أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود روفائيل خشبة - ما جدوى الفلسقة؟














المزيد.....

ما جدوى الفلسقة؟


داود روفائيل خشبة

الحوار المتمدن-العدد: 5449 - 2017 / 3 / 3 - 21:59
المحور: الادب والفن
    



الفلسفة فى أبسط مفهوم لها هى إصرار العقل على إخضاغ كل شىء للمساءلة وتمحيص كل المُسَلـّمات الموروثة والسعى الدائب للوضوح الفكرى. وهذا شىء نحن أحوج ما نكون إليه فهو شرط لكل تقدم للمجتمع الإنسانى. والفلسفة بمفهومها الحديث نشأت منذ نحو ستة وعشرين قرنا فى اليونان، وإن كانت جذورها تمتد إلى أول بزوغ وعى الإنسان بذاته، حين وجد الإنسان نفسه محاطا بعالم لا يدرك كنهه. وقبل نشأة الفلسفة اليونانية كان فى الصين والهند وفى بابل ومصر وفى بلاد الفرس، كثير من العلم وكثير من الحكمة. لكنْ فى أيونيا، فى شمال شرق البحر الأبيض المتوسط امتلك بعض الأفراد الجرأة والقدرة على التفكير لأنفسهم وبأنفسهم، متحررين من كل قيد إلا الرغبة فى إرضاء عقولهم والسعى لوضوح الرؤية الفكرية، وفى حين أنهم لم يحتفظوا بأفكارهم سرّا يضنـّون به على الغير فإنهم لم يطلبوا من أحد التسليم بأفكارهم يل طرحوها ليرى فيها كل إنسان ما يرى.
أقدم ما وصل إلينا من شذرات من كتابات الفلاسفة الأوَل يدزر حول تكوّن وكينونة الطبيعة، لكننا سرعان ما نرى كسينوفانيس (570-470 ق.م.) يعارض التصوّر الموروث للآلهة فيقزل: "لو كان للخيل والماشية والسباع أيادٍ وكانت تستطيع أن ترسم بأيديها وتبدع كما يفعل البشر لصوّرت الخيل آلهتها على هيئة الخيل ولصوّرتها الماشية على هيئة الماشية، ولجعلت أبدان الآلهة كأبدان كلِ منها."
بلغت الفلسفة تمام نضجها حين فصل سقراط (470-399 ق.م.) بين البحث فى الطبيعة من جهة والبحث فى المعانى والقيم والغايات من جهة أحرى. كان أكثر مفكرى اليونان الذين سبقوا سقراط يبحثون فى الطبيعة وأحوالها وتحولاتها، يطلبون معرفة ماهية الأشياء وعلاقاتها ببغضها البعض، إلا أن سقراط نبذ كل ذلك فقد كان معنيّا فى المكان الأول بفهم ذاته والبحث فى المعهنى والمُثل والقيم التى تشكل إنسانية الإنسان. ورأى سقراط أن هذه المعانى والمُثل والقيم تنشأ فى العقل الإنسانى ولا مكان لها فى عير عقل الإنسان. (انظر محاورة "فايدون" 95-102 .)
للأسف فإن هذا الفهم السقراطى لحدود الفكر الفلسفى لم يستوعبه غير أفلاطون ، استوهبه وأضاف إليه. (وآمل أن أتحدث عن سقراط وأفلاطون فى شىء من التفصيل قى مقالين تاليين.) ومضى أكثر مَن تلا من الفلاسفة يسعون لمعرفة واقع الكون والطبيعة على مثال العلوم الطبيعية أو يحاولون الوصول لمقولات يقينية على مثال الرياضيّات. ومضى نحو ستة وعشرسن قرنا لم تحقق جهود الفلاسفة فيها لا علما موضوعيّا ولا مقولات يقينية. وكان من الطبيعى أن يسود الاعتقاد بأن الفلسفة ليست إلا لغوًا من القول. وتشرزمت الفلسفة الأكاديمية وانحصرت فى تخصصات موضوعية لا علافة لها بحياة الإنسان وقضايا الحياة الإنسانية. (كان هذا هو الوضع الذى سعيت لمعالجته فى كتاباتى العديدة.)
الوظيفة الحقة للفلسفة هى النظر فى داخلنا، لنتبيّن ونستوضح المفاهيم والغايات التى تشكل كياننا الإنسانى، ونزيل ما يعتريها من تشوّش وعتامة، ونحلّ تشابكاتها ونغالج تناقضاتها. فكل واحد منّا يصنع ذاته بمنظومة المفاهيم والقيم والغايات التى يتبناها. وإذا كنا فى الأساس نخضع فى مسيرة حياتنا لقوى لا نتحكم فيها، فإننا باختيارنا الواعى لمُثلنا وقيمنا نشكل حقيقتنا الداخلية ونمتلك أنفسنا، وهذه وحدها هى الحرية المناحة للإنسان فى مواجهة القوى الخارجية التى تتحكم فى حياته وأقداره. ولا أريد فى هذا المقال الوجيز أن أمضى لأبعد من هذا.
داود روفائيل خشبة
3 مارس 2017
https://philosophia937.wordpresscom
حيث يمكنكم الاطلاع على مدوّنتى وتنزيل كل كتبى بالإنجليزية.



#داود_روفائيل_خشبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدين والتطرف
- من يخلف السيسى؟
- مصائب قوم
- المخرج من التخلف
- أحدثكم عن أحدث كتبى
- خواطر حول الدين
- القضية القبطية
- السيسى ومفهومه الثيوقراطى للدولة
- -الأمن الفكرى-
- عن التعليم والعلم والإرهاب
- هذا كلام خظير يا ريس
- لا بدّ لليل أن ينجلى
- صرخة رضوى
- أبشروا بنهاية قريبة يا أيها البشر
- الدين هو المشكلة
- جمهورية العبث ل بلال فضل
- 25 يناير: تساؤلات
- الخطاب الدينى
- السيسى والدين
- مصر ليست فوق الجميع


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود روفائيل خشبة - ما جدوى الفلسقة؟