أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناجح العبيدي - ماركس ’’العملاق’’ وماركس ’’الشاب’’















المزيد.....

ماركس ’’العملاق’’ وماركس ’’الشاب’’


ناجح العبيدي
اقتصادي وإعلامي مقيم في برلين

(Nagih Al-obaid)


الحوار المتمدن-العدد: 5465 - 2017 / 3 / 19 - 16:48
المحور: الادب والفن
    


ماركس ’’العملاق’’ وماركس ’’الشاب’’

ماذا لو نجح الاتحاد السوفيتي في البقاء على قيد الحياة حتى يومنا هذا، وماذا لو تمكن المعسكر الاشتراكي من الصمود بهذا الشكل أو ذاك أمام النظام الرأسمالي؟ يصعب التكهن بكل الاحتمالات، لكن هناك أمرا أكيدا هو أن 2017 كان سيكون بامتياز عام بدء الاستعدادات للاحتفال بالذكرى المائتين لميلاد الفيلسوف والاقتصادي والثوري الشهير كارل ماركس الذي ولد في 5 أيار/مايو 1818 في مدينة ترير في غرب ألمانيا .
لو بقي الأمر على هذ النحو لكان العالم على موعد مع مئات المؤتمرات "العلمية" لما كان يعرف بمعاهد الماركسية-اللينينية في دول المعسكر الشرقي ولصدرت طبعات جديدة من مؤلفاته الكثيرة بلغات مختلفة ولدُبجت مئات وآلاف الدراسات والكتب والمقالات في مديح عبقرية المفكر الألماني وصديقه الشهير فريدريك أنجلز. لن يحدث كل ذلك لأن لواء الماركسية لم يعد يُرفع رسميا إلاَّ في دول قليلة، على رأسها الصين حيث لا يُذكّر عمليا بماركس سوى إسم الحزب الحاكم. لكن ذلك لا يعني أن الذكرى اليوبيلية ستمر مرور الكرام لأن كارل ماركس سيبقى أحد المفكرين القلائل الذين غيّروا العالم والذي لا يزال نقده الشامل للرأسمالية يُلهم الكثيرين.
على الأقل في موطن كارل ماركس ألمانيا احدى أقوى قلاع "الراسمالية" بدأت ذكرى ميلاد ابنها الشهير تنال من الآن اهتماما واسعا. ويعود الفضل في ذلك إلى الجدل الكببر حول حدثين لهما علاقة بالفن أكثر من السياسة والأيديولوجية: الأول عرض فيلم (كارل ماركس الشاب) في دور السينما، والثاني مشروع إقامة تمثال عملاق لماركس في مسقط رأسه ، مدينة ترير الواقعة على الحدود الألمانية-الفرنسية.
يبدأ فيلم (كارل ماركس الشاب) بصور مؤثرة لجامعي الحطب الفقراء الذين تطاردهم الشرطة بقسوة مفرطة وسط الغبات لمجرد أنهم يحاولون كسب قوتهم للبقاء على قيد الحياة. مثل هذه المشاهد التي كتب عنها الصحفي الشاب ماركس في الصحيفة الرينانية الجديد في مدينة كولونيا ساهمت في تبنيه لأفكار راديكالية وتحوله من "هيغيلي يساري" إلى "شيوعي". بعدها يعرض الفيلم صورا لا تقل قوة لاستغلال عمال النسيج في مصانع مانشستر الإنجليزية حيث كان يعيش فريديرك إنجلز. هنا ساهمت وحشية ما يدعى برأسمالية مانشستر في تحويل ابن مالك مصنع النسيج إلى ثوري راديكالي يسعى للقضاء على النظام الرأسمالي. لم يكن اللقاء الأول بين الاثنين اللذيَنْ جسد دورهما النجمان الألمانيان المتألقان (أوغست ديل) و(شتيفان كونارسكه) سهلا، ولكنه مهّد لبدء صداقة عميقة دخلت التاريخ على الرغم من عدم التكافؤ بين طرفيها بحكم اعتماد ماركس الفقير الأبدي على رفيقه إنجلز سليل العائلة البرجوازية.
يَظهر الثوريان العازمان على تغيير العالم بالقوة طوال الفيلم وهما يتحدثان ويتجادلان ويدخنان ويشربان كثيرا. ومع أن إنجلز بدا أكثر قدرة على تحمل الكحول، إلا أن صديقه الذي تعتعه السكر تمكن في أحد المشاهد الملفتة للنظر من النطق بعبارته الشهيرة: "كل ما فعله الفلاسفة هو تفسير العالم بشكل مختلف، بينما المهم تغييره".
لكن الفيلم نال أيضا انتقادات كثيرة، خاصة من الصحف اليمنية التي اتهمته بالتحيز ونشر صورة مثالية عن بطلي الفيلم، على الرغم من أنه أبرز أيضا الميل الواضح للعنف لدى المفكريَن. ففيما يشبه التحذير من الفظائع التي ارتكبت لاحقا باسم الماركسية جاء النقد اللاذع على لسان المفكر الفرنسي الفوضوي (برودون) الذي قال لماركس: "يجب عليك أن لا تكون مثل مارتين لوثر الذي كافح ضد تزمت الكاثوليكية ليؤسس مذهبا أكثر تعصبا".
عموما نجح الفيلم في إظهار الطابع الإنساني لكارل ماركس بعيدا عن ترديد آيات التمجيد وعبادة الفرد التي أحيطت به لاحقا. غير أن هذا "المرض" التي ابتلت به الماركسية أيضا لم يختفي تماما وظهر للعيان في مشروع "ماركس العملاق".
تبنت هذا المشروع الصين "الشيوعية" التي تريد إحياء ذكرى مرور قرنين على ميلاد ماركس من خلال تقديم هدية لمسقط رأسه مدينة ترير الواقعة على الحدود الألمانية-الفرنسية على شكل تمثال ضخم يزيد ارتفاعه عن 6 أمتار. وقد قرر مؤخرا مجلس بلدية المدينة بالأغلبية مبدئيا قبول الهدية الصينية رغم ردود الأفعال المتبانية عليها. من جهة يرى الرافضون في التمثال إهانة لضحايا النظام الشيوعي، وخاصة في ألمانيا الشرقية سابقا. في المقابل نفى عمدة المدينة الصغيرة أن النصب الضخم يمثّل تمجيدا لرائد الفكر الشيوعي، وإنما قال بكل بساطة بإن ماركس هو "رأسمال" مدينة ترير في إشارة إلى أهم مُؤَّلف للمفكر "رأس المال" الذي صدر بثلاث مجلدات. بهذا التصريح يحاول العمدة المنتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي إبراز الأهمية السياحية لإبن المدينة الشهير بالنسبة لمسقط رأسه. من المقرر نصب التمثال قرب البيت القديم لعائلة كارل ماركس حيث يوجد متحف يجتذب سنويا عشرات الآلاف من السياح، أغلبهم من الصينيين. هنا يمكن شراء قمصانا عليها صورة ماركس وتماثيل رأسية مصغرة له أو قنينة نبيذ محلي عليها وجه إبن المدينة الشهير بلحيته الكثّة. بهذا يمكن القول بإن ماركس نفسه يعاني مما وصفه بالطابع الصنمي للسلعة والذي استفاض في شرحه في كتاب "رأس المال". ومن دون شك ستتفاقم هذه "الظاهرة" وسيزداد إقبال السياح بعد نصب التمثال الضخم.
أما السؤال الأهم: هل ستشكل الذكرى اليوبيلية لميلاد الفيلسوف وعالم الاقتصاد مناسبة لـ"نهضة" ماركسية جديدة؟ بالتزامن مع اندلاع الأزمة المالية العالمية في عام 2008 حاول بعض الاقتصاديين إزاحة غبار النسيان عن أفكاره الرئيسية، وخاصة نقده الشامل للرأسمالية. غير أن المحاولة لم يكتب لها النجاح تماما بعد نجاح الدول الصناعية المتقدمة في تجاوز هذه الأزمة. ويبدو أن فرص ذلك لن تتحسن كثيرا بعد تولي دونالد ترامب رئاسة أقوى اقتصاد في العالم والذي أعلن في نفس الوقت حربه على العولمة وحرية التجارة، بينما تستميت الصين "الشيوعية" ثاني أقوى اقتصاد في العالم في الدفاع عن "مزايا" العولمة.
في ظل مثل هذه التناقضات "غير الديالكتيكية" يبدو أن أفضل طريقة لتكريم كارل ماركس في الذكري المائتين لميلاده هي تبني مقولته الشهيرة التي نقلها عنه صديقه المخلص إنجلز :"كل ما أعرفه هو أنني لست ماركسيا" وذلك ردا على محاولة بعض أنصاره تحويل أفكاره إلى عقيدة جامدة.



#ناجح_العبيدي (هاشتاغ)       Nagih_Al-obaid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ’’حرب الأرحام’’ تمتد إلى أوروبا!
- تركيا وأوروبا: توتر عابر أم نُذر مواجهة جديدة؟
- التيار الصدري ولعبة الحسابات الخفية!
- أردوغان يُكشر عن ’’أنيابه’’!
- اطلبوا الإصلاح ولو في مصر!
- ترامب: معركة شرسة مع الإعلام!
- انقلاب شباط: الثورة تُنجب حفاري قبرها!
- مدافع ترامب الرقمية!
- سور ترامب ‘‘العظيم‘‘!
- ترامب: إعلان الحرب على العولمة!
- الألمان ‘‘الكسالى‘‘ واليونانيون ‘‘المُجدون‘‘!
- بيتكوين: عملة جديدة تتحدى الدولار؟
- السعودية: العمالة الأجنبية كبش فداء الأزمة المالية!
- ألمانيا تحلم بوراثة -التاج- التايلندي!
- 10 أسباب للاحتفاء بجائزة أمير قطر لمكافحة الفساد!
- جائزة نوبل بين اليهود والمسلمين
- البرلمان العراقي يُكشر عن أنيابه: على من سيأتي الدور بعد زيب ...
- مكة تستعد لمرحلة ما بعد النفط!
- 4 سبتمبر: بدء تقويم هجري جديد أم فرصة للاندماج؟
- النقود لا تسجل الأهداف!


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناجح العبيدي - ماركس ’’العملاق’’ وماركس ’’الشاب’’