|
المرأة الفلسطينية لا تعرف الثامن من آذار
شوقية عروق منصور
الحوار المتمدن-العدد: 5450 - 2017 / 3 / 4 - 22:40
المحور:
ملف 8 آذار / مارس يوم المرأة العالمي 2017 - أثر النزاعات المسلحة والحروب على المرأة
لا نملك أمام أشهر السنة إلا التفتيش في ثناياها ، في أيامها ، حيث تصبح الأيام جزءاً من ذاكرة وتاريخ ومشاعر ووفاء ونكران وتعاسة والم وفرح وانتصار وانكسار ..الخ لكن في شهر آذار تتكوم الأقفال الكثيرة امامنا تنتظر المفاتيح ،الأقفال السياسية والاجتماعية ، أول المفاتيح المعلقة على مسمار الذاكرة ، معركة الكرامة - قرية الكرامة في غور الأردن – وقد وقعت المعركة في 12/3/ 68 بين الجيش الإسرائيلي والمقاتلين الفلسطينيين ومشاركة الجيش الأردني ، واسفرت المعركة عن صد الهجوم الإسرائيلي وايقاع خسائر في صفوف الجيش الإسرائيلي . في 8 آذار يوم المرأة العالمي ، تتحرك الصور النسائية ، تحصي ابتلاع سكاكين المجتمع وسيوف الرجال ، وتغرق الصفحات والشاشات بدموع المظلومات ، ويبتل تراب التمرد ، حيث تكون الانتفاضة ضد القهر والظلم والعنف . بعض وسائل الاعلام تقوم سراً بزيارة الجروح والتشوهات الانثوية ، ثم تبدأ بتصديرها الى الفضاء ، حيث تُكشف الاسرار ، وتنهار اساطير الجمال والدلال امام الوجع الناري وازدحام القوائم التي تحمل النسب المئوية للعنف والقتل النسوي. في 8 آذار تتسلل من بين ابجدية الوجوه النسوية ، وجه المرأة العربية الذي أصيب بالتشويه الجنوني لدرجة عجزت المرايا عن حمل انعكاساته . ماذا بقي للمرأة العربية في وطنها غير الهموم والهرب واللجوء والتحرش والاغتصاب والنفي خارج المجتمع والحياة تحت إيقاع الفتاوى والهجوم الشرس على حياتها وانجازاتها وعملها ، انهم يضربونها يومياً مستغلين عجزها وضعفها وانهيار الأوطان ، مستغلين حالات الجوع والقهر والدمار ، فعليها تقع المسؤوليات كأم وزوجة مسؤولة في الزمن الوحشي ، عليها أن تحضن الأبناء وتوفر الأمن الذي يكاد أن يكون مفقوداً ، عدا عن الركض وراء الرغيف . الذي يحاول تزوير صورة المرأة العربية في الثامن من آذار ، كمن يطلب من النملة أن تطير وتنافس العصفور . ورغم الصورة القاتمة للمرأة العربية تبقى المرأة الفلسطينية لها الصورة الخاصة جداً في الثامن من آذار وفي 21 آذار عيد الأم ، حيث تنفرد الفلسطينية بوجعها الخاص ، المميز عن باقي نساء الأرض ، ليس فقط لأنها تعيش في ظروف صعبة وقاسية نتيجة البطالة والفقر والاحتلال وقسوة الانقسام والحصار والحواجز وأنياب الاستيطان ومصادرة الأرض ووقاحة المستوطنين ، ولكن كأم وزوجة وأخت وابنة وقريبة شهيد ينتظرن دفنه ، ينتظرن بلهفة كي يفرجوا عن جثمانه ، فالمرأة الفلسطينية تنفرد بوجع انتظار الانتظار ، حين تقلق وتسهر الليالي وتقضم أظافرها في عتمة الدموع ، وهي تعرف أن أبنها أو زوجها أو شقيقها في الثلاجة ، ينتظر الأفراج حسب مزاج المسؤول الإسرائيلي وعقد الصفقات السياسية كي يضمه تراب أرضه وتنتهي رحلته – عدا عن مقابر الأرقام التي تحتفظ برفات مئات من الفلسطينيين واللبنانيين - . المرأة الفلسطينية تنفرد وحدها بزيارة السجون التي تحوي الأسرى ، حتى أصبحت الزيارات طقساً من طقوس وجودها الحي – هذا اذا لم تُحرم لأسباب واهية - السجون لا تعرف كيف تعد سنواتها ، حيث تكون حياة الكثير من الأسرى سلسلة سنوات متواصلة الى أجل غير مسمى ، يعدون يومياً القضبان ويحفظون عن ظهر قلب ملامح التجاهل واستعراضات الشعارات والكلمات الرنانة . المرأة الفلسطينية لا تعرف الثامن من آذار و اذا اجبروها على الاحتفال لتبدو الصورة جميلة في زمن القبح ، تحاول الفرح ، لكن فرحها يوقظ الانتحاب في داخلها . المرأة الفلسطينية كرست نفسها لملحمة طويلة ، لبطولات صامتة ، لا تحلم بالبريق الإعلامي ، ولا تريد خدش صور القادة والمسؤولين الذين يتجاهلونها ، فهم يتنفسون اوكسجين الرجولة في قراراتهم واجتماعاتهم كأن الوطن يملك الشوارب والعضلات ، المرأة الفلسطينية تتستر على حزنها ووجعها برسم الابتسامات رغم انها تعيش على صفيح ساخن . كل عام وانتن بخير .
#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المرأة التي تتكلم بالاشارة والمرأة التي تكتب بحبر بولها
-
من مجنون فلسطين الى ترامب اللعين
-
الطبخة ما زالت في الدست الاسرائيلي
-
القرد في ليبيا وشقيقه هنا .. شكراً لإسرائيل
-
ايها الرئيس رأسك تحت رحمتي
-
الاقي زيك فين يا علي
-
رسائل الحب في زمن الجفاف
-
الثقافة لا تعرف ميري ريغيف
-
الطفل خالد الشبطي يركب الطائرة مع ليلى خالد
-
ما زالت ذاكرتي في حقيبتي
-
الفن يزدهر في تربة السياسة
-
صورة سيلفي مع ثور وكوز صبر
-
نساء -داعش - بين فتنة السلاح والنكاح
-
الموت غرقاً ورائحة الخبز أبعدت زكية شموط
-
غزة انتصرت لكن ما زال دلو الركام في عملية خنق الرقاب
-
عن غزة وجيش المفاجيع بقيادة نانسي واحلام ووائل كفوري
-
في غزه الوقت من دم
-
التنسيق الأمني وبنطلون الفيزون
-
ابو مازن في غرفة مغلقة والستائر سوداء مسدلة
-
الجريمة والعقاب
المزيد.....
-
الرد الإسرائيلي على إيران: غانتس وغالانت... من هم أعضاء مجلس
...
-
بعد الأمطار الغزيرة في الإمارات.. وسيم يوسف يرد على -أهل الح
...
-
لحظة الهجوم الإسرائيلي داخل إيران.. فيديو يظهر ما حدث قرب قا
...
-
ما حجم الأضرار في قاعدة جوية بإيران استهدفها هجوم إسرائيلي م
...
-
باحث إسرائيلي: تل أبيب حاولت شن هجوم كبير على إيران لكنها فش
...
-
ستولتنبيرغ: دول الناتو وافقت على تزويد أوكرانيا بالمزيد من أ
...
-
أوربان يحذر الاتحاد الأوروبي من لعب بالنار قد يقود أوروبا إل
...
-
فضيحة صحية في بريطانيا: استخدام أطفال كـ-فئران تجارب- عبر تع
...
-
ماذا نعرف عن منشأة نطنز النووية التي أكد مسؤولون إيرانيون سل
...
-
المخابرات الأمريكية: أوكرانيا قد تخسر الحرب بحلول نهاية عام
...
المزيد.....
-
الاقتصاد السياسي للجندر خلال النزاع في سوريا: تعدد تجارب الن
...
/ خلود سابا
-
البروليتاريا النسائية وقضايا تحررها وانعتاقها!
/ عبد السلام أديب
-
الاغتصاب كجريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية
/ هيثم مناع
-
المرأة الفلسطينية ودورها في المسار الوطني الديمقراطي
/ غازي الصوراني
-
القانون الدولي والعنف الجنسي ضد النساء في الحروب
/ سامية صديقي
-
الآثار الاجتماعية والنفسية للنزاعات المسلحة على المرأة
/ دعد موسى
-
كاسترو , المرأة والثورة .
/ مريم نجمه
المزيد.....
|