|
حلقات حول النوع الاجتماعي- الجندر - الحلقة 3 مقاربة النوع و فلسفة التربية للجميع -1-
رشيد اوبجا
الحوار المتمدن-العدد: 5455 - 2017 / 3 / 9 - 21:42
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
حلقات حول النوع الاجتماعي- الجندر - الحلقة 3 مقاربة النوع و فلسفة التربية للجميع -1-
وضعت مجموعة من المنظمات الدولية في جدول أعمالها قضية المساواة بين الجنسين في مختلف المجالات . في هذا الصدد يعمل صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة الذي بات يسمى هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين و تمكين المرأة ، على تعزيز الموازنة الراعية لقضايا الجنسين في أكثر من 60 بلد في شتى أرجاء العالم . ووافق منهاج عمل (بيجينغ) للعمل في مؤتمر المرأة العالمي الذي انعقد سنة 1995 ، على اعتبار ( مراعاة قضايا الجنسين أداة مهمة لتحقيق الالتزام بالمساواة بين الجنسين ) Unesco and UN Women .2014)) . و قد رصدت إحصائيات بعض المنظمات الدولية كاليونيسكو و اليونيسيف و البنك الدولي وجود فجوات بين الذكور و الإناث في معرفة القراءة و الكتابة خاصة في البلدان التي تتدنى فيها مستويات التعليم و تكافؤ الفرص بين الذكور و الإناث . و لكثير من الأسباب ( و لاسيما العديد منها الذي يرتدي بعدا جنسيا ، لا زال ملايين الفتيان و الفتيات حول العالم يعانون صعوبة شديدة في الوصول إلى التعليم الجيد ..) 2 إن هدف اعتماد فلسفة (التربية للجميع ) على المستوى العالمي هو السعي نحو اقرار توزيع عادل للثقافة و التعليم بين الجنسين ، و بين الفئات و البلدان و الثقافات على اختلافها . هكذا ، أصبح التوزيع العادل للتربية و التعليم مدخلا أساسيا إلى الإنصاف، إذ( يشكل تحقيق المساواة بين الجنسين في حقل التعليم موضوعا مهما من مواضيع العدالة الاجتماعية) 3 وتهدف عملية تعميم مراعاة المساواة بين الجنسين ، إلى جعل هذه القضية غاية مثلى تتجلى في نظم المؤسسات و المجتمع و ممارساتها ككل ، بدلا من التعامل معها كقضية منفصلة ، أو حصرها في قطاع محدد . و يدعو إطار عمل ،في المنتدى العالمي للتربية سنة 2000 ، الحكومات إلى الالتزام بتعميم سياسات النوع الاجتماعي في نظم التعليم . وخلال العقدين الذين تليا مؤتمر بيجينغ ، جرى اعتماد واسع لسياسات ترمي إلى مراعاة قضية المساواة بين الجنسين في قطاع التعليم . و استند التقدم المحرز في سبيل تعزيز الإنصاف في التعليم ، إلى التزامات قانونية و سياسية . حيث أشارت 40 دولة من أصل 59 قدمت تقاريرها إلى منظمة اليونيسكو ، إلى أنها تكفل حق الفتيات و النساء في التعليم و تحضر التمييز على أساس الجنس في الدساتير الوطنية و التشريعات . (UNESCO and Women , 2014 ). أما التقرير العالمي لرصد التعليم للجميع 2015 ، الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للتربية و العلم و الثقافة ، فيعرف مفهوم المساواة بين الجنسين بكونه لا يقتصر على ( احتساب الفتيان و الفتيات في المدرسة ، بل يتجاوزه إلى استكشاف نوعية و تجارب الذكور و الإناث في قاعات الدرس و في المجتمع المدرسي ، ثم الإنجازات التي حققوها في المؤسسات التربوية و تطلعهم للمستقبل . و توصل التقرير إلى أن هناك تقدم متباين في اتجاه تحقيق تكافؤ الفرص بين الجنسين في التعليم الابتدائي منذ انعقاد المنتدى العالمي للتربية في داكار سنة 2000 . كما سجل تقلص نسبة التفاوت بين الجنسين في معدلات التسجيل بالتعليم الابتدائي .
يشكل الفقر، متغيرا حاسما في تعميق التفاوت بين الجنسين ، فالفتيات الأشد فقرا أقل حظا في الالتحاق بالتعليم. 4 و في علاقة الذكور بالإناث في حظوظ التفوق الدراسي ، حسب نفس التقرير، يضمن التحاق الفتيات بالمدرسة تقدمهن في التعليم جنبا إلى جنب مع الفتيان . أما حين يلتحقن بدرجة أقل ، فيبقى احتمال أن يغادر الذكور المدرسة أكبر . أما بالنسبة للبلدان الأكثر ثراء ، فقد اتسعت أوجه التفاوت في المرحلة الدنيا من التعليم الثانوي على حساب الذكور ، و ذلك نتيجة التسرب المتنامي في صفوفهم. و في المرحلة العليا من التعليم الثانوي ،و حسب البيانات المتوفرة الخاصة ب 78 بلد ، فإن التسرب يرتفع في صفوف الذكور ، حيث لم يصل صفوف التعليم الثانوي العليا سوى 95 تلميذ لكل 100 تلميذة . من بين الأسباب الكامنة وراء تعميق نسب تدني تعليم المرأة و انتشار الهدر المدرسي في صفوف التلميذات ، حسب منظمة الونيسكو ، مشكل الزواج المبكر و الحمل اللذان يحدان من وصول المراهقات إلى التعليم و إتمامه ، علاوة على بعد المسافة بين البيت و المدرسة . وقد أفادت نسبة 36,4 مليون امرأة في البلدان النامية اللواتي تتراوح أعمارهن بين 20 و 24 سنة عند الولادة قبل سن 18 سنة و مليوني امرأة قبل سن 15 سنة . ( (UNDPA 2013 b . و لا ينبغي إغفال ، مشكل ضعف مرافق المياه و الصرف الصحي ، فهو عامل حاسم في تدني المساواة بين الجنسين في التعليم عبر العالم ، و هذا ما جعل المنتدى العالمي للتربية بدكار ، المشار إليه آنفا ، يسلط الضوء على توفير مرافق صرف صحي آمنة و منفصلة للفتيات ، باعتبارها استراتيجية أساسية لتحسين حضور الفتيات إلى المدرسة و تعزيز بيئة مدرسية أكثر إنصافا . و يشكل العنف القائم على نوع الجنس ، أسوأ تجليات التمييز المبني على أساس نوع الجنس ، و هو يقوض بشكل كبير محاولات تحقيق المساواة بين الجنسين . و تساهم الكتب المدرسية في ترسيخ الصورة النمطية و الدونية للمرأة ، ففي سنة 2000 ، ظلت الكتب المدرسية حول العالم تعكس أنماطا مختلفة من التحيز القائم على نوع الجنس ( فغالبا ما كان تمثيل النساء ناقصا أو غائبا ، و ارتبط وصف الذكور و الإناث في الإطار المهني و المنزلي بالقوالب النمطية التقليدية الخاصة بنوع الجنس ، و لم تصور المرأة سوى في نصف عدد الصور التي تمثل الرجال في بعض الكتب المدرسية ككتب تعلم اللغة و الأدب الإسباني ( Gonzalez and Entond , 2004)5 في هذا الإطار ، قامت منظمة اليونيسكو بتمويل عمليات تدقيق الكتب المدرسية ، بشكل يراعي المساواة بين الجنسين ، في بعض الدول كالأردن سنة 2010 و باكستان سنة 2004 . في هذا الإطار ، يحق لنا أن نتساءل : - ما مدى حضور إشكالية النوع الاجتماعي في الخطاب التربوي المغربي.؟ - كيف تقدم الأدوار الاجتماعية ، و الحقوق و المسؤوليات بين الذكور و الإناث في الكتاب المدرسي ؟ - هل هناك إنصاف بين الجنسين من حيث الفعالية الإبداعية في الكتاب المدرسي؟ -هل تحققت أجرأة خطاب الإنصاف بين الجنسين في الفضاء المدرسي بشكل يساهم في الحد من ظاهرة الهدر المدرسي خصوصا في صفوف التلميذات ؟ سنحاول في الحلقات المقبلة أن نجيب عن هذه الإشكالية .
الهوامش : 1- رشيد اوبجا ، مقتطف من بحث جامعي لنيل الإجازة في علم الاجتماع ، النوع الاجتماعي بين الخطاب و الواقع التربويين بالمغرب ، السنة الجامعية 2015-2016 2- منظمة الأمم المتحدة للتربية و العلم و الثقافة ، التقرير العالمي لرصد التعليم للجميع: التعليم للجميع 2000-2015 : الإنجازات و التحديات ، منشورات اليونيسكو ،2015، ص 167 3- التقرير العالمي لرصد التعليم للجميع ، 2015 ، ص 167 4- نفس المرجع ، ص 170 5- نفس المرجع ، ص 192
#رشيد_اوبجا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حلقات حول النوع الاجتماعي ( الجندر ) الحلقة 2 النوع الاجتماع
...
-
حلقات حول النوع الاجتماعي ( الجندر ) 1 تقديم حول ماهية النوع
...
المزيد.....
-
“800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم
...
-
البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
-
مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة
...
-
“سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف
...
-
إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى
...
-
هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟
-
اغتصاب وتحويل وجهة وسطو وغيرها.. الأمن التونسي يوقف شخصا صدر
...
-
“الحكومة الجزائرية توضح”.. شروط منحة المرأة الماكثة في البيت
...
-
جزر قرقنة.. النساء بين شح البحر وكلل الأرض وعنف الرجال
-
لن نترك أخواتنا في السجون لوحدهن.. لن نتوقف عن التضامن النسو
...
المزيد.....
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
-
الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم
...
/ سلمى وجيران
-
المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست
...
/ ألينا ساجد
-
اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019
/ طيبة علي
-
الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1]
/ إلهام مانع
المزيد.....
|