أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أمير أمين - سنوات شاقة وممتعة في مدرسة الحزب الشيوعي العراقي .















المزيد.....

سنوات شاقة وممتعة في مدرسة الحزب الشيوعي العراقي .


أمير أمين

الحوار المتمدن-العدد: 5473 - 2017 / 3 / 27 - 14:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



لم أشبع من ولع الطفولة بعد , حينما رُشحت للحزب , ولو عادت بي السنين الى ذلك اليوم المجيد من أذار 1973 , وأنا بهذا الوعي , لقررت تأجيل الترشيح لسنتين على الآقل .
إنتابتني الرهبة والخوف حينما إستدعاني أخي الآكبر للمجيء حالاً للبيت لآمر هام , وكنت حينها مرتدياً البيجاما , رافعاً أذيالها فوق الركبة , حيث كنت وعدداً من أصدقائي نلعب كرة القدم في زقاقنا الصغير , قلت لآصدقائي سأعود بعد قليل , فأدخلوا صديقاً ليحل مكاني في تلك اللعبة المحببة للجميع .
دخلت البيت متعباً , والعرق يتصبب من وجهي وأجزاء جسدي النحيل . بادرني أخي قائلاً : لقد دُرست رسالتك وقُبلت مرشحاً في صفوف الحزب , وطلب مني وبإبتسامة جادة أن أملآ إستمارة الترشيح ! فرحت كثيراً أول الآمر , وشعرت بنبضات قلبي تتسارع بقوة , وأحسست بأنني قد كبرت فجأة , ولكني ما لبثت أن حزنت لآنني سأودع اللعب والطفولة , بعد أن أيقنت أن المسؤولية ستكون عظيمة , وهي أكبر بكثير من طاقتي على التحمل , وتمنيت أن لا يعرف أحد بإنتمائي هذا , إدراكاً مني حينذاك بأن تصرفاتي التي كانت عفوية جداً , ستجعلني أقع بأخطاء غير محسوبة , وإعتقدت أنها ستحسب على الحزب الذي أنتمي اليه , مما سيضعني في موقف محرج أمام الرفيق المسؤول والرفاق الذين أعمل معهم , لذلك بدأت أفكر بالكثير من الآمور قبل أن أعمل أي شيء , بحيث أخذت تصرفاتي اللاحقة للترشيح طابعاً أكثر رزانة وهدوءاً مما كان عليه الآمر سابقاً ... وأصبحت أفكر بمواد الآجتماع الاول .. ومن سيكون مسؤولي ؟ ومن هم الرفاق الذين سيكونون معي ؟ وهل أعرفهم شخصياً ؟ وماذا سأسأل في الاجتماع ؟ إذ كنت أخشى أن يُطرح علي سؤال يخص الماركسية أو يتعلق بالامور الفكرية والسياسية التي كنت قليل الإلمام بها , وقلت مع نفسي : لو حدث ذلك معي فإن الرفاق سيعيدوني مجدداً لآصحابي لآواصل معهم لعبة كرة القدم في ذلك الزقاق الاليف .. وجاء الآجتماع الاول , الذي كان في بيتنا , وإنزاح أول الهموم , عندما إكتشفت أن مسؤول الخلية هو أخي ألاكبر , إذ خفف ذلك من قلقي وتوتري كثيراً , ثم إنزاح هم أخر , عندما إكتشفت أن الرفاق الاخرين في الخلية كانوا من أصدقائي المقربين , بل كان أحدهم أخي ( سمير ) وهو أصغر مني قليلاً , وقد تم ترشيحه في نفس الوقت الذي تم ترشيحي فيه , وكذلك الرفاق الاخرون . وقد بسَط لنا المسؤول كل شيء تقريباً , بعد أن أعطى لكل واحد منا إسمه الحزبي , وبدأ النقاش بهدوء وروية , وأعطيت لنا المهمات , وبدأنا لآول مرة نتداول كلمة ( رفيق ) بعد أن كنا قد إعتدنا على تداول كلمة ( زميل ) في تنظيمات إتحاد الطلبة , وشعرت بأننا جميعاً في مستوى متقارب , وإنزاح من قلبي الخوف تدريجياً .. وبعد ذلك إستلمت قيادة حلقة أصدقاء , وتطورت الامور التنظيمية , وأصبح أصدقائي هم الرفاق , وهذا الشيء بدأت الآن أعاني منه , حيث لا يمكنني الآنسجام أو الآطمئنان لغير رفاقنا الشيوعيين , وقد جربت أن تكون لي صداقات من خارج التنظيم , ولكني لم أنجح أو إنني أشعر بصعوبة التعامل مع هؤلاء , حتى وإن إخترتهم من النوعيات الجيدة , وذلك لآن الرفاق الشيوعيين لهم حضور خاص يمتاز بنكهة شيقة في إختيار الموضوعات , وبصدق التعامل , وأشعر معهم بحميمية حيث التفاعل الصادق , خصوصاً في الامور المتعلقة بالوطن وجراحه ومصيره .في حين أجد بروداً ولا مبالاة من قبل الكثير من العراقيين الاخرين , الذين يتعامل قسم منهم مع المصائب بشماتة أو بعدم إكتراث !
ومرت بضعة شهور , وإنبثقت الجبهة الوطنية التي كنا نترقبها بأعصاب مشدودة .. وتوسعت منظمات حزبنا بشكل مذهل , وما لبثت حتى إستلمت مسؤولية خلية مرشحين , وبعدها خلية أعضاء , وكانت المفاجئة كبيرة , حينما أردت الذهاب الى شارع عشرين ( الذي كنا نسميه شارع فهد لكثرة الشيوعيين الذين فيه ) لغرض الاجتماع الذي أبلغت بمكانه وموعده , ولكني أحسست قبيل الموعد بحوالي ساعة , أن أخي سمير هو أيضاً يهم بالخروج من البيت , وعرفت أنه يريد أن يقصد نفس وجهتي , فأتفقنا على الذهاب سوية , وكان كل منا وقتها يعمل في هيئة أخرى , ولا يعرف أحدنا الوضع التنظيمي للآخر , والمفاجئة كانت في وصولنا لنفس البيت ! قلت لسمير لدي شغل هنا ( حيث كنا نطلق كلمة شغل على الاجتماع الحزبي ) فقال لي : وأنا كذلك لدي شغل هنا ! وما هي إلا لحظات حتى دخل الرفيق المشرف ورحب بنا جميعاً وهنأنا بأننا أصبحنا أعضاء لجنة قاعدية , وأصبح المشرف مسؤولنا الجديد , وعلمنا أن الهيئات الأعلى طلبت تقديم رفيقين الى هذا الموقع فجرى إختيارنا , أخي سمير وأنا , ويا للصدفة الجميلة , حيث عدنا مجدداً للعمل في هيئة واحدة ! ولكن هذه المرة أصبحت المسؤولية أعمق , وإستلمنا مهام كبيرة جعلت شعورنا بالمسؤولية يتعاظم أكثر وأكثر , وتكونت لدي علاقات واسعة تخطت صوب الشامية أو إعدادية الناصرية , لتصبح لدي علاقات تنظيمية وصداقات لا حصر لها مع رفاقنا وزملاءنا الطلبة في عموم مدينة الناصرية , وإمتدت أيضاً الى الشطرة وسوق الشيوخ , وشملت كذلك الطالبات .
وخلال هذا السفر النضالي الممتد لآكثر من 40 سنة , تعرفت خلالها على الاف الرفاق والرفيقات الرائعين الذين جسدوا بطولات الشعب العراقي , وذاد المئات منهم بأرواحهم في سبيل وطن حر وشعب سعيد . بينما تألمت كثيراً ولا زالت غصة في قلبي وهي إنهيار المئات من الشيوعيين بعد الحملة الشاملة من قبل نظام صدام وأجهزته القمعية ضد الحزب وتنظيماته ومنهم رفيقنا المشرف الذي صار مسؤولنا وكنّا نقدسه ونخاف منه وكان شديداً معنا في التربية الحزبية والضبط والالتزام ولكنه إنهار بسهولة شديدة وذهب بنفسه ليوقع صك البراءة من الحزب ويتفرغ لنفسه وعائلته ومعه عدد آخر أصبحوا اليوم من الحجاج المتدينين !! علماً أن عدداً آخر منهم عاد الى الحزب مجدداً وتبوء مراكز قيادية هامة بالوقت الذي عمل نفر قليل منهم كوكلاء للأمن وأضروا بالحزب ورفاقه !.وأعتقد أن حزبنا يرتكب أخطاء جسيمة حينما يعيد لمثل هؤلاء الاعتبار ويضعهم بموقع المسؤولية وينسى تعاونهم مع أجهزة النظام البعثي والضرر الذي تسببوا فيه بعدد من الرفاق وأدى الى إستشهاد بعض الرفاق بسبب وشاية منهم ويمكن للحزب أن يبقيهم قريبين منه كأصدقاء فقط ويعمل من أجل ضخ دماء جديدة من الشباب للحزب كما فعل في المؤتمر العاشر الذي إنعقد ببغداد أواخر العام المنصرم 2016 وبهذه الحالة نستطيع أن نحسن الوضع التنظيمي للحزب الذي سوف ينعكس على زيادة قوته الجماهيرية والتفاف العراقيين الشرفاء حوله لدعمه في عمله الشاق من أجل سعادة الفقراء الكادحين وهنا لابد من الإشارة الى ضرورة أن يقضي الحزب على ظاهرة حب الظهور والتقاط الصور مع السكرتير السابق أو الحالي ونشر صور أعضاء اللجنة المركزية الجديدة على مواقع التواصل الاجتماعي وبشكل مستمر ومبالغ فيه ..وهي ظاهرة غريبة على الحزب الشيوعي العراقي وكأن القياديين الجدد فرحين ومنتشين بكونهم صاروا أعضاء باللجنة المركزية بالوقت الذي لم نكن نعرف صور القياديين السابقين حيث لم تظهر لهم ولا صورة أو صورة واحدة غير واضحة..! على الحزب أن يحد من هذه الظاهرة الغريبة عليه وأن يضع ظلاً للرفاق القياديين ويجعل بعضهم يعمل بسرية تامة لأننا نعمل في وضع ملتبس والمخاطر كثيرة وغير متوقعة أحياناً وممكن أن يتم استهداف أي رفيق قيادي وإزهاق روحه وبسهولة ..الصيانة ضرورية في أي وقت كذلك تبقى سرية عمل الشيوعي هامة جداً ولكن ليس لكل القياديين بل لبعضهم من أجل حصانة التنظيم عموماً والحفاظ عليه عند المحن والشدائد كما يجب على الحزب أن يهتم بالنوعية داخل التنظيم ولكن الكمية هي لجماهير الحزب من أصداء ومؤيدين. وأخيراً تقع على المكتب السياسي للحزب مهمة تركيز التثقيف لأعضاء اللجنة المركزية الجدد من الرفاق الشباب وتعريفهم أكثر بتاريخ الحزب ونضاله وتاريخ الحركة الوطنية العراقية بشكل عام وليس هنالك من ضرر أو انتقاص بهم بل لتقوية وتدعيم عملهم القيادي لا سيما وأنهم في مرحلة الشباب المتعطشة للثقافة بأوسع نطاق ويسري نفس الشيء على سكرتاريي المحليات وأعضاءها وجميع الكوادر المتقدمة في الحزب , وإختيار رفاق أكفاء للتحدث بالفضائيات لإبراز الوجه المشرق للحزب أمام الجماهير لا سيما وأن عدد من الإعلاميين يحاولون التصيد بالماء العكر وإحراج الشيوعيين بأسئلة تخص تاريخ الحزب ونضاله من أجل الإساءة له من خلال بعض الأسئلة المشبوهة وهنا يبرز الرفيق القيادي الواعي والمثقف بشكل جيد للرد بأدلة مقنعة تضع حد لتخرصات البعض ومن أجل إفهام الجماهير حقيقة نضال الحزب وسياسته ودفاعه عن مصالح العمال والفلاحين والكادحين على الرغم من ارتكاب الحزب بعض الأخطاء والهفوات لمسيرة طويلة وشاقة في بلد كثير الازمات. وهذه حالة صحية حيث لا يوجد عمل بدون أخطاء ونواقص ...وبمناسبة ذكرى تأسيس الحزب الشيوعي العراقي أحيي جميع الرفاق والرفيقات وجماهير الحزب..والمجد لجميع شهداءه الميامين الذين ارخصوا دمائهم الغالية في سبيل تحقيق أهدافهم السامية .
واليوم يقف الحزب الشيوعي , وهو يوقد شمعة عيده الثالثة والثمانين شامخاً في معمعان النضال الوطني والطبقي ضد الطائفية , ومن أجل حقوق الكادحين ..النصر لشعبنا العراقي وقواه الوطنية ضد الإرهاب والفاسدين .



#أمير_أمين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن الشهيدة الشابة سحر ..بنت الحزب
- لحظة الوصول السعيدة الى قاعدة بهدينان
- هل يعود الشيوعيين المنقطعين الى أحضان حزبهم
- ديركة ..القرية الكردية التي أوجعت قلبي..
- الخمر ودوافع تحريمه في اروقة البرلمان العراقي
- شهادة جامعية في وضع سياسي مضطرب
- من وحي أيام عاشوراء في مدينة الناصرية
- في ذكرى رحيل المطرب والملحن المصري الشيخ إمام
- عن القائد الانصاري الشيوعي علي خليل أبو ماجد
- رسالة الحزب الشيوعي العراقي عن إستشهاد النصيرة البطلة أنسام
- رد الى موقع الحوار المتمدن المحترم..على مقال نشر لديكم عن مق ...
- مفرزة بهدينان الكبرى والشهيد الأول النصير أبو إيفان
- بذور الشيوعية في سنوات الطفولة الأولى
- في ذكرى رحيل ملك الصعاليك الشاعر عبد الأمير الحصيري
- مرحى لمؤتمر حزبنا الشيوعي التاسع ..!
- رحيل الصديق هاني ناجي و 166 شهيد يدخل عامه الثلاثين!
- أيها العراقيون : إرسوا على بر قبل فوات الأوان !
- وجهة نظر حيادية لأحداث الربيع العربي .
- الوقوف أمام ضريح لينين !
- ستار كناوي ..خمسون عام على ميلاده..ربع قرن على الرحيل..!


المزيد.....




- سلاف فواخرجي تدفع المشاهدين للترقب في -مال القبان- بـ -أداء ...
- الطيران الإسرائيلي يدمر منزلا في جنوب لبنان (فيديو + صور)
- رئيس الموساد غادر الدوحة ومعه أسماء الرهائن الـ50 الذين ينتظ ...
- مجلس الأمن السيبراني الإماراتي يحذّر من تقنيات -التزييف العم ...
- -متلازمة هافانا- تزداد غموضا بعد فحص أدمغة المصابين بها
- ناشط إفريقي يحرق جواز سفره الفرنسي (فيديو)
- -أجيد طهي البورش أيضا-... سيمونيان تسخر من تقرير لـ-انديبندت ...
- صورة جديدة لـ -مذنب الشيطان- قبل ظهوره في سماء الليل هذا الش ...
- السيسي يهنئ بوتين بفوزه في الانتخابات الرئاسية
- الفريق أول البحري ألكسندر مويسييف يتولى رسميا منصب قائد القو ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أمير أمين - سنوات شاقة وممتعة في مدرسة الحزب الشيوعي العراقي .