أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - الرد على مقولة الكتاب المبين والاعجاز البلاغى (3)















المزيد.....


الرد على مقولة الكتاب المبين والاعجاز البلاغى (3)


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 5474 - 2017 / 3 / 28 - 21:36
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


- الأديان بشرية الفكر والهوى والتهافت (99) .
- الرد على مروجى الاعجاز البلاغى فى القرآن – جزء ثالث .

فى هذا البحث أنهج نهجاً جديداً فى تفنيد مقولة الإعجاز البلاغى فى القرآن , لا أعتقد أن أحد قد تطرق له من قبل , فكل الكتابات التى تنتقد الإعجاز البلاغى تصب على التعاطى مع الإعراب والأخطاء النحوية فى القرآن وهذا ما سنوليه عنايتنا فى الجزء الأخير من سلسلة " الرد على مروجى الاعجاز البلاغى فى القرآن " أو قد نعفى أنفسنا من التطرق لها بحكم أن هناك الكثيرون قد تطرفوا للأخطاء النحوية والبلاغية فى القرآن .
فى الجزء الأول إعتنيت بتقديم آيات تتخبط فى الإعراب بالرغم أنها فى ذات الموقع الإعرابى كمثال فى النحل 66 ( وان لكم في الانعام لعبرةٌ نُسقيكم مما في بطونه) بينما فى المؤمنون 21 ( وان لكم في الانعام لعبرة نسقيكم مما في بطونها ) لتتوقف أمام بطونه وبطونها , كذلك فى سورة المائدة 69 ( انَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) وفى البقرة:62 ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) . ولتتوقف أمام الصابئون والصائبين .
فى الجزء الثانى إعتنيت بتقديم كلمات فى الآيات تخاصم وتصطدم مع ألف باء بلاغة ومنطق فهى لا تعتنى بدقة التعبير فحسب بل تأتى بمفهوم مغاير تماماً لما هو معهود من عقائد وإيمان , فألف باء بلاغة أن تعتنى بدقة وحُسن التعبير أى أن تكون دقيقاً فى التعبير عما تريد برشاقة وإيجاز أما أن تأتى بتعبيرات تتناقض عما تريد تصديره أو تفسد مسلماتك وإعتقادك فهنا لا بلاغة ولا تركيز ولا يحزنون إلا إذا كان مفهوم الألوهية جاء وفق تصور محمد .
فى هذا الجزء الثالث نتناول ألف باء بلاغة فعندما توجد تفسيرات مختلفة ومتباينة للمفسرين والفقهاء فهذا يعنى أننا أمام كتاب لا يمكن توصيفه بالمبين الواضح فقد إفتقد للفهم والإتفاق على المعنى والمغزى , كما لا يمكن توصيفه بأنه يحمل بلاغة أو إعجاز بلاغى فألف باء بلاغة أن تصدر مفاهيمك بسلاسة ووضوح وبدون إلتباس فى صياغة أدبية جميلة .

بداية عندما يذكر الإعجاز البلاغى كدلالة على سماوية القرآن فهذا لا يعنى لغير العرب أى دلالة , فالإعجاز المفترض خاص باللغة العربية فلن يدركه ولن يتذوقه المسلمين الناطقين بلغات غير العربية .. ناهيك عن أن غالبية المسلمين المعاصرين لا يستطيعون فهم القرآن إلا عن طريق الشراح وكتب التفسير فكيف يدركون البلاغة فى ظل الجهل وضعف ثقافتهم العربية .
لا تكتفى الأمور بضعف ثقافة غالبية المسلمين بلغتهم العربية , فالأمور تصل إلى حالة من الضبابية والتخبط فى فهم النص ليكون بحثنا هنا عن إختلاف المفسرين والفقهاء فى تفسير آيات القرآن لتجد تباين شديد كما سنورد ما دونته كتب التفسير الإسلامية نفسها من إختلافات , لنسأل أليس ألف باء إعجاز بلاغى أن يتفق المفسرين فى فهمهم للقرآن !! . فلا معنى لبلاغة فى ظل غموض التفسير والفهم , فالبلاغة تأتى كصياغة جميلة محافظة على بيان وجلاء النص ومغازيه ومقاصده وإلا صار نظم كلمات بلا معنى هذا إذا كان منظوماً .

الذى يقرأ كتب التفسير خاصة الكتب التى عنيت بنقل أقوال الصحابة والتابعين والتى نسميها كتب التفسير بالمأثور كجامع البيان للطبرى والقرطبى وغيرها سيأخذه العجب حين يقف عند هذا التباين الهائل فى تفسير الآيات القرآنية , لتنطلق أسئلة على شاكلة عن لماذا كل هذه الآراء المتعددة فى ظل مقولة كتاب مبين ؟ ولماذا لم يجتمعوا على رأى واحد فى التفسير ؟ وما السبب فى هذا الاختلاف ؟ .

من كتاب ( الخلاف بين المفسرين- مظاهره وأسبابه ) للأستاذ / أحمد سعد الخطيب نستعرض أسباب الإختلاف فى التفسير لنعرض بعض المشاهد عن تباين المفسرين والفقهاء فى فهم النص لنسأل فى ختام عرضنا عن معنى قرآن مبين , وأين تلك البلاغة التى لم تعتنى أى إعتناء بإشراق وجلاء المعنى والمغزى لتترك المفسرين يتضاربون ولتحل حالة من الضبابية والغموض والتخبط .

- الإختلاف فى التفسير مابين إحتمال الحقيقة أو المجاز ومثاله إختلافهم حول المراد بالتنور فى سورة هود 40: (حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور) فقيل : المراد به التنور الحقيقى الذى يختبز فيه ، وقد كان بدار نوح عليه السلام ، وقد جعل الله تعالى فوران الماء منه علامة على الطوفان الذى أغرق قومه . وقيل : بل معنى قوله:(وفار التنور) أى برز نور الصبح . وقيل : بل معناه اشتد غضب الله . - تفسير الطبرى 12/25 .. لنجد أن الأول يفسر الآية وفق حالتها فى الطبيعة أما الثانى والثالث فالتعبير مجازى .

- كذلك اختلافهم حول المراد بالضحك والبكاء فى سورة النجم 43: ( وأنه هو أضحك وأبكى ) . فقيل: معناه أنه خلق الضحك المعروف والبكاء المعروف فى ابن آدم . وقيل بل المعنى: أضحك الأرض بالنبات , وابكى السماء بالمطر وعليه فالتعبير مجازى .

- الإختلاف فى التفسير على إحتمال العموم أم الخصوص ومثاله إختلاف المفسرين حول المراد بالناس فى سورة النساء54: ( أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ) . فقيل المراد بالناس هنا محمد صلى الله عليه وسلم فقد حسدوه - أى اليهود - لأن الله تعالى أعطاه النبوة . وعليه فاللفظ هنا خاص . وقيل المراد بالناس هنا العرب وقد حسدهم اليهود لأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو النبى الخاتم كان منهم ، وعلى ذلك فاللفظ عام .

- هناك مثال آخر فى الاختلاف بين العموم والخصوص بإختلافهم في تفسير البقرة 221 : ( ولا تنكحوا المشركات ) فمن المعلوم أن النصرانيات واليهوديات مشركات، لكنهن لا يدخلن في عموم هذه الآية, بدليل قوله في سورة المائدة 5 : ( والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ) فعن ابن عباس : ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن قال : نُسخ من ذلك نكاح نساء أهل الكتاب , أحلهن للمسلمين, وحرم المسلمات على رجالهم . وذهب فريق آخر إلى أن الآية على عمومها يدخل فيها كل مشركة من أي أصناف الشرك كانت , غير مخصوص منها مشركة دون مشركة, وثنية كانت أو مجوسية أو كتابية, ولا نسخ منها شيء .

- إختلاف اللغويين فى معنى الكلمة كمثال إختلافهم حول معنى لفظ "مخلدون" فى سورة الواقعة 17 :( يطوف عليهم ولدان مخلدون ) . فقيل: معناه لا يهرمون أبداً ، ولا يتغيرون فهم فى سن واحد ، وشكلهم شكل الولدان دائماً ، والعرب تقول لمن كبر ولم يشب إنه لمخلد. وقيل معناه مقرطون من قولهم : خلد جاريته إذا حلاها بالخلدة وهى القرطة. وقيل : مخلدون منعمون ومنه قول امرئ القيس :قليل الهموم ما يبيت بأوجال وهل ينعمن إلا سعيد مخلد . وقيل :مخلدون أى مستورون بالحلية . وقيل غير ذلك !

- الإختلاف فى التفسير عند إشتراك اللفظ بين معنيين فأكثر ومثاله إختلافهم حول لفظ الصريم كما فى سورة القلم 20:( فأصبحت كالصريم ) فهو مشترك لفظى بين سواد الليل وبياض النهار . ومنه أيضاً اختلافهم حول معنى " القروء " فى سورة البقرة 228 : ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ) ليختلفوا هل المراد به الحيض أو الطهر , إذ هو مشترك لفظى بينهما .

- الإختلاف فى الإطلاق والتقييد فمثاله فى كفارة الظهار بسورة المجادلة 31 :( فتحرير رقبة ) وفى كفارة اليمين بسورة المائدة 89 :( أو تحرير رقبة ) حيث أطلق الرقبة فى الموضعين ولم يقيدهما بوصف . وفى كفارة القتل الخطأ قيدت الرقبة بوصف الإيمان كما فى سورة النساء 92:( فتحرير رقبة مؤمنة ) فقيل: يحمل المطلق على المقيد فيتحصل لزوم أن تكون الرقبة مؤمنة فى الجميع , وقيل: لا يلزم ذلك فيما أطلق .

- ومنه أيضاً فى سورة المائدة 89 :( فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ) فهذه الآية أطلقت صيام الأيام الثلاثة ولم تقيدهن بتتابع ولا تفريق , بينما جاءت قراءة لابن مسعود مقيدة بالتتابع هكذا :( فصيام ثلاثة أيام متتابعات ). فاختلفوا هل تصلح هذه القراءة للتقييد أم لا ؟ فذهب أبو حنيفة والثورى إلى الأول , وذهب الشافعى إلى الثانى .

- الإختلاف نتيجة التباين فى فهم السنة النبوية أو قل التخبط فى القرآن ومثال ذلك إختلاف بعض الصحابة في عدة المتوفى عنها زوجها إذا وضعت حملها , هل تنقضي عدتها بوضع الحمل , فينطبق عليها قوله فى الطلاق4 : (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ) أو تعتد بأربعة أشهر وعشراً وهي عدة المتوفي عنها زوجها كما في البقرة234 :( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ) فقد رأى ابن عباس أن المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملاً تعتد بأبعد الأجلين , ورأى ابن مسعود أنها إذا وضعت حملها قبل تمام الأربعة أشهر وعشر فعدتها بوضع الحمل .

-الإختلاف حول إحتمال الإضمار أو الاستقلال ومثاله فى سورة البقرة 9: ( يخادعون الله والذين آمنوا ) فقوله "يخادعون" من الخدع وهو الإخفاء والإبهام ، وهو أن يوهم صاحبه خلاف ما يريد به من المكروه ، والمخادعة تقتضى المشاركة من الجانبين ، والله سبحانه منزه عن ذلك لأنه لا يخدع . وأجيب عن ذلك بأنه من باب الإضمار أى يخادعون رسول الله , وقيل : هو من الاستقلال وليس الإضمار ، والمعنى: إن صورة صنيعهم - يعنى المنافقين - مع الله تعالى حيث يتظاهرون بالإيمان وهم كافرون ، وصورة صنيع الله معهم ، حيث أمر بإجراء أحكام المسلمين عليهم وهم فى الدرك الأسفل من النار ، وصورة صنيع المؤمنين معهم حيث إمتثلوا أمر الله تعالى فيهم ، فأجروا ذلك عليهم ، تشبه صورة المخادعة . ففى الكلام إما استعارة تبعية أو تمثيلية فى الجملة ، أو بأن المفاعلة ليست على بابها ، فإن فاعل قد يأتى بمعنى فعل مثل : عافانى الله ، وقتلهم الله . - أصول التفسير لخالد العك - ص64.

- الإختلاف فى التفسير على إعتبار البعض إحتمال وجود كلمات زائدة فمثاله : اختلافهم حول كلمة "من" فى سورة الحجرات 4 :( إن الذين ينادونك من وراء الحجرات....) فقيل : هى زائدة فكان يكفى فى التعبير أن يذكر ( وراء الحجرات ) فقط ليؤدى لنفس المعنى الذى أداه بدخول "من" على "وراء" . وقيل بل إن الحرف "من" هنا قد أدى فائدة جليلة ما كانت توجد لولاها وذلك أن لفظ "وراء" مشترك لفظى بين الأمام والخلف ، فلما دخلت "من" على "وراء" جعلته أكثر شمولاً واتساعاً فغطى الجهات الأربع الأمام والخلف واليمين والشمال . إذ ليس الحكم الوارد فى الآية المذكورة مفيداً بالنداء خلف الحجرات أو أمامها ، بل من أى جهة من الجهات المحيطة بالحجرات .
ونجد نظير لهذه الآية كذلك فى سورة الحشر 14 : ( لا يقاتلونكم جميعاً إلا فى قرى محصنة أو من وراء جدر ) ففائدة "من" هنا كفائدتها فى آية الحجرات .

- يندرج تحت قصة الكلام الزائد والأصيل فى القرآن إختلاف المفسرين حول "لا" قبل الفعل "أقسم" هل هى زائدة أم أصيلة . أو "الباء" فى خبر "ما" وفى خبر "ليس" فالبعض يعتبرها كلمات زائدة تفسد المعنى والبعض يراها كلمات أصيلة .

-الإختلاف فى التفسير حول تحميل الكلام على الترتيب أو على التقديم والتأخير ومثاله فى سورة البقرة 67:( وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة ... ) فقال بعض العلماء: هو مقدم فى التلاوة ، مؤخر فى المعنى على قوله فى سورة البقرة 72: ( وإذ قتلتم نفساً فادارءتم فيها ) لأن أمر موسى لقومه بأن يذبحوا بقرة كان فى الترتيب الزمنى بعد قصة القتل المذكورة فى الآية الثانية , لذا جاز هؤلاء أن تكون قصة البقرة مؤخرة فى النزول عن قصة القتل .
بينما يرى الشوكانى: أنه يجوز أن يكون ترتيب نزولها على حسب تلاوتها ، فكأن الله أمرهم بذبح البقرة حتى ذبحوها ، ثم وقع ما وقع من أمر القتل فأمروه أن يضربوه ببعضها ، ثم علق بقوله : هذا على فرض أن الواو تقتضى الترتيب ، وقد تقرر فى علم العربية أنها لمجرد الجمع من دون ترتيب ولا معية كما فى تفسير فتح القدير - 1/126.

- كذلك أيضاً فى سورة آل عمران85 :( إنى متوفيك ورافعك إلى ) وهو قول الله لسيدنا عيسى عليه السلام ، ليختلف فيه التفسير على أقوال , فقيل : هو من المقدم والمؤخر ، أى رافعك إلى ومتوفيك وهذا على أساس أن المراد بالتوفى هنا الموت ، إذ قرر القرآن ذلك فى آية سورة النساء: 157 (وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه ) فنفى القرآن عنه القتل وأثبت له الرفع ، فدل على أنه رفع حياً.
وقيل : ليس المراد بالتوفى هنا قبض الروح وانتهاء الأجل ، بل هو استيفاء الحق أى موفيك حقك ورافعك . وقيل : إن التوفى هنا هو النوم ، وفى القرآن الكريم ما يؤيد هذه التسمية كما فى سورة الزمر 42: (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتى لم تمت فى منامها) . فعلى الرأى الأول يكون فى الكلام تقديم وتأخير ، وعلى الرأيين الآخرين فالكلام على ترتيبه .

- الإختلاف فى التفسير من تقدير المنسوخ والمحكم ومثاله إختلافهم حول قوله فى سورة البقرة 184 :( وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ) فقال ابن الجوزى: اختلف المفسرون فى معنى الآية على قولين : الأول أنه يقتضى التخيير بين الصوم والإفطار مع الإطعام , لأن معنى الكلام وعلى الذين يطيقونه ولا يصومونه فدية, فعلى هذا يكون الكلام منسوخاً بقوله فى سورة البقرة 185 :( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) وهو منقول عن كثير من السلف . وهناك قول ثانى: أنه محكم وغير منسوخ وأن فيه إضماراً تقديره وعلى الذين كانوا يطيقونه أو لايطيقونه فهذا تقدير آخر , ويشار بذلك إلى الشيخ الفانى الذى يعجز عن الصوم والحامل التى تتأذى بالصوم والمرضع , وهو رأى منسوب إلى بعض السلف . - كتاب نواسخ القرآن لابن الجوزى .
وهذا المثال كما صلح لصورة السبب الذى معنا الآن فإنه يصلح كذلك لصورة السبب الثانى وهو إحتمال الإضمار أو الاستقلال .

- كذلك خلافهم حول آية سورة الحج 78 :(وجاهدوا فى الله حق جهاده ) فهناك قولان ,الأول: هى منسوخة لأن فعل ما فيه وفاء لحق الله لا يتصور من أحد إذ لا قدرة لأحد على أداء حق الله كما ينبغى ، والناسخ هو قوله سورة البقرة 286 :(لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ) أو قوله فى سورة التغابن 16:( فاتقوا الله ما استطعتم ) . هناك تفسير آخر أنها محكمة لأن حق الجهاد يكون فى المجاهدة وبذل الإمكان مع صحة المقصد وفقا لكتاب نواسخ القرآن لابن الجوزى - ص196.. فعلى هذا تكون الآية محكمة وغير منسوخة .

- كذا الاختلاف في القول بالنسخ كمثال على إختلافهم في آية ( لا إكراه في الدين ) فقال فريق من أهل العلم: إن الآية منسوخة لأنها نزلت قبل أن يفرض القتال وهناك فريق آخر يقول بعدم نسخها وليتوه المسلمين فى التعاطى مع تلك الآية ولنحظى على حضور الدواعش .

- الإختلاف وفق الخلاف حول أسباب التنزيل مثال ذلك قوله فى سورة النور بآيات اللعان 6 إلى 9 :( والذين يرمون أزواجهم ولم يكن معهم شهداء إلا أنفسهم ) فقد ذكر فى الدر المنثور5/43 وأسباب النزول للواحدى حول نزول هذه الآيات أسباباً عديدة فقد نزلت الآيات عقبها جميعاً ، فحكم على هذه الصورة بالحكم المذكور. وإن لم يجز التاريخ الزمنى بين هذه الوقائع المتعددة أو الأسباب المختلفة أن تكون الآية أو الآيات قد نزلت عقبها جميعاً حكم على هذه الصورة بتكرار نزول الآيات ، ومثال ذلك نزول خواتيم سورة النحل ( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ) فقد جاء فى بعض الأسباب أنها نزلت يوم أحد ، وفى بعضها الآخر أنها نزلت يوم الفتح ، والفارق الزمنى بين أحد والفتح لا يتيح الحكم بأن يكون ذلك من باب تعدد الأسباب والمنزل واحد ، ولذلك حكموا بأن الآيات قد تكرر نزولها مرة يوم أحد وأخرى يوم الفتح حتى يرضوا الفريقان المتنازعان .!

- إختلاف التفسير وفق اختلاف الروايات عن النبى والسلف ومثاله ما حكى من خلاف حول تفسير آية سورة التوبة 28:( إنما المشركون نجس ) فقد قيل "نجس" يعنى أنجاس الأبدان ، ولذلك قال الحسن: من صافحهم فليتوضأ . وقال السيوطى فى الدر المنثور: أخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من صافح مشركاً فليتوضأ أو ليغسل كفيه" ، وأخرج ابن مردويه عن هشام بن عروة عن أبيه عن جده قال : "استقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام فناوله يده فأبى أن يتناولها ، فقال: يا جبريل ما منعك أن تأخذ بيدى ؟ فقال: إنك أخذت بيد يهودى فكرهت أن تمس يدى يداً قد مستها يد كافر ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء فتوضأ فناوله يده فتناولها" . الدر المنثور - 3/409.
وقيل تفسير آخر : ليست النجاسة هنا نجاسة الأبدان بل هو خبث الطوية وسوء النية ، وليس أخبث ولا أسوء من الشرك الذى انطوت عليه صدورهم وظهر على أعمالهم شئ . وقال ابن الجوزى: إنهم كالأنجاس لتركهم ما يجب عليهم من غسل الجنابة ، وإن لم تكن أبدانهم أنجاساً ، ويؤيد هذا الرأى ما ورد من أن النبى صلى الله عليه وسلم أنه توضأ من مزادة مشرك ولم يغسلها ، واستعار من صفوان دروعاً ولم يغسلها ، وكانت القصاع تختلف من بيوت أزواج النبى إلى الأسارى ولا تغسل ، وكان أصحاب النبى يطبخون فى أوانى المشركين ولا تغسل . - محاسن التأويل للقاسمى - 8/163 ، و فتح القدير - 2/434. وهذا مثال واضح لاختلاف الروايات عن النبى وعن السلف الذى نتج عنه إختلاف المفسرين .

- الإختلاف وفق رؤى سياسية ونختار ما ذكره الطبري عند تفسيره لقوله فى النساء59 :( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر ) قال: "اختلف أهل التأويل في ( أولي الأمر ) الذين أمر الله بطاعتهم في هذه الآية, فقال بعضهم: هم الأمراء .. وقال آخرون هم أهل العلم والفقه .. وقال آخرون: هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .. وقال آخرون: هما أبو بكر وعمر رضي الله عنهما . لترى أن الأقوال تعددت في المراد من ( أولي الأمر ) فلكل قول دليله وسنده ، وهذا الاختلاف في تحديد المراد أمر واقع في التفسير لا يمكن نكرانه ولا تجاهله .

- إختلاف المفسرين في معنى قوله (الصراط المستقيم ) فقال بعضهم: هو القرآن، وقال بعضهم: هو الإسلام، وقال بعضهم: هو السنة والجماعة، وقال آخرون: هو طريق العبودية، وقال فريق هو طاعة الله ورسوله. !

- الإختلاف بين وضوح اللفظ ومجازه .. يحفل القرآن بالكثير من الآيات التى تعنى بتشخيص الإله وتجسيمه وتحديده مثل ( ثُمَّ اسْتَوى‏ عَلَى الْعَرْشِ - الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى - وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ والأَرْضَ- بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ- كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ وَ يَبْقى‏ وَجْهُ رَبِّكَ - كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلا وَجْهَهُ ) ليذهب فريق من المفسرين إلى مجازية هذه الأقوال ويذهب فريق أنها يجب أن تؤخذ كما هى بل ذهب البعض بتكفير من يزعم بالمجاز .!
وللإستزاده عن تحديد الإله وتجسيمه إليكم رابط هذا الكتاب للشيخ العلامة محمد محمود ابن ابوالقاسم الدشتى بعنوان إثبات الحد لله وبأنه قاعد وجالس على عرشه .
https://ia600402.us.archive.org/13/items/itbat-al7d-hamdan-2/itbat-al7d-hamdan-2.pdf

- الإختلاف والعجز والجهل والحيرة فى تفسير الحروف المقطعة بفواتح السور ( ألم والمص والر والمر ألخ ). قال القرطبي في تفسيره : اختلف أهل التأويل في الحروف التي في أوائل السور ، فقال الشعبي ،وسفيان الثوري ، وجماعة من المحدثين هي سرّ الله في القرآن ، ولله في كل كتاب من كتبه سرّ ، فهي من المتشابه الذي انفرد الله بعلمه ، ولا نحبّ أن نتكلم فيه ، ولكن نؤمن به ، وتُمَرُّ كما جاءت ، وروي هذا القول عن أبي بكر الصديق ، وعليّ ابن أبي طالب ، قال : وذكر أبو الليث السمرقندي عن عمر ، وعثمان ، وابن مسعود ، أنهم قالوا : الحروف المقطعة من المكتوم الذي لا يفسر ، وقال أبو حاتم : لم نجد الحروف في القرآن إلا في أوائل السور ، ولا ندري ما أراد الله عزّ وجل . وقال جمع من العلماء كثير : بل نحبّ أن نتكلم فيها ، ونلتمس الفوائد التي تحتها ، والمعاني التي تتخرج عليها . واختلفوا في ذلك على أقوال عديدة ، فروي عن ابن عباس وعليّ أيضاً أن الحروف المقطعة في القرآن اسم الله الأعظم إلا إننا لا نعرف تأليفه منها .!

بعد هذا العرض الموجز لهذا البحث الذى لم يغطى كل إختلافات المفسرين والعلماء المسلمين فى تفسيرهم للقرآن فهى بمثابة قطرات من فيض , ليبقى من الخطأ القول بأن القرآن كتاب مبين أو من يروج لخدعة الإعجاز البلاغى فكان حرى أن يقدم نص من الوضوح والدقة وجلاء المعنى والمغزى فهذا ألف باء لغة قبل أن تكون بلاغة .

دمتم بخير وعذرا على الإطالة ولكن هكذا هو بحث .
- "من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " - أمل الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوجود والإله-خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم
- ثقافة العنف والغريزة-الدين عندما ينتهك إنسانيتنا
- فليخجلوا - الأديان بشرية الفكر والهوى والتهافت
- فيروس التخلف
- عالم بلا معنى بلا آلهة
- وجود بلا غاية-نحو فهم الحياة والإنسان والوجود
- هل أنتم جادون أم تمزحون - تنبيط (5)
- تأملات فى معاناة وأسقام الفكر الإنسانى
- هتقفل الشباك أم هتفتحه-تناقضات قرآنية (4)
- ثقافة العجز والعجرفة والسب
- قليل من التأمل لن يضر
- قراءة فى دفتر الحياة-تأملات على أوراق ملونة
- إفتح ياسمسم-حجة62إلى71تُفند وجود إله
- وإحنا مالنا-الأديان بشرية الفكر والهوى والتهافت
- إعترافات ومعاناة إله-خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم
- الكراهية فريضة إسلامية هكذا قوله وليس قولنا
- اللعنه على المادة أفقدتنى رومانسيتى
- هناك فرق .. فلتقرر أيهما أفضل
- أسباب وجذور تخلفنا
- وهم الحقيقة - تأملات وخواطر إلحادية


المزيد.....




- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - الرد على مقولة الكتاب المبين والاعجاز البلاغى (3)