أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حنان محمد السعيد - حكاية سبعاوي














المزيد.....

حكاية سبعاوي


حنان محمد السعيد
كاتبة ومترجمة وأخصائية مختبرات وراثية

(Hanan Hikal)


الحوار المتمدن-العدد: 5449 - 2017 / 3 / 3 - 14:16
المحور: الادب والفن
    


سبعاوي هو خروف نموذجي في مزرعة سيده، لم يحدث يوما ان خالف النظام او اعترض على ما يقدم اليه من طعام او على حجم الحظيرة التي يعيش فيها مع عائلته واصدقاءه الخراف، لم يعترض يوما على حلق فراءه كلما نما، حتى لو تسبب ذلك في شعوره بالبرد في ليالي الشتاء القارص، حيث كان يكفيه ان يقترب من عائلته ليدفئوا بعضهم وان كان ذلك يثير في بعض الأحيان المشاحنات بين افراد القطيع وخاصة اذا اصاب احدهم بقرونه خروف اخر واسال دمه.

كان سبعاوي يدعو ليل نهار لسيد المزرعة وحتى عندما باع بعض الأجزاء الغنية بالمرعى، لم يعترض ولم يغضب، واكتفى بالمناطق المتاحة له للرعي، لم يعترض عندما كان القطيع يفقد من حين لأخر بعض افراده حيث تنتشر في ليلة الفقد رائحة الشواء، والتي لم يشك سبعاوي ابدا انها منبعثة من لحم صديقه الذي كان يعتقد انه بالضرورة في مكان افضل، فكيف لصاحب المزرعة الذي شارك في معارك سابقة لحماية المزرعة وحيواناتها ان يذبح صديقه، اما هذه السيارات التي تأتي لتحمل بعض اصدقاءه وترحل، فهي بالتأكيد تنقلهم لمزرعة اكبر بها مساحات اوسع من المرعى، ورفض سبعاوي كل ما اشيع حول بيع اصدقائه وعرضهم في الأسواق للبيع والذبح، ولم يصدق ابدا ان تكون تجارة اعضاء الخراف في مزرعتهم هي من ضمن الأضخم في العالم.

كان سبعاوي يرى سيده يتقدم في السن ولا يقدر على الحركة في الكثير من الأيام، ويترك ادارة المزرعة لابنه الشاب واصدقاءه الماجنين، الا انه لم يصدق باقي حيوانات المزرعة عندما قالوا ان سيده لم يعد يمسك بزمام الأمور، وان ابنه وزملائه سيضيعوا ما بقي من ارض المزرعة، وكان يقوم بكل قوته بنطح كل من يقول ذلك، وحتى عندما وجد الصغار يثورون على الأوضاع ويرفضون معاملتهم بهذه الاستهانة وتضييع مزرعتهم واختفاء اصدقائهم، ونهب انتاج المزرعة، كان سبعاوي يهاجم هؤلاء الصغار ويصفهم بأنهم ناقصي التربية ويتطاولون على السيد الذي يجب عليهم طاعته بدون جدال.

وبعد انتشار الغضب بين حيوانات المزرعة واصرارهم على وقف كل ما تتعرض له مزرعتهم من سرقات وتخريب وما يتعرض له بعض افراد المزرعة من اختفاء اتفق اصدقاء صاحب المزرعة على التلاعب بهم وامتصاص غضبهم وحتى يتمكنوا من السيطرة عليهم، وانتهى الأمر بإيصال اصغرهم الى ادارة المزرعة، وفرحت حيوانات المزرعة، واعتقدت ان عهدا جديدا قد بدأ وان المزرعة ستستعيد مكانتها في الانتاج وانهم سيعاملون بصورة افضل، الا ان هذه الأمال ذهبت ادراج الرياح يوما بعد يوم.

فالسيد الجديد سمح لجاره بوقف جريان الجدول الذي كان يروي المزرعة، والخراف لم تعد تجد مرعى مناسب فأصبحت تأكل من القمامة التي تخرج من القصر الذي يسكنه المدير الجديد مع حاشيته، وبدأت الأراضي تتناقص بمعدل اكبر والخراف تختفي بصورة غير مسبوقة، حيث اصبح القطيع يفقد افراد منه يوميا، بل ان الأمر وصل بالمدير الجديد لأن يذبح بعض افراد القطيع امام باقي القطيع دون خجل ويشويه ويأكله مع اصحابه، دون ان يجرؤ احد على الاعتراض.

ولكن وياللعجب، استمر سبعاوي في الدفاع عن المدير الجديد، ورفض تصديق عينيه، كان يعتبر ان الأفراد الذين يتم ذبحهم من القطيع، يستحقون الذبح، كان يعتقد ان المدير الجديد وزملائه لا يملكون لاطعامهم سوى هذه القمامة، وانهم يحافظون على المزرعة من الضياع، كان يرى بعينه الحيوانات تشحن للخارج والحبوب والحليب والبيض كل خيرات المزرعة تذهب الى مكان غير معلوم، وكل يوم يقتطع احد جيران المزرعة جزء من المزرعة ويضمها لأملاكه، الا ان سبعاوي ظل على موقفه ورفض اي تشكيك في سيده الجديد.

وفي يوم جاء الدور على ابن سبعاوي الذي ذبح وتم تقديمه في حفل عشاء اقامه المدير الجديد، وهنا اصيب سبعاوي بصدمة شديدة، وظل يجري في كل مكان ويخبط رأسه في جدران الحظيرة الخشبية، واعتقد حراس المدير الجديد ان سبعاوي فقد عقله فاقتادوه الى احد الأشجار وربطوه ولم تفلح صرخاته وتذكيره اياهم بأنه كان دائم الدفاع عنهم وانه تابعهم المخلص ليرحموه، لم تتحرك قلوبهم عندما ذكرهم بمقدار ما اعطاهم من صوف وبأبنائه الذين اختفوا وكان يظنهم في مكان افضل حتى رأي مصير ابنه الأخير.

لم تفلح دموع سبعاوي في اقناع هؤلاء أنه ضحى بالكثير من اجلهم، وانه ضحى حتى بانسانيته ورأي نفسه وشعبه بعيونهم، رأي سبعاوي كل شئ على حقيقته في اللحظة التي فصلت فيها السكين رأسه عن جسده وقبل ان تغمض عينيه ويتوقف قلبه الى الأبد.



#حنان_محمد_السعيد (هاشتاغ)       Hanan_Hikal#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فقر ادارة .. ام فقر موارد؟
- أزهى عصور التدليس
- انظمة آيلة للسقوط
- القروض الدولية وآثارها على اقتصاديات المنطقة العربية
- معامل تفريخ وتجنيد الدواعش
- اعداء الكرامة والثقافة والعلوم
- إصلاح .. أم افقار؟
- مصر في المزاد
- العائشون في الوهم .. نظرة من الجانب الأخر
- من الذي يريدها سوريا؟
- مواطن عادي .. في دولة العسكر
- سارق الأحلام
- الأخ الأكبر يعد انفاسك
- الرؤوس التي قد اينعت .. وحان وقت قطافها
- حوارات .. غير بنّاءة
- الذين فجروا في الخصومة
- النقطة البيضاء في الثوب الأسود
- هذا المسلسل .. يأتيكم برعاية أمن الدولة
- المجتمع الدولي الذي يشعر بالقلق
- العنصرية والتدين الزائف .. معارك الفقراء


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حنان محمد السعيد - حكاية سبعاوي