أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ذياب فهد الطائي - نائب المدعي العام














المزيد.....

نائب المدعي العام


ذياب فهد الطائي

الحوار المتمدن-العدد: 5449 - 2017 / 3 / 3 - 14:19
المحور: الادب والفن
    


نائب المدعي العام
قصة قصيرة

مساء قمنا بزيارة نائب المدعي العام العسكري في معسكر سعد في ديالى ،كان صديقي قد رتب للزيارة لضمان انهاء المحاكمة وانجاز الكتاب الذي طلبته الدائرة الحكومية في بغداد كجزء من المستندات اللازمة للتوظيف ،وكانت دائرة تجنيدي في بعقوبة مركز محافظة ديالى ،حين راجعت الاستعلامات قال نائب عريف يجلس الى منضدة متهالكة ويحمل في تقاطيع وجهه غيضا يشد على حركاته العصبية ويضغط على جمله في الحديث فتصك السمع حادة ومشحونة بعدائية
:واي ..واي ...وين جنت حضرتك
لم افهم ما يقصده
:ماذا ؟
:انت متخلف عن الحضور لتاشير دفترك ....وفوك هذا مجهول محل الاقامة !!
اخرجت دفتر التجنيد لأريه ان موقفي اصولي واني دفعت البدل النقدي، وحرصت ان اعرض وصل استلام المبلغ
قال:مفهوم ولكن حضورك الزامي ، على العموم ستحال الى المحكمة العسكرية ،وقع هنا واترك عنوانك
شعرت برعدة خوف من مثولي امام المحكمة العسكرية ، كما ان الاجراء يعني اني لن أحصل على الكتاب المطلوب وبالتالي سافقد الوظيفة
كان شهر اب في ديالى قاس بحرارته المصحوبة بجفاف ،وتصبح الشوارع الاسفلتية سائحة تغطيها الاف الفقاعات ،وحين وجدت عربة يجرها حصان هزيل عند محطة القطار لم اتوانى من الطلب الى صاحبها ان ينقلني الى بيت صديقي في محلة (أم النوى )
استقبلنا نائب المدعي العام بابتسامة عريضة مرحبة أشعرتني بالراحة ،كان يرتدي جلبابا ابيضا شفافا يكشف عن سرواله القصيرويمسح بمنديل من القماش حبات العرق المتكورة دون ان تتحرك هبوطا الى ذقنه فيما بدت وجنتاه المكتنزتان اكثر شفافية من جلبابه ،فقد كانت عروق حمراء تتمدد على نحو سريالي
قال :اعطني الدفتر وسأوافيك بالنتيجة غدا
حين خرجنا قال صديقي :ابو رحاب عقيد حقوقي وهو على علاقة جيدة بضباط معسكر سعد ، واعتقد انه سيقوم بتسوية الموضوع لأنه مسألة شكلية
في اليوم التالي كنت اجلس في صالة بيت صديقي أتلهى بقراءة بعض المجلات القديمة وبدا الوقت بطيئا ومملا وكأنه قدر شديد القسوة لا نهاية له
مساء جاءنا العقيد ابو رحاب
قال:احرص على ان تكون في المعسكر صباح الغد الساعة العاشرة ،لقد استطعت ان ارتب حضورك المحاكمة واصدار الحكم ومن ثم ترتيب الكتاب المطلوب،اسمك في مكتب الاستقبال
ثانية شعرت بخوف غريب يداخلني ، ماذا سأقول ...قال صديقي :لاتحمل هما فالعقيد ابو رحاب سيكون في المحكمة
في الساعة التاسعة كنا عند العقيد ابو رحاب ،كان برتبته العسكرية اكثر صرامة ،طلب لنا الشاي وتشاغل بقراءة بعض الاوراق وبين الفينة والفينة كان يتوجه نحونا بابتسامة مجاملة أقرب الى الحياد منها الى التعاطف ،شعرت اني أواجة لحظات حرجة وغير محددة المعالم في غرفة محاطة بعشرات الموانع العسكرية ...الجنود المدججين بالسلاح والعربات العسكرية التي تصطف بنسق منتظم وبضعة دبابات تقف عند مدخل المعسكر ...والمحكمة العسكرية !!
في الطريق الى مقر المحكمة العسكرية اجتزنا ساحة كبيرة مفروشة بالطابوق العريض الذي كانت تبلط به ساحة (الحوش ) في بيوتنا القديمة للحفاض على درجة حرارة منخفضة في الصيف والذي يسمى (فرشي ) قال صديقي في هذه الساحة تم اعدام عادل ومجموعة الهندسة في معسكر سعد ، لم يقدموا الى المحكمة، جرى سحبهم من ثكتنهم الى الساحة ورصفوا الى بعض ثم اطلق عليهم الرصاص ونقلت جثامينهم الى جهة مجهولة
كان عادل حين غادرت بعقوبة في الصف الثالث الابتدائي يتميز بقدرة فائقة على الإضحاك ،فهو يختلق النكتة ويقلد الاخرين على نحو ساخر ،
ومجموعة الهندسة في معسكر سعد كانت المجموعة العسكرية الوحيدة في الجيش العراقي التي اعلنت تمردها يوم الثامن من شباط ، شعرت بحزن عميق، فالمشهد محبط وانا في طريقي الى المحكمة
حين دخلنا غرفة المحكمة كان المنظر أكثر رهبة ،ثلاثة ضباط تجاوزوا الخمسين متجهمي الملامح ...ونائب المدعي العام الذي يجلس الى منضدة حديدية لونها رصاصي معتم وفي يده ورقة لم يكن ينظر اليها
قال الضابد الذي يجلس في الوسط :اسمك...وتاريخ مولدك وموقفك من التجنيد الالزامي
تابع بعجالة :اجب باختصار ورانا شغل كثير
بعد إجابتي ، توجه الى نائب المدعي العام :ماذا لديك حضرة الإدعاء؟
شعرت بشيء من الراحة ،فأبو رحاب هو الواسطة وسيطلب انهاء الموضوع ومساعدتي في العودة الى بغداد اليوم
وقف نائب المدعي العام مشدودا وجادا على نحو اشعرني بالفزع
:سيدي الحاكم ...المتهم الماثل امامكم نموذجا للشباب غير المنضبط فهو لم يراع التعليمات بالحضور الى دائرة تجنيده وأرجو اصدار حكمكم المناسب
كان نائب المدعي العام يقف وراء الطاولة الحديدية يمد جسده الى أعلى ويعطي كلماته شحنة من القوة ضاغطا على مخارج الحروف على نحو يمنحها حافزا اضافيا للتأثير على مستمعيه ،لم ينظر نحوي وبدا كانه يقاضي شبحا يؤرقه
شعرت اولا بالاستغراب ثم بالخوف من ان قدرا غير محسوب النتائج قادني الى هذه المحكمة العسكرية .
حين سكت نائب المدعي العام العسكري قال الحاكم :يغرم المتهم مبلغا وقدره عشرون دينارا
كنت اعتقد اني سادفع المبلغ في المعسكر ولكن الجندي الذي كان يرافقني بعد خروجنا قال :ستذهب مخفورا الى بناية المحافظة حيث تدفع الغرامة ،في العادة الغرامة ثلاثون دينار ولكن الحاكم اخذ في الاعتبار انك قادم من البصرة



#ذياب_فهد_الطائي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- احلام مستغانمي وقيادة الجماهير العربية
- اليسار ....مرة أخرى
- سلاسة اللغة وغنائية النص عند الشاعر حبيب الصايغ
- الحلقة الثانية عشر /نوافذ دائرة الطباشير
- الحلقة الحادية عشر/نوافذ دائرة الطباشير
- الحلقة العاشرة /نوافذ دائرة الطباشير
- الحلقة التاسعة /نوافذ دائرة الطباشير
- التناص في القصيدة الحديثة
- الحلقة الثامنة /نوافذ دائرة الطباشير
- الحلقة السابعة /نوافذ دائرة الطباشير
- البناء القصصي في شعر حبيب الصايغ
- الحقة السادسة /نوافذ دائرة الطباشير
- الحلقة الخامسة /نوافذ دائرة الطباشير
- الحلقة الرابعة/ نوافذ دائرة الطباشير
- الحلقة الثالثة - نوافذ دائرة الطباشر
- الحلقة الثانية ؟نوافذ دائرة الطباشير
- نوافذ دائرة الطباشير /رواية 1/8
- رواية سيد القوارير للروائي حسن الفرطوسي
- الصورة الشعرية
- الحلقة الرابعة /سمات بنية القصيدة عندالشاعر حبيب البصايغ


المزيد.....




- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ذياب فهد الطائي - نائب المدعي العام