أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - ليست امرأة مثالية














المزيد.....

ليست امرأة مثالية


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 5477 - 2017 / 3 / 31 - 10:04
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    



سأكتب عنها وليس عن دونالد ترامب وأنجيلا ميركل والسادات ومبارك وأوباما وكلينتون وداعش والإخوان وغيرهم، من ذوى الأسلحة القوية أو السلطات
أو الثروات ممن يدور الكتاب والصحفيون والإعلاميون فى فلكهم كما يدور الهاموش حول أى لمعة فى الظلمة.

سأكتب عنها المجهولة الاسم والجسم جاءت منذ سنين كثيرة تريد أن تشتغل خادمة فى بيتى لتعول طفليها قالت: أنا سميرة كنت معاكى فى أولى ابتدائى مش فاكراني؟

فورا عادت ملامحها الطفولية المضيئة من تحت الوجه المتهدل المنطفئ كانت أذكى بنات الفصل انقطعت عن الدراسة فجأة ، أبوها حبسها بالبيت ليزوجها بالقوة طلقها زوجها شفهيا ليتزوج بأخرى خرجت بابنها وابنتها الى الشارع دارت بهما فى المحاكم، لإثبات الطلاق، ولطلب النفقة لم ينسب الأب البنت إليه ليحرمها من إرثه لم تملك الأم أجر المحامين لم يكن لها إلا الله لكن العناية الإلهية لا يضمونها لأوراق المحكمة أصبحت سميرة خادمة بالبيوت هى وابنتها، وابنها أصبح عاملا باليومية تزوج خادمة بالبيوت أنجبت ولدين أحدهما قتل فى العراق والثانى اشتغل فى ليبيا تزوج وأنجب ولدين أحدهما هاجر الى إيطاليا، والثانى قتل فى الحرب ضد داعش وهكذا.

رأيتها بالأمس سميرة أو ابنتها أوحفيدتها ملامحها منطفئة متحجرة تعرج داخل حجابها الأسود فى طابور الأمهات المثاليات روحها غائبة جسمها مغترب عن شكلها واسمها كأنما لشخص غريب ناولها المحافظ شهادة تقدير مكتوبة بحروف مذهبة لم تكن تفك الخط فلم تقرأها.

حين بدأت أكتب عن قضية المرأة فى منتصف الخمسينيات قالوا قضية المرأة مستوردة من الغرب لضرب الإسلام والمسلمين.

منذ ستين عاما وأكثر، بعد تخرجى فى كلية الطب بدأت أعيد دراستى الطبية وأربطها بدراسة التاريخ والفلسفة وعلم نشوء الكون من أجل الإجابة عن أسئلة بسيطة من نوع: لماذا تقطع أجزاء من أجساد الأطفال الأصحاء، ويسمونها عمليات طهارة؟ لماذا يشطب المدرس على اسم أمى حين أكتبه بجوار اسم أبى على كراستي؟ لماذا حرمت أمى من دراسة الموسيقى وكان حلم حياتها أن تكون موسيقية تؤلف السيمفونيات ولا تلد تسعة أولاد وبنات؟

لماذا يربطون المرأة بزوجها وعياله وليس بها نفسها وما تحققه بعقلها؟

لماذا يكون دور الأم والزوجة هو الدور الأساسى الذى تفرضه عليها الدولة والعائلة؟

لماذا تكون المرأة المثالية هى صاحبة الرحم وليس صاحبة العقل ؟ هل ورثنا عن سيجموند فرويد مقولته الزائفة «المرأة تلد الأطفال ولا تلد الأفكار»؟

لماذا يمجدون الرجل المفكر ويكرهون المرأة المفكرة ؟ كأنما المرأة التى تفكر من غرابة الأطوار عاهة مثل نتوءات فى عظام العمود الفقري.

لا يمكن الوصول للإجابة عن هذه الأسئلة إلا عبر طريق شاق طويل داخل التاريخ والعلوم والأديان لتفكيك جذور السلطة الأبوية الطارئة فى التاريخ البشرى، لم تنفصل سلطة الأب عن سلطة الحاكم الفرد أو الطبقة الحاكمة لهذا يستمر الاستعباد والاستبداد بالنساء والفقراء، وتستمر معه الحروب المحلية والعالمية، وتطوير أسلحة القتل والدمار الشامل والتجسس والخداع والنهب والاستعمار.

الأب الذى يكذب على الأم فى الأسرة الصغيرة ليس إلا الحلقة الأولى من سلسلة الأكاذيب الكبرى بين الدول.

لا تنفصل الأكاذيب السياسية عن الاقتصادية والدينية والأخلاقية والجنسية لا تنفصل الخيانات الوطنية عن الخيانات العائلية يتجسس الزوج على زوجته كما يتجسس رؤساء أكبر الدول فى العالم على أنفسهم وغيرهم ،لا تكف الجيوش الأقوى أن تفتك بالأضعف ولا يكف الآباء عن الاستبداد بالنساء والأطفال.

مع ذلك تظل المرأة خاصة الفقيرة هى المطلوب منها التضحية والعطاء بحياتها وحياة أطفالها من أجل الدولة، لا تقدم الدولة للنساء والفقراء إلا القهر وقصائد الشعر على حين يرفل أصحاب الثروة والسلطة فى النعيم.

لماذا لا نرى رجالا ونساء من ذوى السلطة أو الثراء ضمن آباء وأمهات الشهداء إلا نادرا جدا قطرة مطر فى الصحراء؟

لماذا لم نر فى مشرحة زينهم أيام الثورة أو الغزو الخارجى أو الداخلى إلا الأمهات الفقيرات المقهورات؟ لماذا لا نرى فى المحاكم إلا طوابير الأمهات الفقيرات المطلقات شفهيا أو تحريريا أو الساعيات للحصول على النفقة أو الإرث أو النسب لأطفالهن؟ لماذا أصبحت جميع القوانين مدنية فى الدولة المصرية إلا قانون الأسرة الذى يحكم الأمهات والزوجات دينيا ؟



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما بين البحرين الأحمر والأبيض
- الدين والمرأة والسينما
- الفتاة الصغيرة أمام باب المحكمة
- أنتِ طالق يا دكتورة
- التأويل الذكورى للتاريخ المصرى
- الطب النفسى والإلحاد
- قضايا الحسبة والإرهاب
- قشرة الحياء الهشة .. يا أنت ؟
- الفدائيون وهدى عبد الناصر
- سقوط العرش المصنوع بالقش
- ثقب فى جدار العقل
- ضباب الرؤية وضوء الماضى
- كُحل ثقيل.. عقل خفيف.. والضحك
- الصخرة العاتية تتحدى أى دستور
- لكنهم لم يعثروا عليها أبدا
- رقة الشاعرة وحاملة الأثقال
- نكهة الشاى الأخضر بالنعناع
- تجاربنا الشخصية جدا تغير العالم
- ولم تسقط طائرة لندن
- ذكريات عن تعدد الزوجات


المزيد.....




- انضموا لمريم في رحلتها لاكتشاف المتعة، شوفوا الفيديو كامل عل ...
- حوار مع الرفيق أنور ياسين مسؤول ملف الأسرى باللجنة المركزية ...
- ملكة جمال الذكاء الاصطناعي…أول مسابقة للجمال من صنع الكمبيوت ...
- شرطة الأخلاق الإيرانية تشن حملة على انتهاكات الحجاب عبر البل ...
- رحلة مريم مع المتعة
- تسع عشرة امرأة.. مراجعة لرواية سمر يزبك
- قتل امرأة عتيبية دهسا بسيارة.. السعودية تنفذ الإعدام -قصاصا- ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - ليست امرأة مثالية