أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - توفيق التميمي - ناظم السعود يتامل البنايات العالية















المزيد.....

ناظم السعود يتامل البنايات العالية


توفيق التميمي
كاتب وباحث في شؤون التاريخ والذاكرة العراقية

(Tawfiktemimy)


الحوار المتمدن-العدد: 1434 - 2006 / 1 / 18 - 07:24
المحور: مقابلات و حوارات
    


ناظم السعود يتأمل البنايات العالية من مقبرته العمودية
ناظم السعود من الطفولة المشتتة الى الكهولة المعطوبة


من الصعب العثور على شيء ما يستحق الاهتمام خارج المتن لاديب وناقد تكاد تشكل يومياته ووقائع حياته دراما واقعية.. تمثل احتجاجاً على الوضع المزري لاديب عراقي يستوطن حضارة من الثقافة والابداع عمرها تجاوز الـ7 الاف سنة..
في مطلع الالفية الثانية..ثمة اديب عراقي يتطلع الى الكون ويتأمل عالمه ويدون هواجسه من غرفة في مبنى متادعٍ لاحدى بنايات الحكومة.. وبين ضجيج الباعة والمارة.. ولايوجد بقعة من التأمل او القراءة او ازدهار المخيلة.. وفي حياة كهذه اقرب الى الجحيم واقرب الى المقبرة العلوية نسبة الى “الطابق العلوي”.. منها الى ادنى شروطالحياة..
هنا يلتحم المتن والهامش..هنا يصبح الحديث خارج المتن الابداعي لكاتب متعدد المواهب .. وناقد ثاقب البصيرة حاضر على الدوام بعكازته وسنوات كهولته المبكرة .. نوع من مكابرة قدرية ونوع من سريالية لا يمكن ان تصلح للاداء او المسرحة الا على هذا الفضاء العراقي العجائبي.
انه الكاتب والناقد المثابر “ناظم السعود”وانها محنته اليومية وانشغاله المتواصل.. انه الالم الذي لا ينتهي والبحث المضيء في آن واحد في هامش ابداعه عن ممرات سالكة الى متنه الابداعي بأقل الخسائر الممكنة وباكبر الاستثمارات الزمنية.. لما يمتلكه من رؤى وافكار و مثابرات.. واوراق مبعثرة ومشتتة في فوضى التجنيس وارتباك الصحافة وهموم الحياة التي لا تنفد..
من هنا لابد ان ابدأ باولويات هذه الانشغالات التي من الصعب ان تقدر حدود الفواصل ما بين المتن والهامش..
احاول جاهداً في بضع اسئلة ان انأى عن المتن المعروف لناظم السعود..
واغوص في هوامشه الدرامية اليومية وتفاصيله العجائبية.
ماذا يشغل ناظم سعود هذه الايام خارج هموم الكتابة والمتابعة الادبية وما يترتب عليها؟.
انه انشغال دائم يختص من الان الى الخلف والى الامام ربما واعني به تأمل البنايات العالية “ناطحات السحاب خارج ارض السواد، التي تكتض بها الصحف والمجلات والقنوات وكلما رأيت واحدة من هذه البنايات تصورت نفسي خارج المقبرة العمودية التي اقيم فيها منذ سبع سنوات.
كيف يقضي ناظم السعود يومياته في مثل هذه المقبرة العمودية؟ ـ لا اخفي عليك .. فأنا لا اطيق البقاء في داخل هذه المقبرة العمودية والتي هي عبارة عن قفص حديدي مغلق في بناية تابعة للاوقاف؟.. اعطوني فيها مساحة لاقيم فيها مع عائلتي.. غير انهم عزوا علي بتلك المنحة الهوائية وبدأوا بطالبونني بالاخلاء اضافة الى ان المحلات التي تسكن تحتنا .. تصرخ فينا طوال اليوم لادنى حركة او لانسكاب الماء الذي ينهمر عليهم وعلي انا الساكن فوق ان ادفع هذه التكاليف وضريبة الـ”فوق” ولدت مجازاً فالبناء هرم لا يمنع ادنى قطرة ماء من النفاذ الى المحلات والساكنين تحت والمساكن تبدأ بالصياح وتنتهي باستدعاء الشرطة.
ومع انهم اناس طيبون.. ولكن الخسارات المتتالية علينا جميعاً في هذه البناية الكوميدية.
ولذا فانا لا استطيع البقاء او القراءة او الكتابة او التأمل او حتى الجلوس مع اطفالي الا بعد التاسعة مساءً، هذا هو الوقت المتاح لي لاشعر بان هناك سقفاً يظللني وعائلتي وهذا هو شور ليلي فقط..
اما في النهار فالجحيم المار ذكره يدفعني الى النزوح الى مقاه اخرى واماكن يتواجد فيها الاصدقاء كي يساعدوني على انجاز كتاباتي المطرودة من ذلك البيت.
لذا اتمنى ان اشاهد العمارات الفارهة والمساكن اللائقة بالكرامة البشرية التي حرمت منها طوال حياتي.. ويزداد القهر انني عشت يوماً في النمسا وفي مدنها وفي مقاطعاتها الموسيقية وبقيت لاكثر من عام في القاهرة وشاهدت البشر الذين يمتلكون مساكن بشرية في القاهرة وعمان وبعد ربع قرن من تلك المشاهد لا اجد موطأ لرأسي المتعب وقلبي المعطوب.
واجمل الساعات التي اقضيتها في الحديث مع اطفالي الصغار عن بيت في مطلع الشمس او في مجمع البحرين يقيهم من عواطف الدهر وتقلبات الحياة التي عاشها ابوهم فلا تكون هناك دائرة تطالبهم بالاخلاء ولا جيران يدعون عليهم بالهجر والابعاد.
هنا دعني اسالك عن الذي تبقى من الطفولة في ذاكرتك ـ طفولتي شهدت تمزقاً في بواكيرها الاولى اذ كما تقول الوالدة فانا ولدت في مقاطعة اسمها”شيشبار” وهي قريبة من اللطيفية ياللعجب حيث الدم الذي وصل الى الركب هذه الايام ولكن عائلتي الفلاحية الفقيرة كانت تتنقل من فكان لآخر كالبدو مكان علي ان اشهد مدناً اخرى كالهندية والدورة والحارثية وحي العامل الوحيد فكانت طفولة متنقلة بين هذه المدن.. وكنت مضطراً فيها لمساعدة عائلتي واعمل في مقهى او بائعاً للمرطبات في العربات المتنقلة وجمع الحشائش والحطب للاسرة.
وهكذا عرفت من هذه الاماكن القراءة لانني كنت دائما اجد اكداساً من الاوراق امامي ولكن في غمرة هذا الفقر الطفولي شاهدت مرة وجه اول رئيس للدولة العراقية واعني به الزعيم عبد الكريم قاسم كنت نهارها مع والدي في منطقة اليرموك.. وكان الزعيم في حينها يوزع سندات التملك للضباط.. فقال لي والدي يومها ان الزعيم سيعطينا يوماً ما بيتاً نحن الفقراء..
ولكن الاقدار البشرية لم تمهل الزعيم فمات وبعدها مات ابي ومن ثم سأموت انا من غير ان احصل على البيت المزعوم الذي اصبح حلم حياتي المؤجل.. وهو ان تكون لنا غرفة بأسمنا في هذه البلاد الشاسعة..
والخطأ القاتل انني تزوجت وانجبت الاطفال والمشكلة الازلية لم تحل ولا اعتقد انها ستحل قريباً كأن البيت يسكن احلامي واخر امنياتي من الطفولة البعيدة الى الكهولة المعطوبة يوماًما كتب القاص زكريا ثامرقصة قصيرة جداً نال عنها جائزة افضل كتاب في معرض بيروت قبل سنوات يقول فيها:
“ الكل كائن بيت.. العصفور له بيت اسمه العش.. والدجاجة لها بيت اسمه القن والاسد له بيت اسمه العرين والبقرة لها بيت اسمه الزريبة”حتى يصل الى القول المؤلم”
“ ولكن الفلسطيني وحده لا بيت له" وعندما قرأت هذه القصة القصيرة جداً قبل سنوات صرخت من مقبرتي السكنية في شارع الكفاح.. قائلاً...
“ لا يا زكريا... ان ناظم السعود ايضاً لا بيت له”



#توفيق_التميمي (هاشتاغ)       Tawfiktemimy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العرفان والامتنان لشهداء رصيف الكتاب وشهوده
- حوار مع الفنان العراقي هادي السيد
- الدرس العراقي في خروج عبد الحليم خدام
- لا تحولوا حناء البنفسج الى نافورات دماء
- مراجعة للمشهد الثقافي العراقي خلال عام/عام الوعود ورحيل الشع ...
- اليبراليون العرب والصمت القهري
- اللعنة على قراصنة البر والبحر
- اصدقاء العراق النبلاء/ شاكر النابلسي....عباس بيضون.....صافين ...


المزيد.....




- صحفي إيراني يتحدث لـCNN عن كيفية تغطية وسائل الإعلام الإيران ...
- إصابة ياباني في هجوم انتحاري جنوب باكستان
- كييف تعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسية بعيدة المدى وموسكو ت ...
- دعوات لوقف التصعيد عقب انفجارات في إيران نُسبت لإسرائيل
- أنقرة تحذر من -صراع دائم- بدأ باستهداف القنصلية الإيرانية في ...
- لافروف: أبلغنا إسرائيل عبر القنوات الدبلوماسية بعدم رغبة إير ...
- -الرجل يهلوس-.. وزراء إسرائيليون ينتقدون تصريحات بن غفير بشأ ...
- سوريا تدين الفيتو الأمريكي بشأن فلسطين: وصمة عار أخرى
- خبير ألماني: زيلينسكي دمر أوكرانيا وقضى على جيل كامل من الرج ...
- زلزال يضرب غرب تركيا


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - توفيق التميمي - ناظم السعود يتامل البنايات العالية