أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - محمود ابوحديد - أربع مشاكل تواجه المسجون المصري(1)















المزيد.....

أربع مشاكل تواجه المسجون المصري(1)


محمود ابوحديد

الحوار المتمدن-العدد: 5451 - 2017 / 3 / 5 - 22:40
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


مقدمة لابد منها
لم يعد السجن في مصر2016:2011 تجربة فردية لكن خبرة يخوضها المجتمع المصري باكمله. واقع مصرنا المنهوبة ان اطول طوابير فيها ليست طوابير الخبز او الجمعية الاستهلاكية لكنها طوابير زيارات السجناء امام السجون والاقسام.
واحد من كل خمسة مصريين دخل السجن او يعرف مسجونا - جنائي او سياسي - بدائرته المقربة.
الاعتقال العشوائي سمة طالما ميزت الجمهورية المصرية ، واخيرا استطاعت كاميرا الصحافة ان تصورها بالفيديو الشهير لاعتقال مواطن يمر بجانب عربة الشرطة . دون مبالغة ، يمكن ان تُعتقل وتُسجن دون ذنب سوى المرور امام ضابط الشرطة ! لو لم تجد وساطة او محسوبية فيحتمل ان تقضي شهور وسنوات دون اي ذنب سوى الوجود في مصر المنهوبة (*)
من ناحية اخرى ، فالحل ابدا لم يكن الهجرة خارج مصر :
كل الدول الاعضاء بالامم المتحدة -حزب الثورة المضادة العالمي- ينظم فيها البوليس قمع وظلم المواطنين. اوروبا تعتقل كل من يتظاهر دون اذن وترخيص الشرطة ولا تختلف مشاهد هجمات فرق (القانون والنظام) على متظاهري اوروبا عن مشاهد هجمات البوليس المصري على متظاهري الميادين والمؤسسات. كما اعلنت الطوارئ في السنوات الاخيرة في اكبر الدول الاوروبية وجرى اعتماد سياسات فاشية مرعبة لاقصى حد – اعتقال اقارب المتهمين/الاعتقال الاحتياطي بناءا على العرق ..الخ
اما الولايات المتحدة فتحوي احد اكبر اجهزة الشرطة تعذيبا وقتلا للمواطنين في العالم المسمى كذبا "ديمقراطي" والنظام القضائي الامريكي مصمم للتضامن مع الضباط وتبرئتهم من كل تهم تعذيب العامة.
الضباط هم اسياد العالم وصوت اسلحتهم يعلو اي صوت انساني في كل انحاء الكرة الارضية... لا حل سوى انتصار الثورة العالمية في اسقاط الانظمة الجمهورية الراسمالية حول العالم.
لنعد بالحديث عن مصر ،،
يلقبها سجناء مصر ب(مقابر الاحياء) والانتهاكات فيها بالجملة حتى ان الرُضع يجري حبسهم مع امهاتهم على ذمة التحقيق !
سجون مصر تمثل عالما مجهولا لاغلب مواطني مصر رغم ان السجن ليس بالمصير البعيد ابدا عن اي مواطن .. هذا العمل لتوثيق اهم اربع مشاكل ستواجه اي من يتم اعتقاله !
الاطلاع على هذا العمل سيٌفهمك اساسيتان :
أ) اذا كنت ستتعرف على الواقع المجرد من حولنا ، واقعنا دون تجميل، اقصد السجن. سواء بتجربته او بالقراءة عنه ، فالاستنتاج الوحيد هو التالي : ضروري ان تتحمل عواقب حمل هذه المعرفة .. وهي الاتي : يجب تامين الانتصار على البوليس وظلمه دون اي ابطاء.
اذا فهمنا المعاناة الموجودة حولنا كل يوم ويُجرى اخفاءها باسوار مقرات الشرطة والسجون ، واذا فهمنا امكانية ان نساق نحن انفسنا الى هذه السلخانة، فيجب قبل اي شئ وبعد اي شئ، ان نؤمن خطة الانتصار عليهم والغاء الظلم الحالي للنظام.
اقول ان عواقب العمل السياسي في مصر هي سجن بشع لا يُنسى من ذاكرتك او من جسدك وفقط اتباع خطة سياسية تضمن الانتصار على النظام الجمهوري (البوليس – القضاء -الجيش) هو ما سيضمن الا تضيع مجهوداتك وآلامك في العمل السياسي والسجن هباءا منثورا.
شعار الاشتراكيون الثوريون (اقرأ.اتعلم.ناضل) من اهم الشعارات التي يجب ان يلتزم بها كل من ينخرط بالسياسة او الثورة لحين يقتنع وينفذ انسب خطة في رايه لتغيير المجتمع.
ب) افعل ما بوسعك كي لا تقع تحت يد الشرطة. موقعنا ليس تحت ايديهم ليسحقونا. لو اعتقلونا فهذا دليل على ضعف بسأنا وقلة حيلتنا .. نحتاج الى تطوير مخططاتنا، لنجعل البوصلة نحو الانتصار ،، دون اي ابطاء.
النصر بالنهاية حليف رفاقنا المعتقلين وسيخرجوا من السجون عاجلا ام آجلا .. ومهما نبح مخبرو الحكومة فلن يمنعوا الهتاف من ان يدوي مجددا : الشعب يريد اسقاط النظام
مرة اخرى ، هذا العمل لكسر المجهول في عالم السجون المصرية .. هذا العمل يطالب ببذل كل مجهود لتحرير كل معتقل من سلطة ضباط البوليس المصري. فليصنع كلُ منا طريقه نحو التضامن مع سجناء مصر.
لا احد يستحق ان يُسجن تحت سلطة الفاشيين ضباط العادلي معتادي التعذيب... حتى بانتصار ثورتنا فاننا ابدا لن نمتهن انسانيتهم كما فعلوا معنا .. هذا هو الخط الاحمر الذي يجعلنا ثوريين : الحفاظ على الانسانية رغم الآمنا وتجربتنا الخاصة.. هذا هو الدرس الوحيد من تاريخ السجون العربية الحالية والسابقة .
الهوامش
(*) محمد عادل عضو فرقة اطفال الشوارع كتب من داخل السجن : معانا دكتور اقتصاد و لواء جيش و مهندس و مترجم في الداخلية و سكرتير نيابة و دكتور و ممرض و رجل أعمال و شيخ أزهر .. أنا نفسي افهم مين لسه برا ؟!
(**) وثق الحقوقيون العشرات عٌذبوا حتى القتل بعد ان انهوا فترة حبسهم وقبل اخلاء سبيلهم بساعات.



1-تعذيب لحظي للسجناء .. التكدس


السجن في مصر يبدأ بدخول قسم شرطة او بمعنى اصح "حجز القسم " . اقسام الشرطة سلخانات يُعذب فيها المواطن في كل لحظة عبر "التكدس" .. هنا اشرح ما تعنيه جملة " السجناء يدهسوا بعضهم البعض"
في بداية دخولك غرفة الحجز مستحيل أن تجد مكانآ فراغآ في الغرفة ، السجناء في كل مكان ،عندما يتم فتح باب الغرفة تجد كل السجناء ينظروا ناحية الباب مرعوبين من دخول سجاء جدد ، لان هذا يعني ان عددهم سيزيد ، لو واحد او اثنين فلا مشكلة لكن الرعب من ثلاثة او اكثر يدخلوا .. اول ما يظهر في عقل الداخل من منظر الغرفة "فعليا لن اجد مكان انام او اجلس فيه"
عامة الغرفة مقسمة ل"فرش" على اليمين والشمال ، ومعنى "فرشة" هي بطانية على الارض تضم من خمسة لست اشخاص. عند دخولك فالناس على "الفرش" يدعوا عدم رؤيتك لان "الفرشة" التي ستتكلم معها هي التي ستحاول ان تجلس عليها. المفترض انك ستكون منهم ما يعني ان "الفرشة" ثابتة المساحة سيزيد عليها شخص جديد . وهذه هي اكبر "تكديرة" بالنسبة لهم - اكبر من هجوم المباحث على الغرفة وضرب كل من فيها ونهب كافة محتوياتها ، على الاقل بعد الهجمة كل واحد سيرجع مكانه و"فرشته" .. لكن بوجودك على "الفرشة" فالعدد سيزيد ولن يخلصوا منك ابدا ! على الاقل على المدى القريب لحين حصولك على اخلاء السبيل ! بالتالي كل "فرشة" تتجنب الكلام معك كي لاتكون معهم على "الفرشة" . معنى هذا امكانية ان تظل واقفا طول اليوم ولن يرضى الناس ان تجلس معهم – هنا لم اتي حتى على ذكر مرحلة النوم.
ان لم تستطع التصرف وتضع نفسك مع سكان "فرشة" عندها ستحلم ان تخرج الان قبل ميعاد النيابة في الصباح ! ستقضي الليلة والمساجين يدفعوك من "فرشة" للثانية لأنك تريد أن تاخد مكان . الساعة السابعة صباحآ ،يقل ازدحام الغرفة لان المساجين تذهب للنيابة.
اذا أبقت النيابة علي حبسك 4 او 15 يوم تجديد ، وان لم تكن الساعة قد تعدت 4 العصر ، فسوف تتمنى أن ترحل في "التراحيل" التي تذهب الي السجون ، ستظل تتمنى أن ترحل "الترحيلة" القادمة ، وعند منادة الأسامي ، ستحلم لو اسمك معهم وان لم يحصل نصيب ستضطر ان تواجه مصيبة انك ستبيت في المكان الذي لا تعرف حتى أن تقف فيه .
الذي يجول في خاطرك حينها : كيف ستنام وانت حرفيا لا تجد مكان لتقف والاغلب انك فعلا ستقف على رجل واحدة لان رجليك الاثنين موجودين في جزء من مكان نوم أحدهم ، حينها سيدفعك وتذهب لتقف في مكان ثاني ، ستدفع منه بالتأكيد!
حينها ستقول لهم – اقصد سكان "الفرشة" - انك تقف على رجل واحدة ولا تشغل مكان كبير فدعوني اقف فقط – هذا من أجل أن تستجدى عطفهم ! انا رأيت بعيني مساجين تقول هذا ، مراهقين فقرا لا أحد يسأل عنهم ولا زيارات ولا يملكون مال فلا مكان في أي "فرشة" في الغرفة، لان المساجين الموجودين على" الفرش" يضموا "لفرشتهم" الذي يملك مال ويأتيه زيارات اما الذين لا يأتيهم زيارات او زياراتهم متباعدة فهؤلاء يظلوا يتنقلوا من "فرشة" "لفرشة" ،، يتنقلوا يعني يقفوا من "فرشة" "لفرشة" !
يجب أن يكون معك مال وطعام وسجائر من أجل أن تعطي منها للموجودين على "الفرشة" من أجل أن يقبلوا أن تكون منهم وأن يكون لك مكان دائم وسطهم ، ضع هنا تحت كلمة دائم هذه 100 خط . كيف يكون حال هذا المكان؟
لا يتجاوز ابدا الشبرين اقل من الشبرين ,, شبر وقبضة دائمآ ، بمعني أن تفتح يدك شبر وتضع يدك الثانية مغلقة بجانبها، هذه هي الشبر وقبضة .. جربها بيديك وتخيل أن هذا هو مكانك الدائم ... وتذكر انك من المحظوظين ان وجدته . محظوظ فعليا لان المساجين تتشاجر ليل نهار على الاماكن.
ستنام في هذه المساحة على سيفك ، بمعني على جانبيك. تعانق الموجود بجانبك والموجود خلفك يعانقك وحينها لن ترضى ان يشغل أحدهم جزءآ من مكانك واقفآ. لانك ليس فقط تعانق من أمامك وخلفك، لا، انت اصلا يوجد تحت رجليك اثنين نائمين وتقوم برفع رجليك فوقهم، وهؤلاء يأخذون مكان في اخر "الفرشة" بمعنى ان مكانهم الثابت تحت أرجل الناس الموجودين على "الفرشة" وهذا يعد كنز لأنه بالنهاية مكان ثابت لهم ! يناموا وترفع رجليك فوقهم هذا كنز في قسم الشرطة!
الغرفة بالضبط عند دخولك : ناس نائمين في صفين والأرجل موجودة فوق ناس حتي الركبة والواحد فيهم يعانق الموجود أمامه والموجود في ظهره .
حينها اذن ان كنت انت في هذه الظروف لمدة 50 يوم مثلا ،، هل ستترك مكان ل"قدم" أحدهم تقف بين بطنك وظهر الذي أمامك او بين ظهرك وبطن الذي خلفك.. حتى لو انت وافقت ان يشغل مكان بجانب بطنك واقفآ وانت نائم فالموجودين بجانبك لن يوافقوا وستجدهم يدفعوه ليقع عليك وأنت نائم وهكذا دائمآ هناك أناس يتم دفعهم لتقع علي آخرين.
تخيل انك عجزت عن النوم وتريد أن تجلس .. حينها مقعدتك ستأخد مكان اكبر بكثير من الشبرين المخصصين لك ستجد الموجد على يمينك والموجود على يسارك يقولون لك "قوم اقف" ليستطيعوا النوم هذا معناه انك ستضطر أن تنام أن كانوا من بجوارك نائمين ولن تستطيع أن تجلس الا لو كانوا مستيقظين حينها ممكن أن تبدلوا الجلوس – يعني حد يقعد وحد يقف – او أن تجلسوا أمام بعضكم بما ان رجليك مطبقة ولا تشغل مكان ع "الفرشة" .
فعلا المسجونين يتمنوا ان من يذهب الي النيابة او جلسة يذهب ويأخذ حكمآ بالبراءة ، على الاقل من أجل أن يترك مكانه لمسجون آخر !
هذه هي الطريقة التي تجعل بها الحكومة السجناء يكرهون بعضهم ويتشاجرون مع بعضهم البعض .. التكدس الذي يصل انك لا تستطيع أن تخطوا 8 خطوات الذين هم طول الغرفة دون أن تدوس على أحدهم .
اجسام المسجونين مليئة بالامراض نتيجة عدم التعرض للشمس.. أن كنت في قسم الشرطة لن تري الشمس الا في حالة نزولك جلسة ، وأن كنت في السجن لن تري الشمس غير ساعتين كل اسبوع .. اعد قراءة الجملة الاخيرة وتخيل كيف ستعيش في كمية الامراض كهذه.. ان حاولت ان تقف وتريح أحد المساجين الفقراء الواقفين لتجعله ينام قليلآ مكانك او وقفت من أجل أن تدخل الحمام ورجعت و وجدت أحد منهم جالس مكانك .. ستجعله يترك المكان أم ستجعل ملابسه وجسده المملوئين بالامراض يشغلوا مكانك وبالتالي جراثيمه تتنقل لمكانك اسرع ؟ مثلا لو فرضنا انك وافقت وجعلته يجلس مكانك حينها ستجد الاثنين الذين بجوارك يصيحون ويقولون "هي ناقصة امراض وخرى اقعد ومتقعدش حد مكانك" ويقوموا بدفعه خارج "الفرشة" واصلا الكسل وقلة الحركة يكونوا سيطروا علي جسدك فلن تستطيع أن تقف اكثر من ربع ساعة.
هذا كله عن الجلوس والنوم تخيل كيف يكون الأكل في هذه الحالة؟
مثلا الحمام ، لايوجد غير حمام واحد لغرقة فيها 70 شخص تقريبآ ، وان كان الأنسان يستغرق 5 دقايق في الحمام فهذا معناه ان دورك يأتي كل خمس ساعات على الاقل . الحجز في دور الحمام فعلا ممكن ياخد 5 ساعات .
يعني مثلا حين تكون علي معرفة أن الزيارة الأسبوعية يوم الجمعة، فتريد أن تستحم من أجل نظافة مظهرك أمام أهلك! فتبحث على دورك في الحمام من مساء الخميس !
شئ ثاني مهم :
اهلك أحضروا لك 5 اكياس فيهم طعام وسجائر وملابس، أين المكان الذي ستضع فيه هذه الاكياس؟ على الارض التي لا يوجد فيها مكان للوقوف؟ بالطبع لا .. اذا أين؟
السرقة ليست موجودة الا في حالات قليلة جدا ، ولا أحد يسرق الا الفقراء الذين لا يوجد لهم مكان ولا يملكون زيارات ولا مال ومضطرين أن يسرقوا .. الناس تعلق متعلقاتها على الحيطة والاماكن محدودة ومخصصة لكل "فرشة" ، ويصبح ربك واقفآ بجانبك اذا علقتها في مكان ونمت واستقيظت و وجدتها في مكانها او منقوصة لانك ممكن لك أن تستيقظ ولا تجدها اصلا .. هذا ان كنت لا تتبع "الفرشة" التي تعلق متعلقاتك فوقها ، فبالتالي هم ليسوا مضطرين أن يحافظوا على متعلقاتك وانت نائم وأقصي ما ستفعلها حينها انك ستاخد متعلقاتك وتبحث عن مكان آخر تعلقهم فيه !!
أن كنت لا تملك مكان في "فرشة" وتقضي وقتك وقوفآ، ووجدت أحدهم ليجعلك تسريح ساعة ويجعلك تنام مكانه – جدعنة او اشتريت منه المكان او نزل جلسة فانت هتاخد مكانه ..الخ – هناك احتمال أن تستقيظ على ايد أحدهم داخل جيب بنطالك يحاول أن يسرقك حينها ستمسك يده وهو يسرقك لكن لن تستطيع أن تفعل شيئآ غير الصياح، وهناك احتمال أن يضربك ان كنت اضعف من ان تأخذ مكان على "فرشة" وهو يملك مكانه وأصدقائه الذين يدافعون عنه ! هذا الموقف متكرر جدا والسجناء يضحكوا عند حدوثه والاغلب ان المساجين الكبيرة في السن والذين يوقفون المشاكل عند حدها يتدخلوا يوقفوا المشاجرة وفقط ، بالطبع لن يوبخوا المسجون القديم الذي يملك مكان، هم فقط يقولون له (ميصحش كدة وخلاص متضربوش) ! يعني تكون مسروق وتضرب.
الصراحة انا وصلت لدرجة اني كنت أضحك مع المساجين على المواقف التي تحدث مع المساجين الذين ليس لهم أحد ، أضحك وانا اتألم ، بالتأكيد كان عندي انفصال في الشخصية ، كثير كنت أحاول أن أتدخل والمساجين كانوا يسكتوني من أجل أن المسجون القديم هذا لا يصح أن تتكلم معاه بشكل سيئ. وللاسف كنت أرفض ان أجعلهم_أي المساجين الفقراء والضعفاء- يقفوا في مكاني لان أقدامهم ليست نظيفة مثلا ! وملابسهم أيضآ .. واجسادهم مليئة بالامراض .. كنت أوافق أحيانا عل الوقوف من أجل أن أجعل أحدهم يستريح مكاني من هؤلاء المساجين ..حينها أجد الاثنين الموجودين جانبي يصيحوا في ويقولوا لي (هي ناقصة امراض وخرى "اقعد ومتقعدش حد مكانك يا ابوحديد") حينها لابدأن تجلس.. كنت أوزع الصابون على المساجين من أجل عندما يأتوا ليجلسوا او يقفوا بجانبي يكونون نظيفين، لاني مصاب بفوبيا من الامراض !
تخيل لو نهضت من أجل أن تدخل الحمام وعدت وجدت أحدهم جالس في مكانك .. هل تنزعه من مكانك ؟
افتراضآ أنه كان واقف من البارحة ، واقف في مكانك ليس جالسآ، وانت أيضآ الكسل مرض اكل جسدك ولن تستطيع أن تقف اكثر من 10 دقايق ... حينها ستقول له أن يمشي لأنك تريد ان تجلس او تنام على سيفك
تخيل أن كنت تريد أن تقرأ جواب وانت جالس !! جواب مرسل لك ولا تستطيع أن تقرأه الا أن كنت وانت واقفآ او تريد أن تكتب ..حينها لابدأن تجد الوقت الذي يكون فيه الذين حولك مستيقظين من أجل أن يوافقوا ويفسحوا لك لتجلس وتكتب!
ولو عرف المساجين انك تستطيع الكتابة.. اغلبهم آميين يريدوا أن يرسلوا جوابات لعوائلهم سيقولون لك - كل المساجين في الغرفة – (والنبي اكتب لي).. تقوم بقطع ورقة وكاتب لهم.
(والنبي اكتب لي كذا كذا) ..تضطر أن تكتب لهم .. هذا يستهلك منك وقت - ورق – وهذه الأشياء كنز انت في حاجة اليه! لأن الورق صعب دخوله والوقت الذي تستطيع أن تجلس وتكتب فيه ليس متوافر ابدا!
ماذا يكتب هؤلاء المساجين الفقراء؟؟
تجدهم يكتبون رقم تليفون ورسالة يريدون ارسالها مع أحدهم ذاهب لاهله زيارة من أجل يقوم اهله بمكالمة هذا الرقم ويبلغوه الرسالة، الرسائل تكون مكررة جدآ .. (عايز مرهم علشان امراض وحبوب السجن) .. (عايز فلوس وسجاير اكثر) ،، يريدهم أن يأتوا له زيارة لاتأخرهم ولم يعد معه أي شئ، والاسوأ على الاطلاق "انه يترجاهم أن يسامحوه ويساعدوه في سجنه" لان اغلب الاهالي يتركوا شبابهم بالذات لو مسجونين في قضايا مخزية مثل السرقة - التحرش والاغتصاب بشكل اساسي.
المساجين بيكونوا اقترضوا كثيرآ جدآ، من أجل تغطية تكاليف حياتهم داخل السجن .. هناك في السجن كل حاجة ثمنها الضعف.
وممكن جدا جدا جدا أن تأتي ليلة تريد أن تأكل ولا يوجد حتى عيش ميري في الزنزانة تأكل منه وحينها يوجد مساجين معاهم طعام لكن لا تستطيع أن تطلب منهم أكل لأنك جائع.. هم لم يجلبوا الطعام ليزعوه كما السبيل، لن يعطوك طعامآ شفقة، والأولي أن يعطي الفقراء الذين لا يأتيهم زيارة اصلا.
اخيرا : فطوال 6 شهور حبس ، رأيت مساجين كثير لا يمكن حصرها ، يبكوا دموع لأنهم يتمنوا أن يناموا او يجلسوا ، مساجين تقف علي أرجلها ايام...لا يستطيع القارئ أن يفهم، لكن فكر لو أننا طبقة المثقفين مستخدمي الانترنت ومتحدثي اللغات الاجنبية ، تخيل لو رأيت رجال كبار السن تبكي من أجل أنهم لا يجدون مكان ليناموا فيه .هؤلاء المساجين يقال أن السجن ارحم لهم من قسم الشرطة.. والفرق بين نومة السجن والقسم هو "قبضة" واحدة ، يعني نص شبر .. في السجن نومتك تكون شبرين وفي القسم نومتك تكون شبر وقبضة...
كل هذا الكلام عام . بمعني أن اغلب ظروفه موجودة في كل الاقسام الشرطية، يمكن بتغير الاحداث لكن الوقائع تظل ثابتة .. المسجونين يدوسون علي بعضهم من التكدس.



#محمود_ابوحديد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آفاق الدعوة ل11/11، والمهام الحالية للاشتراكيين الثوريين
- منظمة ثورية للإستيلاء على السلطة
- تلفيقات الضباط ستحرقهم
- هل يحاسب بشار عن قطع مياه حلب
- ضد سجنهم: النصر للرفاق شلتوت وآية
- الاختلاس المالي بسجن الاسكندرية
- جلسة جديدة لمعتقلي مجزرة هندسة اسكندرية 2014
- الانتفاضة والجمهورية التركية
- يسري فودة لو اختشى لانتحر
- لا يوجد قضاة شرفاء في مصر
- عادل امام مسجون في مصر !
- نكبة فلسطين وسجون مصر
- رسالة لمعتصمي الصحافة
- المسؤولية الحزبية عن معتقلي 25 ابريل
- المخبرين خارجين كلاب سعرانة - جمعة 15 ابريل
- هل تُلغى اتفاقية بيع الجزيرتين ؟
- الاشتراكيون الثوريون -مصر- وبيع الجزيرتين
- جزيرتان اهم من آلاف المعتقلين ! عن احمد فؤاد
- القبض على الفاسد الحجلة - ملعون البوليس
- ليتنا نعيش و نموت مثله


المزيد.....




- واشنطن تريد -رؤية تقدم ملموس- في -الأونروا- قبل استئناف تموي ...
- مبعوث أمريكي: خطر المجاعة شديد جدا في غزة خصوصا في الشمال
- بوريل يرحب بتقرير خبراء الأمم المتحدة حول الاتهامات الإسرائي ...
- صحيفة: سلطات فنلندا تؤجل إعداد مشروع القانون حول ترحيل المها ...
- إعادة اعتقال أحد أكثر المجرمين المطلوبين في الإكوادور
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي للاشتباه في تقاضيه رشوة
- مفوض الأونروا يتحدث للجزيرة عن تقرير لجنة التحقيق وأسباب است ...
- الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضي ...
- إعدام مُعلمة وابنها الطبيب.. تفاصيل حكاية كتبت برصاص إسرائيل ...
- الأونروا: ما الذي سيتغير بعد تقرير الأمم المتحدة؟


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - محمود ابوحديد - أربع مشاكل تواجه المسجون المصري(1)