أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر كاظم زاهدي - الداكير(ارصفة الذاكرة)-بروليتاريا














المزيد.....

الداكير(ارصفة الذاكرة)-بروليتاريا


حيدر كاظم زاهدي

الحوار المتمدن-العدد: 5482 - 2017 / 4 / 5 - 23:07
المحور: الادب والفن
    


بروليتارياً* ..
الولايات المتحدة -مدينة ناشفل في ولاية تينسي شتاء2017..
هنا في هذا المطعم الذي يقدم وجباته على انغام موسيقى ال country الريفية الرائعة يتداخل المساء مع الصباح وتتصافح هذه الموسيقى الوطنية التي جائت بمعيّة مهاجرين أوربيين ابتهاجاً بوصولهم الى ذلك الإقليم الجنوبي مع تلك الصديقة اليتيمة التي تدعى الخشابة، لقد كان ديفيد كروكت أباً للكنتري وكانت الذاكرة اباً مؤقتا لتلك اليتيمة ..وكان الاخيران مفتاحين لاقفال باب الصباح البالغ من العمر خمس سنوات ..فالموسيقى كالعطور تماماً
في قابليتها على استرجاع يوماً ما او مناسبة معينة ..

كان صباحٌ مشرقاً حين التقيته عند مدخل مكتب بريد العشار المركزي ، كان يشتري الجرائد ولا يقرأ محتواها ..كنت اجدد اشتراك صندوقي البريدي ولَم استخدمه بيوم ..كنا متشابهين ..اصطحبني الى مطعم للأكلات الشعبية
-11073 اذاً.. هذا رقم صندوق البريد المخصص بك ؟..يقولها وهو يتحسس وصولات الجباية الخاصة بي
وكأنه يحاول التحايل علي ليعرف أين وصل الحال بمؤسسة الاتصالات الوطنية ..
-اجدده سنوياً ..لأبقى في زمنكم أيها العم..
-تدفع ثمنه وتمر بسلسله بيروقراطيه حتى تدفع.. لتبقى في زمننا..
-الاجور رمزيه اما فيما يخص البيروقراطيه فكل العمليه لا تتجاوز ال15 دقيقه ..كان الرقم 15 مؤلماً بالنسبة لذلك الرجل السبعيني الأنيق الفقير ، وكغيره من أبناء جيله لا يحب الشكوى، كان مبتسماً ..غادر بعد الافطار ..تلاشى امامي ببدلته الشتويه المتواضعة النظيفه الجميله وجريدة متسلله تحت ذراعه وخطواته ترسم ما مر به.. دفعني الفضول لمعرفة أسباب بقاؤه في الحرب الباردة ، لم يك منكسراً لم يك منتصراً، سأذهب الى الاستاذ سعيد مدرس الفيزياء الذي احيل الى التقاعد الصديق المقرب من الاستاذ ناصر..
في مدخل سوق التجار يمتلك دكاناً ومخزناً لتجارة الحبوب
وبعد تجاوز موجات الشاحنات والمتبضعين في ذلك السوق القديم والذي تعود ملكية أغلبية محاله الى يهود البصرة إبان الحقبة الملكية ومن ثم الى بلدية المدينة، وصل بي الفضول( الإنساني) لو صح التعبير عتبة الدكان القديم المشابه لتلك الدكاكين التي شيدها افتيموس في القدس العتيقة ؛
صورتان تعبران عن ارتياح البائع نقداً مقارنةً بما سيئول به الحال فيما لو باع بالدين ، مروحة منضديه خضراء قديمة ناشيونال ، سجل متهرء لتدوين وأرشفة مبيعات الحنطة والشعير ..
-مرحبا أيها العم والأستاذ الرائع ..وبعد التحايا ..تعال يا ورد( بلحن بصري دافئ منادياً بائع الشاي المتجول) ، ويقلب بأشرطة التسجيلات ليستقر عند مظفر النواب ..كان لحناً أممياً ، أنما قد دعي النفط ولَم يدع العراق ..كنت مترددا ان اسأل ، وفجأة ..ماذا يعني الرقم 15 للعم ناصر ؟
-وبابتسامة ابوية : اشرب الشاي سيبرد ..أما فيما يعنيه هذا الرقم لعمك ناصر فهي الفترة التي قضاها في احد السجون ومن بعدها خرج ليتفرج على ما آلِ اليه حال اسرته من شتات ..
-عذراً أيها العم اكاد أكون مطلعاً على مآلهم لكن ؟! بم اتهم وقتها ..هل لي ان اعرف؟
-أضعاف عزيمة الأمة ، هذا ما شاع وقتها ..يقولها وهو يستبدل الاشرطة الى ان يستقر على صباح فخري ..نعم سرى طيف من اهواه فارقني ..
-يالله على هذه القدود الحلبية ..كيف كان يفكر من وجه التهمة له ؟ هل لانسان طيب مثله ان يوهن عزيمة امة؟ وهل كان حب الوطن أضعاف للأمة؟ أولم يك الوطن جزءا من الأمة .. كان يسارياً أليس كذلك؟!
-صباح فخري ؟! يقولها مشاكساً إياي ..
-كلا ، الاستاذ ناصر
-اعرف ، فقط امازحك، نعم كان كذلك ، وبنفس اللحن البصري( شلّك بهاي الاسئلة) ..انه تاريخ ..انتبهوا للمستقبل..
-بل ننتبه معاً ..لا تزال شاباً يا عم
-بكل تأكيد شاباً واكثر شباباً منك..
-وما هي الحلقة الاهم برأي الشاب العتيد والعجوز الحكيم
يستمر الموال النابع من ذلك المسجل القديم ...لولا الهوى لم ترق دمعاً على طلل،، ولا أرقت لذكر ألبان والعلم ..
-العجوز الحكيم ها ؟! (مبتسماً) ..انها سلسلة ..سلسلة الفقر والعوز وضيق ذات اليد والفاقه ووو..وكل ما يتفرع منها واليها ..
يبدو عليه الحزن..وقع الحزن يتناسب طردياً مع العمر في وجداني ..كان دفئ شمس المدينة يدب في الدكان ..وكان الحديث عن الفقر ذو شجون ..لكنه اخذ يتحدث عن الخشابه البصرية بشراهة ! ما الرابط بين الفقر كقاعدة متشعبة للآفات الاجتماعيه وبين موسيقى وأغنيات بحرية يرددها صيادون أوقات الفراغ..
-الخشابه احدى الفقراء ..دفوفها تتوسل المطر ، أوتارها متشبثه بعود نحت بصبر اما الناي..يستطرد :
اجاد الصوفيون وصفه ، يقول الصوفيون منذ قلُّعت القصبة التي صنع منها وهو يبكي ارضه ..غادرته الملم ما قاله كان لسان حاله انسوا الماضي ولو كان قاسياً تطلعوا لمستقبل يشكل فيه محاربة الفقر ركيزة أساسية ..لكن كيف ؟!
تستمر الموسيقى وانا اتصفح مواقع الاخبار الالكترونية ، صورة لسيارة يريد صاحبها استبدالها بكيسين من الرز او ستة علب حليب مجفف في احدى الدول التي تمر بحرب بشعة،كرنفالاً افريقياً للجياع ، ويمر مشرد ثمل امام المطعم ..يا ترى ما اخبار الأساتذة ناصر وسعيد اليوم ؟!
يقول خالد بن طوبال المحارب القديم في ذاكرة الجسد مناشداً أبناء جلدته :
قفوا معي يامن تحكمون ازقة هذه المدينة وشوارعها واحزانها ..قفوا معي فأنا متعب اليوم
يتبع ..



#حيدر_كاظم_زاهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الداكير( ارصفة الذاكرة) -الرصيف السابع والعشرون(الإلياذة وعج ...
- الداكير( ارصفة الذاكرة)-الإلياذة
- الداكير -الرصيف الحادي والعشرون-احزان آدم عند ملتقى النهرين.
- هرمت فيروز فهرم الزمان
- كاتب التاريخ-قصيدة
- افطار حزين غداة الهروب من بشارة الخوري.
- ليلة وداع نيقوسيا-النص الاخير.
- سنستعير الفادو البرتغالي لليلة رأس السنة
- الداكير -ارصفة الذاكرة


المزيد.....




- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر كاظم زاهدي - الداكير(ارصفة الذاكرة)-بروليتاريا