أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جاسم ألصفار - حكومة وعشائر ومافيات














المزيد.....

حكومة وعشائر ومافيات


جاسم ألصفار
كاتب ومحلل سياسي

(Jassim Al-saffar)


الحوار المتمدن-العدد: 5461 - 2017 / 3 / 15 - 00:22
المحور: المجتمع المدني
    



كان ذلك في تسعينات القرن الماضي، حينها كانت روسيا تمر بسنوات عجاف تهلهلت فيها سلطة الدولة وسادت سلطة المافيات. وقفت اتبادل الحديث مع صديق اذربيجاني كان يدير مؤسسة تجارية في مدينة بيرسلافل الروسية. ونحن منشغلون في حديثنا توقفت قربنا سيارة عليها ارقام موسكو وخرج منها شابان، أحدهما طويل مفتول العضلات يلبس نظارات سوداء والأخر قصير القامة عليه ملامح الضعة والانفعال.
سأل الشاب الموسكوفي الطويل القامة صديقي الاذربيجاني عن اسمه فأجابه صاحبي بعد تردد. عندها قال له الموسكوفي الطويل بلهجة عتاب وتحدي بأن ابنه قد اساء التصرف مع "صاحبنا"، على حد تعبيره، مشيرا الى الشاب الذي كان يرافقه، وأن الامر يحتاج الى تعويض مالي عن الاساءة التي لحقت به.
تنحى الاثنان جانبا لمواصلة الحديث في الموضوع. وحسب ما اخبرني صاحبي الاذربيجاني في ما بعد، أنه قد عرض على الشاب الطويل المفتول العضلات، وهو ممثل لمافيا قوية في موسكو، حسب زعمه، بأن يجري التفاهم حول الموضوع مع مافيا أخرى لصاحبي علاقة بها في موسكو، هي الاخرى من المافيات القوية، كما ذكر صديقي الاذربيجاني، واتفقا على صيغة اللقاء بين المافيتين لحل الاشكال وتقدير قيمة المبلغ التعويضي الذي على صاحبي دفعه لتسوية الموضوع مع "صاحبهم" المتضرر، حسب ادعائهم.
كان للمافيات في روسيا تلك الفترة، فترة حكم الرئيس الروسي بوريس يلسن، سطوة وتأثير تفوق سطوة الدولة وتأثيرها. وكانت المافيات تتحكم في المسار السياسي والاقتصادي في البلاد. فمنها وبدعمها يولد السياسيون ويحققون نجاحات توصلهم من خلال صناديق الاقتراع الى سدة السلطة السياسية في روسيا الاتحادية ومقاطعاتها وجمهورياتها المختلفة.
ولم يتغير الحال في روسيا الا في العقد الأول من القرن الحالي بعد استلام الرئيس الروسي فلاديمير بوتن للسلطة. ليجري تفكيك ومطاردة المافيات، وإعادة التأسيس للدولة المدنية الاتحادية وترسيخ سلطة القانون والقضاء في روسيا.
لا تختلف العشائر العراقية اليوم في طريقة عملها واليات انتاج سطوتها والاستفادة من تأثيرها عن مافيات روسيا في تسعينات القرن الماضي. فما حصل مع صديقي الاذربيجاني الذي رويت حكايته مع المافيا بسبب خصام وإساءة تبادلها ابنه مع شخص من معارفه، يحصل بلا انقطاع في كل محافظات العراق الوسطى والجنوبية. وليس سوى فرق واحد هو ان العشائر العراقية تبالغ في الانفلات عن سلطة القانون وتفرط في استخدام السلاح.
والملفت هنا هو ان الانفلات عن سلطة القانون لم يضع العشائر يوما تحت طائلة القانون او لائحة عقوباته، فللعشائر قوانينها التي تفوق في سطوتها قوانين الدولة ويلجأ اليها رموز سلطة المحاصصة لفض الخلافات التي تقع بينهم، كما حصل بين النائب حنان الفتلاوي وابوكلل. ورافق هذا الصعود في الاعتماد على سلطة العشائر وسطوة قوانينها وانحياز احكامها، تراجع في دور القضاء العراقي إلى مستوياته الخطيرة وارتفاع مؤشر عدم ثقة المواطن به، بسبب استشراء الفساد والمحسوبية فيه.
ونتيجة لتسلط القرار العشائري على المشهد الاجتماعي العراقي وهوان سلطة القانون، اصبحت العشائر تمارس تقاليدها بكل حرية، فاشيعت ظاهرة كتابة “مطلوب عشائريا”، او "مطلوب دم" على محلات تجارية، ودور سكنية لمواطنين، وعيادات أطباء وغيرها، القائمة على احكام ارتجالية منحازة سلفا لصف المشتكي المنتمي للعشيرة. هذا عدا عن تصفية الحساب بين العشائر نفسها، والتي تستخدم فيها شتى انواع الاسلحة، لأتفه الاسباب.
يضاف الى هذه النشاطات الاجتماعية، نشاطات سياسية تتجلى في اتساع النفوذ العشائري وتأثيره في صناعة القرار السياسي، عبر تواطؤ معلن، في توجهات الأحزاب السياسية الحاكمة التي ما كان لها ان تستمر في الحكم الا بقدرة انتماءاتها الطائفية والعشائرية ونفاق رموزها ونخبها.
وفي جميع الاحوال فان العشائر العراقية بممارساتها الاجتماعية والسياسية وغيرها تعيد انتاج عناصر وجودها وقوتها على حساب مؤسسات الدولة الشرعية. وهي بذلك تطيح بمدأ المواطنة ودولة القانون. لذا فليس من المنطقي "ابتكار" مشتركات بين المنظومة العشائرية والتيار المدني الديمقراطي. وليس من خيار من اجل بناء دولة المواطنة، الدولة المدنية التي يحترم فيها القانون ويطاع، الا بالتصدي لسلطة العشائر وتفكيكها، ومعاقب المتجاوز منها على سلطة القانون والقضاء، ووضع السلاح بيد أجهزة الدولة حصرا، ليكون استخدامه وفق ضوابط صارمة يفرضها القانون.



#جاسم_ألصفار (هاشتاغ)       Jassim_Al-saffar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عواقب التغيير
- كوبا بعد فيديل كاسترو
- اشتراطات نجاح التغيير في السياسة الامريكية
- بداية معركة الحسم في حلب
- تكهنات في متغيرات العلاقة الامريكية الاوربية
- الديمقراطية بين جدلية المضمون والاليات
- انتصار للديمقراطية ام الانعطاف نحو الاستبداد
- موضوعتان وافتراض واحد
- الوعي والثورة
- الوعي والثورة (الجزء الثاني)
- دواعي الانسحاب الروسي الجزئي من سوريا
- دروس ثورة منتصرة
- افكار حوارية في الثورة والتحالفات السياسية
- الخاسرون في حرب النفط
- افكار في موضوع المصالح الوطنية
- حكم الخرافة والبديل المغامر
- قراءة لنتائج زيارة الرئيس الفرنسي الى موسكو
- خيارات الرد الروسي
- ملاحظات في السياسة الاعلامية للمثقفين الوطنيين
- فرضيات تحتاج للتحقق بشأن كارثة الطائرة الروسية


المزيد.....




- غرق مئات خيام النازحين نتيجة الأمطار والرياح الشديدة في غزة ...
- برنامج الأغذية العالمي يحذر من أن المجاعة في شمال غزة “وشيكة ...
- غرق مئات خيام النازحين نتيجة الأمطار والرياح الشديدة في غزة ...
- نتنياهو يستبعد غانتس من مفاوضات الهدنة وتبادل الأسرى
- عهد جديد للعلاقات بين مصر وأوروبا.. كيف ينعكس على حقوق الإنس ...
- -إسرائيل اليوم-: نتنياهو يستبعد غانتس من مفاوضات الهدنة وتبا ...
- ماسك يوضح استغلال بايدن للمهاجرين غير الشرعيين في الانتخابات ...
- سفير فرنسا في الأمم المتحدة يدعو لإنهاء فوري للحرب على غزة
- شكري: مصر تدعم الأونروا بشكل كامل
- تقرير يدق ناقوس الخطر: غزة تعاني نقصا بالأغذية يتخطى المجاعة ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جاسم ألصفار - حكومة وعشائر ومافيات