أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فيصل عوض حسن - اَلْفَلَاْحْ ..!















المزيد.....

اَلْفَلَاْحْ ..!


فيصل عوض حسن

الحوار المتمدن-العدد: 5466 - 2017 / 3 / 20 - 22:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نحنُ السُّودانيون حينما نُصابُ بالصُداعٍ نكتفي بتناوُل المُسَكِّناتِ كالبندول أو الأميدول وغيرهما، ورُبَّما ندعم ذلك بكوبٍ من الشاي/القهوة دون تدبُّر/معرفة سبب الصُداع، الذي يُعتبر (عَرَضَاً/مظهراً) لمُشكلةٍ ما في الجسد. والملاريا مَرضٌ ينالُ مِنَّا دائماً، وحَصَدَ – ولا يزال – أرواحاً سُّودانية عديدة، رغم أنَّه أصبح مرضاً تاريخياً وفق الأعراف الدولية، وانحسر في حدودٍ ضيقةٍ جداً من العالم، لأنَّهم قضوا على (أسبابه) بجانب مُعالجتهم لـ(أَعْرَاضِه)، وبقي المَرضُ عندنا لأنَّنا نهتم بمُعالجة الأعراض (حُمَّى/استفراغ)، عبر الكلوروكوين فالكينين ثم الحُقَن الزيتية، ومُؤخَّراً (الراجمات) وما تزال الملاريا موجودة، وستظل، ما لم نُغيِّر تعاطينا معها واهتممنا بمُعالجة/تحجيم (المُسبِّب)!
قادني لهذه المُقدِّمة، الجدل الكثيف/المُدهِش حول (تجاوُزات) الإعلام المصري، وتحديداً منذ زيارة والدة حاكم قَطَر وجولاتها المُتفرِّقة للبلاد، والذي بلغ ذُروته بما أوْرَدَته العديد من الصُحُف الرسمية، على نحو (إعطاء الضوء الأخضر للرد على الإعلام المصري)، أو تصريح وزير الإعلام بشأن تطاوُل (الإعلام) المصري الذي (فات الحد)، مُوعِزاً لترسانته الإعلامية المأجورة لتأجيج الموضوع أكثر! ولا غرابة في هذه (الهِيْجَة) الإسلاموية (الجَوفاء)، لأنَّها تخدم أغراضهم في (إلهاء) الشعب السُّوداني، الذي اعتاد الانشغال بـ(العَرَضْ) دون (المُسَبِّب). والإلهاءُ فَنٌ أتقنه المُتأسلمون طيلة حكمهم المشئوم، كمحور ارتكاز لأُسلوبهم المُدمِّر في إدارة السُّودان بـ(الأزمات)، أي افتعالها/صناعتها من العدم، حيث يستخدمون الإلهاء للتغطية على مُشكلات حقيقية/قائمة، ويشغلون الجميع بتفاهاتٍ/متاهات لا طائل منها، وتظل الأزمة قائمة إلى أن تراكمت أزماتنا وتَجَذَّرت، على نحوٍ يُهدِّد بقاء السُّودان (أرضاً وشعب)، وهو أمرٌ كتبنا عنه كثيراً وسنظل نُذكِّر به دوماً، كي لا يقع الناس في (فِخَاخِه/مُتاهاته)!
الثابت أنَّ تجاوَزات مصر وتَطَاوُل إعلامها تفوق بكثير عملية (صِحَّة/إثبات) حضارتنا وأهراماتنا، فهناك الأخطر وهو (احتلالهم) لأجزاءٍ واسعة من بلادنا، على مرأى ومَسْمَع البشير وعصابته الذين (يحصرون) ذلك الاحتلال في (مُثلَّث حلايب)، وليتهم (أفلحوا) وأظهروا (جدية/صلابة) في حَسْم الأمر، من واقع (انبطاحاتهم) وتضليلاتهم المُوثَّقة في هذا الجانب. والأهمَّ، أنَّ احتلال المصريين، شَمِلَ بجانب حلايب، جميع العُمُودِيَّات شمال وادي حلفا وأصبحت أرقين ميناءً برياً لمصر، بعدما كانت حدودنا معها وحتَّى وقتٍ قريب في (قسطل)! ولا تزال توغُّلاتهم مُستمرَّة وشارفت شمال دارفور، إنْ لم تدخُلها فعلياً، طمعاً في مخزوننا الوافر من المياه الجوفية (الحجر النوبي)! ومع هذا مَنَحَ البشير مليون فدان لمصر بالشمالية (مشروع الكنانة)، وسَمَح لجَرَّافاتها المُدمِّرة بأنْ تعيث فساداً بمياهنا الإقليمية في البحر الأحمر، تنهب وتُدمِّر ثرواتنا السمكية والمُرجانية، بخلاف صفقات الماشية المُتتالية وبأعدادٍ ضخمة وعوائدٍ مجهولة، لو كانت هناك عوائد من أساسه!
وبالتوازي مع التطاوُل المصري، كانت هناك تجاوُزات (إثيوبية) صارخة جداً، لم تتوقَّف على احتلال الفشقة وإنَّما امتدَّت لتصل حتَّى القضارف، بشهادة واليها و(توثيقات) الإعلام الرسمي، بدءاً بنهب الممتلكات وانتهاءً بقتل وتشريد المُواطنين السُّودانيين! وأيضاً لم يكتفِ البشير وعصابته بـ(الانبطاح) لإثيوبيا، وإنَّما فتحوا لها (نَفَّاجات/نوافذ) إضافية ليلتهموا (مُقدَّرات) السُّودان وأهله، كالسماح بإنشاء ميناء إثيوبي (داخل السُّودان) بجانب استخدامها الحالي لميناء بورتسودان، ودعم زحفها بعُمْق البلاد حتَّى كردفان بأكذوبة (بورصة المحاصيل)، ومُساعدتها في التهام ما تجده من مناطق خلال زحفها (العَرْضِي) هذا، مُتجاوزين مُمارسات إثيوبيا الإجرامية وأطماعها الاستعمارية بالسُّودان وأراضيه! وهنا تتبادر الأسئلة المنطقية، كيف يتعاملون مع دولة (مُحتلَّة) ويبقون على العلاقة معها أصلاً؟ وعلى أي أساس يُتيحون مُقدَّرات/موارد البلاد للمُحتَلين مثل مشروع الكنانة/مصر وإتاحة ميناء بورتسودان لإثيوبيا؟ وما الفرق بين التجاوُزات/التوغُّلات المصرية والإثيوبية حتَّى يُركِّزوا على هذا ويتجاهلون ذاك؟
بالإضافة إلى الاحتلالين المصري والإثيوبي لبلادنا، ونهبهم (الفاضح) لمُقدَّراتنا/مواردنا المدعوم من البشير وعصابته، هناك احتلالٌ آخر بمُسمَّى قُوَّات حفظ السلام الدولية وأعدادها الكبيرة بدارفور تحديداً، والتي عَجَزَت عن إيقاف/تحجيم إجرام البشير وعصابته المُتزايد والمُتسارع هناك، والتي بلغت استخدام الأسلحة الكيماوية والبراميل المُتفجِّرة والقنابل وغيرها، على مَسْمَعْ ومرأى العالم وقُوَّاته ومُنظَّماته (الدولية) التي تكتفي بـ(الفُرْجَة)! وهناك نوعُ آخر من الاحتلالٌ يُعانيه السُّودان، شَكَّله الدائنون والطَّامعون الخارجيون، الذين التهموا أجزاءً مُقدَّرة من أراضينا ومشاريعنا، تارةً بمسوغ الاستثمار (الكاذب) الذي لم ولن ننل منه خيراً، وتارةً لانبطاح البشير وعصابته وطمعهم في دفاع البعض عنهم (دولياً وإقليمياً)، كحالة الصين التي ابتلعت – وفق التوثيقات الرسمية - مليون فدان بمشروع الجزيرة، عقب تدميره بـ(قُطْنِها) المُحوَّر ذو الأضرار الكارثية، كما التهمت مساحات مُعتبرة بمشروعات الرهد والسُّوكي وأجزاء من النيل الأبيض والشمالية وغيرها!
كما أتَاحَ البشير وعصابته مساحات مُميَّزة من أراضينا للموصوفين بـ(الأشِقَّاء)، كالإمارات والسعودية وقطر وغيرهم، الذين (يَنْهَشُون) بلادنا و(ويطعنوننا) في ظهورنا. فالسعودية، مثلاً، (باعت) السُّودان وأهله حينما أقرَّت بـ(مَصْرَنَة) مُثلَّث حلايب، ووقَّعت اتفاقية حدودها البحرية مع مصر، رغم أنَّها كانت (الوسيط) لِحَلْ الموضوع بين البلدين حول المُثلَّث! واكَملَت الإمارات (الغدر) بتعمير المُثلَّث، وتنفيذ مشروعات الطَّاقة والتنمية فيه رغم علمها الأكيد بسُّودانيته، بخلاف احتضان الإمارات لأملاك الكيزان المنهوبة من السُّودان، ومُؤخَّراً (تَعَمَّدَتْ) إدخال نخيلها المريض/الفاسد والمُدَمِّر، ولا يزال (غدرها) بالسُّودان مُتواصلاً عبر سعيها الحثيث للاستحواذ على إدارة ميناء بورتسودان وتشريد العاملين فيه، والتهام وتدمير المزيد من أراضينا. ثمَّ ها هي ذي والدة حاكم قطر التي تَسبَّبت في (هُوجَة) الإلهاء الماثلة، تأتي لتفتح فصلاً جديداً لنهب وتدمير مُقدَّراتنا، و(استخدامنا) كعصا لضرب الآخرين، بينما هم جميعاً أعدائنا الحقيقيون ونحن (السُّودانيون) وحدنا الضحايا، وفق الواقع المرير/المأساوي الذي نحياه!
هذه هي الحقيقة المُحزِنة/الأليمة، التي حاولنا اختصارها و(حَصْرْ) ملامحها ببعض (وليس كل) الأمثلة الواقعية، لنخرج بنتيجة واحدة فقط مَفَادها أنَّ (سبب) كل كوارثنا، سواء تطاوُل الآخرين علينا بِغَلَبَةِ السلاح، أو لسُطْوَةِ المال، أو بتطويع الإعلام يعود للبشير وعصابته الإسلاموية المأفونة، ولو أردنا إيقافها واستعادة كرامتنا ومُقدَّراتنا والمُحافظة على ديمومتنا، علينا الاتحاد وتوجيه قدراتنا وطاقاتنا لاقتلاعهم، وهي الخطوة الصحيحة للخلاص و(الفَلَاحْ) الحقيقي. فليتنا (نُفلِحْ) ونتوقَّف مرة واحدة ونهتم بمُعالجة (المُسبِّب)، ولعلَّ حاجتنا لهذه الوقفة وذلك الاهتمام بـ(السبب)، تنطلق من (استحالة) وجود (مُسَكِّنات/علاجات) وقتية لإدراك واسترداد أراضينا المنهوبة وبلادنا المُمزَّقة، كما ظللنا نفعل مع الملاريا والصُداع!
جميلٌ جداً اهتمامنا بماضينا وحضاراتنا ومُنجزاتها التي صنعها أجدادنا، والأجمل – بل الأوجب – الارتقاء لمُستوى عِزَّة وقوة وصلابة أولئك الأجداد، الذين صنعوا وصاغوا تلك الحضارات، وأرسوا قيم ومبادئ الشموخ التي وأدها المُتأسلمون بمُمارساتهم المأفونة وأخطرها سيادة البلاد وأهلها. فضياع أراضينا على نحو ما يقوم به البشير وعصابته الآن، يصعُب إدراكه ولن نجد وطناً يحتوينا ونتركه لأجيالنا القادمة كبقية خلق الله، فهل سنُفلِح في العلاج من الجذور، أم سنترُك (المُسبِّب) كعادتنا ونهتم بـ(العَرَضْ) انتظاراً لـ(حَتْفِنَا)؟!



#فيصل_عوض_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اَلخَنَاْجِرُ اَلْمَسْمُوْمَةْ ..!
- اَلْهَوَاْنْ ..!
- اَلْبَشِيْرُ وَأُكْذُوْبةُ اَلْجِنَاْئِيَّةِ اَلْدُّوْلِيَّة ...
- إِبَاْدَةُ اَلْمَعْرُوْضَاْتْ ..!
- اَلْتَرَبُّصُ اَلْإِمَاْرَاْتِيُّ بِاْلْسُّوْدَاْنْ ..!
- فَلْنُدْرِكْ حَلَاْيِبْ وَ(أَخَوَاْتِهَاْ) ..!
- أُكْذُوْبَةُ اَلْحِصَارِ اَلْأَمْرِيْكِيِّ عَلَى اَلْسُّوْدَ ...
- اَلْاِسْتِقْلَاْلُ اَلْمَفْقُوُدْ ..!
- لِمَاْذَاْ اَلْشَّبَاْبْ هُمْ أَمَلُ اَلْسُّوْدَاْنْ اَلْمُر ...
- اَلْمُخَاْدِعُوْنْ ..!
- صِنَاْعَةُ اَلَمُتَأَسْلِمُوْنَ لِلْأَزَمَاْتِ فِيْ اَلْسُّو ...
- اَلْتَخْرِيْبْ وَاَلْهُرُوْبُ اَلْإِسْلَاْمَوِيْ ..!
- إِضْرَاْبُ اَلْأَطِبَّاْءِ: اَلْدُرُوْسُ وَاَلْعِبَرْ ..!
- اَلْسُّوْدَاْنُ سَلَّةُ اَلْغِذَاْءِ اَلَّذِيْ كَاْنْ ..!
- سُقُوْطُ اَلْجَاْمِعَةُ اَلْعَرَبِيَّةْ: كَمَاْلْ حَسَنْ أُن ...
- مَتَىْ نُدْرِكْ خُطُوْرَةْ اَلْاِنْقِضَاْضُ اَلْصِّيْنِيّ عَ ...
- اَلْتَدْمِيْرُ اَلْإِسْلَاْمَوِيُ اَلْمُتَسَاْرِعْ لِلْسُّوْ ...
- أَزَمَاتُ اَلْسُّوْدَاْنِ وَمَلَاْمِحُ اَلْحُلُوْلْ ..!
- اَلْسُّقُوْطْ ..!
- مِحَنُ اَلْسُّوْدَاْنْ ..!


المزيد.....




- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا
- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فيصل عوض حسن - اَلْفَلَاْحْ ..!