أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - قيود أمّي-الفصل الرابع-4-














المزيد.....

قيود أمّي-الفصل الرابع-4-


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 5483 - 2017 / 4 / 6 - 11:55
المحور: الادب والفن
    


لا تبحث عنّي!
اختبأت في سرداب
أنتظر فجراً يكشفني
عندما افترقنا. لم تقل وداعاً
نسيتَ أنك أنا
وأنّ الحبّ قاتلنا
أبحرفي السرداب المظلم
بلا مركب
، ولا أشرعة
يا أيّها الحبّ! أين أنت منّي؟
أعانقني ،بقاياي ترنو إليك
أنا وأنت والآه
غصنا في وحل الألم
من أنت؟ قل لي
هل أنت أنا، أم قبضة من زمني؟
. . .
عندما أجول بين القبور في الصباح، تصافحني الشّمس، وتهمس لي الرّيح. رائعة هي تلك المقابر. أنت تقيمين على مقربة من البشر العاديين. تجاوزي تلك القبور الفخمة، انزلي قليلاً عن السطح إلى المنحدر. هناك قبور دون شواهد، ودون علامات تدّل من هم أهلها. قبور طمرت لا يظهر منها إلا آثار نبش الحيوانات على المكان.
ما أحلى همس الرّيح. طوال عمري وأنا أؤمن بأنّ هناك أمراً ما في داخلي يرشدني إلى الأمكنة.
انتصف النهار وأنا أمشي. لولم أجد قبراً جميلاً مزيّناً بأجمل الورود لما عرفت أنّ اليوم عيد. امرأة تبكي ابنها المقتول، وأخرى تبكي زوجها. يوزعون الصّدقات على أروح أمواتهم. مدّدت يديّ، فجادوا عليّ.
شبعت، أتى عليّ النّوم فجأة. نمت في مكاني بين الجموع. أجمل ما في القبور هو الحريّة. تستطيع أن تفعل ما تشاء، ومتى تشاء.
. . .
أشعر بالحرّية، بالحبّ
حيثما اتجهت أحسّ بالحنين
حنين إلى أشياء مجهولة
إلى عالم ضبابي
إلى شجن
أسير إلى المجهول
لن أعبأ بما يقال، أو يقول
حريتي مقبرتي
اخترتها طوعاً
وضعت قوتي الخارقة كي أعيش، و
بشحنة زائدة
طارت بي إلى المقبرة
. . .
يتفرّع طريقي إلى عدد لا يحصى من الفروع. لا يمكنني الوصول إليه دون دليل.
-من هنا طريقك يا عليا. في تلك الجهة يقع المجهول. لا زلتِ في أوّل الطريق. لا تستعجلي الوصول.
دعيني أتأبّط ذراعك، نتابع معاً، نستريح، نغنّي ، ونسلّي طريقنا كي لا يملّ منا.
-كفاكِ وهماً يا عليا. لقد فقدت عقلك، ما هذا الذي تسمعينه سوى وهم الحبّ . أشياء أحببت أن تسمعيها. هل تصدقين ذلك؟
إن كنتَ بشراً غنّي أغنية أعرفها، أو احكِ لي قصّة ليلى والذئب. ماذا لو حظيتُ بما حظيت به سندريلا؟
-فقط أنا حقيقي، والباقي أوهام. ليلى والذئب حكاية تعطي الأمل الكاذب، أما سندريلا فهي نوع من تعليم الفتاة تقديس العبودية والصبر عليها ريثما يأتي أمير، ولن يأتي طبعاً:
يا عليا تطلعي فيي
ضايع بدربي ومحتار
وقلبي من السهل ينهار
شوية رضا منك
شوية غزل منّي
منغير الكون
وبيصير ليلنا نهار
. . .
تراني يا عليا بعمر الولدنة
ما كبرت .
حبيت أرتاح من العمر كم سنة
لقيتك ع طريق بعيد تركضي
كنتي طفل، وعيونك كلها ملعنة
. . .
-الله! كم مرّة قالت لي أمّي أن الصبر مفتاح الفرج.
هل لك أن تأتي بأمّي كي ترانا ؟
لم أتقصّدِ أن أجعلها حزينة. كلّما التقيتها ألومها. كم ظلمتها!
كنت أبدأ كلامي معها بالشكوى، وأنهيه باللوم، في مرّة قالت لي: أنت عنيدة يا ابنتي. لو كنت لا ترغبين به لما تزوجته. كنت غاضبة من الدنيا، وأنشر غضبي في كلّ اتجاه. لا أستطيع منع نفسي بينما أحترق.
أعتذر منك يا أمّي!
صحيح أنّك جعلتني أخاف من الرّجل. يبدو أنّك كنت على صواب. لكن صدقيني أصبحت عبدة، ولم أنجح.
لو رأت أمّي أنّنا نضحك معاً، وأنّ حياتي تسير بشكل طبيعي لكانت سعيدة. هي لم تكن تعتبر أيمن رجلاً. تقول: هناك فرق بين رجل وآخر. أحدهما له أعضاء ذكورية فقط، والآخر له قلب عطوف. لم تحاول أن تقترب من حياتي كي لا تكون سبباً في طلاقي.
-هي! عليا. توقفي. لا تسترسلي في الكلام عن الماضي. أرى وتيرة الانفعال تزداد على ملامحك. هذه الليلة لنا. الماضي مضى. ها قد وصلنا إلى بوابة المجهول. ادخلي برجلك اليمنى. أغلقي خلفك الباب.
سبحان الخالق على هذا الجمال. كنت أتوقع المجهول شيئاً غامضاً، أهدد العالم بالذهاب إليه. اعتقدت أن أحداً في العالم يعنيه أمري فيمنعني، أتيت إلى هنا برجليّ ، ودخلت المجهول من أوسع أبوابه، لا زال لا أحد يهتمّ لأمري.
أليس المجهول جميلاً يا علياتي؟
-لم أنظر إليه. ما دمت معي لست مضطرّة إلى معرفة دقائق الأمور.
ما دمت معي. لن أهتم بالكرة الأرضية سواء كانت كسطح بيتنا، أو تدور.
ما دمت معي الخبز لذيذ ،العيش يبهرني، الليل ينتظر على أحر من الجمر.
ما دمت معي سوف نبني مدناً، نقيم أفراحاً، ونعقد أملاً.
ضمّني إليك. انتظرت عمراً لأحظى بضمّة، فلا أمّي ضمّتني، ولا أبي.
أحتاج لقبلة يسرقها منّي حبيب ثم يعتذر لأنّه فاجأني.
أحتاج لعناق على ضوء قمر خافت، ومكان صامت.
. . .
ما أجمل لحظات الحبّ. مرّت كما يمر نسيم الصّباح، لكّنها انتهت بلحظة.
كان الوقت قصيراً. لم يسعفني كي أعرفه أكثر. نسيت أن أسأله عن اسمه، حتى أنّني لا أعرف ملامح وجهه. أعرف صوته. أتى بي إلى المجهول، لا أعرف أين اختفى.
سوف أجلس على الوهم ريثما يأتي.
لو قارنت بين المقبرة والمجهول ماذا يمكنني أن أقول.
المقبرة وطن أحنّ إليه بينما المجهول لا يعرفني بعد.
المقبرة خلفي. عليّ أن أنسى أمرها، وأحافظ على مكتسباتي هنا.
أرى أمامي نهراً يبعث في جسدي القشعريرة. على طرف النهر ورشة صيادين يصطادون البشر، يجلبونهم إلى هنا، يفرّغون أحشاءهم ، يضعوا معهم كتلة من الاسمنت المجبول، ويرسلونهم إلى أسفل النّهر.
بدأ الرّعب يتملّكني. كانت حياتي في المقبرة مستقرة. سوف أعود من حيث أتيت.
لا فرق بين الحياة في المقبرة، وفي منزل طبيعي. هو الفرق في التّوقيت. سكان المقبرة يستيقظون بعد أن يسدل الليل ستاره، والسكان في الأماكن العادية يستيقظون بعد طلوع الشّمس.
أراهم، أعيش معهم، يختفون، أرتحل ،ثم أنظر إلى الجهات الأربعة، أرى نفسي فوق قمّة مكسوة بالزهر، روائح عطرة تأتي من كلّ صوب، لكن لا بشر.
أنت يامن أسمعتني أجمل الكلمات. أقيم هنا. يمكنك أن تشاركني الحياة. أين أنت؟
اختفى. هل سوف يعود؟



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تلك الأماكن المقتولة. تقتل ثانية !
- قيود أمّي -الفصل الرّابع-3-
- العودة إلى حضن النّظام السوري من البوابات الخلفيّة
- قيود أمّي-الفصل الرابع-2-
- الأطفال السّوريين في مخيّمات اللجوء
- قيود أمّي-الفصل الرّابع-1-
- سهرة حتى الصّباح
- قيود أمّي -الفصل الثالث-5-
- قيود أمّي-الفصل الثّالث-4-
- قيود أمّي-الفصل الثّالث-3-
- مناسبات ثورية، وغير ثوريّة
- قيود أمّي-الفصل الثّالث-2-
- قيود أمّي-الفصل الثّالث-1-
- قيود أمّي-الفصل الثّاني-5-
- قيود أمّي-الفصل الثّاني-4-
- قيود أمّي- الفصل الثّاني-3-
- قيود أمّي-الفصل الثاني-2-
- قيود أمّي- الفصل الثّاني-1
- قيود أمّي . الفصل الأوّل-5-
- قيود أمّي . الفصل الأوّل-4-


المزيد.....




- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - قيود أمّي-الفصل الرابع-4-