أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - موفق كمال قنبر وفي - محادثات فلسفية مع صديقي حول الأسلام 22















المزيد.....


محادثات فلسفية مع صديقي حول الأسلام 22


موفق كمال قنبر وفي

الحوار المتمدن-العدد: 5464 - 2017 / 3 / 18 - 15:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


محادثات فلسفية مع صديقي حول الأسلام (22)
د. موفق كمال قنبر وفي.
المحادثة الثانية والعشرون:
بعد أكمال محاضرتي إجتمعنا للمرة الاخيرة في مقهى الشابندر وذلك في الساعة العاشرة من يوم 17/3/2017 فبدأت محاضرتي بالقول المأثور:
"حين سكت اهل الحق عن الباطل توهّم اهل الباطل انّهم على حق"
وضعت هذه الحكمة للامام علي بن ابي طالب في مقدمة محاضرتي لأعتقادي الجازم بأن ما يدرّس في مدارسنا من تاريخ أسلامي وما امتلئت به عقولنا من معتقدات تطفح بالاكاذيب والانحرافات هما السبب في ما وصلت اليه شعوبنا من حالة التردّي الذي يكاد ان ينهي هويتها الحضارية. ولأعقادي الجازم بأن عدم السكوت عن الحقائق في تاريخنا الاسلامي هو الطريق الوحيد الذي يمكن من خلاله الحفاظ على هويتنا بعد التخلص من ادران الماضي ونبذ الأدران والأكاذيب التاريخية والعقائدية الذي انتجت داعش وما شاكلها. لن اُجافي الحقيقة أن عرفتها ولو كانت مرّة والتحليل الموضوعي الذي يغوص في اعماق ما اعتبرة المسلمون لقرون مقدساً لايُمس من قريب او بعيد ولكني لن اتخلّى عن الاسلام ذو الطابع الاجتماعي فهو جزء اصيل من هويتي التي تنتمي الى وطني الام العراق.
قاطعني صديقي: أرى ان سعيك لتخليص الاسلام من أدران الماضي التاريخية والعقائدية ميؤس منه لأنّك سوف لن تلقى آذان صاغية ابداً ... لماذا لا نترك كل ما يتعلق بالأسلام ورائنا ونبدأ صفحة جديدة بتبنّي المفاهيم الحضارية العالمية الحاضرة؟
قلت: ان وجودي ووجودك المعنوي ... اي الفكري ... سواء شئت ام ابيت أرتبط بهوية فيها أرث حضاري عريق ...ومن عطاءات هذا الوجود المعنوي عند بعض الاشخاص بنت الامم المتطورة حضارتها ... لم تتخلص من أرثها ولكنها وضعت ما هو صحيح منه اساساً لبناء صرح حضارتها المتقدمة ... نحن أيضاً لا نريد التخلّص من كل أرثنا بل نود ان نكنس معظم المفاهيم والتشريعات الدينية اللاإنسانية والرجعية التي تراكمت منذ فجر الاسلام حتى الآن ونرميها في مزبلة التاريخ وبذلك يتكشّف الجوهر الذي ساهم في رفد الحضارة الانسانية في الماضي والذي سنبني عليه حضارتنا كجزء متفاعل ومكمّل للحضارة العالمية.
قال صديقي: ولكن هذا الارث الحضاري في الغرب المتطور هو ارث العلم والادب والفن فلو كان الدين من هذا الارث لقبلت به.
قلت: يمكن ان نعتبر بعض ما في الدين تراث ادبي ... تجد بين اسطر الكتب المقدسة ادباً راقياً تتوارى ورائه معاني انسانية وروحية عميقة ... الدين في جوهره الروحي كما بينّت سابقاً هو تعبير عن توق الذات الى التواصل مع الوجود الكلّي وتكتسب معرفة ماهية هذا الوجود الكلّي خالق الطبيعة والحياة ، والذي يسميه المسلمون الله ، أهمية قصوى كما جاء في شبكة المعارف الاسلامية:-
"إنّ علم معرفة الله هو من أعظم العلوم شرفاً وأكثرها قيمة ، بل إن التكامل الحقيقي للإنسان لا يتيسر من دون المعرفة الإلهية ؛ لأن الكمال الحقيقي للإنسان يتحقق في ظل القرب لله تعالى ، ومن البديهي أنّه لا يمكن القرب إلى الله تعالى من دون معرفته" .
تابعت حديثي: لا يمكن انكار وجود ما يبرر الفكر الظلامي المعادي لكل من حاد عنه والاعمال الوحشية لداعش وامثالها في آيات قرأنية وفي احاديث عن أعمال واقوال للنبي محمد والخلفاء الراشدين والصحابة من بعده... الكثير من المسلمين يقولون أن هذا انحراف عن الاسلام الصحيح ويأتون بآيات معاكسة ويذكرون اعمال للنبي والخلفاء الراشدين والصحابة تدلل على أنسانية الاسلام وعدالته ... بعض هؤلاء من المنافقين ... فهم في السر وبين أمثالهم لا ينكرون مبررات الفكر الظلامي الوحشي من آيات وأعمال ولكنهم ينكرونها في العلن ... والبعض الاخر يدافع عن الاسلام ولكنه لا يقدر ان يحل التناقض بين ما يصرّح به فقهاء الارهاب ومسيرة الحضارة الاسلامية والتعايش السلمي بين الاديان والطوائف في ظل الدولة الاسلامية عبر الف واربعمائة سنة .
قال الاستاذ محمد: في ظنّي لا يصح الاسلام إلّا بأهمال هذه الايات وعدم تبرير الأعمال المشينة لرجالات الاسلام مهما علت مرتبتهم.
قلت: هذا صحيح وسأبين كيف السبيل الى إصلاح حقيقي من دون المساس بألايمان الحقيقي بجوهر الدين ... ولكن قبل ذلك سأبيّن بأختصار الاساس العقائدي الذي بُنيت علية التشريعات الاسلامية التي أدّت الى هذا الخراب والضياع الفكري في عالمنا الاسلامي.
قرأت عشرات الكتب والمقالات حول اسباب التراجع الحضاري في الامة الاسلامية وسوف اختار مما قرأت موضوعين باللغة الانكليزية اولها مقالة للدكتور هارولد رود عن مسبباته الحاضرة وثانيها مقتطفات من كتاب ألبروفيسور مصباح الدين عن جذوره التاريخية .
لا يُرجع رود اسباب التدهور الحضاري في المجتمعات الاسلامية الى الخصائص الوراثية (الجينية) للمسلمين ولا الى دين الاسلام بل الى الثقافة الاسلامية (Islamic culture). فهي ثقافة تلقين تُنتج في افرداها قصوراً في المقدرة على التفكير الحر وطرح الاسئلة وعلى الاعتراف بالفشل والتعلم من الفشل وعلى تحمل مسؤلية الفرد لأعماله وعلى تقبّل المساومة من اجل الوصول الى حل وسط ... ولا امل عند المسلمين باللحاق بركب حضارة القرن الواحد والعشرين حتى يواجهوا بجرأة مشكلة الثقافة الاسلامية المقيدة للمبادرة والتقدم.
أما مصباح الدين فيعزي اسباب التخلف في المجال العلمي ، وهو اساس التقدم الحضاري الغربي ، الى جملة عوامل اهمها الموقف الاجتماعي وطبيعة الدولة والتشريعات الاسلامية غير الملائمة. وتكتسب التشريعات الاسلامية اهمية كبيرة في الموقف الاجتماعي فكثيراً ما ينحاز شحيحي الثقافة من عامة الناس الى فتاوي رجال الدين المحافظين التي تكون في كثير من الاحيان معادية للعلوم العقلية التي لا يفقهون منها شيئاً ... ولا يتقبل فقهاء الدين المحافظين حتى اليوم المنطق العقلي الذي يعزي الظواهر الطبيعية الى مسببات مادية ، فقبول اي قانون طبيعي هوعندهم قبول بمنطق يتجلّى بأليّة السبب والنتيجة مما يعني ان الافعال الطبيعية ممكن ان تكون نتيجة تلك القوانين وحدها من دون تدخل إلهي وهذا عندهم شرك كبير لانه يعزي خلق الافعال الى شريك للخالق الاوحد.
ويعلّق مصباح الدين على ان الحرية الفكرية النسبية التي كانت تبشر ببزوغ عصر التنوير الاسلامي زمن الخليفة المأمون كانت في الحقيقة تظم شريحة صغيرة من المجتمع تعتمد كلياً في وجودها على شخص الخليفة. وبناءً على مزاج شخصي لم يتورع المأمون من قمع واضطهاد مخالفي مذهب المعتزلة من الحنابلة ‘ ولم يتورع الخليفة المتوكل بعده من اضطهاد المعتزلة واغلاق مدارسهم. ولهذا يشكك مصباح الدين بقابلية استمرار عصر التنوير الاسلامي الذي يتطلب تطوراً في مجالات حقوق الانسان وحكومة اكثر تمثيلاً للفئات الشعبية. يدعونا مصباح الدين الى التأمل في نتائج تصريح احمد بن حنبل في تخطئة اي موضوع لم يتطرق له النبي ، فهل بالامكان وجود فلسفة او علم او تقدم تكنلوجي او ثقافي بعده ... فقد وجّه الامام ابو حامد الغزالي (1058 – 1111 م) آخر طعنة مميتة في جسم دعاة الفكر الحر عندما أدان الفلسفة في كتابه "تهافت الفلاسفة" واتهم الفلاسفة بالزندقة. ثم اتخذت هذه الادانة بعداً اوسع بتلميحه "ان من النادر ان تجد شخصاً ينشغل بالعلم (الاجنبي) من دون ان يؤدي ذلك الى خروجه عن الدين وانفلات زمام تقواه" ‘ فكان ان افتى فقهاء من بعده ، مستندين على حديث نبوي مشكوك بصحته ، ان اي فكرة مستوردة من الخارج بدعة ، ومصير كل بدعة في النار. وهكذا ساد جو معادي للعلم في العالم الاسلامي وتوثّقت العلاقة المصلحية متبادلة بين الحكّام المتسلطين وفقهاء الدين ، الذين فسّروا انتصارات المسلمين في صدر الاسلام و إنتكاساتهم ، كما في الاحتلال المغولي ، على ضوء مدى التمسك بالدين ، اي التمسك بنسختهم من الاسلام المتحجّر الذي يبرر الخنوع للسلطة الحاكمة ولو كانت ظالمة.
قال السيد حسين: ان تعليل مصباح الدين يتضمن نسخة الاسلام الرسمي الذي تبلور في ما بعد بالدولة الاسلامية السنيّة ولا يتضمن الارهاصات والثورات التي اتخذت من الراية العلوية شعاراً لها وأدت تحت طائلة القمع الشديد في كثير من الاحيان الى ظهور فرق مذهبية سريّة.

رد السيد خالد: الثورات العلوية وما أعقبها من تطور مذهب التشيّع لا تختلف كثيراً في استخدامها للدين والخرافة لأغراض سياسية ... ولم يكن اعتناق مؤسسي الدولة الصفوية للمذهب الاثناعشري حبّاً للاسلام وآل البيت بقدر ما هو وسيلة للأنفصال عن الدولة العثمانية التي تدّعي تمثيل المسلمين لتأسيس دولتهم التي تدّعي نفس الشئ.
قلت: كلاكما صحيح ... بعد مؤسس الدولة الاموية معاوية بن ابي سفيان اصبح الاستيلاء على السلطة بالقوة وتوريثها وامساك الحاكم ذو السلطة المطلقة الصلاحيات على السلطة المدنية والدينية بأعتبارة "امير المؤمنين" هو النمط الذي سارت عليه الدول الاسلامية السنّية المتعاقبة. وصبحت وضيفة علماء الدين التابعين للنظام الحاكم هو تبرير حكم الحاكم شرعاً ، إستناداً الى ما أُتنقيَ من الايات القرانية ومن السنة النبوية الملائمة ، حتى لو كان ظالماً وجائراً ومخالفاً للدين. وفي ظل مثل هذه الدولة الاسلامية تنعدم كلياً حقوق رعاياها ومن جملتها حق الحياة فما بال حق الحرية الفكرية والبحث العلمي. ويضيف مصباح الدين الى ان التراث العربي الذي يدور حول التجارة والحياة المدنية تسبب في عدم اهتمام بالزراعة في الامصار المفتوحة ، ألا فيما يخص جباية الضرائب الباهضة من الفلاحين ، فعم الارياف فقر مقدع ، وكانت الطبقة الحاكمة تنظر بتعالي واحتقار الى الفلاحين والعمل الفلاحي ولم تتطور الصناعة التي تعتمد على مشاغل صغيرة تعمل بما ورثته من خبرة. وفي ظل هذا الوضع الاجتماعي والاقتصادي لم يكن هنالك تراكم للثروة يتسنى فيه للدولة ، حتى لمن يود الاصلاح فيها ، ان تقوم بعمليات اصلاح وتطوير. وحتى لو كان هناك من العلماء والباحثين من كان بوسعة المساهمة بالتحديث فأن جهوده المفردة كانت كنقطة زيت في ماكنة الدولة الصدئة لا تكفي لاسترداد عافيتها وتحريكها ، فلم تكن هناك تعاونية او تنظيم اوهيئة للعلماء والباحثين في ظل الدولة الاسلامية ، كما في الاكاديمية في اليونان ، تعمل بجهد متكاتف ولها تمويل يسندها حتى في اوج عصر التنوير الاسلامي.
قال صديقي: يبدو لي ان هذه التعليلات غير كافية ولا تصل الى جذور المشكلة ... سياسة التلقين التي تجعل من الانسان مخلوقاً متلقّي للاوامر والافكار من قبل رؤسائه هي نتيجة لسبب رئيس يكمن في طبيعة الدولة الاسلامية وقد يكون لمصباح الدين بعض الحق من اعتماد البحث العلمي والفكري في الدولة الاسلامية بصورة عامة على اسناد شخصي من الحاكم فليست هناك مؤسسات علمية مستقلة تظم جماعة من العلماء ولكن مرة اخرى ان هذا كان نتيجة لسبب رئيس يكمن في طبيعة الدولة الأسلامية وحاكمها المطلق الصلاحيات الذي يمثل بشخصه الدين والدولة.
قلت: لك الحق يا صديقي ... في رأيي إن طبيعة الحكم في الدولة الاسلامية هي نتيجة لسبب اعمق ... لم يرد في القرأن ذكر للدولة الاسلامية وطبيعة الحكم فيها فمن اين جاءت؟ لو تمعّما في ايدولوجية الحكم في الدولة الاسلامية لوجدنا انها لا تختلف عن ايدولوجية الحكم في الدول الاوربية في فترة العصور المظلمة التي دامت من القرن الرابع الى القرن الرابع عشر الميلادي. فوراء كل نظام اجتماعي فلسفة اجتماعية تبرر وجوده وتسنده وهي في كلا المجتمعين فلسفة مستمدة من الفكر الافلاطوني المثالي الذي كان له اثر كبير في هذا الجمود. اعتنقت الامبراطورية الرومانية الدين المسيحي في القرن الميلادي الرابع بعد طول اضطهاد لاتباعة فقد وجد اباطرتها ان في ذلك فائدة سياسية لهم واتخذوا من المذهب الكاثولوكي ديناً رسمياً للدولة فتتعززت سلطة الامبراطور فيها لكونه ظل الله على الارض. وما نظام الحكم الروماني والكنيسة الكاثولوكية إلا نسخة معدّلة مما نادى به افلاطون في كتابه الجمهورية والذي يقسّم فية المجتمع المثالي الى ثلاثة طبقات على رأسها طبقة الذهب من الحكماء ، البعيدين عن مطامع الدنيا ولذّاتها ، وهم مستشاروا الجمهورية وهم الحكّام الغير مباشرين. تلي طبقة الذهب طبقة الفضة ، ومنها الحكام الفعليين من اداريي الدولة والقادة العسكريين ويرئسهم ملك يأخذ بمشورة طبقة الذهب. واخيراً طبقة النحاس من عامة الشعب العامل والخاضعين للطبقتين العلويتين. فكهنة الكنيسة التي يرئسها البابا هم طبقة الذهب ، والامبراطور ووزرائه والقادة العسكريين هم طبقة الفضة وطبقة النحاس هم عامة الشعب. والمثالية في الفكر المسيحي تمثل الله في الكلمة الفعّالة ، اي ان عالم الله هوعالم ما فوق الطبيعة ... عالم الفكر الكامل ، والمسيح هو ابن الله ، بمعنى انه وليد عالم المثال (الله) وقد جاء الى الارض ممثلاً لكلمة الله عليها ... دمجت الدولة الاسلامية بين طبقة الذهب وطبقة الفضّة بأسم أمير المؤمنين الخليفة وحاشيته من قوّاد الجيش ورؤساء السلطات المعينيين من قبله ... فتضاعفت المسافة بين شريحتي الذهب والفضّة الضيّقة التي تمتلك كل السطات ومعظم الثروات وشريحة النحاس الواسعة والمسحوقة.
قال قيس: لعل ذلك بسبب ان الخليفة في الجوهر رئيس قبيلة يمسك بيده كل السلطات الروحية والمدنية.
قلت: احسنت يا عزيزي ... لم تمت روح البداوة والانتماء القبلي في الاسلام بل تعززت في دولة معاوية بن ابي سفيان الذي حكم وفق العرف القبلي دولة على الطراز البيزنطي ... ما تلى من تاريخ الدول الاسلامية والمذهب الرسمي للدولة هو تعتيم شبه كامل على طبيعة الدين الاسلامي التي تسمح بتنوع وديناميكية يتلون فيها الدين بصبغة المجتمع الذي يعيش وسطه دون تغيّر في جوهره. فالله في الاسلام هو الحق ، اي الحقيقة ، والحقيقة لها ما لا يحصى من الوجوه المتغيرة ، وهذا يعني ان الله متغيير في المظهر ثابت في الجوهر. وهذا ما كرهه الفقهاء الذين خشوا الانحراف عن الدين الرسمي واضمحلال سيطرتهم على عقول الجماهير ، ولم ترق السلطات الحاكمة تلك الحرية التي يوفرها هذا التفسير للدين الاسلامي لأنه يسمح بحرية فكرية تتصدى عاجلاَ ام اجلاً لسلطتهم الغير شرعية وتحاسبهم على اخطائهم بحق امّتهم. وبالرغم من تمكن حكّام وفقهاء الدولة الاسلامية من وئد الانفتاح الفكري وتحريم الفلسفة إلا ان عناصر من الفلسفة المثالية ، اضافة الى الكثير من الخرافات والمعتقدات اليهودية ، دخلت الى المجتمع الاسلامي وتوطدت في فكره منذ بدايته. كان اكبر مصدر للفكر المثالي هو من اهل البلدان المفتوحة في الشام والعراق من المسيحيين السريان الذين اصبحوا في صدر الاسلام جزء لا يستغنى عنه في ماكنة ادارة الدولة الاسلامية الناشئة واغنائها الحضاري بالترجمات من السريانية والاغريقية الى العربية. فمن الناحية السياسية قلّد مؤسس الدولة الاموية معاوية النموذج البيزنطي فحوّل الشورى الى ملكية وراثية معززة بشرعية دينية ، ثم اقتفى إثره ملوك الدولة الاموية ثم الدولة العباسية والعثمانية فكان الخليفة المسلم ند للامبراطور الروماني ، بيدة السلطة الدنيوية المطلقة ويدعمه كظل لله على الارض رجال الطائفة الدينية المعتَمدة رسمياً من الدولة. وعلى صعيد الفكر الديني فقد رفض الفقهاء كل ما يتعلق بالفلسفة ولكنهم تبنوا الاطروحة المثالية في تفسير القران والتشريعات الاسلامية ، فتغلغل بعض من الفكر المثالي حتى في الفكر الصوفي مما ادى الى اغراقه في تعليلات مثالية عن الخالق والوحي والنبوة.
قال الاستاذ بهنام: لم تختلف الدولة المسيحية الكاثولوكية عن نظيرتها الاسلامية فعند اعتناق الامبراطورية الرومانية المذهب الكاثوليكي اصبح الامبراطور هو رئيسها الديني ايضاً ثم انفصلت المؤسسة الدينية عن الدولة ولكنها بقت تحت امرتها ... ثم استفحل شأن الكنيسة فأصبحت السلطة الدنيوية تحت امرتها لفترة ثم انحسر تدخّل الدين في السلطة الدنيوية حتى تلاشى في عهد التنوير ثم الثورة الصناعية.
واصلت حديثي: لنستعرض الان بعضاً من جوانب الفكر المثالي في التراث الاسلامي الذي أدّى الى جمود عقائدي لا ينسجم مع ديناميكية التطور الاجتماعي البشري:
واجه الفقهاء الذين تشرّبوا بالفلسفة اليونانية مشاكل متعددة في تفسير التناقضات في القرأن وفي اقوال النبي وافعاله فاستخدموا تسويغات افلاطونية مثالية متعددة وطريقة الاستقراء والاستنتاج لحل التناقضات وحفظ قدسية الدين بالطريقة التي يفهمونها.
سأل سمير: استاذ ما هو الفكر المثالي وما هي طريقة الاستقراء والاستنتاج؟
قلت: المثالية هي الفلسفة القائلة بأن حقيقة الكون أفكار وصور عقلية فأفلاطون يتصور وجود عالم عقلي مثالي قوامه أفكار ونماذج هندسية ورياضية مطلقة الكمال ... وما يشبه ظلال عالم الفكر هو العالم المادي المحسوس والغير كامل ... اما طريقة الاستنباط والاستقراء فهي الطريقة التي نستخدمها لحد اليوم في استخراج معارف جديدة ولكن طريقتنا اليوم مدعومة بالملاحظة الحسّية والتجربة بينما أعتمد فقهاء الدين على النص الديني فقط ... باستخدام الاستنباط يمكننا الحصول على معلومات خاصة من معلومة عامة ... مثل كل البشر هالكون (معلومة عامة) ، افلاطون من البشر ، إذاً افلاطون هالك (معلومة خاصة بأفلاطون) ... وبالاستقراء نحصل على المعلومة العامة من المعلومة الخاصة مثل تلك النار أحرقت يدي ، إذاً النار (بشكل عام) تحرق.
قال صديقي: الدين الاسلامي كما هي الحال مع كل الاديان أداة لأسناد السلطة الغاشمة بقوة غيبية تسيطر على النفوس بالعقيدة الفكرية بينما عساكر الحاكم تسيطر على النفوس بالقوة الفعلية ... الدين من صنع البشر انفسهم لذلك تجد فيه اخطاء البشر والقرأن لا يشذ عن ذلك وفيه ما لا يحصى من الاخطاء.
قلت: سوف لا اتطرق لما ذكره صديقي عن أخطاء القرأن بل في المشاكل التي واجهت فقهاء المثالية وكيف كان حلها عندهم ... وما فقه الاسلام اليوم إلا نتيجة ذلك ... ثم أبحث في امكانية التخلص من الفكر المثالي للخروج بأسلام انساني معاصر ... إسلام المؤمنين الحقيقيين الذين احترمهم.
قال الاستاذ محمد موجهاً كلامه الى صديقي: أنا افهم ما تقصد ولكن أخطاء القرأن اللغوية والتاريخية لم تؤدي الى التشريعات المجحفة التي صدرت عن الفقهاء والمشرعين.
قلت: هذا ما كنت اقصده انا ايضاً ... لنرجع الى المشاكل التي واجهت فقهاء المثالية وكيف كان تفسيرها عندهم فأصبح تشريعاً:-
1. النبي والعصمة
• الله في الفكر المثالي هو الحقيقة المطلقة الكاملة وهو خالق الطبيعة الحيّة والغير حيّة وكل مخلوق بالضرورة غير كامل
• القرأن كتاب الله وفيه الحقيقة المطلقة الكاملة
• في القرأن "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" - النبي حفظ الذكر الكامل والله لا يوحى الكامل الى غير الكامل المعرّض للخطأ؟
• التفسير: وحي الله الكامل في بشر ولكنه معصوم من الخطأ.
• ما دام النبي معصوم من الخطأ فأن سنّته ، اي أقواله أفعاله ، معصومة ايضاً وعلى المسلم إتباع القرأن وسنّة النبي – حديث الثقلين تَركتُ فِيكم الثَّقلين، ما إن تمسَّكتُم بهما، لن تضلُّوا: كِتابَ اللهِ، وسنّتي".
• في القران "إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا"
• الشيعة الاثنا عشرية: الأئمة الاثنى عشر معصومون وواجب اتباع القران والأئمة - حديث الثقلين تَركتُ فِيكم الثَّقلين، ما إن تمسَّكتُم بهما، لن تضلُّوا: كِتابَ اللهِ وعِترتي أهلَ بيتي.
2. النسخ هو ابطال احكام في آيات في القران تتقدم عليها زمنياً
• القران هو كلام الله ، فهو إذن الحق والحقيقة المطلقة والكاملة الصالحة بكليتها لكل زمان ومكان.
• كيف يكون القران حقيقة مطلقة كاملة وفية ايات متشابهه جائت وفق تسلسل زمني ولكنها متناقضة ، من مثل الايات التي جاءت في اليهودية والمسيحية والايات التي جاءت في الخمر.
• التفسير: وضع القران في إطار زمني تنسخ فيه الآية الاخيرة ألاية المشابهة السابقة.
3. حقيقة الأحداث والقصص في القرأن
• كل ما في القران هو حقيقة مطلقة من الله.
• في القران ادم وحواء ، قصص الانبياء ، اهل الكهف ، الطير الابابيل
• التفسير: هي في القرأن فهي حقائق.
4. ما أدخل على الاسلام من اليهودية
• كثير من الطقوس التشريعات الاسلامية مستمدّة من اليهودية مثل الزكاة والصلاة والصلاة خمسة اوقات وتحريم لحم الخنزير.
• ختان الذكور ، حجاب المرأة في اليهودية
• التفسير: الختان وحجاب المرأة يصبح في الاسلام لأن اليهود والعرب هم ابناء ابراهيم الذي شرّع الختان والحجاب تسنده ايات تمّ تأويلها واحاديث نبوية.
اعترض السيد حسين: الصلاة الاسلامية شرّعها القرأن فكيف تقول انها مأخوذة من اليهود؟
قلت: لم يذكر القرأن عدد الصلوات بل ذكر أهمية المحافظة عليها وخاصةً الصلاة الوسطى "حافضوا على الصلوات والصلاة الوسطى" ولم يذكر عددها ولا كيفيتها في السجود والاعتدال والقيام بل ذكر ان على المؤمنين القيام بها في اوقاتها المحددة ولم يذكر ما هذه الاوقات "إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا" ... ثلاث صلوات عند اليهود (وتسمّى تيفيلا) في الصبح والعصر والمساء وصلاتان عند القيام من النوم صباحاً وقبل النوم في الليل تسمى يشماع (أسمع) لأنها تبدأ بأسمعي يا أسرائيل ... أعتقد آن الأوان لأخذ استراحة قصيرة بينما أترككم لتشاهدوا صلاة اليهود في هذين الفديوين على حاسوبي.

https://www.youtube.com/watch?v=0aHWASyMjwg

https://www.youtube.com/watch?v=YCIqv03NQ6k


شبكة المعارف الاسلامية
http://www.almaaref.org/maarefdetails.php?subcatid=108&id=541&cid=1&supcat=1&bb=39&number=10

HTTP://WWW.POWERLINEBLOG.COM/ARCHIVES/2012/06/THE-PROBLEM-OF-ISLAMIC-CULTURE.PHP
" The Rice and declined of Scienceو" S. Musbah el Deen



#موفق_كمال_قنبر_وفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محادثات فلسفية مع صديقي حول الأسلام 21
- محادثات مع صديقي حول الاسلام 20
- محادثات فلسفية مع صديقي حول الدين 19
- محادثات فلسفية مع صديقي حول الدين 18
- محادثات فلسفية مع صديقي حول الدين 17
- محادثات فلسفية مع صديقي حول الدين 16
- محادثات فلسفية مع صديقي حول الدين 15
- محادثات فلسفية مع صديقي حول الدين 14
- محادثات فلسفية مع صديقي حول الدين (13)
- محادثات فلسفية مع صديقي (12)
- محادثات فلسفية مع صديقي (11)
- محادثات فلسفية مع صديقي (10)
- محادثات فلسفية مع صديقي 9
- محادثات فلسفية مع صديقي 8
- محادثات فلسفية مع صديقي 7
- محادثات فلسفية مع صديقي 6
- محادثات فلسفية مع صديقي 5
- محادثات فلسفية مع صديقي (4)
- محادثات فلسفية مع صديقي الملحد (3)
- محادثات فلسفية مع صديقي الملحد (2)


المزيد.....




- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...
- الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج ...
- هل أصبحت أميركا أكثر علمانية؟
- اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة ...
- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - موفق كمال قنبر وفي - محادثات فلسفية مع صديقي حول الأسلام 22