أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جهاد علاونه - ماذا تعرف عن السماكيه-اعرف بلدك-الكرك-الاردن















المزيد.....

ماذا تعرف عن السماكيه-اعرف بلدك-الكرك-الاردن


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 5460 - 2017 / 3 / 14 - 17:14
المحور: المجتمع المدني
    


طوال عمري وأنا أقرأ عن الرجال الصالحين والقديسين والقديسات وكان كل فكري أنهم ماتوا منذ أن مات(دون كيشوت) وانتهى عصر الفرسان وأخلاق الفرسان وانقطعت أخبار أولئك الشجعان وأصبحوا يعيشون فقط في ذاكرة القصص الخيالية والفانتازية حين نحكي للأطفال عن الماضي ليتحسروا على الزمن الجميل, لأول مرة في حياتي أشاهد ملح الأرض على أرض الواقع فلطالما كنت أحن لتذوق طعمه الذي فعلا يختلف عن ملح مائدة الطعام, لأول مرة ألامس القديسين والقديسات كما تلامس الغيوم سطح الأرض ولكن هذه المرة بدون ضباب ولا غبار المنخفضات الجوية الخماسينية, رأيتهم بأم عيني في قرية السماكية في محافظة الكرك, وطوال عمري وأنا أسمع عن رجال محبين للثقافة وللأدب وعاداتهم وتقاليدهم أوروبية حتى شاهدت(عيد بوالصه)-(أبومايكل), حين تختلط بهذا الرجل تشعر أولا بفجوة كبيرة بينك وبين هذا الرجل ومن ثم تُؤمن بصدق نواياه وتشعر بأن هنالك شيء في العالم اسمه النظام والترتيب والأتيكيت الذي تطيق عنه صبرا لسبب وجيه وهو أننا جميعا نكره النظام والترتيب ليس لأننا فوضويين ولكن لأننا نشعر بأن النظام والترتيب جزء من السلطة التي نحب التخلص منها, طبعا سمعت كثيرا عن الأتيكيت ولكنني لم أشاهده ولم أتعلمه إلا من عيد بوالصه أبو مايكل, وكلمة أتعلمه فيها كثير من المبالغة فأنا في أغلب المواقع فوضوي ولكن ليس بزيادة عن اللزوم وإنما بحياتي فوضه ولا أستطيع تعلم الترتيب في يوم ويومين, الأتكيت عنده يبدأ من عتبة باب المنزل حتى طريقة وضع بيض الدجاج في المقلاة حتى قصة شعر رأسه وطريقة تنظيف أسنانه وغرفة النوم, أبو مايكل رجل مهذب كل شيء يفعله بوقته ولكل شيء وقته ولا يخلط المفاهيم ببعضها ولا المصطلحات, النظام جزء من حياته في البيت إلى درجة أنه يشعرك وكأنك في سجن صغير من كثرة الأبواب والأقفال فأينما وجهت وجهك تجد بابا وقفلا, رجل لا يحب أن يطلع الناس على خصوصياته بشكل كبير, وحين يغادر منزله يأخذ معه أتيكيته إلى الشوارع وبيوت الجيران.. كل شيء له أنيق ومرتب وحسب الأصول, كل شيء له نظام وترتيب وساعة وقت ولو تحدثت عن منزله المكون من طابقين لساعتين فلن أستطيع أن أصف كل ما شعرت به, ولكن يكفيني أنني شاهدت النظام والترتيب والأتيكيت لأول مرة بحياتي لدرجة إحساسي بالخوف. يعني بصراحه برستيجه فوق طاقتي لدرجة أنني شعرتُ بالتعب,وفي بعض المواقع مشيت على رؤوس أصابع قدمي لكي لا أتسبب بشيء يخربط برستيج هذا الرجل أو أن أفعل شيئا مخالفا للأنظمة واللوائح والإرشادات والتعليمات.
وهذه أيضا أول مرة لي بحياتي أدخل فيها مدينة الكرك في جنوب الأردن, وأيضا هذه أول مرة لي بحياتي أشاهد فيها أخلاق الفرسان منذ أن انقطعت أخبارهم في أواخر القرون الوسطى, السماكية قرية أردنية في الكرك صغيرة جدا ولكن فيها المحبة بما يكفي مدينة كبيرة مثل بكين الصينية أو واشنطون الأمريكية, قرية فيها 5 خمسة شوارع وقلوب محبة تتسع لأربع أو خمس جمهوريات في العالم, ولكن كيف عرفتُ ذلك؟: لنعد إلى حيث بدأنا من القديسين ..الطريقة سهلة جدا, قبل أن أرى أبونا (أيهم زيادين) عرفت أنه ينفق دخله بالكامل على إطعام الفقراء واللاجئين السوريين والعراقيين والفقراء الأردنيين, لدرجة أنه يستدين من الدكاكين ويعطي الفقراء والمشحرين والكادحين, إنه شاب بمقتبل العمر من المفترض به أن يتمتع هو وزوجته القديسة برواتبهم الشهرية ويذهبوا في سفريات خارجية سياحية ليشاهدوا العالم, من المفترض بهم أن يهتموا بأنفسهم وأن يحلموا بالسياحة يعني بعبارة أخرى(لازم يعيشوا حياتهم) حتى سن الشيخوخة وبعد ذلك يصبحوا قديسين, بعد أن يشبعوا من الكيف والانبساط, من المفترض به أن يضع رجلا على رجل في شوارع باريس ويستمتع وهو يشاهد خيوط الدخان تنبعثُ من فمه العطر وأن يشرب ويستلذ بشبابه ولكنهم بدل أن يشاهدوا هو وزوجته ملذات الحياة يأتيهم العالم الفقير إلى باب منزلهم فلا يسمح لهم الفقراء في نهاية الشهر بأن يستمتعوا برواتبهم في خليج العقبة أو فنادق البحر الميت فيمنحونهم من رواتبهم الشهرية غير مبالين بحياتهم وشبابهم, أناس بجد لم أرَ مثلهم, وحقيقة أنني سمعت عن القديسين وقرأت عنهم ولكن هذه أول مرة لي بحياتي أشاهد فيها القديسين وأصافحهم يدا بيد, ومن المعروف جيدا أن ظاهرة القديسين تأتي على الأغلب بعد سن متأخرة حين تذهب الصحة ويذهب معها الشباب, ولكن هنا شيء مختلف تماما, في السماكية القديسون بعمر ال25-26- سنة وهذه ظاهرة مهمة, الشباب دوما لديهم الرغبة الجامحة بإنفاق المال على الملذات والمشروبات وحب السفر ومشاهدة العالم الآخر, وأقصد هنا السفريات الخارجية نحو بلدان أخرى مثل مصر والأهرامات, فأبونا أيهم هوايته إنفاق راتبه الشهري على العطشى والثكلى والأرامل وثقيلي الأحمال, تشعر حينما تلامس يدك يده بأنك تريد أن تضع اصابع يديك في فمك لتتذوق طعم ملح الأرض..تشعر وكأنك تلامس تلاميذ المسيح الذي قال: تعالوا إلي يا ثقيلي الأحمال وأنا أريحكم, وهذا ما يحصل حينما يأتي آخر الشهر ويتجمع الفقراء حول الكنيسة لينفق عليهم أبونا راتبه الشهري هو والقس الإيطالي الآخر والذي تقع كنيسته بجوار الكنيسة التي يقيم فيها أبونا أيهم زيادين.
ومن بداية وصولي التقيت بعادل نصراوين أبو علاء الذي فرح جدا بمشاهدتي وجها لوجه وأخذني في جولة عبر القرية لرؤية كافة معالمها واستمتعت معه بالإفطار بمنزله الجميل على أطراف القرية, بعد ذلك اتصل بي الأستاذ (بشير العوابده) الذي أكد لي أنه أعد وليمة خاصة تليق بمقامي في منزله, كنت أظنُ حقيقة أنني ذاهب إلى تناول الطعام, ولكن فوجئت بعد الطعام بجلسة ممتعة لم أجلس مثلها منذ ربع قرنٍ على الأقل, تجمع الأهل وبدأنا نتحدث عن هموم العالم العربي والعادات والتقاليد والشعر وكافة الفنون الأدبية, وشعرت أنني في صالون ثقافي وليس بمنزلٍ أتناول به المنسف الكركي لأول مرة بحياتي, جلسنا لساعتين جلسة لن أنساها ما حييت وسأبقى عاجزا عن تقديم الشكر للأستاذ بشير ولأمه وأبيه وزوجة أخيه وأخيه وأخواته, شعرت أثناء الجلسة أنني اعرفهم ويعرفونني منذ عشرات السنين.
حين دخلت القرية شعرتُ وكأني أدخل عاصمة أوروبية, كل شيء مختلف عن ما شاهدته في القرى الأردنية



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أجل النساء
- دين الفن
- نريد قوة القانون وليس قانون القوة
- فنجاني
- المرأة الكوميدية ظاهرة تستحق الانتباه
- مشكلة التغيير
- نظرية التحرش أو مؤامرة التحرش
- الرب صالح فلا يعوزني شيء..كل عام وأنتم بخير
- أفقر عشرة رجال لعام 2016م
- رحمتك يا رب
- صور من الاستبداد في العالم العربي
- يا رب احم إسرائيل من الحريق
- نيتي حسنة
- جهاد المسيحية
- أشرف مواطن عربي
- تعرّف على حضارتك الشرقية من وجهة نظر ديالكتيكيه.
- كيف تتعلم اليهودية بعشر دقائق
- فريضة الزكاة
- تهافت العقل على النقل
- دعونا نتآخى,مسلمون ومسيحيون ويهود


المزيد.....




- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جهاد علاونه - ماذا تعرف عن السماكيه-اعرف بلدك-الكرك-الاردن