة السورية. وإذا كانت المؤتمرات الأولى ضمّت جماعات سياسية مثل "المجلس الوطني السوري - الدوحة" ثم "هيئة الائتلاف الوطني - اسطنبول"، ولاحقاً "الهيئة العليا للمفاوضات - الرياض"، فإن مؤتمر الأستانة مثّل جماعات مسلّحة على الأرض حملت تسميات من قبيل "جيش الإسلام" و"جيش إدلب الحر" و"الجبهة الجنوبية" و"صقور الشام".
تركيا: تسوية الأزمة بدون الأسد أمر غير واقعي
وإذا كانت تركيا المتعهّد باسم الجماعات المعارضة المسلحة، فإن روسيا ظهرت وكأنها الأقرب لتمثيل الحكومة السورية كقطب أساسي، وإن حظرت إلى جانبها إيران، لكن تحفّظات بعض الأطراف المسلّحة جعلها في المرتبة الثانية، وإذا كان هناك من تبدّل نوعي، فهو يتعلّق بتهميش دور المملكة العربية السعودية وقطر، خصوصاً بعدم حضور المعارضات السياسية المدعومة من جانبيهما.
ومن التطوّرات المهمّة التي تبلورت عشية وخلال وبُعيد مؤتمر الأستانة أن تركيا التي كانت تصرّ على رحيل الأسد، تخلّت عن هذه الفكرة، وقد عبّر نائب رئيس وزرائها محمد شيمشك في مؤتمر دافوس (سويسرا) ما يؤكّد ذلك حين قال: إن تسوية الأزمة السورية بدون الرئيس السوري بشار الأسد، تعدّ في الوقت الراهن أمراً غير واقعي، وذهب أكثر من ذلك حين أضاف "الأسد يتحمّل مسؤولية معاناة الشعب السوري، لكن يجب أن نكون براغماتيين، وأن ننطلق من الواقع، فالوضع تغيّر جذرياً، ولذلك لا يمكن لتركيا أن تواصل الإصرار على تسوية بدون الأسد، وأنه أمر غير واقعي" .
صحيح أن مؤتمر الأستانة ركّز على الجوانب العسكرية، المتعلّقة بتثبيت الهدنة ووقف إطلاق النار، إلاّ أنه فتح الأفق واسعاً بعد انسداد دام لسنوات أمام تسوية سياسية، وهو ما حاول دي ميستورا الحديث عنه، ولا سيّما استئناف مؤتمر جنيف في شباط (فبراير) 2017، أي محاولة إضفاء بُعدٍ أممي على ما جرى في الأستانة، وتبقى الأزمة السورية، سورية بالدرجة الأساسية، وحلّها سورياً أيضاً، مهما كان دور القوى الإقليمية والدولية كبيراً، وهذا الحل الميداني يحتاج إلى خريطة طريق طويلة الأمد، وتفاهمات وشجاعة استثنائية في الوقت نفسه، لأن الهدف هو إعادة بناء سوريا وترميم ما خربته الحرب، وإجراء مصالحة وطنية حقيقية وتاريخية.
كولومبيا وتجارب العدالة الانتقالية
وسيكون ذلك ممكناً حين يتم اعتماد قواعد العدالة الانتقالية، مع حساب الخصوصية السورية، تلك التي تقوم على كشف الحقيقة: ما الذي حصل؟ ولماذا حصل؟ وكيف حصل؟ لتحصين الأجيال القادمة، وذلك دون نسيان المساءلة عمّا حدث مع الأخذ بنظر الاعتبار الابتعاد عن الثأر والانتقام والكيدية، فمثل ذلك سيولّد ردود فعل وانقسامات تزيد من الشروخ الاجتماعية الحاصلة، وهنا لا بدّ من اعتماد مبادىء التسامح، والابتعاد عن كل ما من شأنه أن يثير الحساسيات والضغائن والفتن ويدخل البلاد في أتون تقسيمات طائفية وإثنية.
والخطوة الأخرى التي يمكن اعتمادها تقوم على جبر الضرّر، خصوصاً المعنوي بإطلاق أسماء مكتبات وساحات عامة وشوارع وقاعات ومدارس وغيرها على ضحايا يخلّدهم الشعب السوري، وكذلك تعويض الضحايا وأسرهم وجميع المتضررين مادياً ومعنوياً، خارج أي اعتبار سياسي أو قومي أو ديني أو طائفي أو اجتماعي أو مناطقي أو أي اعتبار آخر، ودون أي تمييز، والعمل على إصلاح الأنظمة القانونية والقضائية والأمنية، التي تعزّز من احترام حقوق الإنسان وحرّياته باعتبارها ركيزة أساسية من الركائز الدستورية التي تقوم على المواطنة الفاعلة، لا سيّما بأجواء من الحريّة التي هي أسمى الحقوق والمساواة والعدالة، وخصوصاً العدالة الاجتماعية والشراكة والمشاركة.
الأزمة السورية استثنائية والحل استثنائي أيضاً، وإذا كان الهدف هو تحقيق المصالحة الوطنية التاريخية وإعادة لحمة المجتمع السوري، فلا بد من إنهاء جميع تبعات الصراع المسلّح الاستئصالي، الإلغائي، التهميشي، وتحقيق العيش المشترك والتفاهم، وقطع دابر التدخلات الخارجية التي كان لها دور أساسي في إشعال الفتنة واستمرارها. وأول ما تحتاجه المصالحة هو بناء جسور الثقة لوقف التعقيبات القانونية، وإطفاء القضايا المتعلّقة لكل من يلقي السلاح ويستجيب لنداء الوطن والوحدة الوطنية والتحوّل الديمقراطي، وقد جرّبت شعوباً كثيرة مثل هذه الحلول ونجحت في تجاوز أزمتها، ولعلّ آخر الأمثلة كانت التجربة الكولومبية التي استحق عليها الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس جائزة نوبل العام (2016)، وذلك تقديراً لجهوده في تسوية النزاع المسلح في بلاده .
وكان الرئيس الكولومبي قد اتفق مع الحركة اليسارية (المتطرّفة) التي تُدعى "فارك" بعد مفاوضات مضنية دامت 4 سنوات لوضع حدٍّ لصفحة الصراع المسلح الذي استمر 52 عاماً وأودى بحياة 220 ألف مواطن وساهم في تعطيل التنمية وهدر طاقات البلاد.
لقد كان الاستمرار بالنسبة للطرفين يمثل نوعاً من المكابرة والعبث، فوافقت الحركة على إنهاء الكفاح المسلّح، وإلقاء السلاح وتسليمه إلى الحكومة والتوصل إلى مصالحة مع الدولة وبشروطها، ووافقت الحكومة على التوصل إلى حلول سلمية ومدنية، باستبعاد المساءلة الفورية أو المباشرة، ذلك أن اشتراط تحقيق العدالة كشرط للسلام قد يفضي إلى استمرار الحرب الأهلية، خصوصاً في ظل نفوذ لا يزال يملكه المتمردون، الذين يبلغ عددهم أكثر من 15 ألف مسلح، فكان لا بدّ من اللجوء إلى الوسائل السلمية واللاّعنفية باعتبارها سلاحاً ماضياً للوصول إلى الأهداف المرجوة، حتى وإن ألحق بعض الخسائر بمسألة العدالة القانونية المنشودة.
الاتفاق الكولومبي كان أقرب إلى صفقة سياسية حين وضع السلام مقابل العدالة، مقدّماً الأول على الثانية، لأننا لو أخذنا بمعيار تطبيق مستلزمات العدالة القانونية والقضائية عند الاتفاق، فإن ذلك سيعني ملاحقة أعضاء حركة "فارك"، التي تصل جرائمها إلى جرائم حرب، وجرائم إبادة جماعية، وجرائم ضدّ الإنسانية، خصوصاً لجهة عدد الضحايا وتدمير المنشآت وإحراق المزارع وإتلاف البيئة وتهجير مئات الآلاف من السكان، وقد يكون بعضها من مسؤولية المحكمة الجنائية الدولية.
لعلّ التجربة الكولومبية اليوم هي إحدى تجارب العدالة الانتقالية الجديدة، خصوصاً بتقديم السلام على المساءلة، ومن أبرز عناصرها هي: تعهّد قادة الحركة المسلّحة بتسليم أسلحتهم، والامتناع عن زراعة المخدرات وإتلاف ما يوجد لديهم، والتوقف عن الاتجار بها أو بعمليات تهريبها أو القيام بأي خرق لحقوق الإنسان، كما تعهّدوا بتقديم تعويضات (من المال السّحت الذي حصلوا عليه) إلى المزارعين، وأولاً وقبل كل شيء إعلاء حكم القانون ومرجعية الدولة والعودة إلى المجتمع كأفراد مدنيين. وأعتقد شخصياً أن ذلك أمراً في غاية الأهمية.
أُطلقَ على الاتفاق بين الرئيس سانتوس وقادة الحركة المسلحة: العدالة التوافقية أو العدالة البنّاءة، وهي عدالة مؤقتة وانتقالية تشمل جوانب قانونية وأخرى سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية، وهذه تعني حسب حيثياتها: لا معاقبة الجاني وإعادة الحق لأصحابه، بل الاتفاق على تعهّد المرتكب بعدم تكرار ارتكاب جرائم جديدة وإعادة جزء من الحق لأهله، والاعتراف بحق الدولة في استعادة سلطتها، باعتبارها الجهة الوحيدة التي يحق لها احتكار السلاح واستخدامه.
وإذا كانت شروط العدالة الانتقالية تقوم على كشف الحقيقة والمساءلة وجبر الضرّر وتعويض الضحايا وإصلاح الأنظمة القانونية والقضائية والأمنية، فإن التجربة الكولومبية، قفزت على النقطة الأولى، وتركت أمرها لتنفيذ الاتفاق، وإذا كان مثل هذا الإشكال يجنّب الشعب الكولومبي الويلات والمآسي التي عاشها لعقود من الزمان، فلا بدّ أن يكون مرحّباً به لعلاقته بالمستقبل وليس بالماضي، فالانتقام والثأر قد يدفع إلى ردود فعل متقابلة، وهكذا.
وكانت التجربة الأرجنتينية في أواخر السبعينات وما بعدها قد سلكت طريق التوافق بإطفاء الحرائق ووقف التعقيبات القانونية بحق المرتكبين، كما سلكت التجربة التشيلية في أواخر التسعينات ذات الطريق، وهما شقّا تجربة جديدة في العدالة الانتقالية، قائمة على فقه التواصل وليس فقه القطيعة، وهو ما سلكته تجربة الدول الاشتراكية السابقة منذ أواخر الثمانينات، خصوصاً بولونيا وهنغاريا وتشيكوسلوفاكيا، ويمكن هنا أن نستذكر تجربة جنوب إفريقيا للعدالة الانتقالية التي استبعدت الانتقام، لأن فتح مثل هذه الصفحة قد يؤدي إلى استشراء العنف الذي سيصاحبه ردود أفعال مضادّة، والعنف يولّد عنفاً، وهكذا، كما أن التجربة المغربية للعدالة الانتقالية وهي من داخل النظام واستمراراً له مفيدة جداً، ويمكن قراءتها بصورة هادئة، حتى وإن كانت الأجواء ساخنة، لأن فيها ما ينفع مثل التجارب الأخرى، وهي ليست للتقليد أو للاستنساخ، بل لاستلهام الدروس والعبر، خصوصاً من وجود بعض المشتركات العامة.
قد يصلح الدرس الكولومبي والأمريكي اللاتيني ودروس أوروبا الشرقية، وجنوب إفريقيا والمغرب لبلدان وشعوب أخرى، ويكون مفيداً إذا أخذنا بنظر الاعتبار الظروف الخاصة بكل بلد، علماً بأن مهمة تحقيق السلام، هي مهمة إنسانية مشتركة وعامة.
ولعلّ مؤتمر الأستانة ولقاء موسكو قد فتحا الطريق أمام مؤتمر جنيف الذي يحتاج إلى خريطة طريق تستكمل ما بدأته مؤتمرات جنيف السابقة، الأول في حزيران (يونيو) 2012، والثاني في كانون الثاني (يناير) 2014، والثالث الذي كان مقرراً بترتيب من محادثات فيينا للسلام ومجلس الأمن الدولي ومبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا، على أن تتوافق عليها القوى السورية أساساً، حكومة ومعارضة، ولا بد لها لكي توضع موضع التطبيق أن تحظى بتأييد ودعم إقليمي ودولي.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البحر الميت ووعد بلفور
- أثمّة مشروع ثقافي عربي؟
- الحقوقي بعين الصحافي: شبيب المالكي وشرعية الإنجاز
- الذاكرة ولحظة الحقيقة
- وماذا عن الشتات العراقي..؟
- العقد العراقية المعتقة
- ترامب وحكم القانون
- آرا خاجادور: وطني نقرة السلمان وهويتي عراقية والهوى أممي
- صفاء الحافظ وصباح الدرّة: 37 عاماً على الاختفاء القسري
- قضم الضفة العربية: ماذا يعني؟
- ترامب وما بعد العولمة
- المثقف وظاهرة الاغتيال السياسي
- في نقيض التطرف
- عن أشكال العبودية الجديدة
- من وحي مؤتمر فكر - 15: -بصرة الإمارات-
- عن حكم القانون
- سؤال وستفاليا العربي: الخرائط الجديدة ما بعد داعش
- في نستولوجيا المثقف اليساري
- حوار الأمم الأربع
- ميانمار: أية تجربة تنتظرها؟


المزيد.....




- محكمة العدل الدولية تصدر-إجراءات إضافية- ضد إسرائيل جراء الم ...
- انتقاد أممي لتقييد إسرائيل عمل الأونروا ودول تدفع مساهماتها ...
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بإدخال المساعدات لغزة دون معوقات
- نتنياهو يتعهد بإعادة كافة الجنود الأسرى في غزة
- إجراء خطير.. الأمم المتحدة تعلق على منع إسرائيل وصول مساعدات ...
- فيديو خاص: أرقام مرعبة حول المجاعة في غزة!!
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بفتح المعابر لدخول المساعدات إلى غز ...
- مسؤول أممي لبي بي سي: -المجاعة في غزة قد ترقى إلى جريمة حرب- ...
- الأونروا تدعو لرفع القيود عن وصول المساعدات إلى شمال غزة
- الأمم المتحدة: هناك مؤشرات وأدلة واضحة تثبت استخدام إسرائيل ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عبد الحسين شعبان - ما بعد مؤتمر الأستانة: قراءة في البعدين الإقليمي والدولي للأزمة السورية