أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حمودة إسماعيلي - جنون أم فيلسوف ليلى.. كيف انتقد قيس العقل العربي عبر الحب ؟














المزيد.....

جنون أم فيلسوف ليلى.. كيف انتقد قيس العقل العربي عبر الحب ؟


حمودة إسماعيلي

الحوار المتمدن-العدد: 5481 - 2017 / 4 / 4 - 15:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الصلاة أهم ركيزة من ركائز الإسلام، فـ”الصلاة عماد الدين”. لا ينطبق هذا على قيس ابن الملوح، ليلى تشغله حتى بالصلاة، بل هي صلاة في الصلاة :

وَإِنّي إِذا صَلَّيتُ وَجَّهتُ نَحوَها بِوَجهي وَإِن كانَ المُصَلّى وَرائِيا
وَما بِيَ إِشراكٌ وَلَكِنَّ حُبَّها كَعودِ الشَجى أَعيا الطَبيبَ المُداوِيا…
أُصَلّي فَما أَدري إِذا ما ذَكَرتُها اِثنَتَينِ صَلَّيتُ الضُحى أَم ثَمانِيا.

بل يمكن أن نعتبر أن قيس قد أصدر فتوى تخص الحج، حين يقول :

إذا الحجاج لم يقفوا بليلى
فلست أرى لحجّهم تماما
تمام الحج أن تقف المطايا
على ليلى وتقريها السلام.

لا تمام للحج إلاّ برؤية وجه ليلى، باعتبارها شعيرة دونها يسقط الحج ! كل محاولات هدي قيس باءت بالفشل ! “فإن كنت مطبوباً فلا زلت هكذا وإن كنت مسحوراً فلا برأ السحر” !

قيس ابن الملوح، الشخصية المتربعة على عرش الشعر العربي.. شخصية عالمية، فاق بتأثيره تأثير المتنبي الذي يدرّسونه للصغار والكبار على حد سواء بمؤسسات التعليم، وقيس لا يُأخذ بجدّية، طالما أنه “مجنون”؛ بما أن “العقل” كمفهوم في ثقافة الأعراب هو اللجم والعقال، أي بصريح العبارة التأطير ورسوم الحدود بما يتوائم والتقاليد المتفق عليها بالشريعة. هذا ما يجعل أي تجربة خارجة عن مألوف التربية العربية، شكلا من الخروج على حدود العقل، وما خلف هذه الحدود مجرد “جنون”. فهل كان قيس (كتجربة) أكبر من (وعي/إدراك) عقل البيئة العربية ؟ أليس الجنون بُعداً من أبعاد العقل ؟ أفلا يكون قيس أعقل من عقل العرب ؟

يضرب الفقهاء المثل بقيس، للتشهير بـ”الغرام” كنوع من البلاء أو الداء والعياذ بالله ! حيث أن جنون قيس يمسّ بأسس العقيدة وأركان الشريعة من وجهة نظرهم الفقهية. من الجانب اللغوي لا أحد يستطيع الاقتراب من قيس، بيانه ساحر، أما على مستوى المضمون الخطابي فقيس “يخبّص بالحكي” كما يقال بالعامية ! من منطلق الفقهاء سواء اعتمدوا البيان أو المنطق كركيزة في الحكم والرؤية، فإن العقل يرتبط ارتباطا وثيقا بالشريعة، ويقبع الاختلاف بينهم في الجوانب التشريعية الأوثق ارتباطا بالعقل؛ لينزلق بهم المسار الخلافي نحو الفتوى والأقوال عن حال الدين (تمثيل الشريعة بالواقع ـ ومن الأجدر بهذا التمثيل). من جانب آخر، قيس تجربة شعورية تأخذ معطى بيانياً. يختلف كشاعر عن الصوفيين بمادية وواقعية تجربته، حيث المطلق موجود وحاضر ومرئي كمادة، وهي ليلى، وليس مجرد معطى وجداني كحالة المتصوفة، حيث الذات مرتبطة كونيا بالمطلق الساكن في القلب، أو ما يطلق عليه بحالة الشطح.. شطح قيس هو ليلى، شخص يمكن معانقته، والإحساس بنعومة ودفئ نهديها.

هنا العقل (الفقهي الجوهر) يأمر باجتناب الحب كمصدر تشويش وانزلاق وضلال. والدليل قيس الذي أخذه الهيام حد الاجتهاد الفقهي وتأسيس شريعة توائم تطلعاته الغرامية. وبما أن العقل العربي مبني على البيان، تم الدفع بالشعراء بعيدا عن الفقه ضمن “لائحة سوداء” ما دام شعرهم لا يخدم مقاصد العقل والشريعة : من ضمنها التغني بالدين والرسول والصحابة. فالشاعر بقوة بيانه قد يبلبل المنهج التشريعي الذي يمسك بالسلطة السياسية : من هنا أتت محاكمة الشعراء أو وصمهم بالزندقة والجنون.

هل كان قيس من خلال تجربته يسخر من العقل العربي في شعره ؟ هل كان يقلل من قيمة الطقوس مقابل تثمين الإحساس والتجربة (الفردية) ؟ أمر غير مستبعد. غير أن ما يمكن استنتاجه من تجربة قيس، هو أن العقل لديه لا يخضع للتعريفات الفقية المسبقة ـ بالرغم من أن الصورة لا تأخذ وضوح تجربة المعرّي الشعرية ـ إلاّ أن قيس يقف بشكل بارز ضد مظاهر التسلط الديني والتقليدي.

من هنا تنطلق سخرية قيس : “يُلَوِّمُني اللوّامُ فيها جَهالَةً فَلَيتَ الهَوى بِاللائِمينَ مَكانِيا”. يتّخذ قيس هواه عقلاً، ليقف هذا العقل عن اتباع الإمام. تصبح ليلاه وجهته، والذات تتكشّف وتكتشف معانيها.



#حمودة_إسماعيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- “إن شاء الله”.. لا علاقة لها بالإيمان بل بالتهرب من المسؤولي ...
- الدين والسياسة في الدولة.. وخداع المواطن بالقرن 21
- «لو كان محمدٌ حياً لزوّج المثليين».. شريعة البلاي بوي عند إم ...
- الانتقاص من النساء مرض نفسي ذكوري
- المفاوضات السورية وهاجس الأكراد في النزاع التركي الروسي
- فيكتور هيغو من الرواية للرسم
- فن السخافة : إكتئابات دينية وإلحادية
- النزاع الذكوري حول الأنثى
- المرأة عبدة الرجل : خرافة المساواة في الدين والسياسة
- لماذا يستقبل الغرب اللاجئين السوريين بدل الشرق ؟
- لباس الأنثى حريتها الخاصة
- المثلية بنية نفسية ليست مرضا عضويا
- في الحب أنا شعراؤك، في الحب أنا كلّي
- إصلاح الأهبل يتم بتزويجه بامرأة فاضلة !
- مفهوم الBitch عن المرأة
- من هي ليلى التي تغنّى بها الشعراء ؟
- من هي العورة ؟
- بعضٌ من الحب.. كما رآه الفلاسفة والنفسيون
- تاريخ اغتصاب
- ليست لدينا امرأة.. لدينا رُمّانة !


المزيد.....




- سلي أولادك وعلمهم دينهم.. تردد قناة طيور الجنة على نايل سات ...
- قصة السوري إسماعيل الزعيم -أبو السباع-.. مطعم زوار المسجد ال ...
- نزلها الآن بنقرة واحدة من الريموت “تردد قناة طيور الجنة 2024 ...
- قصة السوري إسماعيل الزعيم -أبو السباع-.. مطعم زوار المسجد ال ...
- كاتب يهودي: المجتمع اليهودي بأمريكا منقسم بسبب حرب الإبادة ا ...
- بايدن: ايران تريد تدمير إسرائيل ولن نسمح بمحو الدولة اليهودي ...
- أستراليا: الشرطة تعتبر عملية طعن أسقف الكنيسة الأشورية -عملا ...
- لمتابعة أغاني البيبي لطفلك..استقبل حالاً تردد قناة طيور الجن ...
- المتطرف -بن غفير- يعد خطة لتغيير الوضع القائم بالمسجد الأقصى ...
- فيديو/المقاومة ‏الإسلامية تستهدف قاعدة ميرون -الاسرئيلية- با ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حمودة إسماعيلي - جنون أم فيلسوف ليلى.. كيف انتقد قيس العقل العربي عبر الحب ؟