أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - المستيقظون المتاخرون و-الدولة المدنية الدليفري-(2/2)















المزيد.....

المستيقظون المتاخرون و-الدولة المدنية الدليفري-(2/2)


عبدالامير الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 5481 - 2017 / 4 / 4 - 15:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المستيقظون المتأخرون و"الدولة المدنية الدليفري"(2/2)
عبدالاميرالركابي
اهم ما في موقف القوى المستيقظة التي لن تستيقظ، انها تدلنا بسلوكها وتفكيرها على الجانب الأهم في اللوحة العراقية، ومسارات حقبة "العملية السياسية الطائفية” المتولدة عن الغزو الأمريكي، ففي كل مايتصل بالقوى المذكورة تتأكد حقيقة تستحق ان يركز عليها بقوة، تلك هي غلبة مناخات هذه الحقبة باعتبارها محطة انتقال بين عهدين وزمنين تاريخيين: "حقبة الدولة المركبة من الاحتلال الإنكليزي الأول بعد عام 1921" و "حقبة نفي الدولة وسحقها واستبدالها بترتيب تتصدره قوى ماقبل الدولة المهشمة على يد الاحتلال الامريكي"، وهي القائمة منذ 2003، ولاتستثنى من تجربة الدولة "الحديثة" بمحطاتها بين 1921/ 2003 مجموع قوى الوطنية الحزبية الايديلوجية المؤسسة والعاملة في ظلها، لابل تاتي هذه في الصدارة، وفي مقدمة التيارات الفاعلة ضمنها، واثرت بقوة في رسم معالمها وتعيين حدودها، وإرساء سقفها، أي اذا مانظرنا الى الوضع العراقي كنظام خلال فترة بعينها.
وقد يكون من المناسب، ان لم يكن من الطريف ان نتذكر هنا مقولة لماركس، تنص على ان " ليس وعي الأشخاص هو الذي يقرروجودهم، لكن على العكس، وجودهم الإجتماعي هو الذي يقرر وعيهم" وهي تؤشر حتما على مظهر التناقض الاعمق، في حال وموقع الشيوعيين بالذات، وربما جميع الايديلوجيين، مايضع هؤلاء بتصادم مع اهم مقولات مفكرهم الأكبر، فهم قد استقدموا وعيا بالكاد اطلعوا على شيئ منه، وقد استقوه من خارج الواقع خلال لحظة مؤاتية، ليحولوه الى "وجود"، فاذا بالناصرية، او لواء المنتفك في أواخر العشرينات او الثلاثينات، يتحول ظروفا وتركيبا، الى عينه مطابقة للحال في المانيا وانكلترا وفرنسا، وربما روسيا لاحقا، الملفت ان هؤلاء، ومع شدة حماستهم لنظريات ماركس ولنين، وشغفهم الجهول الناقص بموضوعاتها، لم يذهبوا لتخصيص جزء من اهتمامهم وجهدهم الثمين لسرديتهم الوطنية، فلم يفحصوا مثلا دلالة لا عموميات ظهور "الاتحادات القبلية" في جنوب العراق، وفي المنتفك بالذات؟، ولم يلفت نظرهم مايمكن ان يذكر اليوم وتكرارا بسومر، مع احتمال ان تكون حديثة، وقد لاحت منذ القرن السابع عشرومابعده، كما يشغلهم اطلاقا، احتمال وجود آليات تشكل وطني حديث، سابقة على الحضور الغربي والاستعماري، نمّت عنها عودة التشكل الاجتماعي في تلك المنطقة من العراق، حيث تركز الاليات الإنتاجية الوطنية. وماداموا هم كذلك فمن البديهي ان نتوقع منهم اغفالا تاما لبقية حلقات ومحطات التشكل الوطني العراقي الحديث الأخرى، عدا عن خاصياتها الثابته والمتغيرة، من الحقبة القبلية الأولى، الى الحقبة الدينية التي كانوا قريبين منها، وشهدوا قيادتها لثورة كبرى ضد الاحتلال عام 1920.

ماهي الحصيلة او النتيجة المتوقعة في مثل هذه الظاهرة، وهل يجوزان نتوقع مثلا لمن يجهل خصائص واقعة، ولايوليها ماتستحقه من عناية، فهم منتجات او مبتكرات غيره، وهل يحسن وقتها، حتى نقل تلك المنجزات الفكرية كبرت او صغرت، وهل يمكن استيرادها ووضعها ضمن خانة الكائن الطبيعي في غير منشأها سياسيا وفكريا، بينما الناقل يفتقر لابسط ضرورات وقواعدعمل العقل الفعال والمبدع؟ ليس هذا المظهر عمليا بالظاهرة العارضة، فالاتباعية الفكرية والسياسية في العراق ( وهي من نتاج مستوى وظروف تشكل النخبة الحديثة في العراق خلال بدايات القرن المنصرم) نجم عنها نقص خطير،ترك العراق الحديث بدون رؤية وطنية إزاء مفاهيم ورؤى، كانت آنذاك منتشرة ومتغلبة عالميا، ليصاب العراق خلال تاريخه المذكور، بما يمكن نسبته لمرض الازدواجية النفسية المستديمة، حيث الحياة والتاريخ يسيران وفق إيقاع بعينه، والأفكار تحلق او تعمل متبعة ايقاعا خاصا بها، يكرس الافتراض والتوهم والنقل.
من مقتضيات مثل هذا النمط من "التفكير"، انه ينطلق من اعتقاد ثابت بان التاريخ في العالم صار موحدا وواحدا، وانه منذ الثورة الصناعية وصعود البرجوازية في اوربا، لم تعد هنالك خصوصيات ولاتواريخ يمكن اخذها بالاعتبار، حتى من باب ملاحظة التفصيلات وكيفيات التغيير الشامل على مستوى المعمورة، بين مناطق متباينه النمو، كما كان عليه الحال في روسيا مثلا، او في الصين، او غيرهما، الأخطر من هذا ميل هذه الفئة الى المبالغة في نفي الخصوصيات لدرجة تحريمها، باعتبار نفيها والمزيد منه، من الدلائل على "صفاء التقدمية والنزوع العصري" فكأن العصر، او التقدم، مرهون الى الانكار، وإلغاء ظاهرة مجتمعية تاريخية، بدل مصاعب وهموم مواجهة مستجداتها الإبداعية المفترض والواجبة، بالاخص في واقع ومكان مثل العراق، لايجوز ان يبدو لاي مراقب حصيف، انه موضع عادي او ثانوي، او يمكن المرور على تفاصيل اوضاعه وتكوينه مرورا مجافيا منكرا، دون ان يضع المرء نفسه في خانة الجهل المطبق، والاغتراب عن الكينونة، وابسط مايتفق مع احكام الوجود في المكان والتاريخ.
نفس هذا الشكل من المقاربة، هو مايرفض محاكمة نفسه وتجربته خلال العقود الماضية من عمر الدولة والحداثة، والغريب الملاحظ ان من يرفعون اليوم شعارات "الدولة المدنية الد ليفري" مرة أخرى، لايقدمون لنا أي رؤية او بحث يستحق التوقف، يمكن التعويل عليه، او مناقشته، يخص الدولة في العراق، ولماذا وصل الحال بالبلاد لما وصلت اليه بعد تكرار الوعود، والامال المحبطة المبددة عن "الدولة الديموقراطية" و"انجاز مهام الثورة الوطنية الديموقراطية" ودعوى "التمدين" والتحديث والإصلاح، خلال مايقرب من قرن، هل العراق ابن الساعة، اليست هناك تجربة حداثة مربها، وكانت بمنتهى الغزارة والثراء على جميع الصعد، هل الامر يتوقف على "النظام المقبور" او "الدكتاتوري" / مع ان هذه تعابير سوقية، مبذلة، دون سياسية، ولا تنطوي على أي معنى متصل بالتاريخ والتجربة التي تقول اذا احتكمنا للبحث، بان تجربة الحداثة العراقية الايديلوجية في الدولة والحركة الوطنية بطابعها الايديلوجي الحزبي المعروف، هي جزء ومكون فاعل موضوعيا وفعليا، في التجربة الحداثية المنهارة لاينفصل عنها، بما يعني اننا لانستطيع اليوم عند أي بحث، ان نضع مسؤولية هزيمة تلك التجربة على البعث لوحده، او على "صدام حسين" دون غيره، ونستثني الحزب الشيوعي، والتيار الليبرالي الشعبوي، وجماع الكتله المنتمية للحقبة المنهارة، بغض النظر عن حجم المسؤوليات واشكال تجليها وتفاصيلها.
يحتاج العراق الى "ثورة مفهومية"، تعيد قراءة تجربة كبرى منهارة، نجم عنها انهيار في بنية البلاد، ووقوع تحت قبضة القوى الإقليمية والدولية، وفقدان للسيادة مريع، وتخلخل في البنية الاجتماعية بلغ حد الحرب الاهلية، وافتقاد للركيزة الاقتصادية الوطنية، لصالح الريعية المطلقة، التي هي حاليا سياسة متعمده مخطط لها، تتوافق مع نمط التحاصص، والاقرب لعقلية وبنية قوى ماقبل الدولة التي أوصلت الاقتصاد للدرجة "صفر إنتاجية"، غير مختلف مناحي التدمير في البنى التحتية، وفي اليات العمل والانتاج، وتشتيتها، مما يعمم الفقر، ويفاقم من روحية الزبائنية الضعيفة في العراق تاريخيا، ويكرس إعادة انتاج بنى ماقبل الدولة الجهوية والعشائرية، وكل هذا يضع البلاد اما دوامة من الخراب الشامل والكارثي، في حين يقرا المتابع مؤتمرا مثل "مؤتمر الحزب الشيوعي العاشر"، فلا يجد ايه حمية وطنية او إنسانية حتى، او حرقة مترجمة الى الفكر ورؤية، من منطلق مواجهة الذات، والامر نفسه ينسجب على كل المتعاطين ب شعارات "الدولة المدنية الدليفري"، والمتوجهين مؤخرا لاقامة حركات وأحزاب وتيارات وقوى لها هذه التوجهات، تضع برامج مكرورة مسطرة، منقولة من أي مصدر دعائي عن هذا النمط من الدول.
اذن يبدو اننا سنشهد، وبدانا بالفعل تقرأ عن مثل هذه التشكيلات الدالة على التعب، وتزايد علامات العجز بالتجربة، فالتجمعات المستجدة تريد توفير ماتعتقده ناقصا، ومايمكن ان يعزز عملها وتظاهرها، بإضافة هياكل شكلية لها اثر نفسي محدود عليها، وعلى تماسك المحيطين بها، وكل هذا تنقصه الى اليوم اية علامة من علامات الوصول الى البارقة المنتظرة، والمتفقة بديهيا مع حجم الواقع الكارثي الرهيب والمهول الذي يعيشه العراق.
لن تنفع هذه القوى محاولتها الالتفاف على جريمتها التاريخية، وقلبها وعقلها البارد،وبؤس ممارستها وافكارها المجافية للواقع، المضللة والبائسة، اما ما تحاوله اليوم، فسينتهى كما هو مرجح، لمزيد من الخراب والتاكل الوطني الشامل والمدمر، الى ان تبلغ القلوب الحناجر وهي كادت تبلغها، ووقتها سيرتفع الصوت مجلجلا يبرق في ارجاء مابين النهرين، مشحونا بحرقة، تناظر حجم كارثته الكبرى، وسلسلة الامه واوجاعه الطويلة المهولة التي لاتضاهيها اوجاع في أي مكان.



#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المستيقظون المتاخرون وتخنيث الانتفاضه
- بيان حل -الحزب الشيوعي العراقي- (3/3)
- بيان حل - الحزب الشيوعي العراقي- (2/3)
- بيان حل- الحزب الشيوعي العراقي- (1/3)
- المادي والمثالي: الانفصال في الوحدة*
- نظرية التحوّل العراقية والمنظور الماركسي الغربي
- عودة انقلابية للمادي والمثالي
- الموضوعات السبع وهزيمة ماركس ولنين !!!( 2/2)
- هزيمة شيوعية ماركس ولنين !!!(2/1)
- معارضة مدنية وطنية صاعدة؟ ..انقلاب لا استمرار (ملحق)
- معارضة مدنية وطنية صاعدة؟ انتقال للمستقبل( 2ب/2)
- - المؤتمر الوطني التاسيسي- ثورة تاريخية كبرى( 2أ/2)
- معارضة مدنية وطنية صاعدة؟ .. ملامح وتبلورات ( 1/2)
- تهافت حملة مايسمى -القوى الديموقراطية-؟؟؟؟؟ تعبيرعن ازمة حوا ...
- كيف ولماذا هزمنا امام صدام حسين ؟ (25) نكوص مريع عن الماركسي ...
- لنين : عبقرية المشعوذ؟
- كيف ولماذا هزمنا امام صدام حسين ؟ (24) نكوص مريع عن الماركس ...
- -الغائية التاريخية- والانسان -الايل للانقراض- (2/2)
- -الغائية التاريخية- مقابل - المادية التاريخية- (1/2)
- كيف ولماذا هزمنا امام صدام حسين ؟ (23) - سلام عادل- شهيد، ام ...


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - المستيقظون المتاخرون و-الدولة المدنية الدليفري-(2/2)