أليس العداء لمجتمع الزراع عنصرية؟

طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 5450 - 2017 / 3 / 4 - 11:55
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

أليس العداء لمجتمع الزراع عنصرية؟
طلعت رضوان
وأليس تفضيل قريش على كل الشعوب عنصرية؟
فرحتُ عندما وجدتُ مقالابعنوان (العصبية العمياء) بقلم د. محمد مختارجمعة وزيرالأوقاف (أهرام2/12/2016) وسبب فرحتى أننى توقعتُ (لسذاجتى) أننى سأقرأ إدانة للعصبية ومشتقاتها خاصة التعصب للعرق وللدين وللأيديولوجيا ولكن انهزمتْ سذاجتى عندما خاب ظنى، حيث أنّ سيادته ملأمقاله بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية، التى تؤيد (سماحة الإسلام) الذى نفرمن العصبية.
وسيادته شعربالحرج (بصفته أحد العاملين بمؤسسة دينية رسمية يقبض منها راتبه) فلم يتعرّض للآيات التى ميـّـزتْ الرجل على المرأة، والتى أباحتْ للرجل أنْ يمتلك ماشاء من الجوارى وسبايا الحروب، وفق (آلية) ماملكتْ أيمانكم المنصوص عليها فى آيات كثيرة ومتناثرة فى أكثرمن سورة، مثل الآية3، 25،36/ النساءو71/النحل و6/المؤمنون و31، 58/ النور، و28/الروم و50،52/55/الأحزاب و30/المعارج. فلماذا لم ينتبه سيادته إلى هذه الآيات؟
وفى الأحاديث النبوية، فإنّ الموقف من المرأة يأتى شديد الوضوح على تلك العصبية، مثل حديث ((لوكنتُ آمرًا أحدًا أنْ يسجد لأحد لأمرتُ المرأة أنْ تسجد لزوجها)) (رواه الترمذى) وحديث ((إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته لعنتها الملائكة حتى تــُـصبح)) (رواه النسائى) وحديث ((إذا خرجتْ المرأة من بيت زوجها لعنتها الملائكة حتى ترجع أوتتوب)) (رواه الترمذى) ولعلّ القارىء يتوقف عند لفظ (تتوب) حيث من المعروف أنّ التوبة تكون عندما يرتكب الإنسان إثمًـا أوفاحشة أخلاقية، فهل خروج المرأة من بيت زوجها يـُـعتبرمن الفواحش؟ وهل يمكن تطبيق هذا الحديث على نساء عصرنا، حيث آلاف العاملات والموظفات؟ وقد زاد الإمام الذهبى فى المُـبالغة لتأكيد التعصب ضد المرأة فقال ((...وينبغى للمرأة أنْ تعرف أنها كالمملوك للزوج)) (كتاب الكبائر- دارالغد العربى بالعباسية- بدون سنة نشر- ص189)
وهناك أشكال أخرى مثل التعصب لصالح قريش ضد كل الشعوب بل وضد باقى العرب، وهوما ورد فى حديث ((ولاتكون العرب كفؤا لقريش والموالى لايكونون كفؤا للعرب)) (شمس الدين السرخسى (أحد أئمة الفقه الحنفى) فى المبسوط – المجلد الثالث- دارالمعرفة ببيروت- عام1986- ص24) فى هذا الحديث تأكيد على متوالية تنازلية تبدأ من قريش وتهبط إلى (الموالى) أى غيرالعرب.
أما العنصرية التى بلغتْ مداها البشع فقد عبـّـرعنها معاوية بن أبى سفيان الذى قال ((وجدتُ أهل مصرثلاثة أصناف: فثلث ناس وثلث يـُـشبه الناس وثلث لاناس. فأما الثلث الذين هم الناس فالعرب، والثلث الذين يـُـشبهون الناس فالموالى، والثلث الذين لاناس المسالمة أى القبط)) (المقريزى: المواعظ والاعتبار- ج1- دارصادر- بيروت- ص50) أما عمروبن العاص فوصف مصرفى رسالته الشهيرة إلى عمربن الخطاب وقال فيها ((نيلها عجب وأرضها ذهب ونساؤها لعب وخيرها جلب وملكها سلب ومالها رغب... وهى لمن غلب)) (المصدرالسابق- ص26)
وشكل آخرمن أشكال العنصرية عبـّــرتْ عنها الأحادث المُـعادية لمجتمع الزراع لصالح رعاة الغنم، مثل ((إذا تبايعتم بالنسيئة وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلــّـط الله عليكم ذلا، لاينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم)) (رواه أحمد وصححه الحاكم) وفى المقابل أحاديث لتمجيد الرعى ((اتخذوا الغنم فإنها بركة)) (محمد عبدالرؤوف المناوى- فى: فيض القديرفى شرح الجامع الصغير- دارالنهضة الحديثة- عام1971- ص112) وفى الأثرالإسلامى ((مامن نبى إلاّورعى الغنم)) وكتب خليل عبدالكريم ((...واستمّرتْ النظرة إلى الزراع كما كانت قبل الإسلام، فقد كان بنوحنيفة من القبائل النادرة التى عملتْ بالزراعة، لأنّ مواطنهم خصيبة وأراضيهم صالحة للزراعة. وكانت القبائل الأخرى تنظرإلى بنى حنيفة نظرة فيها احتقارمشوب بقدرمن الحسد ليـُـسرحالهم ورخاء عيشهم. وقال جريرالخطفى يهجوهم ((رأتْ حنيفة إذا عدت مساعيها/ أنْ بئسما المجد بانيها/ أبناء نخل وحيطان ومزرعة/ سيوفهم خشب فيها مساحيها/قطع الدباروأبـْـرالنخل عادتهم/ قدمًـا فماجاوزتْ مساعيها))
وقال الجاحظ هى نظرة مبعثها الحسد لأنهم يتمتعون بقدروفيرمن مستوى المعيشة ولين الطعام. ولكن خليل عبدالكريم اختلف معه ورأى أنّ تعليله فاسد لأنّ كبارتجارمكة كانوا على حظ من رفاهية العيش، ومع ذلك لم نسمع أحدًا من الشعراء هجاهم، بينما السبب الحقيقى هوالنظرة المستقرة فى نفس العربى من قديم وهى احتقارالزراعة (الجذورالتاريخية للشريعة الإسلامية- سينا للنشر- عام 1990- من ص59- 61) وكان العرب متعالين جدًا ويسمون ماعداهم بالعجم. والعجم فى قواميس اللغة العربية: العجم ضد العرب. والواحد عجمى وفى لسانه عجمة والعجماء البهيمة (مختارالصحاح- المطبعة الأميرية بمصر- عام1911- ص440)
وكانت قمة العنصرية عند سفيان الثورى الذى قال ((إذا نكح المولى عربية يـُـفسخ النكاح)) وبذلك قال ابن حنبل. ورفض عمربن الخطاب تزويج ابنته لسليمان الفارسى، رغم محبة الرسول لسليمان وقوله عنه أنه ((من آل البيت))
وقد انعكس هذا الموقف العنصرى على الكثيرمن الشعرالعربى مثل قول عمروبن كلثوم ((لنا الدينا ومن أمسى عليها/ ونبطش حين نبطش قادرينا/ طغاة ظالمون وما ظــُـلمنا/ ونظلم حين نظلم بادئينا)) وقال ((وإنــّـا أناس لاتوسط بيننا/ لنا الصدردون العالمين أوالقبر)) وقال شاعرآخر((فهل الناس غيرأبناء قحطان/ إذا ماذكرت غيرعبيدى/ كل من يحتذى النعال ومن/ لايحتذيها من البرية عبدى/ لاينكرالناس منا يوم نملكهم/ كانوا عبيدًا وكنا نحن أربابـًـا)) أما المتنبى فقال ((وإنما الناس بالملوك/ ولايفلح عرب ملوكهم عجم/ لا أدب عنهم ولاحسب/ ولاعهود لهم ولاذمم)) ولذلك ذكرالمفكرعبدالله القصيمى أنّ شعرالمتنبى هو((الصهيل العربى)) فى كتابه (العرب ظاهرة صوتية- منشورات الجمل- عام2000- ص523)
000
هامش (1) خليل عبدالكريم (1928- 2003) رغم تخصصه فى التراث العربى/ الإسلامى كان أحد أعضاء اللجنة المركزية بحزب التجمع (اليسارى) وقد هاجمه كثيرمن الماركسيين بسبب كتبه التى لم تــُـعجبهم وبصفة خاصة كتابه (النص المؤسس ومجتمعه) و(فترة التكوين فى حياة الصادق الأمين) و(العرب والمرأة) إلخ.
هامش (2) عبدالله القصيمى (1907- 1996) اختلف المؤرخون فى نسبه، وبينما الشائع أنه سعودى الجنسية. ويعتبرمن أكثرالمفكرين العرب إثارة للجدل بسبب كتبه التى انتقد فيها مجمل الثقافة العربية: من لغة وشعرإلخ ومن أشهركتبه التى أثارتْ غضب العروبيين (العرب ظاهرة صوتية) و(هذه هى الأغلال) وكان خالد محمد خالد من أشد المعجبين بكتاباته. ويقال أنّ القصيمى تزوج مصرية ودفن فى حلوان.
***

#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات