أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسني أبو المعالي - فضيحة أبي غريب أهون من فضيحة اختلاف الأطياف العراقية















المزيد.....

فضيحة أبي غريب أهون من فضيحة اختلاف الأطياف العراقية


حسني أبو المعالي

الحوار المتمدن-العدد: 1434 - 2006 / 1 / 18 - 07:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


فرحة الاخوة العرب الشيعة لن تستمر طويلا وان فازوا في الانتخابات الأخيرة، طالما لم يزل فتيل الفتنة الطائفية يلوح في الأفق بين الفينة والأخرى بسيناريو مكشوف من طرف قوات الاحتلال التي تدفع الشعب العراقي بأساليبها الخاصة إلى مواجهة بعضه البعض بعيدا عن مواجهة المحتل. فرحة لن تكتمل عناصرها الوطنية بدون تقديم تنازلات موضوعية من طرف جماعة الائتلاف خدمة لمصلحة الوطن من اجل مشاركة الفئات والأحزاب الأخرى في السلطة مشاركة فعلية وحقيقية بهدف البناء والوحدة والسلام، ولا أعتقد بان طموح الاخوة العرب السنة سيتحقق بجهود سنية منفردة في المحافظة على بقاء العراق واحدا موحدا دون تقسيمه مهما أوتوا من قوة وبأس وعناد في فرض شروط تعجيزية فيما يتعلق برفض الفيدرالية وأولوية جدولة الانسحاب الأمريكي من العراق قبل الحوار، ما لم يدركوا بان المصلحة الوطنية تقتضي الآن وبسرعة إتباع سياسة لينة مع بقية الأطراف والاتفاق معهم حول معظم النقاط الرئيسية العالقة والمختلف عليها بروح من ديمقراطية الحوار وفق احترام الرأي والرأي الأخر وهي ضرورة تمليها على الجميع ظروف الأوضاع الحرجة التي يمر بها وطننا الجريح وشعبنا المقهور، والاخوة الأكراد لن يكونوا بأكثر حظ من سواهم من شركاء الوطن إذا اعتقدوا بان سياسة فرض الأمر الواقع ستمكنهم من الحصول على جميع مطالبهم بعيدا عن رغبة الأطراف العراقية الأخرى المتمسكة بوحدة الوطن، فالاخوة الأكراد ليس لهم في الوقت الحاضر على الأقل سوى العراق وطنا في ظل التوازنات الدولية المحيطة بالعراق، وليس لهم من الاخوة الحقيقيين شركاء سوى العرب سنة وشيعة في ظل أجواء الحرية والديمقراطية الضامنتين لحقوق الجميع.
إن الانفجار الحاصل الآن في الوطن وما يحيطه من أجواء عدم الثقة بين الأطراف العراقية جاء بلا شك نتيجة الاحتقانات السياسية والاقتصادية والاجتماعية على إثر السنوات الطويلة للحصار الجائر الذي فرضته الولايات المتحدة الأمريكية التي تدعي اليوم بكل صلافة بأنها حضرت إلى العراق من اجل مساعدته وتحرير شعبه من النظام البائد، وقد كبدتها الحرب على العراق مليارات الدولارات وخسرت من جنودها عشرات المئات، فكيف تضحي بكل هذا من غير أن تستعيد الثمن والأرباح؟ علما بأنها ستنسحب من على المسرح العراقي ولكنها ستبقى خلف الكواليس، تلك هي اللعبة الأمريكية، كذبة القرن والتي يجب أن لا تنطلي على عقلائنا في الوطن – سنة، شيعة، عربا وأكرادا، وأن يدركوا جيدا - وهم أدرى بذلك – بان الاحتلال جاء من أجل مصالحه وأهدافه القريبة والبعيدة، وليس للعراقيين من نصيب في كل هذه الحرب، إذا اختلفوا، سوى مزيد من الويلات والتمزق، فلابد من المصالحة إذن، وهي أمر ضروري قبل فوات الأوان، والدعوة من اجلها يجب أن تنطلق من الداخل، و بأصوات عراقية وازنة، أصوات من عقلاء القوم، وإن الديوان الذي سيجمعهم هو العراق، أصوات عراقية، لا سنية ولا شيعية، لا بعثية ولا شيوعية، لا عربية ولا كردية، وأعني بذلك أصواتا شريفة تضع في نصب عينيها الوطن ويكون انتماؤها للعراق قبل انتماءاتها المذهبية والعرقية والحزبية، أصوات مخلصة تعمل من اجل إنقاذ هذا الوطن وشعبه من المأزق الكبير الذي شارك بعض العراقيين بقصد او بدون قصد في الوقوع فيه أسوة بالمحتلين، فالتاريخ لن يرحمكم إن تماديتم في ضياع الوطن وسوف تلعنكم الأجيال اللاحقة على اختلافكم فيما بينكم من اجل مصالحكم.
لا شك بان الممارسة الديمقراطية والانتخابات وقبول الرأي الأخر واحترام حقوق الإنسان هي مظاهر جديدة عن المجتمع العربي بشكل عام والعراقي بشكل خاص وليس من السهل استيعابها بين عشية وضحاها، لقد تخطت معظم دول العالم وتجاوزت مشاكلها منذ عقود بفصلها الدين عن الدولة والطائفية عن السياسة، إلا نحن بالرغم مما يقال عن القيم الانسانية في الديمقراطية واحترام حقوق الانسان باعتبارها ولدت من رحم الأرض العربية والإسلامية. نعم نحن أحفاد نبو خذ نصر وحمورابي وهامان وآمون وأبناء الفارابي وابن رشد وابن خلدون والمتنبي، ولكن ما الذي استفادت شعوبنا العربية من كل هؤلاء وقد وضعت كتبهم في أعلى الرفوف بحيث يصعب على الأغلبية من الجماهير العربية أن تطالها سوى القلة القليلة من النخب المثقفة؟، وما جدوى تأثير تلك النخب وهي بعيدة عن سلطة القرار السياسي الموجهة لتلك الجماهير؟ ومع ذلك فقد مارست بعض النخب ومن ثم بعض العامة فعل الساسة وصناع القرار في التهميش والإلغاء مع بعضها البعض من خلال تشبثها بمضمون ما قاله المتنبي :
دع كل صوت غير صوتي فإنني... أنا الطائر المحكي والآخر الصدى
حتى أصبح بعض السنة يعتبرون الشيعة هم الصدى، وبعض الشيعة يعتبرون السنة هم الصدى، وبعض العرب يعتبرون الأكراد هم الصدى... إلخ، وهذا خير ما تتمناه قوات الاحتلال في تفشي ضمير – أنا المتنبي – بين العراقيين بعيدا عن مصلحة الجماهير بهدف تنفيذ مؤامرتها في تمزيق أبناء الشعب العراقي، فقد هيأت حكومة الاحتلال لهذه المؤامرة الخطوات التالية منذ دخولها إلى العراق:
الخطوة الأولى : اتباع نظام المحاصصة الطائفية والقومية إبان مجلس الحكم وهي خطوة كانت على طريق زرع بذور الطائفية والعرقية.
الخطوة الثانية: حل الجيش العراقي بكامله والذي يضم بين صفوفه الكثير من عرب السنة الشئ الذي أثار حفيظة معظم العرب السنة وهو ما دفعهم إلى الاحتقان.
الخطوة الثالثة: العمليات الاستفزازية، ومنها:
-- الاعتقالات ودهم البيوت بشكل عشوائي والتعرض لحرمتها بطريقة لا تنسجم وتقاليدنا الاجتماعية في العراق، وهو ما يؤدي إلى الاحتقان، ولنا في جماعة الصدر خير مثال عندما أغلقت صحفها وبعض مكاتبها ونحن في زمن الحرية، وتم اعتقال بعض رجالاتها حقا وباطلا من اجل شق الصف الشيعي هذه المرة وتقسيمه إلى تيار صدري وتيار سيستاني، وهذا ما حصل.
-- التباطؤ والتماطل في محاكمة صدام الهزيلة وأعوانه السبعة، وهي محاكمة كاريكاتورية لا ترقى إلى مستوى محاكمة نظام ديكتاتوري، ولا أستبعد ان نسمع يوما خبر هروب صدام من سجنه.
-- تسريب صور التعذيب من سجن أبي غريب على يد بعض الجنود الأمريكان ونشرها لم يكن – في رأيي - بمنأى عن علم الإدارة الأمريكية والاحتلال كما تصورها المسرحية الأمريكية، ولم تكن مصادفة أيضا اكتشاف قوات الاحتلال في العراق لسراديب التعذيب في أقبية وزارة الداخلية العراقية. لكن العمليتين قد خططتا ونفذتا بعناية وصورتا ونشرتا لبلورة أجواء الاحتقان بين أطياف الشعب العراقي وبالخصوص بين السنة والشيعة. قد يختلف معي بعض الاخوة القراء على اعتبار أن أمريكا لا تغامر بسمعتها في فضيحة مثل فضيحة أبي غريب أمام العالم، أقول بان فضيحة الاحتلال للعراق هي من أكبر الفضائح وكما بررت فضيحتها في غياب أسلحة الدمار الشامل بمعلومات استخباراتية خاطئة ولم تعتذر واستمرت بالاحتلال، تكون فضيحة أبي غريب هي فضيلة لصالح الاحتلال أكثر من كونها فضيحة، لأنها تمكنت من استفزاز الشعب العراقي ولكن ضد بعضه. و أخيرا تبقى فضيحة أبو غريب أهون من فضيحة اختلاف الأطياف العراقية المتناخرة على السلطة، فقد اختلفوا على الاتفاق واتفقوا على الاختلاف. هكذا أراد الاحتلال منذ اليوم الأول لاحتلاله العراق أن يبدأ بالتجزئة والتقسيم على أساس طائفي وعرقي فتناول الشعب أولا وصولا إلى تقسيم الوطن.
إن تقسيم العراق إلى كيانات صغيرة سيساعد الولايات المتحدة في السيطرة عليه بسهولة ومن ثم التصرف بمقدراته وخيراته وسنقع جميعا تحت حمايتها من شرور أنفسنا بحسب الاجندة الامريكية، وذلك بحجة حماية الأكراد من العرب بعد معاناتهم الطويلة من طرف الأنظمة العربية المتعاقبة في العراق، وسيكون لهم كيان مستقل في الشمال، وكذا حماية الشعية من العرب السنة المتهمين بتعاطفهم مع النظام السابق الذي بطش بالشيعة كما بطش بالأكراد، فسيكون لهم كيان مستقل في الجنوب، وأخيرا حماية العرب السنة من الشيعة والأكراد بعد الاتفاق الشيعي الكردي الأخير وعزلهم في كيان ثالث في الغرب.
ولم يبق للعراقيين حينئذ سوى الندم على ما فات حيث لا ينفع الندم بعد تشييع وتوديع الوطن الواحد الذي مازال هو الآخر يودع الآلاف من الشهداء من الأحبة أخوة وأخوات وآباء ونساء وأطفال والذين قتلوا على يد أبناء هذا الوطن اكثر مما قتلوا على يد قوات الاحتلال بسبب طمع بعض الساسة العراقيين من المتطرفين والمتهورين والحاقدين الذين ينطبق عليهم وصف شاعرنا الكبير ألجواهري حين قال:
لا تنس انك من أشلاء مجتمع... يدين بالحقد والثارات والذحل
ربما تكون للعراقيين فرصتهم الأخيرة، وآمل أن أكون مبالغا في تشاؤمي على مصير الوطن الغالي، وهي فرصة مازالت قائمة من اجل الوقوف صفا واحدا ضد مخططات الاحتلال الأمريكي إذا ما تذكرنا جيدا وطبقنا مع سبق الإصرار حكاية الأبناء الذين لقنهم الأب درسا في الوحدة والتضامن عبر مثال العصي المجموعة تكون عصية على الكسر والعصا الواحدة محكوم عليها بالكسر.



#حسني_أبو_المعالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليت شعري هذا العراق لمن؟
- هموم التشكيل وأوهام الحداثة
- جاهلية المسلمين في زمن الانفتاح والعولمة
- العراق تحت رحمة الحرية والحوار والديمقراطية


المزيد.....




- الحرس الثوري يُهدد بتغيير -العقيدة النووية- في هذه الحالة.. ...
- شاهد كيف تحولت رحلة فلسطينيين لشمال غزة إلى كابوس
- -سرايا القدس- تعلن سيطرتها على مسيرة إسرائيلية من نوع -DGI M ...
- تقرير للمخابرات العسكرية السوفيتية يكشف عن إحباط تمرد للقومي ...
- حرب غزة: لماذا لم يطرأ أي تحسن على الأوضاع الإنسانية للغزيين ...
- كيف تُقرأ زيارة رئيس الوزراء العراقي لواشنطن؟
- الكرملين: الدعم الأمريكي لكييف لن يغير من وضع الجيش الأوكران ...
- مسؤول إيراني: منشآتنا النووية محمية بالكامل ومستعدون لمواجهة ...
- بريطانيا توسع قائمة عقوباتها على إيران بإضافة 13 بندا جديدا ...
- بوغدانوف يؤكد لسفيرة إسرائيل ضرورة أن يتحلى الجميع بضبط النف ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسني أبو المعالي - فضيحة أبي غريب أهون من فضيحة اختلاف الأطياف العراقية