أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آرام كربيت - محنة اليسار















المزيد.....

محنة اليسار


آرام كربيت

الحوار المتمدن-العدد: 5479 - 2017 / 4 / 2 - 15:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



طالما اليسار في محنة، سيبقى المهمشون في محنة.
منذ منتصف القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، كان اليسار عمومًا، والماركسية خاصة ورشة فكرية، سياسية، ثقافية ومعرفية، تجتاح العالم المتقدم. وتخيف القوى المسيطرة. وتنذر بتحولات هائلة في بنية النظام الرأسمالي نفسه.
لقد ساهم المفكر كارل ماركس، وصديقه فيما بعد، فريدريك أنجلس، على تحليل بنية النظام، علاقاته، تناقضاته، نشأته وكيفية مقاومته ووضع البدائل له.
إن التناقض في بنية النظام، موضوعي، كان وما زال ومستمر، بيد أنه يدخل في حالة انتقالات وأحيانًا في تحولات عميقة.
ولهذا يحتاج الواقع إلى الفكر في كل فترة زمنية من أجل تحليل حركته الجديدة أو تحولاته، آليات عمله، وشروط وجوده وبقاءه واستمراره. بمعنى أن هذه التناقضات جزء من هيكلية النظام برمته، جزء أصيل منه. يمكننا من خلاله الدخول في ممراته وفكفكته. الفكر هو المفتاح الذي يستطيع اليسار أو القوى الأخرى التي على شاكلته أن يدخلوا إلى هذا الفضاء وتعريته من أجل استنباض الحلول لعالمنا المعاصر ومستقبله.
اليسار العربي اليوم، واليسار العالمي برمته في محنة فكرية، سياسية وأخلاقية، لكون نخبه قبلوا سواء عن حسن نية أو سوء نية الانسحاب من الميدان والاستسلام للقدر الذي يسمى الرأسمالية، عبر حجج واهية: لا يمكن تبني مواقف خارج النظام وآلياته ومنطقه، لأنه صلب.
هذا الانزواء، والقبول بالأمر الواقع، جعل اليسار هامشيًا، لا يمثل أحدًا. يعاني الشح الثقافي والمعرفي والخصاء السياسي. عاجزًا عن مواكبة التحولات العميقة التي تجتاح هذا العالم.
بل فضل أن يبقى متفرجًا على الصراع، جالسًا في المقاعد الخلفية، يراقب بخنوع من يجري حوله، بدلًا من المشاركة الفاعلة. وخاصة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي والمنظومة التي كانت تسمى اشتراكية. واندماج الصين في النظام، وإدارة ظهرها لقضايا المهمشين وضحايا الرأسمالية في هذا العالم المتغول.
نستطيع القول أن اليسار أخذ إجازة، مسافة من التغول، والتحولات التي تحدث في هذا العالم. وترك هذا الفضاء العالمي للنظام، يشكله وفق مقاساته، ومصالحه، ورغبات الفاعلين فيه.
نقول عن فكر ما أنه مات أو دفن عندما يكون عاجزًا عن إنتاج مفاهيم جديدة تواكب تطورات العالم. ولم يعد لديه القدرة على التحليل والدخول إلى الأماكن المعتمة لتناقضات هذا العصر الذي تحكمه قوى المال والسلطة والاحتكارات.
ربما ساهمت ثورة أكتوبر على تقاعس الفكر الماركسي عامة، واليسار خاصة، بعد وصول قوى، نخبة عاجزة إلى الحكم، ذاقت حلاوة السلطة في الاتحاد السوفييتي، واستمرأت البقاء فيه، والمتاجرة بقضية المهمشين والفقراء.
قوى هجينة، مطعمة بفكر معاصر، ماركسي، أوروبي المنشأ، في تداخل مع فكر يحمل في قعر عقله حوامل الاستبداد الشرقي الذي مثله ستالين.
لقد تمازج فكر الاستبداد الكامن في الروح الشرقية الروسية مع النهج البطريري الذي قادته ثورة اكتوبر، بحيث حولوا روسيا الى دولة بوليسية منخورة. أعادت إنتاج نظام القيصر تحت مسمى آخر.
لهذا علينا أن نتعمق أكثر في بنية هذا العقل، لنخرجه من هذا الاتكاء على المفاهيم الماضوية التي تعشعش في داخله، ليدخل إلى النور. إلى الحرية. لدينا شغل كثير، علينا القيام به، ليس في المجال السياسي والفكري والمعرفي فقط، وأنما في البناء النفسي والروحي والعاطفي.
هذا التحول أدى إلى التصحر والخواء والموت السريري للماركسية في الاتحاد السوفييتي. ليس هذا فحسب، بله أن هذه النخبة وضعت نفسها وصية على الفكر والأحزاب السياسية والفعاليات الاجتماعية في أغلب دول العالم، بما فيه فرنسا والمانيا وايطاليا، وغيرهم من البلدان المتطورة.
ومضى هذا الفكر النخبوي المهزوم، يدجن كل من يدور في فلكه ومداره، وكل من يقترب منه. وحارب كل من خالفه أو تمرد عليه مما أدى إلى تشوهات بنيوية في الفكر المقاوم للرأسمالية.
لقد بقي هذا اليسار، يعيد إنتاج المفاهيم نفسها تقريبًا منذ قيام الثورة البلشفية، بأشكال مختلفة. بل جرى نوع من التوافق بين الاتحاد السوفييتي منذ منتصف الخمسينات مع النظام الرأسمالي على تقاسم النفوذ واحترام مصالح بعضهما وإدارة النظام العالمي معًا إلى أن انهار.
إن محنة اليسار، هروب من الصراع، وتحوله إلى مجرد فكر خدمي، اصلاحي، تابع، ليس لديه طموح. مقتنع بكسله، وضعفه، وخضوعه، يلهث وراء مصالحه الخاصة والضيقة، راضيًا بالأمر الواقع. ويتعامل مع أزمات العالم كمتفرج، لا يملك القدرة الذاتية على كشف الواقع الموضوعي. وليس لديه جهد فكري يستنبط الحلول من أجل خروج البشرية من النفق. وترك المهمشين والشرائح الاجتماعية لإقدارهم، دون غطاء أو حماية، تاركًا الميدان للقوى المتنفذة في النظام، القوى الجديدة، الفوق احتكارية، التي تملك أدوات جديدة في التحكم بهذا العالم، أن تفعل ما تريده.
إن العنف المستشري الذي نراه هذه الأيام للسيطرة على حركة الواقع، والحركات الاجتماعية الصامتة في العالم، التي تعاني من التهميش والضغوط، في مراكز النظام بشكل عام وفي الأطراف بشكل خاص، ستنفجر يوم من الأيام خاصة بعد سحب الكثير من المكتسبات التي كانت محققة في دول المركز في فترة الحرب الباردة.
إن الثورة ضد طغيان رأس المال وفوقيته واحتقاره للمجتمع في العالم أضحت أكثر من واضحة. وتحتاج إلى العامل الذاتي: قوى الفكر والأحزاب السياسية التي تلتقط هذه المغما التي تغلي في أحشاء هذا العالم.
إن هذا النظام ليس كلي القدرة، أو متكامل. ولا يمكن تحطيمه أو تغييره. وكأنه مجسم كامل متكامل. ننسى أو نتناسى أن كل نظام فيه تناقضات عمودية وأفقية، وصراع ذاتي ذاتي، وذاتي وموضوعي، ويمكن تفكيك هذا التناقض وخلخلته وكشفه وتعريته. صحيح أنه يبدو من الخارج قويًا، بيد أنه هش وضعيف من داخله، وإلا ما لجأ إلى العسكرة وصرف المليارات من الدولارات على التسليح، وتفعيل الصراعات الجانبية وخلق حروب وهمية، حرب تحت باردة للإبقاء على نفسه، وصناعة عدو وهمي على مقاس مصالحه ورغباته. وإن يدل هذا على شيء، فإنما يدل على ضعفه، وأن علاقته بنفسه وبأطرافه مزعزعة يكتنفها الشك والريبة والكذب والخداع والخوف.
وإن الفكر الذي يملك أدواته وواثق من نفسه وقدراته، كالماء الهادئ الرزين، يستطيع اختراق كل البنى من داخله وخارجه ويضع الحلول. وهذه صيحة لما تبقى من اليسار أن يستيقظ وينهض. الأمر يحتاج إلى الإرادة الحرة.
هناك أزمة اجتماعية، وأزمة وطنية، وأزمة وجود، وأزمة دولة ومجتمع، وأزمة أخلاق وقيم. وأزمة فكر. الأرض في حالة عراء كامل، وفي كل مكان من هذا العالم. الأزمات تتفاقم يومًا بعد يوم، وحالة التخمر تزداد بوتيرة عالية، بينما النظام يسير بخطئ حثيثة نحو دماره الذاتي داخليًا وخارجيًا وعلى مستوى البيئة والحياة.
والتغيير يبدأ من وجود النقيض وفاعليته وقدرته على الكبح، وفتح مسارات وأفاق جديدة تمس حياة الإنسان والطبيعة.
إنها دعوة للجميع أن يبحثوا عن مخارج قبل أن يبتلعنا الغول، الفوق احتكاري.




#آرام_كربيت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في رواية سيرة الانتهاك
- الاغتراب في رواية
- النظام الدولي بعد الحرب الكبرى
- حكاية حنا يعقوب
- الحرب الأهلية في رواية ذهب مع الريح
- في مقر منظمة العفو الدولية
- خبايا العولمة
- جيلبريت سينويه وابن سينا
- عدت والعود ليس أحمدُ 4
- عدت والعود ليس أحمدُ 3
- عدت والعود ليس أحمدُ 2
- عدت والعود ليس أحمدُ
- السلطنة العثمانية والجنوح نحو الغرب
- الثورة والتواصل الاجتماعي
- الخروج من المأزق الوطني
- رسالة إلى صديقي
- الملك السويدي إيريك الرابع عشر
- الأرض المحرمة النهاية
- الأرض المحرمة الفصل الخامس عشر
- الأرض المحرمة الفصل الرابع عشر


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آرام كربيت - محنة اليسار